[الليل : 12] إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى
12 - (إن علينا للهدى) لتبيين طريق الهدى من طريق الضلال ليمتثل أمرنا بسلوك الأول ونهينا عن ارتكاب الثاني
وقوله : " إن علينا للهدى " يقول تعالى ذكره : إن علينا لبيان الحق من الباطل ، والطاعة من المعصية وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " إن علينا للهدى " يقول : على البيان ، بيان حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته .
وكان بعض أهل العربية يتأوله بمعنى : أنه من سلك الهدى فعلى الله سبيله ، ويقول ، : وهو مثل قوله " وعلى الله قصد السبيل " [ النحل : 9 ] ويقول : معنى ذلك : من أراد الله فهو على السبيل القاصد ، وقال : يقال معناه : إن علينا للهدى والإضلال ، كما قال " سرابيل تقيكم الحر " [ النحل : 81] وهي تقي الحر والبرد .
قوله تعالى:"إن علينا للهدى" أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلالة. فالهدى : بمعنى بيان الأحكام، قاله الزجاج: أي على الله البيان، بيان حلاله وحرامه، وطاعته ومعصيته، قاله قتادة. وقال الفراء: من سلك الهدى فعلى الله سبيله، لقوله: " وعلى الله قصد السبيل" [النحل:9] يقول: من أراد الله فهو على السبيل القاصد. وقيل: معناه إن علينا للهدى والإضلال، فترك الإضلال، كقوله :"بيدك الخير" [آل عمران:26]، و " بيده ملكوت كل شيء" [يس:83]. وكما قال: " سرابيل تقيكم الحر" [النحل:81] وهي تقي البرد، عن الفراء أيضاً. وقيل: أي إن علينا ثواب هداه الذي هديناه.
قال قتادة : "إن علينا للهدى" أي نبين الحلال والحرام, وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى الله وجعله كقوله تعالى: "وعلى الله قصد السبيل" حكاه ابن جرير , وقوله تعالى: " وإن لنا للآخرة والأولى " أي الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما وقوله تعالى: "فأنذرتكم ناراً تلظى" قال مجاهد : أي توهج. قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن سماك بن حرب , سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: أنذرتكم النار حتى لو أن رجلاً كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا, قال: حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه " . وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثني شعبة , حدثني أبو إسحاق , سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه". رواه البخاري .
وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن أبي إسحاق عن النعمان بن بشير قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل, ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً". وقوله تعالى: "لا يصلاها إلا الأشقى" أي لا يدخلها دخولاً يحيط به من جميع جوانبه إلا الأشقى ثم فسره فقال: "الذي كذب" أي بقلبه "وتولى" أي عن العمل بجوارحه وأركانه.
قال الإمام أحمد : حدثنا حسن بن موسى , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا عبد ربه بن سعيد عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل النار إلا شقي قيل: ومن الشقي ؟ قال: الذي لا يعمل بطاعة ولا يترك لله معصية".
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس وسريج قالا: حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى قالوا: ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى" رواه البخاري عن محمد بن سنان عن فليح به.
وقوله تعالى: "وسيجنبها الأتقى" أي وسيزحزح عن النار التقي النقي ثم فسره بقوله: "الذي يؤتي ماله يتزكى" أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه وماله وما وهبه الله من دين ودنيا "وما لأحد عنده من نعمة تجزى" أي ليس بذله ماله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً, فهو يعطي في مقابلة ذلك وإنما دفعه ذلك "ابتغاء وجه ربه الأعلى" أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الاخرة في روضات الجنات قال الله تعالى:"ولسوف يرضى" أي ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات, وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الايات نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه, حتى إن بعضهم حكى الإجماع من المفسرين على ذلك, ولا شك أنه داخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإن لفظها العموم, وهو قوله تعالى: " وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى " ولكنه مقدم الأمة وسابقهم في جميع هذه الأوصاف وسائر الأوصاف الحميدة, فإنه كان صديقاً تقياً كريماً جواداً بذالاً لأمواله في طاعة مولاه ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكم من دراهم ودنانير بذلها ابتغاء وجه ربه الكريم, ولم يكن لأحد من الناس عنده منة يحتاج إلى أن يكافئه بها, ولكن كان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل, ولهذا قال له عروة بن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية: أما والله لولا يد لك عندي لم أجزك بها لأجبتك, وكان الصديق قد أغلظ له في المقالة, فإن كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل فكيف بمن عداهم, ولهذا قال تعالى: " وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى* ولسوف يرضى ". وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنة يا عبد الله هذا خير فقال أبو بكر : يا رسول الله ما على من يدعى منها ضرورة فهل يدعى منها كلها أحد ؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم" , آخر تفسير سورة الليل ولله الحمد والمنة.
12- "إن علينا للهدى" هذه الجملة مستأنفة مقررة لما قبلها: أي إن علينا البيان. قال الزجاج: علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال. قال قتادة: على الله البيان: بيان حرامه وطاعته ومعصيته. قال الفراء: من سلك الهدى فعلى الله سبيله، لقوله: "وعلى الله قصد السبيل" يقول: من أراد الله الإضلال كقوله: "سرابيل تقيكم الحر" وقيل المعنى: إن علينا ثواب هداه الذي هديناه.
12- "إن علينا للهدى"، يعني البيان. قال الزجاج: علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال، وهو قول قتادة، قال: على الله بيان حلاله وحرامه.
قال الفراء: يعني من سلك الهدى فعلى الله سبيله، كقوله تعالى: "وعلى الله قصد السبيل" (النحل- 9)، يقول: من أراد الله فهو على السبيل القاصد.
وقيل معناه: إن علينا للهدى والإضلال كقوله: "بيدك الخير" (آل عمران- 26) فاقتصر على الهدى لدلالة الكلام عليه كقوله: "سرابيل تقيكم الحر" (النحل- 81)، فاقتصر على ذكر الحر ولم يذكر البرد لأنه يدل عليه.
12-" إن علينا للهدى " للإرشاد إلى الحق بموجب قضائنا أو بمقتضى حكمتنا ، أو " إن علينا " طريقة الهدى كقوله سبحانه وتعالى : " وعلى الله قصد السبيل " .
12. Lo! Ours it is (to give) the guidance
12 - Verily We take upon Ourselves to guide,