[التكوير : 29] وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
29 - (وما تشاؤون) الاستقامة على الحق (إلا أن يشاء الله رب العالمين) الخلائق استقامتكم عليه
وقوله : " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " يقول تعالى ذكره : وما تشاءون أيها الناس الاستقامة على الحق ، إلا أن يشاء الله ذلك لكم .
وذكر أن السبب الذي من أجله نزلت هذه الآية ما :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، لما نزلت " لمن شاء منكم أن يستقيم " قال أبو جهل : ذلك إلينا ، إن شئنا استقمنا ، فنزلت " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، قال : لما نزلت هذه الآية " لمن شاء منكم أن يستقيم " قال أبو جهل : الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل الله " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " .
حدثني ابن البرقي ، قال : ثنا عمرو بن أبي سلمة ، عن سعيد ، عن سليمان بن موسى قال : لما نزلت هذه الآية " لمن شاء منكم أن يستقيم " قال أبو جهل : ذلك إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل الله " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " .
قوله تعالى:" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين" ، فبين بهذا أنه لا يعمل العبد خيراً إلا بتوفيق الله، ولا شراً إلا بخذلانه. وقال الحسن: والله ما شاءت العرب الإسلام حتى شاءه الله لها. وقال وهب بن منبه: قرأت في سبعة وثمانين كتاباً مما أنزل الله على الأنبياء: من جعل إلى نفسه شيئاً من المشيئة فقد كفر. وفي التنزيل:" ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله" [ الأنعام :111] وقال تعالى: " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله "[يونس :100]. في هذا كثير، وكذلك الأخبار، وأن الله سبحانه هدى بالإسلام، وأضل بالكفر، كما تقدم في غير موضع. ختمت السورة والحمد لله.
روى مسلم في صحيحه والنسائي في تفسيره عند هذه الاية من حديث مسعر بن كدام عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم الصبح فسمعته يقرأ "فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس * والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس" ورواه النسائي عن بندار عن غندر عن شعبة عن الحجاج بن عاصم عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث به نحوه, قال ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن رجل من مراد عن علي " فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس " قال: هي النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل. وقال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى , حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن سماك بن حرب , سمعت خالد بن عرعرة , سمعت علياً وسئل عن لا أقسم بالخنس الجوار الكنس فقال: هي النجوم تخنس بالنهار وتكنس بالليل. وحدثنا أبو كريب , حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن خالد عن علي قال: هي النجوم, وهذا إسناد جيد صحيح إلى خالد بن عرعرة وهو السهمي الكوفي . قال أبو حاتم الرازي : روى عن علي وروى عنه سماك والقاسم بن عوف الشيباني ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فالله أعلم, وروى يونس عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي : أنها النجوم, رواه ابن أبي حاتم . وكذا روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم أنها النجوم.
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار حدثنا هوذة بن خليفة حدثنا عوف عن بكر بن عبد الله في قوله تعالى: " فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس " قال: هي النجوم الدراري التي تجري تستقبل المشرق, وقال بعض الأئمة, إنما قيل للنجوم الخنس أي في حال طلوعها ثم هي جوار في فلكها وفي حال غيبوبتها يقال لها كنس, من قول العرب أوى الظبي إلى كناسه إذا تغيب فيه. وقال الأعمش عن إبراهيم قال: قال عبد الله فلا أقسم بالخنس قال بقر الوحش, وكذا قال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عبد الله فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ما هي يا عمرو ؟ قلت البقر قال وأنا أرى ذلك, وكذا روى يونس عن أبي إسحاق عن أبيه وقال أبو داود الطيالسي عن عمرو عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الجوار الكنس قال البقر تكنس إلى الظل وكذا قال سعيد بن جبير , وقال العوفي عن ابن عباس هي الظباء, وكذا قال سعيد أيضاً ومجاهد والضحاك , وقال أبو الشعثاء جابر بن زيد هي الظباء والبقر, وقال ابن جرير حدثنا يعقوب حدثنا هشيم أخبرنا مغيرة عن إبراهيم ومجاهد أنهما تذاكرا هذه الاية " فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس " فقال إبراهيم لمجاهد قل فيها بما سمعت, قال: فقال مجاهد كنا نسمع فيها شيئاً وناس يقولون إنها النجوم, قال: فقال إبراهيم قل فيها بما سمعت, قال: فقال مجاهد كنا نسمع أنها بقر الوحش حين تكنس في حجرتها, فقال إبراهيم إنهم يكذبون على علي, هذا كما رووا عن علي أنه ضمن الأسفل الأعلى والأعلى الأسفل, وتوقف ابن جرير في المراد بقوله: " الخنس * الجوار الكنس " هل هو النجوم أو الظباء وبقر الوحش قال ويحتمل أن يكون الجميع مراداً.
