[النازعات : 17] اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى
17 - (اذهب إلى فرعون إنه طغى) تجاوز الحد في الكفر
وقوله : " اذهب إلى فرعون إنه طغى " يقول تعالى ذكره : نادى موسى ربه : أن اذهب إلى فرعون ، فحذفت ( أن ) إذ كان النداء قولاً ، فكأنه قيل لموسى قال ربه : اذهب إلى فرعون ، وقوله " إنه طغى " يقول : عنا وتجاوز حده في العدوان ، والتكبر على ربه .
قوله تعالى:" اذهب إلى فرعون " أي ناداه ربه، فحذف، لأن النداء قول، فكأنه، قال له ربه " اذهب إلى فرعون". " إنه طغى " أي جاوز القدر في العصيان. وروي عن الحسن قال: كان فرعون علجا من همدان. وعن مجاهد قال: كان من أهل إصطخر. وعن الحسن أيضاً قال: من أهل أصبهان، يقال له ذو ظفر ، طوله أربعة أشبار.
يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون, وأيده الله بالمعجزات, ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر, وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به, ولهذا قال في آخر القصة: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" فقوله تعالى: "هل أتاك حديث موسى" أي هل سمعت بخبره "إذ ناداه ربه" أي كلمه نداء "بالواد المقدس" أي المطهر "طوى" وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه, فقال له: "اذهب إلى فرعون إنه طغى" أي تجبر وتمرد وعتا "فقل هل لك إلى أن تزكى" أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع "وأهديك إلى ربك" أي أدلك إلى عبادة ربك "فتخشى" أي فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير " فأراه الآية الكبرى " يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلاً واضحاً على صدق ما جاءه به من عند الله "فكذب وعصى" أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة, وحاصله أنه كفر بقلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به, لأن المعرفة علم القلب والإيمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له.
وقوله تعالى: "ثم أدبر يسعى" أي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات "فحشر فنادى" أي في قومه "فقال أنا ربكم الأعلى" قال ابن عباس ومجاهد : وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال الله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي انتقم الله منه انتقاماً جعله به عبرة ونكالاً لأمثاله من المتمردين في الدنيا "ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" كما قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون" وهذا هو الصحيح في معنى الاية أن المراد بقوله: " نكال الآخرة والأولى " أي الدنيا والاخرة, وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية, وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الأول, وقوله: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" أي لمن يتعظ وينزجر.
17- "اذهب إلى فرعون إنه طغى" قيل هو على تقدير القول، وقيل هو تفسير للنداء: أي ناداه نداء هو قوله اذهب. وقيل هو على حذف أن المفسرة، ويؤيده قراءة ابن مسعود أن اذهب، لأن في النداء معنى القول، وجملة "إنه طغى" تعليل للأمر أو لوجوب الامتثال: أي جاوز الحد في العصيان والتكبر والكفر بالله.
فقال يا موسى: 17- "اذهب إلى فرعون إنه طغى"، علا وتكبر وكفر بالله.
17-" اذهب إلى فرعون إنه طغى " على إرادة القول ، وقرئ أن اذهب لما في النداء من معنى القول .
17. (Saying:) Go thou unto Pharaoh Lo! be hath rebelled
17 - Go thou to Pharaoh, for he has indeed transgressed all bounds;