[المعارج : 24] وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ
24 - (والذين في أموالهم حق معلوم) هو الزكاة
يقول تعالى ذكره : وإلا الذين في أموالهم حق مؤقت ، وهو الزكاة للسائل الذي يسأله من ماله ، والمحروم الذذي قد حرم الغنى، فهو فقير لا يسأل .
واختلف أهل التأويل في المعنى بالحق المعلوم الذي ذكره الله في هذا الموضوع ، فقال بعضهم : هو الزكاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله " والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " قال : الحق المعلوم : الزكاة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "والذين في أموالهم حق معلوم " قال : الزكاة المفروضة .
وقال آخرون : بل ذلك حق سوى الزكاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال :ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن على ، عن ابن عباس ، في قوله " والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل و المحروم " يقول : هو سوى الصدقة يصل بها رحمه ، أو يقري بها ضيفا ، أو يحمل بها كلا ، أو يعين بها محروما.
حدثني ابن المثنى ، قال :ثنا عبد الرحمن ، عن شعبة، عن أبي يونس ، عن رباح بن عبيدة ، عن قزعة ، أن ابن عمر ، سئل عن قوله " في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " أهي الزكاة ؟ فقال : إن عليك حقوقا سوى ذلك .
حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال: ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا بيان عن الشعبي ، قال : إن في المال حقا سوى الزكاة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال :ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : في المال حق سوى الزكاة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان عن مجاهد " في أموالهم حق معلوم " قال : سوى الزكاة .
وأجمعوا على أن السائل هو الذي وصفت صفته .
واختلفوا أيضا في معنى المحروم في هذا الموضوع ، نحو اختلافهم فيه في الذاريات ، وقد ذكرنا ما قالوا فيه هنالك ، ودللنا على الصحيح منه عندنا ، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر من الأخبار هنالك .
ذكر من قال : هو المحارف .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال:ثنا هشيم ،قال : أخبرنا الحجاج ، عن الوليد ابن العيزار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال : المحروم : هو المحارف .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مسلم بن خالد ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : المحروم : المحارف .
حدثنا سهل بن موسى الرازي ، قال :ثنا وكيع ،عن إسرائيل ، عن ابن إسحاق، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس قال (( السائل والمحروم )) : المحارف الذي ليس له في الإسلام نصيب .
قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس أنه قال : المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم.
حدثنا حميد بن مسعدة ، قال: ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا شعبة ، عن ابن إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس ، في هذه الآية " للسائل والمحروم " قال : السائل الذي يسأل ، والمحروم : المحارف .
حدثنا ابن المثنى ، قال ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت أباإسحاق يحدث عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية " للسائل والمحروم " قال : السائل الذي يسأل والمحروم : المحارف .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، قال : سألت ابن عباس، عن قوله " للسائل والمحروم " قال : السائل : الذي يسأل والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي ، قال : ثنا قريش بن أنس ، عن سليمان ،عن قتادة عن سعيد بن المسيب : المحروم : المحارف .
حدثنا ابن بشار و ابن المثنى ، قالا : ثنا قريش ، عن سليمان ، عن قتادة ،عن سعيد بن المسيب ، مثله .
حدثني يعقوب ، قال :ثنا هشيم ، عن أبي بشر ، قال : سألت سعيد بن جبير ، عن المحروم ، فلم يقل فيه شيئا ، قال : وقال عطاء : هو الحدود المحارف .
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا مهران عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن قيس بن كركم ، عن ابن عباس ، قال : السائل : الذي يسأل الناس ، والمحروم : الذي لا سهم له في الإسلام ، وهو محارف من الناس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : المحروم : الذي لا يهدى له شيء وهو محارف .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قال : المحروم : هو الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ، فلا يسأل الناس .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال في المحروم : هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه ، أو يعطيه شيئا.
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، قال : ثنا عمرو ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : المحروم : الذي لا فيء له في الإسلام ، وهو محارب في الناس .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علي ، قال : أخبرنا أيوب ، عن نافع : المحروم : هو المحارف .
وقال آخرون : هو الذي لا سهم له في الغنيمة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، أن ناسا قدموا على علي رضي الله عنه الكوفة بعد وقعة الجمل ، فقال:اقسموا لهم ،وقال : هذا المحروم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : المحروم : المحارف الذي ليس له في الغنيمة شيء .
حدثنا ابن حميد ، قال :ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، مثاه .
قال: ثنا مهران ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم الجدلى ، " عن الحسن بن محمد ابن الحنفية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فغنموا ، وفتح عليهم ، فجاء قوم لم يشهدوا ، فنزلت " في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " يعني هؤلاء " .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن قيس بن مسلم ، " عن الحسن ابن محمد أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فغتنموا ، فجاء قوم لم يشهدوا الغنائم ، فنزلت " في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " " .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم الجدلي ، عن الحسن بن محمد ، قال : بعثت سرية فغنموا ، ثم جاء قوم من بعدهم ، قال : فنزلت " للسائل والمحروم " .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد ، ((أن قوما في زمان النيي صلى الله عليه وسلم أصابوا غنيمة،فجاء قوم بعد ، فنزلت " في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم " .
وقال آخرون : هو الذي لا ينمي له مال .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن حصين ، قال :سألت عكرمة عن السائل والمحروم ، قال : السائل : الذي يسألك ، والمحروم : الذي لا ينمي له مال .
