[المدثر : 49] فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ
49 - (فما) مبتدأ (لهم) خبره متعلق بمحذوف انتقل ضميره إليه (عن التذكرة معرضين) حال من الضمير والمعنى أي شيء حصل لهم في إعراضهم عن الاتعاظ
وقوله : " فما لهم عن التذكرة معرضين " يقول : فما لهؤلاء المشركين عن تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين ، لاي يستمعون لها فيتعظوا ويعتبروا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " فما لهم عن التذكرة معرضين " أي عن هذا القرآن .
قوله تعالى:" فما لهم عن التذكرة معرضين" أي فما لأهل مكة قد اعرضوا وولوا عما جئتم به. وفي تفسير مقاتل: الإعراض عن القرآن من وجهين: احدهما الجحود والإنكار، والوجه الآخر ترك العمل بما فيه. و((معرضين))نصب على الحال من الهاء والميم في ((لهم)) وفي اللام معنى الفعل، فانتصاب الحال على معنى الفعل.
يقول تعالى مخبراً أن "كل نفس بما كسبت رهينة" أي معتقلة بعملها يوم القيامة قاله ابن عباس وغيره "إلا أصحاب اليمين" فإنهم " في جنات يتساءلون * عن المجرمين " أي يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: " ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين " أي ما عبدنا الله ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا "وكنا نخوض مع الخائضين" أي نتكلم فيما لا نعلم. وقال قتادة : كلما غوى غاو غوينا معه " وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين " يعني الموت كقوله تعالى: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما هو ـ يعني عثمان بن مظعون ـ فقد جاءه اليقين من ربه" قال الله تعالى: "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" أي من كان متصفاً بمثل هذه الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلاً, فأما من وافى الله كافراً يوم القيامة فإنه له النار لا محالة خالداً فيها, ثم قال تعالى: "فما لهم عن التذكرة معرضين" أي فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك مما تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين " كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة " أي كأنهم في نفارهم عن الحق وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد, قاله أبو هريرة وابن عباس في رواية عنه وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن , أو رام, وهو رواية عن ابن عباس وهو قول الجمهور. وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس : الأسد بالعربية, ويقال له بالحبشية قسورة, وبالفارسية شير, وبالنبطية أوبا.
وقوله تعالى: " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم, قاله مجاهد وغيره, كقوله تعالى: " وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته " وفي رواية عن قتادة : يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل, فقوله تعالى: " كلا بل لا يخافون الآخرة " أي إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها وتكذيبهم بوقوعها.
ثم قال تعالى: "كلا إنه تذكرة" أي حقاً إن القرآن تذكرة " فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله " كقوله: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ". وقوله تعالى: "هو أهل التقوى وأهل المغفرة" أي هو أهل أن يخاف منه وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب. قاله قتادة . وقال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب , أخبرني سهيل أخو حزم , حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية "هو أهل التقوى وأهل المغفرة" وقال :قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً كان أهلاً أن أغفر له" ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب , و النسائي من حديث المعافى بن عمران , كلاهما عن سهيل بن عبد الله القطعي به, وقال الترمذي : حسن غريب وسهيل ليس بالقوي, ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن هدبة بن خالد عن سهيل به, وهكذا رواه أبو يعلى والبزار والبغوي وغيرهم من حديث سهيل القطعي به. آخر تفسير سورة المدثر, ولله الحمد والمنة.
49- "فما لهم عن التذكرة معرضين" التذكرة التذكير بمواعظ القرآن، والفاء لترتيب إنكار إعراضهم عن التذكرة على ما قبله من موجبات الإقبال عليها، وانتصاب معرضين على الحال من الضمير في متعلق الجار والمجرور: أي أي شيء حصل لهم حال كونهم معرضين عن القرآن الذي هو مشتمل على التذكرة الكبرى والموعظة العظمى.
49- "فما لهم عن التذكرة معرضين"، مواعظ القرآن (معرضين) نصب على الحال، وقيل صاروا معرضين.
49-" فما لهم عن التذكرة معرضين " أي معرضين عن التذكرة يعني القرآن ،أو ما يعمه و " معرضين " حال .
49. Why now turn they away from the Admonishment
49 - Then what is the matter with them that they turn away from admonition?