[المزمل : 14] يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا
14 - (يوم ترجف) تزلزل (الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا) رملا مجتمعا (مهيلا) سائلا بعد اجتماعه وهو من هال يهيل وأصله مهيول استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الهاء وحذفت الواو ثاني الساكنين لزيادتها وقلبت الضمة كسرة لمجانسة الياء
يقول تعالى ذكره : إن لدينا لهؤلاء المشركين من قريش الذين يؤذونك يا محمد العقوبات التي وصفها في يوم ترجف الأرض والجبال ، ورجفان ذلك : اضطرابه بمن عليه ، وذلك يوم القيامة .
وقوله " وكانت الجبال كثيبا مهيلا " يقول : وكانت الجبال رملاً سائلاً متناثراً ، والمهل : مفعول من قول القائل : هلت الرمل فأنا أهيله ، وذلك إذا حرك أسفله ، فانهال عليه من أعلاه ، وللعرب في ذلك لغتان تقول : مهيل ومهيول ، ومكيل ومكيول ، ومنه قول الشاعر :
قد كان قومك يحسبونك سيداً وإخال أنك سيد مغيون
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " وكانت الجبال كثيبا مهيلا " يقول : الرمل السائل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وكانت الجبال كثيبا مهيلا " قال : الكثيب المهيل : اللين الذي إذا مسسته تتابع .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " كثيبا مهيلا " قال : ينهال .
قوله تعالى : " يوم ترجف الأرض والجبال" أي تتحرك وتضطرب بمن عليها. وانتصب(( يوم)) على الظرف أي ينكل بهم ويعذبون" يوم ترجف الأرض". وقيل : بنزع الخافض، يعني هذه العقوبة في يوم ترجف الأرض والجبال. " وكانت الجبال كثيبا مهيلا" أي وتكون. والكثيب الرمل المجتمع - قال حسان :
عرفت ديار زينب بالكتب كخط الوحي في الورق القشيب
والمهيل: الذي يمر تحت الأرجل. قال الضحاك والكلبي: المهيل: هو الذي اذا وطئته بالقدم زل من تحتها، وإذا اخذت اسفله انهال. وقال ابن عباس: (( مهيلاً)) أي رملاً سائلاً متناثراً. وأصله مهيول وهو مفعول من قولك: هلت عليه التراب أهيلة هيلاً: اذا صببته. يقال: مهيل ومهيول، ومكيل ومكيول، ومدين ومديون، ومعين ومعيون، قال الشاعر:
قد كان قومك يحسبونك سيداً واخال انك سيد معيون
((أتكيلون ام تهيلون)) قالوا: نهيل. قال (( كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه)) واهلت الدقيق لغة في هلت فهو مهال ومهيل. وانما حذفت الواو، لأن الياء تثقل فيها الضمة، فحذفت فسكنت هي والواو لالتقاء الساكنين.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه, وأن يهجرهم هجراً جميلاً وهو الذي لا عتاب معه ثم قال له متهدداً لكفار قومه ومتوعداً, وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء "وذرني والمكذبين أولي النعمة" أي دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم "ومهلهم قليلاً" أي رويداً كما قال تعالى: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ", ولهذا قال ههنا: "إن لدينا أنكالاً" وهي القيود, قاله ابن عباس وعكرمة وطاوس ومحمد بن كعب وعبد الله بن بريدة وأبو عمران الجوني وأبو مجلز والضحاك وحماد بن أبي سليمان وقتادة والسدي وابن المبارك والثوري وغير واحد "وجحيماً" وهي السعير المضطرمة "وطعاماً ذا غصة" قال ابن عباس : ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج "وعذاباً أليماً * يوم ترجف الأرض والجبال" أي تزلزل "وكانت الجبال كثيباً مهيلاً" أي تصير ككثبان الرمل بعد ما كانت حجارة صماء ثم إنها تنسف نسفاً فلا يبقى منها شيء إلا ذهب حتى تصير الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً أي وادياً ولا أمناً أي رابية, ومعناه لا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع, ثم قال تعالى مخاطباً لكفار قريش والمراد سائر الناس: "إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم" أي بأعمالكم "كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والثوري "أخذاً وبيلاً" أي شديداً أي فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر كما قال تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " وأنتم أولى بالهلاك والدمار إن كذبتم رسولكم, لأن رسولكم أشرف وأعظم من موسى بن عمران, ويروى عن ابن عباس ومجاهد .
