[المطففين : 34] فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ
34 - (فاليوم) أي يوم القيامة (الذين آمنوا من الكفار يضحكون)
يقول تعالى ذكره : " فاليوم " وذلك يوم القيامة " الذين آمنوا " بالله في الدنيا " من الكفار " فيها " يضحكون * على الأرائك ينظرون " يقول : على سررهم التي في الحجال ينظرون إليهم ، وهو في الجنة ، والكفار في النار يعذبون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون " قال : يعني السرر المرفوعة عليها الحجال ، وكان ابن عباس يقول : إن السرر الذي بين الجنة والنار يفتح لهم فيه أبواب ، فينظر المؤمنون إلى أهل الجنة ، والمؤمنون على السرر ينظرون كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، فيكون ذلك مما أقر الله بهم أعينهم ، كيف ينتقم الله منهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون " ذكر لنا أن كعباً كان يقول : إن بين الجنة والنار كوى ، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا ، اطلع من بعض الكوى ، قال الله جل ثناؤه " فاطلع فرآه في سواء الجحيم " [ الصافات : 55 ] أي في وسط النار ، وذكر لنا أنه رأى جماجم القوم تغلي .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : كعب : إن بين أهل الجنة وبين أهل النار كوى ، لا يشاء رجل من أهل الجنة أن ينظر إلى غيره من أهل النار إلا فعل .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون " كان ابن عباس يقول : السور بين أهل الجنة والنار ، فيفتح لأهل الجنة أبواب ، فينظرون وهم على السرر إلى أهل النار كيف يعذبون ، فيضحكون منهم ، ويكون ذلك مما يقر الله به أعينهم أن ينظروا إلى عدوهم كيف ينتقم الله منهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون " قال : يجاء بالكفار ، حتى ينظروا إلى أهل الجنة في الجنة ، على سرر ، فحين ينظرون إليهم تغلق دونهم الأبواب ، ويضحك أهل الجنة منهم ، فهو قوله " فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون " .
قوله تعالى:" فاليوم" يعني هذا اليوم الذي هو يوم القيامة" الذين آمنوا" بمحمد صلى الله عليه وسلم " من الكفار يضحكون" كما ضحك الكفار منهم في الدنيا. نظيره في آخر سورة ((المؤمنين)) وقد تقدم. وذكر ابن المبارك: أخبرنا محمد بن بشار عن قتادة في قوله تعالى:" فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون" قال: ذكر لنا أن كعباً كان يقول: إن بين الجنة والنار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض الكوى، قال الله تعالى في آية أخرى:"فاطلع فرآه في سواء الجحيم" [ الصافات:55] قال: الله تعالى:" الله يستهزئ بهم" [ البقرة:15] قال: يقال لأهل النار وهو في النار: اخرجوا، فتفتح لهم أبواب النار، فإذا رأوها قد فتحت اقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على الإرائك، فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، فذلك قوله، " الله يستهزئ بهم " [ البقرة:15] ويضحك منهم المؤمنون حين غلقت دونهم فذلك قوله تعالى:" فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون".
يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين, أي يستهزئون بهم ويحتقرونهم, وإذا مروا بالمؤمنين يتغامزون عليهم, أي محتقرين لهم "وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين" أي وإذا انقلب أي رجع هؤلاء المجرمون إلى منازلهم انقلبوا إليها فاكهين أي مهما طلبوا وجدوا, ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين يحقرونهم ويحسدونهم "وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون" أي لكونهم على غير دينهم.
قال الله تعالى: "وما أرسلوا عليهم حافظين" أي وما بعث هؤلاء المجرمون حافظين على هؤلاء المؤمنين ما يصدر منهم من أعمالهم وأقوالهم ولا كلفوا بهم ؟ فلم اشتغلوا بهم وجعلوهم نصب أعينهم, كما قال تعالى: " قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون " ولهذا قال ههنا "فاليوم" يعني يوم القيامة "الذين آمنوا من الكفار يضحكون" أي في مقابلة ما ضحك بهم أولئك "على الأرائك ينظرون" أي إلى الله عز وجل في مقابلة من زعم فيهم أنهم ضالون ليسوا بضالين بل هم من أولياء الله المقربين ينظرون إلى ربهم في دار كرامته. وقوله تعالى: " هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون " أي هل جوزي الكفار على ما كانوا يقابلون به المؤمنين من الاستهزاء والتنقيص أم لا, يعني قد جوزوا أوفر الجزاء وأتمه وأكمله. آخر تفسير سورة المطففين, و لله الحمد والمنة.
34- "فاليوم الذين آمنوا" المراد باليوم: اليوم الآخر "من الكفار يضحكون" والمعنى: أن المؤمنين في ذلك اليوم يضحكون من الكفار حين يرونهم أذلاء مغلوبين قد نزل بهم ما نزل من العذاب، كما ضحك الكفار منهم في الدنيا.
34- "فاليوم"، يعني في الآخرة، "الذين آمنوا من الكفار يضحكون"، قال أبو صالح: وذلك أنه يفتح للكفار في النار أبوابها، ويقال لهم: اخرجوا، فإذا رأوها مفتوحة أقبلوا إليها ليخرجوا، والمؤمنون ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم، يفعل ذلك بهم مراراً والمؤمنون يضحكون.
وقال كعب: بين الجنة والنار كوىً، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو له، كان في الدنيا، اطلع عليه من تلك الكوى، كما قال: "فاطلع فرآه في سواء الجحيم" (الصافات- 55)، فإذا اطلعوا من الجنة إلى أعدائهم وهم يعذبون في النار ضحكوا، فذلك قوله عز وجل: "فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون".
34-" فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون " حين يرونهم أذلاء مغلوبين في النار . وقيل يفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم اخرجوا إليها ،فإذا وصلوا أغلق دونهم فيضحك المؤمنين منهم .
34. This day it is those who believe who have the laugh of disbelievers,
34 - But on this Day the Believers will laugh at the Unbelievers: