[الأعراف : 84] وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ
84 - (وأمطرنا عليهم مطراً) هو حجارة السجيل فأهلكتهم (فانظر كيف كان عاقبة المجرمين)
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وأمطرنا على قوم لوط الذين كذبوا لوطاً ولم يؤمنوا به ، مطراً من حجارة من سجيل أهلكناهم به ، " فانظر كيف كان عاقبة المجرمين " ، يقولع جل ثناؤه : فانظر ، يا محمد ، إلى عاقبة هؤلاء الذين كذبوا الله ورسوله من قوم لوط ، فاجترموا معاصي الله ، وركبوا الفواحش ، واستحلوا ما حرم الله من أدبار الرجال ، كيف كانت ، والى أي شيء صارت ، هل كانت إلا البوار والهلاك ؟ فإن ذلك أو نظيره من العقوبة ، عاقبة من كذبك واستكبر عن الإيمان بالله وتصديقك إن لم يتوبوا ، من قومك .
سرى لوط بأهله كما وصف الله "بقطع من الليل" [هود: 81 والحجر: 65] ثم أمر جبريل عليه السلام فأدخل جناحه تحت مدائنهم فاقتلعها ورفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب، ثم جعل عاليها سافلها، وأمطرت عليهم حجارة من سجيل، قيل: على من غاب منهم. وأدرك امرأة لوط، وكانت معه حجر فقتلها. وكانت فيما ذكر أربع قرىً. وقيل: خمس فيها أربعمائة ألف. وسيأتي في سورة هود قصة لوط بأبين من هذا، إن شاء الله تعالى.
يقول تعالى فأنجينا لوطاً وأهله ولم يؤمن به أحد منهم سوى أهل بيته فقط, كما قال تعالى: "فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين" إلا امرأته فإنها لم تؤمن به, بل كانت على دين قومها تمالئهم عليه وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم, ولهذا لما أمر لوط عليه السلام ليسري بأهله أمر أن لا يعلمها ولا يخرجها من البلد, ومنهم من يقول: بل اتبعتهم فلما جاء العذاب التفتت هي فأصابها ما أصابهم, والأظهر أنها لم تخرج من البلد ولا أعلمها لوط بل بقيت معهم, ولهذا قال ههنا "إلا امرأته كانت من الغابرين" أي الباقين, وقيل من الهالكين وهو تفسير باللازم, وقوله "وأمطرنا عليهم مطراً" مفسر بقوله " وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد " ولهذا قال "فانظر كيف كان عاقبة المجرمين" أي انظر يا محمد كيف كان عاقبة من يجترىء على معاصي الله عز وجل ويكذب رسله.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن اللائط يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط, وذهب آخرون من العلماء إلى أنه يرجم سواء كان محصناً أو غير محصن وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله والحجة ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو بن أبي عمر عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به" وقال آخرون هو كالزاني فإن كان محصناً رجم, وإن لم يكن محصناً جلد مائة جلدة, وهو القول الاخر للشافعي, وأما إتيان النساء في الأدبار فهو اللوطية الصغرى, وهو حرام بإجماع العلماء إلا قولاً شاذاً لبعض السلف, وقد ورد في النهي عنه أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تقدم الكلام عليها في سورة البقرة.
قوله: 84- "وأمطرنا عليهم مطراً" قيل: أمطر بمعنى إرسال المطر. وقال أبو عبيدة: مطر في الرحمة وأمطر في العذاب، والمعنى هنا: أن الله أمطر عليهم مطراً غير ما يعتادونه وهو رميهم بالحجارة كما في قوله: "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل" "فانظر كيف كان عاقبة المجرمين" هذا خطاب لكل من يصلح له، أو لمحمد صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في هود قصة لوط بأبين مما هنا.
وقد أخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عباس في قوله: "أتأتون الفاحشة" قال: أدبار الرجال. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط: أن إبليس جاءهم في هيئة صبي، أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه فنكحوه ثم جسروا على ذلك. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عنه في قوله: "إنهم أناس يتطهرون" قال: من أدبار الرجال ومن أدبار النساء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "إلا امرأته كانت من الغابرين" قال: من الباقين في عذاب الله. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.
84 - " وأمطرنا عليهم مطراً " ، يعني حجارة من سجيل . قال وهب : الكبريت والنار ، " فانظر كيف كان عاقبة المجرمين " ، قال أبو عبيدة: يقال في العذاب : أمطر ، وفي الرحمة : مطر .
84." وأمطرنا عليهم مطراً " أي نوعا من المطر عجيباً وهو مبين بقوله : " وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل " . " فانظر كيف كان عاقبة المجرمين " روي : أن لوط بن هاران بن تارح لما هجر مع عمه إبراهيم عليه السلام إلى الشام نزل بالأردن ، فأرسله الله إلى أهل سدوم ليدعوهم إلى الله وينهاهم عما اخترعوه من الفاحشة ، فلم ينتهوا عنها فأمطر الله عليهم الحجارة فهلكوا . وقيل خسف بالمقيمين منهم وأمطرت الحجارة على مسافريهم .
84. And We rained a rain upon them. See now the nature of the consequence for evil doers!
84 - And we rained down on them a shower (of brimstone): then see what was the end of those who indulged in sin and crime