[الأعراف : 23] قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
23 - (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) بمعصيتنا (وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)
قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن ادم وحواء فيما أجاباه به ، واعترافهما على أنفسهما بالذنب ، ومسالتهما اياه المغفرة منه والرحمة، خلاف جواب اللعين إبليس إياه .
ومعنى قوله : " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا" ، قال آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بانفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك ، وبطاعتنا عدونا وعدوك فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه ، من أكل الشجرة التى نهيتنا عن أكلها، " وإن لم تغفر لنا" ، يقول :وإن لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه ، " وترحمنا" ، بتعطفك علينا، وتركك أخذنا به ، " لنكونن من الخاسرين " ، يعني : لنكونن من الهالكين .
وقد بينا معنى الخاسر فيما مضى بشواهده ، والرواية فيه ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : قال آدم عليه السلام : يا رب ، أرأيت إن تبت واستغفرتك ؟ قال : إذاً أدخلك الجنة . وأما إبليس فلم يساله التوبة، وسال النظرة، فاعطى كل واحد منهما ما سأل .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عمرو بن عون قال ، أخبرنا هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا" ، الأية، قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه .
"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" قالا ربنا نداء مضاف. والأصل يا ربنا. وقيل: إن في حذف يا معنى التعظيم. فاعترفا بالخطيئة وتابا صلى الله عليهما وسلم وقد مضى في البقرة.
قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب رضي الله عنه, قال: كان آدم رجلاً طوالاً كأنه نخلة سحوق, كثير شعر الرأس, فلما وقع فيما وقع به من الخطيئة, بدت له عورته عند ذلك وكان لا يراها, فانطلق هارباً في الجنة فتعلقت برأسه شجرة من شجر الجنة, فقال لها: أرسليني. فقالت: إني غير مرسلتك, فناداه ربه عز وجل: يا آدم أمني تفر؟ قال يا رب إني استحييتك, وقد رواه ابن جرير وابن مردويه من طرق, عن الحسن عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً, والموقوف أصح إسناداً. وقال عبد الرزاق: عن سفيان بن عيينة وابن المبارك, عن الحسن بن عمارة, عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة, فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما, وكان الذي وارى عنهما من سوآتهما أظفارهما, وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة, ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض, فانطلق آدم عليه السلام مولياً في الجنة, فعلقت برأسه شجرة من الجنة, فناداه الله يا آدم أمني تفر؟ قال لا ولكني استحييتك يا رب, قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك, قال: بلى يا رب ولكن وعزتك ما حسبت أن أحداً يحلف بك كاذباً, قال: وهو قول الله عز وجل "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كداً, قال: فأهبط من الجنة وكانا يأكلان منها رغداً, فأهبط إلى غير رغد من طعام وشراب, فعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد, ثم داسه ثم ذراه ثم طحنه ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله, فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ.
وقال الثوري: عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة" قال: ورق التين. صحيح إليه. وقال مجاهد: جعلا يخصفان عليهما من ورق الجنة, قال: كهيئة الثوب, وقال وهب بن منبه في قوله ينزع عنهما لباسهما, قال: كان لباس آدم وحواء نوراً على فروجهما لا يرى هذا عورة هذه ولا هذه عورة هذا, فلما أكلا من الشجرة بدت لهما سوآتهما, رواه ابن جرير بسند صحيح إليه, وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن قتادة, قال: قال آدم أي رب أرأيت إن تبت واستغفرت, قال: إذاً أدخلك الجنة, وأما إبليس فلم يسأله التوبة وسأله النظرة, فأعطى كل واحد منهما الذي سأله, وقال ابن جرير: حدثنا القاسم, حدثنا الحسين, حدثنا عباد بن العوام, عن سفيان بن الحسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس, قال: لما أكل آدم من الشجرة, قيل له: لم أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: حواء أمرتني, قال: فإني قد أعقبتها أن لا تحمل إلا كرهاً ولا تضع إلا كرهاً, قال: فرنت عند ذلك حواء, فقيل لها الرنة عليك وعلى ولدك, وقال الضحاك بن مزاحم في قوله "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه.
قوله: 23- "قالا ربنا ظلمنا أنفسنا" جملة استئنافية مبنية على تقدير سؤال كأنه قيل فماذا قالا؟ وهذا منهما اعتراف بالذنب وأنهما ظلما أنفسهما مما وقع منهما من المخالفة، ثم قالا: "وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين".
23- " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
23." قالا ربنا ظلمنا أنفسنا " أضررناها بالمعصية والتعريض للإخراج من الجنة . " وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " دليل على أن الصغائر معاقب عليها إن لم تغفر ،وقالت المعتزلة لا يجوز المعاقبة عليها مع اجتناب الكبائر ولذلك قالوا :إنما قالا ذلك على عادة المقربين في استعظام الصغير من السيئات واستحقار العظيم من الحسنات .
23. They said : Our Lord! We have wronged ourselves. If Thou forgive us not and have not mercy on us, surely we are of the lost!
23 - They said: Our Lord We have wronged our own souls: if thou forgive us not and bestow not upon us thy mercy, we shall Certainly be lost.