[الأعراف : 80] وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ
80 - (و) اذكر (لوطاً) ويبدل منه (إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة) أي أدبار الرجال (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) الإنس والجن
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولقد أرسلنا لوطاً.
ولو قيل : معناه : واذكر لوطاً، يا محمد ، " إذ قال لقومه " ، إذ لم يكن في الكلام صلة الرسالة ، كما كان في ذكر عاد وثمود ، كان مذهباً.
وقوله : " إذ قال لقومه " ، يقول : حين قال لقومه من سدوم ، وإليهم كان أرسل لوطاً ، " أتأتون الفاحشة " ، وكانت فاحشتهم التي كانوا يأتونها، التي عاقبهم الله عليها، إتيان الذكور، " ما سبقكم بها من أحد من العالمين " ، يقول : ما سبقكم بفعل هذه الفاحشة أحد من العالمين ، وذلك كالذي :
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا إسمعيل بن علية ، عن ابن أبي نجيح ، عن عمرو بن دينار قوله : " ما سبقكم بها من أحد من العالمين " ، قال : ما رؤي ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط .
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: "ولوطا إذ قال لقومه" قال الفراء: لوط مشتق من قولهم: هذا أليط بقلبي، أي ألصق. وقال النحاس: قال الزجاج زعم بعض النحويين -يعني الفراء- أن لوطاً يجوز أن يكون مشتقاً من لطت الحوض إذا ملسته بالطين. قال: وهذا غلط، لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق كإسحاق، فلا يقال: إنه من السحق وهو البعد. وإنما صرف لوط لخفته لأنه على ثلاثة أحرف وهو ساكن الوسط. قال النقاش: لوط من الأسماء الأعجمية وليس من العربية. فأما لطت الحوض، وهذا أليط بقلبي من هذا، فصحيح. ولكن الاسم أعجمي كإبراهيم وإسحاق. قال سيبويه: نوح ولوط أسماء أعجمية، إلا أنها خفيفة فلذلك صرفت. بعثه الله تعالى إلى أمة تسمى سدوم، وكان ابن أخي إبراهيم. ونصبه إما بـأرسلنا المتقدمة فيكون معطوفاً. ويجوز أن يكون منصوباً بمعنى واذكر.
الثانية: قوله تعالى: "أتأتون الفاحشة" يعني إتيان الذكور. ذكرها الله باسم الفاحشة ليبين أنها زنىً، كما قال تعالى: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة" [الإسراء: 32].
واختلف العلماء فيما يجب على من فعل ذلك بعد إجماعهم على تحريمه، فقال مالك: يرجم، أحصن أو لم يحصن. وكذلك يرجم المفعول به إن كان محتلماً. وروي عنه أيضاً: يرجم إن كان محصناً، ويحبس ويؤدب إن كان غير محصن. وهو مذهب عطاء والنخعي وابن المسيب وغيرهم. وقال أبو حنيفة: يعزر المحصن وغيره، وروي عن مالك. وقال الشافعي: يحد حد الزنى قياساً عليه. احتج مالك بقوله تعالى: "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل" [الحجر: 74]. فكان ذلك عقوبة لهم وجزاءً على فعلهم. فإن قيل: لا حجة فيها لوجهين، أحدهما- أن قوم لوط إنما عوقبوا على الكفر والتكذيب كسائر الأمم. الثاني- أن صغيرهم وكبيرهم دخل فيها، فدل على خروجها من باب الحدود. قيل: أما الأول فغلط، فإن الله سبحانه أخبر عنهم أنهم كانوا على معاصي فأخذهم بها، منها هذه. وأما الثاني فكان منهم فاعل وكان منهم راض، فعوقب الجميع لسكوت الجماهير عليه. وهي حكمة الله وسنته في عباده. وبقي أمر العقوبة على الفاعلين مستمراً. والله أعلم. وقد روى أبو داود وابن ماجة والترمذي والنسائي والدارقطني "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به". لفظ أبي داود وابن ماجة. وعند الترمذي أحصنا أو لم يحصنا. وروى أبو داود والدارقطني عن ابن عباس في البكر يوجد على اللوطية قال: يرجم. وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه