[الضحي : 7] وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى
7 - (ووجدك ضالا) عما أنت عليه من الشريعة (فهدى) أي هداك إليها
وقوله : " ووجدك ضالا فهدى " ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم .
وقال السدي في ذلك ما :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن السدي " ووجدك ضالا " قال : كان على أمر قومه أربعين عاماً .
وقيل : عني بذلك : ووجدك في قوم ضلال فهداك .
قوله تعالى " ووجدك ضالا فهدى"
أي غافلا عما يراد بك من امر النبوه ،فهداك:أي أرشدك.والضلال هنا بمعنى الغفله، كقوله جل ثناؤه:" لا يضل ربي ولا ينسى " [طه:52] أي لايغفل. وقال في حق نبيه: " وإن كنت من قبله لمن الغافلين"[يوسف:3] وقال قوم: " ضالا" لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام، عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهومعنى قوله تعالى:" ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" [الشورى:52] على ما بينا في سورة الشورى وقال قوم:" ووجدك ضالا" أي في قوم ضلال، فهذاهم الله بك. هذا قول الكلبي والفراء. وعن السدي نحوه، أي ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم. وقيل:(ووجدك ضالا)عن الهجرة، فهداك أليها. وقيل: (ضالا)أي ناسياً شأن الاستثناء حين سئلت عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح، فأذكرك، كما قال تعالى:" أن تضل إحداهما" [البقرة:282]. وقيل: ووجدك طالباً للقبلة فهداك إليها، بيانه: " قد نرى تقلب وجهك في السماء" [البقرة:144] الآية. ويكون الضلال بمعنى الطلب، لأن الضال طالب. وقيل: ووجدك متحيراً عن بيان ما نزل عليك، فهداك إليه، فيكون الضلال بمعنى التحير، لأن الضال متحير. وقيل: ووجدك ضائعاً في قومك، فهداك إليه، ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل: ووجدك محباً للهداية، فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى المحبة. ومنه قوله تعالى:" قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم" [يوسف:95] أي في محبتك. قال الشاعر:
هذا الضلال أشاب مني المفرقا والعارضين ولم أكن متحققا
عجبا لعزة في اختيار قطيعتي بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل: (ضالا) في شعاب مكة، فهداك وردك إلى جدك عبد المطلب. قال ابن عباس: ضل النبي صلى الله عليه وسلم وهوصغير في شعاب مكة، فرآه أبو جهل منصرفاص عن أغنامه، فرده إلى جده عبد المطلب، فمن الله عليه بذلك، حين رده إلى جده على يدي عدوه. وقال سعيد بن جبير: خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في سفر، فأخذ إبليس بزمام الناقة في ليلة ظلماء، فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل عليه السلام، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الهند، ورده إلى القافلة، فمن الله عليه بذلك. وقال كعب: إن حليمة لما قضت حق الرضاع، جاءت برسول الله صلى الله عليه وسلم لترده على عبد المطلب، فسمعت عند باب مكة: هنيئاً لك يا بطحاء مكة، اليوم يرد إليك النور والدين والبهاء والجمال. قالت: فوضعته لأصلح ثيابي، فسمعت هدة شديدة، فالتفت فلم أره، فقلت : معشر الناس، أين الصبي؟فقالوا: لم نر شيئاً، فصحت: وامحمداه! فإذا شيخ فإن يتوكأ على عصاه، فقال: اذهبي إلى الصنم الأعظم، فإن شاء أن يرده عليك فعل. ثم طاف الشيخ بالصنم، وقبل رأسه وقال: يارب، لم تزل منتك على قريش، وهذه السعدية تزعم أن ابنها قد ضل، فرده إن شئت. فانكب هبل على وجهه، وتساقطت الأصنام، وقالت: إليك عنا أيها الشيخ، فهلاكنا على يدي محمد. فألقى الشيخ عصاه، وارتعد وقال: إن لابنك رباً لايضعيه، فاطلبيه على مهل. فانحشرت قريش إلى عبد المطلب، وطلبوه في جميع مكة، فلم يجدوه. فطاف عبد المطلب بالكعبة سبعاً وتضرع إلى الله أن يرده، وقال:
يا رب رد ولدي محمداً اردده ربي واتخذ عندي يدا
يا رب إن محمد لم يوجدا فشمل قومي كلهم تبددا
