[النبإ : 40] إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا
40 - (إنا أنذرناكم) يا كفار مكة (عذابا قريبا) عذاب يوم القيامة الآتي وكل آت قريب (يوم) ظرف لعذابا بصفته (ينظر المرء) كل امرىء (ما قدمت يداه) من خير وشر (ويقول الكافر يا) حرف تنبيه (ليتني كنت ترابا) يعني فلا أعذب يقول ذلك عندما يقول الله تعالى للبهائم بعد الاقتصاص من بعضها لبعض كوني ترابا
وقوله : " إنا أنذرناكم عذابا قريبا " يقول : إنا حذرناكم أيها الناس عذاباً قد دنا منكم وقرب وذلك " يوم ينظر المرء " المؤمن " ما قدمت يداه " من خير اكتسبه في الدنيا ، أو شر سلفه ، فيرجو ثواب الله على صالح أعماله ، ويخاف عقابه على سيئها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " قال: المرء المؤمن يحذر الصغيرة ، ويخاف الكبيرة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن محمد بن ححادة ، عن الحسن " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " قال : المرء المؤمن .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد قال : ثنا سفيان ، عن محمد بن جحادة ، عن الحسن ، في قوله " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " يقول : المرء المؤمن .
وقوله : " يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " يقول تعالى ذكره : ويقول الكافر يومئذ تمنياً لما يلقى من عذاب الله الذي أعده لأصحابه الكافرين به : يا ليتني كنت تراباً ، كالبهائم التي جعلت تراباً .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر و ابن أبي عدي ، قالا : ثنا عوف ، عن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : إذأ كان يوم القيامة ، مد الأديم ، وحشر الدواب والبهائم والوحش ، ثم يحصل القصاص بين الدواب ، يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها ، فإذا فرغ من القصاص بين الدواب قال لها : كوني تراباً ، قال : فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً .
حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : وحدثني جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة ، قال : إن الله يحشر الخلق كلهم ، كل دابة وطائر وإنسان ، يقول للبهائم والطير كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي عبد الرحمن بن محمد ، عن إسماعيل بن رافع المدني عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي ،عن رجل من الأنصار ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقضي الله بين خلقه الجن والإنس والبهائم ، وإنه ليقيد يومئذ الجماء من القرناء ، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى ، قال الله كونوا تراباً ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت تراباً " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " وهوالهالك المفرط العاجز ، وما يمنعه أن يقول ذلك وقد راج عليه عورات عمله ، وقد استقبل الرحمن وهو عليه غضبان ، فتمنى الموت يومئذ ، ولم يكن في الدنيا شيء أكره عنده من الموت .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ، قال : إذا قضي بين الناس وأمر بأهل النار ، قيل لمؤمني الجن ولسائر الأمم سوى ولد آدم : عودوا تراباً ، فإذا نظر الكفار إليهم قد عادوا تراباً قال الكافر : يا ليتني كنت تراباً .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، في قوله " يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " قال : إذا قيل للبهائم : كونوا تراباً ، قال الكافر : يا ليتني كنت تراباً .
قوله تعالى:" إنا أنذرناكم عذابا قريبا": يخاطب كفار قريش ومشركي العرب، لأنهم قالوا: لا نبعث. والعذاب عذاب الاخرة، وكل ما هو آت فهو قريب، وقد قال تعالى:" كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" [ النازعات:46] قال معناه الكلبي وغيره. وقال قتادة : عقوبة الدنيا، لأنها اقرب العذابين. قال مقاتل : هي قتل قريش ببدر. والأظهر انه عذاب الاخرة، وهو الموت والقيامة، لأن من مات فقد قامت قيامته، فإن كان من أهل الجنة رأى مقعده من الجنة، وإن كان من أهل النار رأى الخزي والهوان، ولهذا قال تعالى:" يوم ينظر المرء ما قدمت يداه" [ النبأ:40] بين وقت ذلك العذاب، أي أنذرناكم عذاباً قريباً في ذلك اليوم، وهو يوم ينظر المرء ما قدمت يداه، أي يراه، قيل: ينظر إلى ما قدمت فحذف إلى. والمرء ها هنا المؤمن في قول الحسن، أي يجد لنفسه عملاً، فأما الكافر فلا يجد لنفسه عملاً، فيتمنى أن يكون تراباً. ولما قال:" ويقول الكافر" [ النبأ:40] علم أنه أراد بالمرء المؤمن. وقيل: المرء ها هنا: أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط. ((ويقول الكافر)) أبو جهل. وقيل: هو عام في كل أحد وإنسان يرى في ذلك اليوم جزاء ما كسب. وقال مقاتل: نزل قوله ((يوم ينظر المرء ما قدمت يداه)) في أبي سلمة بن عبد الأسد. وقال الثعلبي : سمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: الكافر: ها هنا إبليس، وذلك انه عاب آدم بأنه خلق من تراب، وافتخر بأنه خلق من نار، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه من الثواب والراحة والرحمة، ورأى ما هو فيه من الشدة والعذاب، تمنى أنه يكون بمكان آدم، فـ((يقول)) يا ليتني كنت ترابا)) قال: ورأيته في بعض التفاسير للقشيري أبي نصر. وقيل: أي يقوم إبليس يا ليتني خلقت من التراب ولم أقل أنا خير من آدم. وعن ابن عمر: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الاديم، وحشر الدواب والبهائم والوحوش، ثم يوضع القصاص بين البهائم، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء بنطحتها، فإذا فرغ من القصاص بين البهائم، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء بنطحتها، فإذا فرغ من القصاص بين البهائم، حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء بنطحتها، فإذا فرغ من القصاص بينها قيل لها: كوني تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: " يا ليتني كنت ترابا". ونحوه عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم. وقد ذكرناه في كتاب ((التذكرة، بأحوال الموتى وأمور الآخرة، مجوداً والحمد لله. ذكر أبو جعفر النحاس: حدثنا معمر، قال أخبرني جعفر بن برقان الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، قال: إن الله تعالى يحشر الخلق كلهم من دابة وطائر وإنسان، ثم يقال للبهائم والطير كوني تراباً، فعند ذلك ((يقول الكافر: " لم أوت كتابيه". [ الحاقة:25] وقال أبو الزناد : إذا قضي بين الناس، وأمر بأهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن: عودوا تراباً، فيعودون تراباً، فعند ذلك يقول الكافر حين يراهم (( ياليتني كنت تراباً)). وقال ليث بن أبي سليم: مؤمنو الجن يعودون تراباً. وقال عمر بن عبد العزيز والزهري والكلبي ومجاهد: مؤمنو الجنة حول الجنة في ربض ورحاب وليسوا فيها. وهذا أصح، وقد مضى في سورة ((الرحمن)) بيان هذا، وأنهم مكلفون: يثابون يعاقبون، فهم كبني آدم، والله أعلم بالصواب.
يخبر تعالى عن عظمته وجلاله وأنه رب السموات والأرض وما فيهما وما بينهما وأنه الرحمن الذي شملت رحمته كل شيء, وقوله تعالى: "لا يملكون منه خطاباً" أي لا يقدر أحد على ابتداء مخاطبته إلا بإذنه كقوله تعالى: "من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" وكقوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون" اختلف المفسرون في المراد بالروح ههنا ما هو ؟ على أقوال (أحدها) ما رواه العوفي عن ابن عباس أنهم أرواح بني آدم (الثاني) هم بنو آدم قاله الحسن وقتادة . وقال قتادة : هذا مما كان ابن عباس يكتمه (الثالث) أنهم خلق من خلق الله على صور بني آدم وليسوا بملائكة ولا بشر, وهم يأكلون ويشربون, قاله ابن عباس ومجاهد وأبو صالح والأعمش (الرابع) هو جبريل قاله الشعبي وسعيد بن جبير والضحاك , ويستشهد لهذا القول بقوله عز وجل: "نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين" وقال مقاتل بن حيان : الروح هو أشرف الملائكة وأقرب إلى الرب عز وجل وصاحب الوحي. (الخامس) أنه القرآن, قاله ابن زيد كقوله: "وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا" الاية. (والسادس) أنه ملك من الملائكة بقدر جميع المخلوقات, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: "يوم يقوم الروح" قال: هو ملك عظيم من أعظم الملائكة خلقاً.
وقال ابن جرير : حدثني محمد بن خلف العسقلاني , حدثنا رواد بن الجراح عن أبي حمزة عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال: الروح في السماء الرابعة هو أعظم من السموات ومن الجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة, يخلق الله تعالى من كل تسبيحة ملكاً من الملائكة يجيء يوم القيامة صفاً وحده وهذا قول غريب جداً. وقد قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله بن عرس المصري , حدثنا وهب الله بن روق بن هبيرة , حدثنا بشر بن بكر , حدثنا الأوزاعي , حدثني عطاء عن عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لله ملكاً لو قيل له التقم السموات السبع والأرضين بلقمة واحدة لفعل. تسبيحه سبحانك حيث كنت" وهذا حديث غريب جداً, وفي رفعه نظر, وقد يكون موقوفاً على ابن عباس , ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات, والله أعلم. وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها والأشبه عندي والله أعلم أنهم بنو آدم.
وقوله تعالى: "إلا من أذن له الرحمن" كقوله: "يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه" وكما ثبت في الصحيح " ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل" وقوله تعالى: "وقال صواباً" أي حقاً ومن الحق لا إله إلا الله كما قاله أبو صالح وعكرمة , وقوله تعالى: "ذلك اليوم الحق" أي الكائن لا محالة "فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً" أي مرجعاً طريقاً يهتدي إليه ومنهجاً يمر به عليه. وقوله تعالى: "إنا أنذرناكم عذاباً قريباً" يعني يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريباً لأن كل ما هو آت آت "يوم ينظر المرء ما قدمت يداه" أي يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها. قديمها وحديثها كقوله تعالى: "ووجدوا ما عملوا حاضراً" وكقوله تعالى: "ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر" " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " أي يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا تراباً, ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود, وذلك حين عاين عذاب الله ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة, وقيل إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور, حتى إنه ليقتص للشاة الجماء من القرناء فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها: كوني تراباً فتصير تراباً فعند ذلك يقول الكافر "يا ليتني كنت تراباً" أي كنت حيواناً فأرجع إلى التراب, وقد ورد معنى هذا في حديث الصور المشهور, وورد فيه آثار عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهما. آخر تفسير سورة النبأ. ولله الحمد والمنة. وبه التوفيق والعصمة.
ثم زاد سبحانه في تخويف الكفار فقال: 40- "إنا أنذرناكم عذاباً قريباً" يعني العذاب في الآخرة، وكل ما هو آت فهو قريب، ومثله قوله: "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" كذا قال الكلبي وغيره. وقال قتادة: هو عذاب الدنيا لأنه أقرب العذابين. قال مقاتل: هو قتل قريش ببدر، والأول أولى لقوله: "يوم ينظر المرء ما قدمت يداه" فإن الظرف إما بدل من عذاب أو ظرف لمضمر هو صفة له: أي عذاباً كائناً "يوم ينظر المرء" أي يشاهد ما قدمه من خير أو شر، وما موصولة أو استفهامية. قال الحسن: والمرء هنا هو المؤمن: أي يجد لنفسه عملاً، فأما الكافر فلا يجد لنفسه عملاً فيتمنى أن يكون تراباً، وقيل المراد به الكافر على العموم، وقيل أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط، والأول أولى لقوله: "ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً" فإن الكافر واقع في مقابلة المرء، والمراد جنس الكافر يتمنى أن يكون تراباً لما يشاهده مما قد أعده الله له من أنواع العذاب، والمعنى: أنه يتمنى أنه كان تراباً في الدنيا فلم يخلق، أو تراباً يوم القيامة. وقيل المراد بالكافر أو جهل، وقيل أوب سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وقيل إبليس، والأول أولى اعتباراً بعموم اللفظ، ولا ينافيه خصوص السبب كما تقدم غير مرة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله: "إن للمتقين مفازاً" قال: منتزها "وكواعب" قال: نواهد "أتراباً" قال: مستويات "وكأساً دهاقاً" قال: ممتلئاً. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس في قوله: "وكأساً دهاقاً" قال: هي الممتلئة المترعة المتتابعة، وربما سمعت العباس يقول: يا غلام أسقنا وادهق لنا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه دهاقا. قال دراكاً. وأخرج عبد بن حميد عنه أيضاً قال: إذا كان فيها خمر فليس بكأس. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الروح جند من جنود الله ليسوا بملائكة لهم رؤوس وأيد وأرجل ثم قرأ "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً" قال: هؤلاء جند وهؤلاء جند". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس "يوم يقوم الروح" قال: هو ملك من أعظم الملائكة خلقاً. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: "الروح في السماء الرابعة وهو أعظم من السموات والجبال من الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله من كل تسبيحة ملكاً من الملائكة يجيء يوم القيامة صفاً واحداً". وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: "إن جبريل يوم القيامة لقائم بين يدي الجبار ترعد فرائصه فرقاً من عذاب الله، يقول: سبحانك لا إله إلا أنت ما عبدناك حق عبادتك، ما بين منكبيه كما بين المشرق والمغرب، أما سمعت قول الله "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً"". وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عنه في قوله: "يوم يقوم الروح" قال: يعني حين تقوم أرواح الناس من الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الروح إلى الأجساد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر في الأسماء والصفات عنه أيضاً "وقال صواباً" قال: لا إله إلا الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال: يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء، فيبلغ من عذاب الله أن يؤخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني تراباً، فذلك حين يقول الكافر "يا ليتني كنت تراباً".
40- "إنا أنذرناكم عذاباً قريباً"، يعني العذاب في الآخرة، وكل ما هو آت قريب. "يوم ينظر المرء ما قدمت يداه"، أي كل امرئ يرى في ذلك اليوم ما قدم من العمل مثبتاً في صحيفته، "ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً".
قال عبد الله بن عمرو: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وحشرت الدواب والبهائم والوحوش، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء تنطحها، فإذا فرغ من القصاص قيل لها: كوني تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً. ومثله عن مجاهد.
وقال مقاتل: يجمع الله الوحوش والهوام والطير فيقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء، ثم يقول لهم: أنا خلقتكم وسخرتكم لبني آدم وكنتم مطيعين إياهم أيام حياتكم، فارجعوا إلى الذي كنتم، كونوا تراباً، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار تراباً، يتمنى فيقول: يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير، وكنت اليوم تراباً.
وعن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان قال: إذا قضى الله بين النار وأمر أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، وقيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن عودوا تراباً فيعودون تراباً، فحينئذ يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً. وبه قال ليث بن أبي سليم، مؤمنو الجن يعودون تراباً.
وقيل: إن الكافر ها هنا إبليس وذلك أنه عاب آدم أنه خلق من التراب وافتخر بأنه خلق من النار، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه المؤمنون من الثواب والرحمة، وما هو فيه من الشدة والعذاب، قال: يا ليتني كنت تراباً. قال أبو هريرة فيقول: التراب لا، ولا كرامة لك، من جعلك مثلي؟.
40-" إنا أنذرناكم عذاباً قريباً " يعني عذاب الآخرة ،وقربه لتحققه فإن كل ما هو آت قريب ولأن مبدأه الموت . " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " يرى ما قدمه من خير أو شر ، و " المرء " عام وقيل هو الكافر لقوله : " إنا أنذرناكم " فيكون الكافر ظاهراً وضع موضع الضمير لزيادة الذم ، و " ما " موصولة منصوبة بينظر أو استفهامية منصوبة بـ" قدمت " ، أي ينظر أي شيء قدمت يداه . " ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً " في الدنيا فلم أخلق ولم أكلف ، أو في هذا اليوم فلم أبعث ، وقيل يحشر سائر الحيوانات للاقتصاص ثم ترد تراباً فيود الكافر حالها .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة عم سقاه الله برد الشراب يوم القيامة " .
40. Lo! We warn you of a doom at hand, a day whereon a man will look on that which his own hands have sent before, and the disbeliever will cry: "Would that I were dust!"
40 - Verily, We have warned you of a Penalty near, the Day when man will see (the Deeds) which his hands have sent forth, and the Unbeliever will say, Woe unto me! Would that I were (mere) dust!