وقوله تعالى: "والليل إذا عسعس" فيه قولان أحدهما إقباله بظلامه وقال مجاهد أظلم وقال سعيد بن جبير إذا نشأ, وقال الحسن البصري إذا غشي الناس, وكذا قال عطية العوفي وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس "إذا عسعس" إذا أدبر, وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وكذا قال زيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن "إذا عسعس" أي إذا ذهب فتولى.
وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري سمع أبا عبد الرحمن السلمي قال: خرج علينا علي رضي الله عنه حين ثوب المثوب بصلاة الصبح فقال: أين السائلون عن الوتر " والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس " هذا حين أدبر حسن. وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله: "إذا عسعس" إذا أدبر قال لقوله "والصبح إذا تنفس" أي أضاء, واستشهد بقول الشاعر أيضاً:
حتى إذا الصبح له تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا
أي أدبر, وعندي أن المراد بقوله "إذا عسعس" إذا أقبل وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضاً لكن الإقبال ههنا أنسب, كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال تعالى: " والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " وقال تعالى: " والضحى * والليل إذا سجى " وقال تعالى: "فالق الإصباح وجعل الليل سكناً" وغير ذلك من الايات, وقال كثير من علماء الأصول: إن لفظة عسعس تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك, فعلى هذا يصح أن يراد كل منهما والله أعلم. وقال ابن جرير : وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أن عسعس دنا من أوله وأظلم, وقال الفراء : كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتاً.
عسعس حتى لو يشا أدنى كان له من ضوئه مقبس
يريد لو يشاء إذ دنا أدغم الذال في الدال, قال الفراء وكانوا يزعمون أن هذا البيت مصنوع وقوله تعالى: "والصبح إذا تنفس" قال الضحاك : إذا طلع, وقال قتادة, إذ أضاء وأقبل, وقال سعيد بن جبير : إذا نشأ, وهو المروي عن علي رضي الله عنه. وقال ابن جرير : يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين. وقوله تعالى: "إنه لقول رسول كريم" يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر وهو جبريل عليه الصلاة والسلام, قاله ابن عباس والشعبي وميمون بن مهران والحسن وقتادة والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم "ذي قوة" كقوله تعالى: "علمه شديد القوى * ذو مرة" أي شديد الخلق شديد البطش والفعل "عند ذي العرش مكين" أي له مكانة عند الله عز وجل ومنزلة رفيعة, قال أبو صالح في قوله تعالى: "عند ذي العرش مكين" قال جبريل يدخل في سبعين حجاباً من نور بغير إذن "مطاع ثم" أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى قال قتادة "مطاع ثم" أي في السموات يعني ليس هو من أفناد الملائكة بل هو من السادة والأشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة.
وقوله تعالى: "أمين" صفة لجبريل بالأمانة, وهذا عظيم جداً أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: "وما صاحبكم بمجنون" قال الشعبي وميمون بن مهران وأبو صالح ومن تقدم ذكرهم: المراد بقوله: "وما صاحبكم بمجنون" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم, وقوله تعالى: "ولقد رآه بالأفق المبين" يعني ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح "بالأفق المبين" أي البين وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء وهي المذكورة في قوله: " علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى " كما تقدم تفسير ذلك وتقريره, والدليل عليه أن المراد بذلك جبريل عليه السلام, والظاهر والله أعلم أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤيا وهي الأولى, وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى: " ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى " فتلك إنما ذكرت في سورة النجم وقد نزلت بعد سورة الإسراء.
