[الأنفال : 54] كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ
54 - (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون) قومه معه (وكل) من الأمم المكذبة (كانوا ظالمين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: غير هؤلاء المشركون بالله، المقتولون بالله، المقتولون ببدر، نعمة ربهم التي أنعم بها عليهم، بابتعاثه محمداً منهم وبين أظهرهم، داعياً لهم إلى الهدى، بتكذيبهم إياه، وحربهم له، " كدأب آل فرعون "، كسنة آل فرعون وعادتهم وفعلهم بموسى نبي الله، في تكذيبهم إياه وقصدهم لحربه، وعادة من قبلهم من الأمم المكذبة رسلها وصنيعهم، " فأهلكناهم بذنوبهم "، بعضاً بالرجفة، وبعضاً بالخسف، وبعضاً بالريح، " وأغرقنا آل فرعون "، في اليم، " وكل كانوا ظالمين "، يقول: كل هؤلاء الأمم التي أهلكناها كانوا فاعلين ما لم يكن لهم فعله، من تكذيبهم رسل الله، والجحود لآياته. فكذلك أهلكنا هؤلاء الذين أهلكناهم ببدر، إذ غيروا نعمة الله عندهم، بالقتل بالسيف، وأذللنا بعضهم بالإسار والسباء.
ليس هذا بتكرير، لأن الأول للعادة في التكذيب، والثاني للعادة في التغيير، وباقي الآية بين.
يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد, إلا بسبب ذنب ارتكبه, كقوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال " وقوله "كدأب آل فرعون" أي كصنعه بآل فرعون وأمثالهم, حين كذبوا بآياته, أهلكهم بسبب ذنوبهم وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم, من جنات وعيون وزروع وكنوز ومقام كريم, ونعمة كانوا فيها فاكهين, وما ظلمهم الله في ذلك بل كانوا هم الظالمين.
ثم كرر ما تقدم، فقال: 54- "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم" لقصد التأكيد مع زيادة أنه كالبيان للأخذ بالذنوب بأنه كان بالإغراق، وقيل: إن الأول باعتبار ما فعله آل فرعون ومن شبه بهم، والثاني باعتبار ما فعل بهم، وقيل: المراد بالأول كفرهم بالله، وبالثاني تكذيبهم الأنبياء، وقيل غير ذلك مما لا يخلو عن تعسف، والكلام في "أهلكناهم بذنوبهم" كالكلام المتقدم في "فأخذهم الله بذنوبهم"، "وأغرقنا آل فرعون" معطوف على أهلكناهم عطف الخاص على العام لفظاعته وكونه من أشد أنواع الإهلاك، ثم حكم على الطائفتين من آل فرعون والذين من قبلهم، ومن كفار قريش بالظلم لأنفسهم، بما تسببوا به لعذاب الله من الكفر بالله وآياته ورسله وبالظلم لغيرهم، كما كان يجري منهم في معاملاتهم للناس بأنواع الظلم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: "ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة" قال: الذين قتلهم الله ببدر من المشركين. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: قال رجل يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشوك قال: ذلك ضرب الملائكة. وهذا مرسل. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "وأدبارهم" قال: وأستاههم، ولكن الله كريم يكني. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: " ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " قال: نعمة الله: محمد صلى الله عليه وسلم أنعم الله به على قريش فكفروا فنقله الله إلى الأنصار.
54 - " كدأب آل فرعون " ، كصنع آل فرعون ، " والذين من قبلهم " ، من كفار الأمم ، " كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم " ، أهلكنا بعضهم بالرجفة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالمسخ وبعضهم بالريح وبعضهم بالغرق ، فكذلك أهلكنا كفار بدر بالسيف ، لما كذبوا بآيات ربهم ، " وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين " ، يعني : الأولين والآخرين .
54. "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون " تكرير للتأكيد ولما نيط به من الدلالة على كفران النعم بقوله : " بآيات ربهم " وبيان ما أخذ به آل فرعون . وقيل الأول لتشبيه الكفر والأخذ به والثاني لتشبيه التغيير في النعمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم . " وكل " من الفرق المكذبة ، او من غرقى القبط وقتلى قريش ." كانوا ظالمين " أنفسهم بالكفر والمعاصي .
54. (Their way is) as the way of Pharoah's folk and those before them; they denied the revelations of their Lord, so We destroyed them in their sins. And We drowned the folk of Pharaoh. All were evil doers.
54 - (Deeds) after the manner of the people of Pharaoh and those before them: they treated as false the signs of their Lord: so we destroyed them for their crimes, and we drowned the people of Pharaoh: for they were all oppressors and wrong doers.