[الجن : 25] قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا
25 - (قل إن) أي ما (أدري أقريب ما توعدون) من العذاب (أم يجعل له ربي أمدا) غاية وأجلا لا يعلمه إلا هو
يقول تعالى ذكره لنبيه : قل يا محمد لهؤلاء المشركين بالله من قومك : ما أدري أقريب ما يعدكم ربكم من العذاب وقيام الساعة " أم يجعل له ربي أمدا " يعني : غاية معلومة تطول مدتها .
قوله تعالى : " قل إن أدري أقريب ما توعدون" يعني قيام الساعة. وقيل : عذاب الدنيا، أي لا أدري فـ((إن)) بمعنى ((ما)) أو ((لا)) ، أي لا يعرف وقت نزول العذاب ووقت قيام الساعة إلا الله، فهو غيب لا أعلم منه إلا ما يعرفنية الله. و((ما)) في قوله : (( ما يوعدون)) : يجوز ان يكون مع الفعل مصدراً، ويجوز ان تكون بمعنى الذي يقدر حرف العائد. " أم يجعل له ربي أمدا " أي غاية وأجلاً. وقرأ العامة بإسكان الياء من ربي وقرأ الحرميان وابو عمرو بالفتح.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس إنه لا علم له بوقت الساعة ولا يدري أقريب وقتها أم بعيد "قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمداً" أي مدة طويلة, وفي هذه الاية الكريمة دليل على أن الحديث الذي يتداوله كثير من الجهلة من أنه عليه الصلاة والسلام لا يؤلف تحت الأرض كذب لا أصل له, ولم نره في شيء من الكتب, وقد كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن وقت الساعة فلا يجيب عنها, ولما تبدى له جبريل في صورة أعرابي كان فيما سأله أن قال: " يا محمد فأخبرني عن الساعة ؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" ولما ناداه ذلك الأعرابي بصوت جهوري فقال: " يا محمد متى الساعة ؟ قال: ويحك إنها كائنة فما أعددت لها ؟ قال: أما إني لم أعد لها كثير صلاة ولا صيام ولكني أحب الله ورسوله قال: فأنت مع من أحببت" قال أنس : فما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا محمد بن مضاء , حدثنا محمد بن حمير , حدثني أبو بكر بن أبي مريم عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى, والذي نفسي بيده إنما توعدون لات". وقد قال أبو داود في آخر كتاب الملاحم: حدثنا موسى بن سهل , حدثنا حجاج بن إبراهيم , حدثنا ابن وهب , حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تعجز الله هذه الأمة من نصف يوم" انفرد به أبو داود ثم قال أبو داود : حدثنا عمرو بن عثمان , حدثنا أبو المغيرة , حدثني صفوان عن شريح بن عبيد عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم" قيل لسعد : وكم نصف يوم ؟ قال: خمسمائة عام. انفرد به أبو داود .
وقوله تعالى: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول" هذه كقوله تعالى: "ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء" وهكذا قال ههنا إنه يعلم الغيب والشهادة وأنه لا يطلع أحد من خلقه على شيء من علمه إلا مما أطلعه تعالى عليه, ولهذا قال: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول" وهذا يعم الرسول الملكي والبشري. ثم قال تعالى: "فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً" أي يخصه بمزيد معقبات من الملائكة يحفظونه من أمر الله ويساوقونه على ما معه من وحي الله, ولهذا قال: "ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً" وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله: "ليعلم" إلى من يعود ؟ فقيل إنه عائد على النبي صلى الله عليه وسلم, وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا يعقوب القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا " قال: أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل "ليعلم" محمد صلى الله عليه وسلم "أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً" ورواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي به. وهكذا رواه الضحاك والسدي ويزيد بن أبي حبيب .
وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة "ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم" قال: ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله وأن الملائكة حفظتها ودفعت عنها, وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة واختاره ابن جرير , وقيل غير ذلك كما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: "إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً" قال: هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان حتى يتبين الذي أرسل به إليهم, وذلك حين يقول ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم. وكذا قال ابن أبي نجيح عن مجاهد "ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم" قال: ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم, وفي هذا نظر. وقال البغوي : قرأ يعقوب "ليعلم" بالضم أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا. ويحتمل أن يكون الضمير عائداً إلى الله عز وجل, وهو قول حكاه ابن الجوزي في زاد المسير , ويكون المعنى في ذلك أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ويحفظ ما ينزله إليهم من الوحي ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم, ويكون ذلك كقوله تعالى: "وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه" وكقوله تعالى: "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" إلى أمثال ذلك من العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعاً لا محالة, ولهذا قال بعد هذا "وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عدداً". آخر تفسير سورة الجن, ولله الحمد والمنة.
25- "قل إن أدري أقريب ما توعدون" أي ما أدري أقريب حصول ما توعدون من العذاب "أم يجعل له ربي أمدا" أي غاية ومدة، أمره الله سبحانه أن يقول لهم هذا القول لما قالوا له متى يكون هذا الذي توعدنا به؟ قال عطاء: يريد أنه لا يعرف يوم القيامة إلا الله وحده، والمعنى أن علم وقت العذاب علم غيب لا يعلمه إلا الله. قرأ الجمهور "ربي" بإسكان الياء. وقرأ الحرميان وأبو عمرو بفتحها، "ومن" في من أضعف موصولة، وأضعف خبر مبتدأ محذوف: أي هو أضعف، والجملة صلة الموصول، ويجوز أن تكون استفهامية مرتفعة على الابتداء وأضعف خبرها، والجملة في محل نصب سادة مسد مفعولي أدري، وقوله أقريب خبر مقدم وما توعدون مبتدأ مؤخر.
25- "قل إن أدري"، أي ما أدري، "أقريب ما توعدون"، يعني العذاب وقيل القيامة، "أم يجعل له ربي أمداً"، أجلاً وغاية تطول مدتها يعني: أن علم وقت العذاب غيب لا يعلمه إلا الله.
25-" قل إن أدري " ما أدري ." أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمداً " غاية تطول مدتها كأنه لما سمع المشركون " حتى إذا رأوا ما يوعدون " قالوا متى يكون إنكاراً ، فقيل قل إنه كائن لا محالة ولكن لا أدري ما وقته .
25. Say (O Muhammad, unto the disbelievers): I know not whether that which ye are promised is nigh, or if my Lord hath set a distant term for it.
25 - Say: I know not whether the (Punishment) which ye are promised is near, or whether my Lord will appoint for it a distant term.