[النبإ : 16] وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا
16 - (وجنات) بساتين (ألفافا) ملتفة جمع لفيف كشريف وأشراف
وقوله : " وجنات ألفافا " يقول : ولنخرج بذلك الغيث جنات وهي البساتين ، وقال : وجنات ، والمعنى : وثمر جنات ، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره ، وقوله " ألفافا " يعني : ملتفة مجتمعة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " وجنات ألفافا " قال : مجتمعة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " وجنات ألفافا " يقول : وجنات التف بعضها ببعض .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " وجنات ألفافا " قال : ملتفة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " وجنات ألفافا " قال : التف بعضها إلى بعض .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " وجنات ألفافا " قال : التف بعضها إلى بعض .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان " وجنات ألفافا " قال : ملتفة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وجنات ألفافا " قال : هي الملتفة بعضها فوق بعض .
واختلف أهل العربية في واحد الألفاف ، فكان بعض نحويي البصرة يقول : واحدها : لف ، وقال بعض نحويي الكوفة : واحدها : لف ولفيف ، قال : وإن شئت كان الألفاف جمعاً ، واحده جمع أيضاً ، فتقول : جنة لفاء ، وجنات لف ، ثم يجمع اللف ألفافاً .
وقال آخر منهم : لم نسمع شجرة لفة ، ولكن واحدها لفاء ، وجمعها لف ، وجمع لف : ألفاف ، فهو جمع الجمع .
والصواب من القول في ذلك أن الألفاف جمع لف أو لفيف ، وذلك أن أهل التأويل مجمعون على أن معناه : ملتفة ، واللفاء : هي الغليظة ، وليس الالتفاف من الغلظ في شيء إلا أن يوجه إلى أنه غلظ الالتفاف ، فيكون ذلك حينئذ وجهاً .
قوله تعالى:" وجنات " أي بساتين " ألفافا" أي ملتفة بعضها ببعض لتشعب اغصانها، ولاواحد له كالأوزاع والأخياف. وقيل : واحد الألفاف لف بالكسر، ولف بالضم. ذكره الكسائي، قال:
جنة لف وعيش مغدق وندامى كلهم بيض زهر
وعنه أيضاً وأبي عبيدة: لفيف كشريف وأشراف. وقيل: هو جمع الجمع. حكاه الكسائي. يقال : جنة لفاء ونبت لف والجمع لف بضم اللام مثل حمر، ثم يجمع اللف الفافاً. الزمخشري: ولو قيل جمع ملتفة بتقدير حذف الزوائد لكان وجيهاً. ويقال: شجرة لفاء وشجر لف وإمرأة لفاء: أي غليظة الساق مجتمعة اللحم. وقيل: التقدير : ونخرج به جنات ألفافاً، فحذف لدلالة الكلام عليه. ثم هذا الالتفاف الانضمام معناه ان الأشجار في البساتين تكون متقاربة، فالأغصان من كل شجرة متقاربة لقوتها.
يقول تعالى منكراً على المشركين في تساؤلهم عن يوم القيامة إنكاراً لوقوعها " عم يتساءلون * عن النبإ العظيم " أي عن أي شيء يتساءلون عن أمر القيامة وهو النبأ العظيم, يعني الخبر الهائل المفظع الباهر, قال قتادة وابن زيد : النبأ العظيم البعث بعد الموت وقال مجاهد : هو القرآن. والأظهر الأول لقوله: "الذي هم فيه مختلفون" يعني الناس فيه على قولين مؤمن به وكافر, ثم قال تعالى متوعداً لمنكري القيامة: "كلا سيعلمون * ثم كلا سيعلمون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد. ثم شرع تبارك وتعالى يبين قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره فقال: "ألم نجعل الأرض مهاداً" أي ممهدة للخلائق ذلولاً لهم قارة ساكنة ثابتة "والجبال أوتاداً" أي جعلها لها أوتاداً أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها. ثم قال تعالى: "وخلقناكم أزواجاً" يعني ذكراً وأنثى يتمتع كل منهما بالاخر ويحصل التناسل بذلك كقوله: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" وقوله تعالى: "وجعلنا نومكم سباتاً" أي قطعاً للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار وقد تقدم مثل هذه الاية في سورة الفرقان "وجعلنا الليل لباساً" أي يغشى الناس ظلامه وسواده كما قال: "والليل إذا يغشاها" وقال الشاعر:
فلما لبسن الليل أوحين نصبت له من خذا آذانها وهو جانح
وقال قتادة في قوله تعالى: "وجعلنا الليل لباساً" أي سكناً, وقوله تعالى: "وجعلنا النهار معاشاً" أي جعلناه مشرقاً نيراً مضيئاً ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك. وقوله تعالى: "وبنينا فوقكم سبعاً شداداً" يعني السموات السبع في اتساعها وارتفاعها وإحكامها وإتقانها وتزيينها بالكواكب الثوابت والسيارات ولهذا قال تعالى: "وجعلنا سراجاً وهاجاً" يعني الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم. وقوله تعالى: "وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً" قال العوفي عن ابن عباس : المعصرات الريح, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "وأنزلنا من المعصرات" قال: الرياح, وكذا قال عكرمة ومجاهد وقتادة ومقاتل والكلبي وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن إنها الرياح, ومعنى هذا القول أنها تستدر المطر من السحاب, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس من المعصرات أي من السحاب, وكذا قال عكرمة أيضاً وأبو العالية والضحاك والحسن والربيع بن أنس والثوري واختاره ابن جرير , وقال الفراء : هي السحاب التي تتحلب بالمطر ولم تمطر بعد, كما يقال امرأة معصر إذا دنا حيضها ولم تحض. وعن الحسن وقتادة : من المعصرات يعني السموات وهذا قول غريب, والأظهر أن المراد بالمعصرات السحاب كما قال تعالى: "الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله" أي من بينه.
وقوله جل وعلا: "ماء ثجاجاً" قال مجاهد وقتادة والربيع بن أنس : ثجاجاً منصباً وقال الثوري : متتابعاً وقال ابن زيد : كثيراً, وقال ابن جرير ولا يعرف في كلام العرب في صفة الكثرة الثج وإنما الثج الصب المتتابع ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الحج العج والثج" يعني صب دماء البدن هكذا قال, قلت وفي حديث المستحاضة حين قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنعت لك الكرسف" يعني أن تحتشي بالقطن فقالت: يا رسول الله هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجاً, وهذا فيه دلالة على استعمال الثج في الصب المتتابع الكثير, والله أعلم. وقوله تعالى: " لنخرج به حبا ونباتا * وجنات ألفافا " أي لنخرج بهذا الماء الكثير الطيب النافع المبارك "حباً" يدخر للأناسي والأنعام "ونباتاً" أي خضراً يؤكل رطباً "وجنات" أي بساتين وحدائق من ثمرات متنوعة وألوان مختلفة وطعوم وروائح متفاوتة وإن كان ذلك في بقعة واحدة من الأرض مجتمعاً ولهذا قال وجنات ألفافاً, قال ابن عباس وغيره: ألفافاً مجتمعة, وهذه كقوله تعالى: " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ".
16- "وجنات ألفافاً" أي بساتين ملتف بعضها ببعض لتشعب أغصانها، ولا واحد للألفاف: كالأوزاع والأخيفا، وقيل واحدها لف بكسر اللام وضمها، ذكره الكسائي. وقال أبو عبيدة: واحدها لفيف كشريف وأشراف، وروي عن الكسائي أنها جمع الجمع يقال جنة لفاء ونبت لف، والجمع لف بضم اللام مثل حمر، ثم يجمع هذا الجمع على ألفاف، وقيل هو جمع ملتفة بحذف الزوائد. قال الفراء: الجنة ما فيه النخيل، والفردوس ما فيه الكرم.
16- "وجنات ألفافاً" ملتفة بالشجر، واحدها لف ولفيف، وقيل: هو جمع الجمع، يقال: جنة لفا، وجمعها لف، بضم اللام، وجمع الجمع ألفاف.
16-" وجنات ألفافاً " ملتفة بعضها ببعض جمع لف كجذع . قال :
جنة لف وعيش مغدق وندامى كلهم بيض زهر
أو لفيف كشريف أو لف جمع لفاء كخضراء وخضر وأخضار أو متلفة بحذف الزوائد .
16. And gardens of thick foliage.
16 - And gardens of luxurious growth?