وقوله تعالى: "وما هو على الغيب بضنين" أي وما محمد على ما أنزله الله إليه بظنين أي بمتهم. ومنهم من قرأ ذلك بالضاد أي ببخيل بل يبذله لكل أحد. قال سفيان بن عيينة : ظنين وضنين سواء أي ما هو بكاذب وما هو بفاجر. والظنين المتهم والضنين البخيل. وقال قتادة: كان القرآن غيباً فأنزله الله على محمد فما ضن به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده, وكذا قال عكرمة وابن زيد وغير واحد واختار ابن جرير قراءة الضاد "قلت": وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدم, وقوله تعالى: "وما هو بقول شيطان رجيم" أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم أي لا يقدر على حمله ولا ينبغي له كما قال تعالى: " وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون ", وقوله تعالى: " فأين تذهبون " أي فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقاً من عند الله عز وجل كما قال الصديق رضي الله عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين وأمرهم فتلوا عليه شيئاً من قرآن مسيلمة الكذاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال: ويحكم أين تذهب عقولكم ؟ والله إن هذا الكلام لم يخرج من إل, أي من إله, وقال قتادة "فأين تذهبون" أي عن كتاب الله وعن طاعته.
وقوله تعالى: "إن هو إلا ذكر للعالمين" أي هذا القرآن ذكر لجميع الناس يتذكرون به ويتعظون "لمن شاء منكم أن يستقيم" أي من أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه منجاة له وهداية, ولا هداية فيما سواه " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " أي ليست المشيئة موكولة إليكم فمن شاء اهتدى ومن شاء ضل, بل ذلك كله تابع لمشيئة الله تعالى رب العالمين. قال سفيان الثوري عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى : لما نزلت هذه الاية "لمن شاء منكم أن يستقيم" قل أبو جهل: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فأنزل الله تعالى: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ". آخر تفسير سورة التكوير. و لله الحمد والمنة.
29- " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين " أي وما تشاءون الاستقامة إلا أن يشاء الله تلك المشيئة، فأعلمهم سبحانه أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه، ومثل هذا قوله سبحانه: "وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله" وقوله: "ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلاً ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله" وقوله: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" والآيات القرآنية في هذا المعنى كثيرة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله: "إذا الشمس كورت" قال: أظلمت "وإذا النجوم انكدرت" قال: تغيرت. وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي مريم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله: "إذا الشمس كورت" قال: كروت في جهنم "وإذا النجوم انكدرت" قال: انكدرت في جهنم، فكل من عبد من دون الله فهو في جهنم، إلا ما كان من عيسى وأمه، ولورضيا أن يعبدا لدخلاها. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية قال: ست آيات من هذه السورة في الدنيا، والناس ينظرون إليها، وست ينظرون في الآخرة "إذا الشمس كورت" إلى "وإذا البحار سجرت" هذه في الدنيا والناس ينظرون إليها "وإذا النفوس زوجت" إلى "وإذا الجنة أزلفت" هذه في الآخرة. وأخرج ابن أبي الدنيا في الأهوال وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال: ست آيات قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس، فبينهما هم كذلك إذ وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت، ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحش فماجوا بعضهم في بعض "وإذا الوحوش حشرت" قال: اختلطت "وإذا العشار عطلت" قال: أهملها أهلها "وإذا البحار سجرت" قال: الجن للإنس نحن نأتيكم بالخبر، فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تأجج/ فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة وإلى السماء السابعة، فبينما هم كذلك إذ جاءتهم ريح فأماتتهم. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "وإذا الوحوش حشرت" قال: حشر البهائم موتها، وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس فإنهما يوافيان يوم القيامة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عنه في قوله: "وإذا الوحوش حشرت" قال: يحشر كل شيء يوم القيامة حتى أن الدواب لتحشر. وأخرج البيهقي في البعث عنه أيضاً في قوله: "وإذا البحار سجرت" قال: تسجر حتى تصير ناراً. وأخرج الطبراني عنه "سجرت" قال: اختلط ماؤها بماء الأرض. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم في الحيلة، والبيهقي في البعث عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب في قوله: "وإذا النفوس زوجت" قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الصالح في الجنة ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، كذلك تزويج الأنفس: وفي رواية: ثم قرأ "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" وأخرج نحوه ابن مردويه عن النعمان بن بشير مرفوعاً. وأخرج البزار والحاكم في الكنى والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال: جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عن كل واحدة رقبة، قال: إني صاحب إبل، قال: فأهد عن كل واحدة بدنة" وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس "وإذا الجنة أزلفت" قال: قربت. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن علي بن أبي طالب في قوله: "فلا أقسم بالخنس" قال: هي الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار فلا ترى. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: "لا أقسم بالخنس" قال خمسة أنجم: زحل وعطارد والمشتري وبهرام والزهرة، ليس شيء يقطع المجرة غيرها. وأخرج ابن مردويه والخطيب في كتاب النجوم عن ابن عباس في الآية قال: هي النجوم السبعة: زحل وبهرام وعطارد والمشتري والزهرة والشمس والقمر، خنوسها رجوعها، وكنوسها تغيبها بالنهار. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود في قوله: " بالخنس * الجوار الكنس " قال: هي بقر الوحش. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: هي البقر تكنس إلى الظل. وأخرج ابن المنذر عنه قال: تكنس لأنفسها في أصول الشجر تتوارى فيه. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: هي الظباء. وأخرج ابن راهويه وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله: " الجوار الكنس " قال: هي الكواكب. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس "الخنس" البقر " الجوار الكنس " الظباء، ألم ترها إذا كانت في الظل كيف تكنس بأعناقها ومدت نظرها. وأخرج أبو أحمد الحاكم في الكنى عن أبي العديس قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل، فقال يا أمير المؤمنين ما "الجوار الكنس" فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل فألقاها عن رأسه، فقال عمر: أحروري؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجتك محلوقا لأنحيت القمل عن رأسك، وهذا منكر، فالحرورية لم يكونوا في زمن عمر ولا كان لهم في ذلك الوقت ذكر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله: "والليل إذا عسعس" قال: إذا أدبر "والصبح إذا تنفس" قال: إذا بدا النهار حين طلوع الفجر. وأخرج الطبراني عنه "إذا عسعس" قال: إقبال سواده. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً "إنه لقول رسول كريم" قال: جبريل. وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود " ولقد رآه بالأفق المبين " قال: رأى جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: إنما عنى جبريل أن محمداً رآه في صورته عند سدرة المنتهى. وأخرج ابن مردويه عنه بالأفق المبين، قال: السماء السابعة. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ "بضنين" بالضاد، وقال: ببخيل. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ وما هو [على] الغيب بظنين بالظاء قال: ليس بمتهم. وأخرج الدارقطني في الأفراد والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ " بضنين " بالظاء. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: لما نزلت "لمن شاء منكم أن يستقيم" قالوا: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم، فهبط جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كذبوا يا محمد " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ".
29- " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين "، أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله، وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله ولا شراً إلا بخذلانه.
29-" وما تشاؤون " الاستقامة يا من يشاؤها . " إلا أن يشاء الله " إلا وقت أن يشاء الله مشيئتكم فله الفضل والحق عليكم باستقامتكم . " رب العالمين " مالك الخلق كله .
قال عليه الصلاة والسلام " من قرأ سورة التكوير أعاذه الله أن يفضحه حين تنشر صحيفته " .
29. And ye will not, unless (it be) that Allah willeth, the Lord of Creation.
29 - But ye shall not will except as God wills, the Cherisher of the Worlds.