حرق رجلاً يسمى الفجاءة حين عمل عمل قوم لوط بالنار. وهو رأي علي بن أبي طالب، فإنه لما كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر في ذلك جمع أبو بكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واستشارهم فيه، فقال علي: إن هذا الذنب لم تعص به أمة من الأمم إلا أمة واحدة صنع الله بها ما علمتم، أرى أن يحرق بالنار. فاجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار. فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يحرقه بالنار فأحرقه. ثم أحرقهم ابن الزبير في زمانه. ثم أحرقهم هشام بن الوليد. ثم أحرقهم خالد القسري بالعراق. وروي أن سبعة أخذوا في زمن ابن الزبير في لواط، فسأل عنهم فوجد أربعة قد أحصنوا فأمر بهم فخرجوا بهم من الحرم فرجموا بالحجارة حتى ماتوا، وحد الثلاثة، وعنده ابن عباس وابن عمر فلم ينكرا عليه. وإلى هذا ذهب الشافعي. قال ابن العربي: والذي صار إليه مالك أحق، فهو أصح سنداً وأقوى معتمداً. وتعلق الحنفيون بأن قالوا: عقوبة الزنى معلومة، فما كانت هذه المعصية غيرها وجب ألا يشاركها في حدها. ويأثرون في هذا حديثاً:
"من وضع حداً في غير حد فقد تعدى وظلم". وأيضاً فإنه وطء في فرج لا يتعلق به إحلال ولا إحصان، ولا وجوب مهر ولا ثبوت نسب، فلم يتعلق به حد.
الثالثة- فإن أتى بهيمة فقد قيل: لا يقتل هو ولا البهيمة. وقيل: يقتلان، حكاه ابن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. وفي الباب حديث رواه أبو داود والدارقطني عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه". فقلنا لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قال: ما أراه قال ذلك، إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل. قال ابن المنذر: إن يك الحديث ثابتاً فالقول به يجب، وإن لم يثبت فليستغفر الله من فعل ذلك كثيراً، وإن عزره الحاكم كان حسناً. والله أعلم. وقد قيل: إن قتل البهيمة لئلا تلقي خلقاً مشوهاً، فيكون قتلها مصلحة لهذا المعنى مع ما جاء من السنة. والله أعلم. وقد روى أبو داود عن ابن عباس قال: ليس على الذي زنى بالبهيمة حد. قال أبو داود: وكذا قال عطاء. وقال الحكم: أرى أن يجلد ولا يبلغ به الحد. وقال الحسن: هو بمنزلة الزاني. وقال الزهري: يجلد مائة أحصن أو لم يحصن. وقال مالك والثوري وأحمد وأصحاب الرأي يعزر. وروي عن عطاء والنخعي والحكم. واختلفت الرواية عن الشافعي، وهذا أشبه على مذهبه في هذا الباب. وقال جابر بن زيد: يقام عليه الحد، إلا أن تكون البهيمة له.
الرابعة- قوله تعالى: "ما سبقكم بها من أحد من العالمين" من لاستغراق الجنس، أي لم يكن اللواط في أمة قبل قوم لوط. والملحدون يزعمون أن ذلك كان قبلهم. والصدق ما ورد به القرآن. وحكى النقاش أن إبليس كان أصل عملهم بأن دعاهم إلى نفسه لعنه الله، فكان ينكح بعضهم بعضاً. قال الحسن: كانوا يفعلون ذلك بالغرباء، ولم يكن يفعله بعضهم ببعض. وروى ابن ماجة عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط". وقال محمد بن سيرين: ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.
يقول تعالى "و" لقد أرسلنا "لوطاً" أو تقديره "و" اذكر "لوطاً إذ قال لقومه" ولوط هو ابن هاران بن آزر وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام, وكان قد آمن مع إبراهيم عليه السلام وهاجر معه إلى أرض الشام فبعثه الله إلى أهل سدوم وما حولها من القرى, يدعوهم إلى الله عز وجل ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم, وهو إتيان الذكور دون الإناث, وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه ولا يخطر ببالهم, حتى صنع ذلك أهل سدوم عليهم لعائن الله.