فسمعوا منادياً ينادي من السماء: معاشر الناس لاتضجوا، فإن لمحمد رباً لايخذله ولا يضيعه، وإن محمد بوادي تهامة، عند شجرة السمر. فسار عبد المطلب هو وورقة بن نوفل، فإذا الني صلى الله عليه وسلم قائم تحت شجرة، يلعب بالأغصان وبالورق. وقيل: (ووجدك ضالاً) ليلة المعراج، حين انصرف عنك جبريل وأنت لاتعرف الطريق، فهداك إلى ساق العرش. وقال أبو بكر الوراق وغيره: (ووجدك ضالاً):تحب ابا طالب، فهداك إلى محبة ربك. وقال بسام بن عبد الله:(ووجدك ضالا)بنفسك لاتدري من أنت، فعرفك بنفسك وحالك. وقال الجنيدي : ووجدك متحيراً في بيان الكتاب، فعلمك البيان، بيانه:" لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل:44] ...الآية. " لتبين لهم الذي اختلفوا فيه" [النحل:64]. وقال بعض المتكلمين: إذا وجدت العرب شجرة منفردة في فلاة من الأرض، لا شجر معها، سموها ضالة، فيهتدى بها إلى الطريق، فقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: " ووجدك ضالا" أي لا أحد على دينك، وأنت وحيد ليس معك أحد، فهديت بك الخلق إلي.
قلت: هذه الأقوال كلها حسان، ثم منها ما هو معنوي، ومنها ما هو حسي. والقول الأخير أعجب إلي، لأنه يجمع الأقوال المعنوية. وقال قوم: إنه كان على جملة ما كان القوم عليه، لا يظهر لهم خلافاً على ظاهر الحال، فأما الشرك فلا يظن به، بل كان القوم عليه، لا يظهر لهم خلافاً على ظاهر الحال، فأما الشرك فلا يظن به، بل كان على مراسم القوم في الظاهر أربعين سنة. وقال الكلبي والسدي: هذا على ظاهره، أي وجدك كافرا والقوم كفار فهداك. وقد مضى هذا القول والرد عليه في سورة (الشورى). وقيل: وجدك مغموراً بأهل الشرك، فميزك عنهم. يقال: ضل الماء في اللبن، ومنه " أإذا ضللنا في الأرض " [السجدة:10] أي لحقنا بالتراب عند الدفن، حتى كأنا لانتميز من جملته. وفي قراءة الحسن(ووجدك ضال فهدى) أي وجدك الضال فاهتدى بك، وهذه قراءة على التفسير. وقيل:(ووجدك ضالا) لا يهتدي إليك قومك، ولا يعرفون قدرك، فهدى المسلمين إليك، حتى آمنوا بك.
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو نعيم , حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس قال سمعت جندباً يقول: اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين, فأتت امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك, فأنزل الله عز وجل: " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن جرير من طرق عن الأسود بن قيس عن جندب , هو ابن عبد الله البجلي , ثم العلقي به وفي رواية سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس سمع جندباً قال أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال المشركون ودع محمداً ربه, فأنزل الله تعالى: " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبد الله الأودي قالا حدثنا أبو أسامة حدثني سفيان , حدثني الأسود بن قيس أنه سمع جندباً يقول رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر في أصبعه فقال: "هل أنت إلا أصبع دميت, وفي سبيل الله ما لقيت ؟".
قال فمكث ليلتين أو ثلاثاً لا يقوم, فقالت له امرأة ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " والسياق لأبي سعيد , قيل: إن هذه المرأة هي أم جميل امرأة أبي لهب, وذكر أن أصبعه عليه السلام دميت, وقوله هذا الكلام الذي اتفق أنه موزون ثابت في الصحيحين ولكن الغريب ههنا جعله سبباً لتركه القيام ونزول هذه السورة. فأما ما رواه ابن جرير حدثنا ابن أبي الشوارب , حدثنا عبد الواحد بن زياد , حدثنا سليمان الشيباني عن عبد الله بن شداد أن خديجة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلا قد قلاك, فأنزل الله " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " وقال أيضاً: حدثنا أبو كريب , حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فجزع جزعاً شديداً فقالت خديجة إني أرى ربك قد قلاك مما نرى من جزعك, قال فنزلت " والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى " إلى آخرها فإنه حديث مرسل من هذين الوجهين ولعل ذكر خديجة ليس محفوظاً أو قالته على وجه التأسف والحزن, والله أعلم.