وقوله تعالى: "فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً" يحتمل أن يكون يوماً معمولاً لتتقون كما حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود فكيف تخافون أيها الناس يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم بالله ولم تصدقوا به ؟ ويحتمل أن يكون معمولاً لكفرتم فعلى الأول كيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم, وعلى الثاني كيف يحصل لكم تقوى إن كفرتم يوم القيامة وجحدتموه, وكلاهما معنى حسن, ولكن الأول أولى والله أعلم. ومعنى قوله "يوماً يجعل الولدان شيباً" أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله, وذلك حين يقول الله تعالى لادم ابعث بعث النار فيقول من كم. فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. قال الطبراني : حدثنا يحيى بن أيوب العلاف حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد , حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ "يوماً يجعل الولدان شيباً" قال: "ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله لادم قم فابعث من ذريتك بعثاً إلى النار, قال من كم يا رب ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وينجو واحد فاشتد ذلك على المسلمين وعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال حين أبصر ذلك في وجوههم إن بني آدم كثير, وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم, وإنه لا يموت منهم رجل حتى ينتشر لصلبه ألف رجل ففيهم وفي أشباههم جنة لكم" هذا حديث غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الأحاديث. وقوله تعالى: "السماء منفطر به" قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله, ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى: وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر ههنا, وقوله تعالى: "كان وعده مفعولاً" أي كان وعد هذا اليوم مفعولاً أي واقعاً لا محالة وكائناً لا محيد عنه.
14- "يوم ترجف الأرض والجبال" انتصاب الظرف إما بذرني، أو بالاستقرار المتعلق به لدينا، أو هو صفة لعذاب فيتعلق بمحذوف: أي عذاباً واقعاً يوم ترجف، أو متعلق بأليماً. قرأ الجمهور "ترجف" بفتح التاء وضم الجيم مبنياً للفاعل، وقرأ زيد بن علي على البناء للمفعول، مأخوذ من أرجفها، والمعنى: تتحرك وتضطرب بمن عليها، والرجفة: الزلزلة والرعد الشديدة "وكانت الجبال كثيباً مهيلا" أي وتكون الجبال، وإنما عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه، والكثيب الرمل المجتمع، والمهيل اذي يمر تحت الأرجل. قال الواحدي: أي رملاً سائلاً: يقال لكل شيء أرسلته إرسالاً من تراب أو طعام أهلته هيلاً. قال الضحاك والكلبي: المهيل الذي إذا وطئته بالقدم زل من تحتها، وإذا أخذت أسفله انهال، ومنه قول حسان:
عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب
14- "يوم ترجف الأرض والجبال"، أي: تتزلزل وتتحرك، "وكانت الجبال كثيباً مهيلاً". رملاً سائلاً. قال الكلبي: هو الرمل الذي إذا أخذت منه شيئاً تبعك ما بعده، يقال أهلت الرمل أهيله هيلاً إذا حركت أسفله حتى انهال من أعلاه.
14-" يوم ترجف الأرض والجبال " تضطرب وتتزلزل ظرف لما في " إن لدينا أنكالاً " من معنى الفعل .
" وكانت الجبال كثيباً " رملاً مجتمعاً كأنه فعيل بمعنى من كثبت الشيء إذا جمعته . " مهيلاً " منثوراً من هيل هيلاً إذا نثر .
14. On the day when the earth and the hills rock, and the hills become a heap of running sand.
14 - One Day the earth and the mountains will be in violent commotion. And the mountains will be as a heap of sand poured out and flowing down.