[الإنسان : 16] قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا
16 - (قوارير من فضة) أي أنها من فضة يرى باطنها من ظاهرها كالزجاج (قدروها) أي الطائفون (تقديرا) على قدر ري الشاربين من غير زيادة ولا نقص وذلك ألذ الشراب
يقول تعالى ذكره " قوارير " في صفاء الصفاء من فضة الفضة من البياض .
كما حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : قال الحسن ، في قوله " كانت قواريرا * قوارير من فضة " قال : صفاء القوارير في بياض الفضة .
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا يحيى بن كثير ، قال : ثنا شعبة عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قول الله " قوارير من فضة " قال : بياض الفضة في صفاء القوارير .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، قال : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله " كانت قواريرا * قوارير من فضة " قال : كأن ترابها من فضة .
وقوله " قوارير من فضة " قال : صفاء الزجاج في بياض الفضة .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا سليمان ، قال : ثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله " قواريرا * قوارير من فضة " قال : لو احتاج أهل الباطل أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه : كما يرى ما في القوارير ، ما قدروا عليه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " قوارير من فضة " قال : هي من فضة ، وصفاؤها صفاء القوارير في بياض الفضة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " قوارير من فضة " قال : على صفاء القوارير ، وبياض الفضة .
وقوله : " قدروها تقديرا " يقول : قدروا تلك الآنية التي يطاف عليهم بها تقديراً على قدر ريهم لا تزيد ولا تنقص عن ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن في قوله " قدروها تقديرا " قال : قدرت لري القوم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله " قدروها تقديرا " قال : قدر ريهم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عمر بن عبيد ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله " قوارير من فضة قدروها تقديرا " قال : لا تنقص ولا تفيض .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن مجاهد " قدروها تقديرا " قال : لا تترع فتهراق ولا ينقصون من مائها فتنقص فهي ملاى .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " قدروها تقديرا " لريهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " قدروها تقديرا " قدرت على ري القوم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " من فضة قدروها تقديرا " قال : قدروها لربهم على قدر شربهم أهل الجنة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله " قدروها تقديرا " قال : ممتلئة لا تهراق ، وليست بناقصة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : قدروها على قدر الكف .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " قدروها تقديرا " قال : قدرت للكف .
واختلفت القراء في قراءة قوله " قدروها تقديرا " ، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار " قدروها " بفتح القاف ، بمعنى : قدرها لهم السقاة يطوفون بها عليهم ، وروي عن الشعبي وغيره من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك بضم القاف ، بمعنى : قدرت عليهم ، فلا زيادة فيها ولا نقصان .
والقراءة التي لا أستجير القراءة بغيرها فتح القاف ، لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقد مضى في ((الخزف)).قوله تعالى:" كانت قواريرا * قوارير من فضة" أي في صفاء القوارير وبياض الفضة، فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة. وقيل : أرض الجنة من فضة، والأواني تتخذ من تربة الأرض التي هي منها. ذكره ابن عباس وقال: ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه، إلا القوارير من فضة. وقال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الدباب لم تر من ورائها الماء، ولكن قوارير الجنة مثل الفضة في صفاء القوارير. " قدروها تقديرا" قراءة العامة بفتح القاف والدال، أي قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم. قال ابن عباس و مجاهد وغيرهما: أتوا بها على قدر ريهم، بغير زيادة ولا نقصان. الكلبي: وذلك ألذ وأشهى، والمعنى : قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم. وعن ابن عباس ايضاً: قدروها على ملء الكف لا تزيد ولا تنقص، حتى لا تؤذيهم بثقل او بإفراط صغر. وقيل: إن الشاربين قدروا لها مقادير أنفسهم، على ما اشتهوا وقدروا. وقرأ عبيد بن عمير والشعبي وابن سيرين((قدروها)) بضم القاف وكسر الدال، أي جعلت لهم على قدر إرادتهم. وذكر هذه القراءة المهدوي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما، وقال: ومن قرأ ((قدروها)) فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف الجر، والمعنى قدرت عليهم، وأنشد سيبويه:
آليت حب العراق الدهر آكله والحب يأكله في القرية السوس
وذهب إلى أن المعنى على حب العراق. وقيل: هذا التقدير هو أن الأقداح تطير فتغترف بمقدار شهوة الشارب، وذلك قوله تعالى: " قدروها تقديرا" أي لا يفضل عن الري ولا ينقص منه، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهي حتى تغترف بذلك المقدار. ذكر هذا القول الترمذي الحكيم في ((نوادر الأصول)).
يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم وما أسبغ عليهم من الفضل العميم فقال تعالى: "متكئين فيها على الأرائك" وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الصافات, وذكر الخلاف في الاتكاء هل هو الاضطجاع أو التمرفق أو التربع أو التمكن في الجلوس, وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال. وقوله تعالى: "لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً" أي ليس عندهم حر مزعج ولا برد مؤلم بل هي مزاج واحد دائم سرمدي لا يبغون عنها حولا "ودانية عليهم ظلالها" أي قريبة إليهم أغصانها "وذللت قطوفها تذليلاً" أي متى تعاطاه دنا القطف إليه وتدلى من أعلى غصنه كأنه سامع طائع كما قال تعالى في الاية الأخرى: "وجنى الجنتين دان" وقال جل وعلا: "قطوفها دانية" قال مجاهد : "وذللت قطوفها تذليلاً" إن قام ارتفعت معه بقدر, وإن قعد تذللت له حتى ينالها, وإن اضطجع تذللت له حتى ينالها فذلك قوله تعالى : "تذليلاً" وقال قتادة : لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد, وقال مجاهد أرض الجنة من ورق وترابها من المسك, وأصول شجرها من ذهب وفضة, وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت والورق والثمر بين ذلك, فمن أكل منها قائماً لم تؤذه, ومن أكل منها قاعداً لم تؤذه, ومن أكل منها مضطجعاً لم تؤذه.
وقوله جلت عظمته: "ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب" أي يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام وهي من فضة وأكواب الشراب وهي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم, وقوله " قواريرا * قوارير من فضة " فالأول منصوب بخبر كان أي كانت قوارير, والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز لأنه بينه بقوله جل وعلا: "قوارير من فضة"
قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري وغير واحد: بياض الفضة في صفاء الزجاج والقوارير لا تكون إلا من زجاج, فهذه الأكواب هي من فضة وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها, وهذا مما لا نظير له في الدنيا, قال ابن المبارك عن إسماعيل عن رجل عن ابن عباس : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة. رواه ابن أبي حاتم : وقوله تعالى: "قدروها تقديراً" أي على قدر ريهم لا تزيد عنه ولا تنقص بل هي معدة لذلك مقدرة حسب ري صاحبها, وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح وقتادة وابن أبزى , وعبد الله بن عبيد الله بن عمير والشعبي وابن زيد , وقاله ابن جرير وغير واحد, وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة, وقال العوفي عن ابن عباس "قدروها تقديراً" قدرت للكف وهكذا قال الربيع بن أنس , وقال الضحاك , على قدر كف الخادم, وهذا لا ينافي القول الأول فإنها مقدرة في القدر والري.
وقوله تعالى: "ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً" أي ويسقون يعني الأبرار أيضاً في هذه الأكواب "كأساً" أي خمراً "كان مزاجها زنجبيلاً" فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد, وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل الأمر, وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة, وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفاً كما قال قتادة وغير واحد: وقد تقدم قوله جل وعلا "عيناً يشرب بها عباد الله" وقال ههنا: "عيناً فيها تسمى سلسبيلاً" أي الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلاً, وقال عكرمة : اسم عين في الجنة, وقال مجاهد : سميت بذلك لسلاسة سيلها وحدة جريها, وقال قتادة : "عيناً فيها تسمى سلسبيلاً" عين سلسة مستقيد ماؤها, وحكى ابن جرير عن بعضهم أنها سميت بذلك لسلاستها في الحلق واختار هو أنها تعم ذلك كله وهو كما قال.
وقوله تعالى: " ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا " أي يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة "مخلدون" أي على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم عن تلك السن, ومن فسرهم بأنهم مخرصون في آذانهم الأقرطة فإنما عبر عن المعنى بذلك, لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير. وقوله تعالى: "إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً" أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً, ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن. وقال قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف خادم كل خادم على عمل ما عليه صاحبه.
وقوله جل وعلا: "وإذا رأيت" أي وإذا رأيت يا محمد "ثم" أي هناك يعني في الجنة ونعيمها وسعتها وارتفاعها وما فيها من الحبرة والسرور "رأيت نعيماً وملكاً كبيراً" أي مملكة لله هناك عظيمة وسلطاناً باهراً. وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لاخر أهل النار خروجاً منها وآخر أهل الجنة دخولاً إليها: إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها. وقد قدمنا في الحديث المروي من طريق ثوير بن أبي فاختة عن ابن عمر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألف سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة فما ظنك بما هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى ؟ " وقد روى الطبراني ههنا حديثاً غريباً جداً فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز , حدثنا محمد بن عمار الموصلي , حدثنا عقبة بن سالم عن أيوب بن عتبة عن عطاء عن ابن عمر قال: " جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: سل واستفهم فقال: يا رسول الله فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة, أفرأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به إني لكائن معك في الجنة ؟ قال: نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله, ومن قال سبحان الله وبحمده كتب له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة فقال رجل: كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله فتقوم النعمة أو نعم الله فتكاد تستنفد ذلك كله إلا أن يتغمده الله برحمته ونزلت هذه السورة " هل أتى على الإنسان حين من الدهر" إلى قوله " ملكا كبيرا " فقال الحبشي: وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة قال : نعم فاستبكى حتى فاضت نفسه " . قال ابن عمر : ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيده.