وقد ذكر بعض السلف منهم ابن إسحاق أن هذه السورة هي التي أوحاها جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبدى له في صورته التي خلقه الله عليها, ودنا إليه وتدلى منهبطاً عليه وهو بالأبطح "فأوحى إلى عبده ما أوحى" قال: قال له هذه السورة " والضحى * والليل إذا سجى " قال العوفي عن ابن عباس : لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياماً فتغير بذلك, فقال المشركون: ودعه ربه وقلاه فأنزل الله "ما ودعك ربك وما قلى" وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء "والليل إذا سجى" أي سكن فأظلم وادلهم ؟ قاله مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد وغيرهم, وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا وهذا كما قال تعالى: " والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " وقال تعالى: "فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم" وقوله تعالى: "ما ودعك ربك" أي ما تركك "وما قلى" أي وما أبغضك.
" وللآخرة خير لك من الأولى " أي وللدار الاخرة خير لك من هذه الدار, ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحاً كما هو معلوم بالضرورة من سيرته, ولما خير عليه السلام في آخر عمره بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة وبين الصيرورة إلى الله عز وجل, اختار ما عند الله على هذه الدنيا الدنية, قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , حدثنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله هو ابن مسعود قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر في جنبه, فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه وقلت: يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئاً ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظل تحت شجرة ثم راح وتركها" ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث المسعودي به وقال الترمذي حسن صحيح.
وقوله تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى" أي في الدار الاخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته, وفيما أعده له من الكرامة, ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي, وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزاً كنزاً فسر بذلك, فأنزل الله "ولسوف يعطيك ربك فترضى" فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم, رواه ابن جرير من طريقه, وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ومثل هذا ما يقال إلا عن توقيف, وقال السدي عن ابن عباس من رضاء محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وقال الحسن : يعني بذلك الشفاعة, وهكذا قال أبو جعفر الباقر وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا أهل بيت اختار الله لنا الاخرة على الدنيا, ولسوف يعطيك ربك فترضى".
ثم قال تعالى يعدد نعمه على عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: "ألم يجدك يتيماً فآوى" وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه, وقيل بعد أن ولد عليه السلام ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين, ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين, فكفله عمه أبو طالب, ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله على رأس أربعين سنة من عمره, هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان, وكل ذلك بقدر الله وحسن تدبيره إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل, فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج, كما أجرى الله سنته على الوجه الأتم الأكمل, فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه رضي الله عنهم أجمعين, وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.
وقوله تعالى: "ووجدك ضالاً فهدى" كقوله: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا" الاية. ومنهم من قال إن المراد بهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ضل في شعاب مكة وهو صغير ثم رجع, وقيل إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام, وكان راكباً ناقة في الليل, فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق, فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة, ثم عدل بالراحلة إلى الطريق حكاهما البغوي , وقوله تعالى: "ووجدك عائلاً فأغنى" أي كنت فقيراً ذا عيال فأغناك الله عمن سواه فجمع له بين مقامي الفقير الصابر والغني الشاكر صلوات الله وسلامه عليه. وقال قتادة في قوله: " ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى " قال: كانت هذه منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعثه الله عز وجل. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وفي الصحيحين من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس" وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه".
ثم قال تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر" أي كما كنت يتيماً فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله وتنهره وتهنه ولكن أحسن إليه وتلطف به, قال قتادة : كن لليتيم كالأب الرحيم "وأما السائل فلا تنهر" أي وكما كنت ضالا فهداك الله فلا تنهر السائل في العلم المسترشد قال ابن إسحاق : "وأما السائل فلا تنهر" أي وكما كنت ضالاً فهداك الله فلا تنهر السائل في العلم المسترشد. قال ابن إسحاق "وأما السائل فلا تنهر" أي فلا تكن جباراً ولا متكبراً ولا فحاشاً ولافظاً على الضعفاء من عباد الله, وقال قتادة يعني رد المسكين برحمة ولين "وأما بنعمة ربك فحدث" أي وكما كنت عائلاً فقيراً فأغناك الله فحدث بنعمة الله عليك كما جاء في الدعاء المأثور النبوي: "واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتمها علينا" وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب , حدثنا ابن علية , حدثنا سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا منصور بن أبي مزاحم , حدثنا الجراح بن مليح عن أبي عبد الرحمن عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير, ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله, والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر, والجماعة رحمة والفرقة عذاب" وإسناده ضعيف وفي الصحيحين عن أنس أن المهاجرين قالوا يا رسول الله ذهب الأنصار بالأجر كله, قال: "لاما دعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم". وقال أبو داود : حدثنا مسلم بن إبراهيم , حدثنا الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" ورواه الترمذي عن أحمد بن محمد عن ابن المبارك عن الربيع بن مسلم وقال صحيح.
