[المرسلات : 26] أَحْيَاء وَأَمْوَاتًا
26 - (أحياء) على ظهرها (وأمواتا) في بطنها
وقوله : " أحياء وأمواتا " قال : يدفنون فيها .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله " ألم نجعل الأرض كفاتا * أحياء وأمواتا " يسكن فيها حيهم ، ويدفن فيها ميتهم .
حدثان ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " أحياء وأمواتا " قال : أحياء فوقها على ظهرها ، وأمواتاً يقبرون فيها .
واختلف أهل العربية في الذي نصب " أحياء وأمواتا " فقال بعض نحويي البصرة : نصب على الحال ، وقال بعض نحويي الكوفة : بل نصب ذلك بوقوع الكفات عليه ، كأنك قلت : ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات ، فإذا نونت نصبت كما يقرأ من يقرأ " أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة " [ البلد : 14 - 15 ] ، وهذا القول أشبه عندي بالصواب .
وقال الفراء : وانتصب " أحياء وأمواتا" بوقوع الكفات عليه، أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات. فإذا نونت نصبت، كقوله تعالى: " أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما" [ البلد:14-15]. وقيل: نصب على الحال من الأرض، أي منها بالجمع. وقال الخليل: التكفيت : تقليب الشيء ظهراً لبطن او بطناً لظهر. ويقال: انكفت القوم الى منازلهم أي انقلبوا. فمعنى الكفات انهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون اليها ويدفنون فيها.
يقول تعالى: "ألم نهلك الأولين" يعني من المكذبين للرسل المخالفين لما جاؤوهم به " ثم نتبعهم الآخرين " أي ممن أشبههم ولهذا قال تعالى: "كذلك نفعل بالمجرمين * ويل يومئذ للمكذبين" قاله ابن جرير . ثم قال تعالى ممتناً على خلقه ومحتجاً على الإعادة بالبداءة: "ألم نخلقكم من ماء مهين" أي ضعيف حقير بالنسبة إلى قدرة الباري عز وجل كما تقدم في سورة يس في حديث بشر بن جحاش " ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه ؟" "فجعلناه في قرار مكين" يعني جمعناه في الرحم وهو قرار الماء من الرجل والمرأة والرحم معد لذلك حافظ لما أودع فيه من الماء. وقوله تعالى: "إلى قدر معلوم" يعني إلى مدة معينة من ستة أشهر أو تسعة أشهر, ولهذا قال تعالى: "فقدرنا فنعم القادرون * ويل يومئذ للمكذبين" ثم قال تعالى: "ألم نجعل الأرض كفاتاً * أحياء وأمواتاً" قال ابن عباس : كفاتاً كنا وقال مجاهد : يكفت الميت فلا يرى منه شيء وقال الشعبي بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم وكذا قال مجاهد وقتادة "وجعلنا فيها رواسي شامخات" يعني الجبال أرسى بها الأرض لئلا تميد وتضطرب "وأسقيناكم ماء فراتاً" أي عذباً زلالاً من السحاب أو مما أنبعه من عيون الأرض "ويل يومئذ للمكذبين" أي ويل لمن تأمل هذه المخلوقات الدالة على عظمة خالقها ثم بعد هذا يستمر على تكذيبه وكفره.
وتكتفهم أمواتاً في بطنها: أي تحوزهم وهو معنى قوله: 26- "أحياء وأمواتاً" وأنشد سيبويه:
كرام حين تنكفت الأفـاعــي إلى أجحــارهــن من الصــقيــع
قال أبو عبيدة كفاتاً أوعية، ومنه قول الشاعر:
فأنت اليوم فوق الأرض حي وأنت غداً تضـمــن في كفــات
أي في قبر، وقيل معنى جعلها كفاتاً: أنه يدفن فيها ما يخرج من الإنسان من الفضلات. وقال الأخفش وأبو عبيدة: الأحياء والأموات وصفان للأرض: أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت. قال الفراء: انتصاب أحياء وأمواتاً بوقوع الكفات عليه: أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات، فإذا نون نصب ما بعده، وقيل نصباً على الحال من الأرض: أي منها كذا ومنها كذا، وقيل هو مصدر نعت به للمبالغة. وقال الأخفش: كفاتاً جمع كافتة، والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع. وقال الخليل: التكفت تقليب الشيء ظهراً لبطن أو بطناً لظهر، ويقال انكفت القوم إلى منازلهم: أي ذهبوا.
وهو قوله: 26- "أحياءً وأمواتاً".
26-" أحياءً وأمواتاً " منتصبان على المفعولية وتنكيرهما للتفخيم ، أو لأن أحياء الإنس وأمواتهم بعض الأحياء والأموات ، أو الحالية من مفعوله المحذوف للعلم به وهو الإنس ، أو بنجعل على المفعولية و " كفاتاً " حال أو الحالية فيكون المعنى بالإحياء ما ينبت وبالأموات ما لا ينبت .
26. Both for the living and the dead,
26 - The living and the dead,