قال عمرو بن دينار في قوله "ما سبقكم بها من أحد من العالمين" قال: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط, وقال الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي باني جامع دمشق: لولا أن الله عز وجل قص علينا خبر قوم ولوط ما ظننت أن ذكراً يعلو ذكراً, ولهذا قال لهم لوط عليه السلام "أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء" أي عدلتم عن النساء وما خلق لكم ربكم منهن إلى الرجال وهذا إسراف منكم وجهل لأنه وضع الشيء في غير محله, ولهذا قال لهم في الاية الأخرى "هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين" فأرشدهم إلى نسائهم فاعتذروا إليه بأنهم لا يشتهونهن, "قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد" أي لقد علمت أنه لا أرب لنا في النساء ولا إرادة, وإنك لتعلم مرادنا من أضيافك, وذكر المفسرون أن الرجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعض وكذلك نساؤهم كن قد استغنين بعضهن ببعض أيضاً .
قوله: 80- "ولوطاً" معطوف على ما سبق: أي وأرسلنا لوطاً أو منصوب بفعل مقدر: أي واذكر لوطاً وقت قال لقومه. قال الفراء: لوط مشتق من قولهم: هذا أليط بقلبي: أي ألصق. قال الزجاج: زعم بعض النحويين أن لوطاً يجوز أن يكون مشتقاً من لطت الحوض إذا ملسته بالطين، وهذا غلط، لأن الأسماء الأعجمية لا تشتق. وقال سيبويه نوح ولوط أسماء أعجمية إلا أنها خفيفة، فلذلك صرفت، ولوط هو ابن هاران بن تارخ، فهو ابن أخي إبراهيم، بعثه الله إلى أمة تسمى سدوم "أتأتون الفاحشة" أي الخصلة الفاحشة المتمادية في الفحش والقبح، قال: ذلك إنكاراً عليهم وتوبيخاً لهم "ما سبقكم بها من أحد من العالمين" أي لم يفعلها أحد قبلكم، فإن اللواط لم يكن في أمة من الأمم قبل هذه الأمة، و من مزيدة للتوكيد للعموم في النفي، وإنه مستغرق لما دخل عليه، والجملة مسوقة لتأكيد النكير عليهم والتوبيخ لهم.
80 - قوله تعالى : " ولوطاً " ، أي : وأرسلنا لوطاً . وقيل : معناه واذكر لوطاً . وهو لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم ، " إذ قال لقومه " ، وهم أهل سدوم وذلك أن لوطاً شخص من أرض بابل ( سافر ) مع عمه إبراهيم عليه السلام مؤمناً به مهاجراً معه إلى الشام ، فنزل إبراهيم فلسطين وأنزل لوطاً الأردن ، فأرسله الله عز وجل إلى أهل سدوم فقال لهم ، " أتأتون الفاحشة " ، يعني إتيان الذكران ، " ما سبقكم بها من أحد من العالمين " ، قال عمرو بن دينار ما يرى ذكر على ذكر في الدنيا إلا كان من قوم لوط .
80. " ولوطاً " أي وأرسلنا لوطا . " إذ قال لقومه " وقت قوله لهم أو واذكر لوطا وإذ بدل منه . " أتأتون الفاحشة " توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح . " ما سبقكم بها من أحد من العالمين " ما فعلها قبلكم أحد قط . والباء للتعدية ومن الأولى لتأكيد النفي والاستغراق ، والثانية للتبعيض . والجملة استئناف مقرر للإنكار كأنه وبخهم أولاً بإتيان الفاحشة ثم باختراعها فإنه أسوأ.
80. And Lo! (Remember) when he said unto his folk: Will ye commit abomination such as no creature ever did before you?
80 - We also (sent) Lut: said to his people: do ye commit lewdness such as no people in creation (ever) committed before you?