وقال أبو داود : حدثنا عبد الله بن الجراح , حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أبلى بلاء فذكره فقد شكره, ومن كتمه فقد كفره" تفرد به أبو داود . وقال أبو داود : حدثنا مسدد , حدثنا بشر , حدثنا عمارة بن غزية , حدثني رجل من قومي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أعطي عطاء فوجد فليجز به, فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره" قال أبو داود : ورواه يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن شرحبيل عن جابر كرهوه فلم يسموه, تفرد به أبو داود , وقال مجاهد : يعني النبوة التي أعطاك ربك وفي رواية عنه القرآن, وقال ليث عن رجل عن الحسن بن علي "وأما بنعمة ربك فحدث" قال: ما عملت من خير فحدث إخوانك, وقال محمد بن إسحاق , ما جاءك من الله من نعمة وكرامة من النبوة فحدث بها واذكرها وادع إليها, قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم به عليه من النبوة سراً إلى من يطمئن إليه من أهله, وافترضت عليه الصلاة فصلى.
7- "ووجدك ضالاً فهدى" معطوف على المضارع المنفي، وقيل هو معطوف على ما يقتضيه الكلام الذي قبله كما ذكرنا: أي قد وجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى، والضلال هنا بمعنى الغفلة، كما في قوله: "لا يضل ربي ولا ينسى" وكما في قوله: "وإن كنت من قبله لمن الغافلين" والمعنى: أنه وجدك غافلاً عما يراد بك من أمر النبوة، واختار هذا الزجاج. وقيل معنى ضالاً: لم تكن تدري القرآن ولا الشرئع فهداك لذلك. وقال الكلبي والسدي والفراء: وجدك في قوم ضلال فهداهم الله لك. وقيل وجدك طالباً للقبلة فهداك إليها كما في قوله: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " ويكون الضلال بمعنى الطلب. وقيل وجدك ضائعاً في قومك فهداك إليه، ويكون الضلال بمعنى الضياع. وقيل وجدك محباً للهداية فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى المحبة، ومنه قول الشاعر:
عجباً لعزة في اختيار قطيعتي بعد الضلال فحبلها قد أخلقا
وقيل وجدك ضالاً في شعاب مكة فهداك: أي ردك إلى جدك عبد المطلب.
7- "ووجدك ضالاً"، يعني ضالاً عما أنت عليه "فهدى" أي: فهداك للتوحيد والنبوة.
قال الحسن والضحاك وابن كيسان: "ووجدك ضالاً" عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلاً عنها، فهداك إليها، كما قال: "وإن كنت من قبله لمن الغافلين" (يوسف- 3)، وقال: "ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" (الشورى- 52).
وقيل: ضالاً في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبد المطلب وروى أبو الضحى عن ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضل في شعاب مكة وهو صبي صغير، فرآه أبو جهل منصرفاً عن أغنامه فرده إلى عبد المطلب".
وقال سعيد بن المسيب: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في قافلة مسيرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء ناقةً إذ جاء إبليس فأخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل / فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى أرض الحبشة، ورده إلى القافلة فمن الله عليه بذلك. وقيل: وجدك ضالاً ضال نفسك لا تدري من أنت، فعرفك نفسك وحالك.
7-" ووجدك ضالاً " على علم الحكم والأحكام . " فهدى " فعلمك بالوحي والإلهام والتوفيق للنظر . وقيل وجدك ضالاً في الطريق حين خرج بك أبو طالب إلى الشام أو حين فطمتك حليمة وجاءت لتردك إلى جدك ، فأزال ضلالك عن عمك أو جدك .
7. Did He not find thee wandering and direct (thee)?
7 - And He found thee wandering, and He gave thee guidance.