وقال آخرون : هو الذي قد اجتيح ماله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، ثنا وهب بن جرير ، قال أخبرنا شعبة ، عن عاصم ، عن أبي قلابة ، قال : جاء سيل بن اليمامة ، فذهب بمال إلى رجل ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : هذا المحروم.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال :قال ابن زيد ، في قوله " والمحروم " قال : المحروم : المصاب ثمره وزرعه ، وقرأ " أفرأيتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه " ( الواقعة: 64 ) ... حتى بلغ "محرومون " (الواقعة : 67 ) وقال أصحاب الجنة :" إنا لضالون * بل نحن محرومون " ( القلم :27) .
وقال الشعبي ما :
حدثني به يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن عون ، قال : قال الشعبي : أعياني أن أعلم ما المحروم .
وقال قتاد ما :
حدثني به ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، عن قتاد ، في قوله " للسائل والمحروم " قال : السائل الذي يسأل بكفه ، والمحروم : المتعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ك ثنا سعيد ، عن قتاد ، قوله" للسائل والمحروم " وهو سائل يسألك في كفه، وفقير متعفف لا يسأل الناس ، ولكليهما عليك حق .

"والذين في أموالهم حق معلوم" يريد الزكاة المفروضة، قاله قتادة وابن سيرين. وقال مجاهد: سوى الزكاة. وقال علي بن طلحة عن ابن عباس: صلة رحم وحمل كل. والأول أصح، لأنه وصف الحق بأنه معلوم، وسوى الزكاة ليس بمعلوم، إنما هو على قدر الحاجة، وذلك يقل ويكثر.
يقول تعالى مخبراً عن الإنسان وما هو مجبول عليه من الأخلاق الدنيئة "إن الإنسان خلق هلوعاً" ثم فسره بقوله: "إذا مسه الشر جزوعاً" أي إذا مسه الضر فزع وجزع وانخلع قلبه من شدة الرعب, وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير "وإذا مسه الخير منوعاً" أي إذا حصلت له نعمة من الله بخل بها على غيره, ومنع حق الله تعالى فيها. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا موسى بن علي بن رباح , سمعت أبي يحدث عن عبد العزيز بن مروان بن الحكم قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شر ما في رجل: شح هالع وجبن خالع" ورواه أبو داود عن عبد الله بن الجراح عن أبي عبد الرحمن المقري به وليس لعبد العزيز عنده سواه ثم قال تعالى: "إلا المصلين" أي الإنسان من حيث هو متصف بصفات الذم, إلا من عصمه الله ووفقه وهداه إلى الخير ويسر له أسبابه وهم المصلون.
"الذين هم على صلاتهم دائمون" قيل: معناه يحافظون على أوقاتها وواجباتها, قاله ابن مسعود ومسروق وإبراهيم النخعي , وقيل: المراد بالدوام ههنا السكون والخشوع كقوله تعالى: " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون " قاله عقبة بن عامر : ومنه الماء الدائم وهو الساكن الراكد, وهذا يدل على وجوب الطمأنينة في الصلاة فإن الذي لا يطمئن في ركوعه وسجوده ليس بدائم على صلاته, لأنه لم يسكن فيها ولم يدم بل ينقرها نقر الغراب فلا يفلح في صلاته, وقيل: المراد بذلك الذين إذا عملوا عملاً داوموا عليه وأثبتوه كما جاء في
الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" وفي لفظ "ما دام عليه صاحبه" قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً داوم عليه, وفي لفظ أثبته, وقال قتادة في قوله تعالى: "الذين هم على صلاتهم دائمون" ذكر لنا أن دانيال عليه السلام نعت أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال: يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما غرقوا, أو قوم عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم, أو ثمود ما أخذتهم الصيحة, فعليكم بالصلاة فإنها خلق للمؤمنين حسن.
وقوله تعالى: "والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم" أي في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات, وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة الذاريات. وقوله تعالى: "والذين يصدقون بيوم الدين" أي يوقنون بالمعاد والحساب والجزاء فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب. ولهذا قال تعالى: "والذين هم من عذاب ربهم مشفقون" أي خائفون وجلون "إن عذاب ربهم غير مأمون" أي لا يأمنه أحد ممن عقل عن الله أمره إلا بأمان من الله تبارك وتعالى. وقوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون" أي يكفونها عن الحرام ويمنعونها أن توضع في غير ما أذن الله فيه ولهذا قال تعالى: "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" أي من الإماء "فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" وقد تقدم تفسير هذا في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" بما أغنى عن إعادته ههنا. وقوله تعالى: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا, وإذا عاهدوا لم يغدروا, وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين كما ورد في الحديث الصحيح "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وفي رواية "إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر" وقوله تعالى: "والذين هم بشهاداتهم قائمون" أي محافظون عليها لا يزيدون فيها ولا ينقصون منها ولا يكتمونها "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه".
ثم قال تعالى: "والذين هم على صلاتهم يحافظون" أي على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها, فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها كما تقدم في أول سورة "قد أفلح المؤمنون" سواء ولهذا قال هناك: "أولئك هم الوارثون * الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون" وقال ههنا: "أولئك في جنات مكرمون" أي مكرمون بأنواع الملاذ والمسار.
24- "والذين في أموالهم حق معلوم" قال قتادة ومحمد بن سيرين: المراد الزكاة المفروضة. وقال مجاهد: سوى الزكاة، وقيل صلة الرحم، والظاهر أنه الزكاة لوصفه بكونه معلوماً ولجعله قريناً للصلاة، وقد تقدم تفسير السائل والمحروم في سورة الذاريات مستوفى.
24- "والذين في أموالهم حق معلوم".
24-" والذين في أموالهم حق معلوم " كالزكوات والصدقات الموظفة .
24. And in whose wealth there is a right acknowledged
24 - And those in whose wealth is a recognized right