وقوله جل جلاله: " عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق " أي لباس أهل الجنة فيها الحرير ومنه سندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم, والإستبرق منه ما فيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر كما هو المعهود في اللباس "وحلوا أساور من فضة" وهذه صفة الأبرار, وأما المقربون فكما قال تعالى: "يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير" ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده: "وسقاهم ربهم شراباً طهوراً" أي طهر بواطنهم من الحسد والحقد والغل والأذى وسائر الأخلاق الرديئة, كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إذا انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هناك عينين, فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما فأذهب الله ما في بطونهم من أذى, ثم اغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم, فأخبر سبحانه وتعالى بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن. وقوله تعالى: "إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً" أي يقال لهم ذلك تكريماً لهم وإحساناً إليهم كما قال تعالى: "كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية" وكقوله تعالى: "ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون" وقوله تعالى: "وكان سعيكم مشكوراً" أي جزاكم الله تعالى على القليل بالكثير.
قرأ نافع والكسائي وأبو بكر 16- " قواريرا * قوارير " بالتنوين فيهما مع الوصل، وبالوقف عليهما بالألف، وقد تقدم وجه هذه القراءة في تفسير قوله: " سلاسل " من هذه السورة، وبينا هنالك وجه صرف ما فيه صيغة منتهى الجموع فارجع إليه. وقرأ حمزة بعدم التنوين فيهما وعدم الوقف بالألف، ووجه هذه القراءة ظاره لأنهما ممتنعان لصيغة منتهى الجموع. وقرأ هشام بعدم التنوين فيهما مع الوقف عليهما بالألف، وقرأ ابن كثير بتنوين الأول دون الثاني والوقف على الأول بالألف جون الثاني. وقرأ أبو عمرو وحفص وابن ذكوان بعدم التنوين فيهما، والوقف على الأول بالألف دون الثاني، والجملة في محل جر صفة لأكواب. قال أبو البقاء: وحسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلها. قال الواحدي: قال المفسرون: جعل الله قوارير أهل الجنة من فضة، فاجتمع لها بياض الفضة وصفاء القوارير. قال الزجاج: القوارير التي في الدنيا من الرمل، فأعلم الله فضل تلك القوارير أن أصلها من فضة يرى من خارجها ما في داخلها، وجملة "قدروها تقديراً" صفة لقوارير. قرأ الجمهور "قدروها" بفتح القاف على البناء للفاعل: أي قدرها السقاة من الخدم الذين يطوفون عليهم على قدر ما يحتاج إليه الشاربون من أهل الجنة من دون زيادة ولا نقصان. قال مجاهد وغيره: أتوابها على قدر ريهم بغير زيادة ولا نقصان. قال الكلبي: وذلك ألذ وأشهى، وقيل: قدرها الملائكة، وقيل قدرها أهل الجنة الشاربون على مقدار شهواتهم وحاجاتهم فجاءت كما يريدون في الشكل لا تزيد ولا تنقص. وقرأ علي وابن عباس والسلمي والشعبي وزيد بن علي وعبيد بن عمير وأبو عمرو في رواية عنه قدروها بضم القاف وكسر الدال مبنياً للمفعول: أي جعلت لهم على قدر إرادتهم. قال أبو علي الفارسي: هو من باب القلب، قال: لأن حقيقة المعنى أن يقال: قدرت عليهم لا قدروها، لأنه في معنى قدروا عليها. وقال أبو حاتم: التقدير قدرت الأواني على قدر ريهم، فمفعول ما لم يسم فاعله محذوف. قال أبو حيان: والأقرب في تخريج هذه القراءة الشاذة أن يقال: قدر ريهم منها تقديراً، فحذف المضاففصار قدروها. وقال المهدوي: إن القراءة الأخيرة يرجع معناها إلى معنى القراءة الأولى، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف حرف الجر كما أنشد سيبويه:
آليت حب العراق الدهر آكله والحب يأكله في القرية السوس
أي آليت على حب العراق.
16- "قوارير من فضة"، قال المفسرون: أراد بياض الفضة في صفاء القوارير، فهي من فضة في صفاء الزجاج، يرى ما في داخلها من خارجها.
قال الكلبي: إن الله جعل قوارير كل قوم من تراب أرضهم، وإن أرض الجنة من فضة، فجعل منها قوارير يشربون فيها، "قدروها تقديراً"، قدروا الكأس على قدر ريهم لا يزيد ولا ينقص، أي قدرها لهم السقاة والخدم الذين يطوفون عليهم يقدرونها ثم يسقون.
16-" قوارير من فضة " أي تكونت جامعة بين صفاء الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها ، وقد نون " قوارير " من نون سلاسلاً و ابن كثير الأولى لأنها رأس الآية ، وقرئ " قوارير من فضة " على هي " قوارير " . " قدروها تقديراً " أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوه ، أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها ، أو قدر الطائفون بها المدلول عليهم بقوله يطاف شرابها على قدر اشتهاتهم ، وقرئ " قدروها " أي جعلوا قادرين لها كما شاءوا من قدر منقولاً من قدرت الشيء .
16. (Bright as) glass but (made) of silver, which they (themselves) have measured to the measure (of their deeds).
16 - Crystal clear, made of silver: they will determine the measure thereof (according to their wishes).