[الأعراف : 21] وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ
21 - (وقاسمهما) أي أقسم لهما بالله (إني لكما لمن الناصحين) في ذلك
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " وقاسمهما" ، وحلف لهما، كما قال في موضع آخر: " تقاسموا بالله لنبيتنه " بمعنى تحالفوا بالله ، وكما قال خالد بن زهير ابن عم أبي ذؤيب :
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ألذ من السلوى إذا ما نشورها
بمعنى : وحالفها بالله ، وكما قال أعشى بني ثعلبة :
رضيعي لبان ، ثدي أم تقاسما باسحم داج عوض لا نتفرق
بمعنى : تحالفا. وقوله : " إني لكما لمن الناصحين " أي : لممن ينصح لكما في مشورته لكما، وأمره اياكما باكل ثمر الشجرة التي نهيتما عن أكل ثمرها، وفي خبري اياكما بما أخبركما به ، من أنكما إن أكلتماه كنتما ملكين أو كنتما من الخالدين ، كما:
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " ، فحلف لهما بالله حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله ، فقال : اني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتبعاني أرشدكما . وكان بعض أهل العلم يقول : من خادعنا بالكه خدعنا .
قوله تعالى: "وقاسمهما" أي حلف لهما. يقال: أقسم إقساماً، أي حلف. قال الشاعر:
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ألذ من السلوى إذا ما نشورها
وجاء فاعلت من واحد. وهو يرد على من قال: إن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين. وقد تقدم في المائدة. "إني لكما لمن الناصحين" ليس لكما داخلاً في الصلة. والتقدير: إني ناصح لكما لمن الناصحين، قاله هشام النحوي. وقد تقدم مثله في البقرة. ومعنى الكلام: اتبعاني أرشدكما، ذكره قتادة.
يذكر تعالى أنه أباح لادم عليه السلام ولزوجته حواء الجنة أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة, وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة البقرة, فعند ذلك حسدهما الشيطان وسعى في المكر والوسوسة والخديعة, ليسلبهما ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن "وقال" كذباً وافتراء "ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين" أي لئلا تكونا ملكين أو خالدين ها هنا, ولو أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما, كقوله "قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى" أي لئلا تكونا ملكين, كقوله "يبين الله لكم أن تضلوا" أي لئلا تضلوا "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم" أي لئلا تميد بكم, وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرآن "إلا أن تكونا ملكين" بكسر اللام, وقرأه الجمهور بفتحها, "وقاسمهما" أي حلف لهما بالله "إني لكما لمن الناصحين" فإني من قبلكما ها هنا وأعلم بهذا المكان, وهذا من باب المفاعلة, والمراد أحد الطرفين, كما قال خالد بن زهير ابن عم أبي ذؤيب:
وقاسمهم بالله جهداً لأنتم ألذ من السلوى إذ ما نشورها
أي حلف لهما بالله على ذلك حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن بالله, وقال قتادة في الاية: حلف بالله إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكم فاتبعاني أرشدكما, وكان بعض أهل العلم يقول من خدعنا بالله انخدعنا له .
قوله: 21- "وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين" أي حلف لهما فقال: أقسم قساماً أي حلف، ومنه قول الشاعر:
وقاسمهما بالله جهداً لأنتما ألذ من السلوى ما إذا نشورها
وصيغة المفاعلة وإن كانت في الأصل تدل على المشاركة فقد جاءت كثيراً لغير ذلك. وقد قدمنا تحقيق هذا في المائدة، والمراد بها هنا المبالغة في صدور الأقسام لهما من إبليس، وقيل: إنهما أقسما له بالقبول كما أقسم لهما على المناصحة.
21- " وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين "، أي: وأقسم وحلف لهما وهذا من المفاعلة التي تختص بالواحد، قال قتادة : حلف لهما بالله حتى خدعهما، وقد يخدع المؤمن بالله، فقال: إني خلقت قبلكما وأنا أعلم منكما فاتبعاني أرشدكما، وإبليس أول من حلف بالله كاذباً، فلما حلف ظن آدم أن أحداً لا يحلف باله كاذباً، فاغتر به .
21." وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين " أي أقسم لهما على ذلك ، وأخرجه على زنه المفاعلة للمبالغة . وقيل أقسما له بالقبول . وقيل أقسما عليه بالله أنه لمن الناصحين فأقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة . .
21. And he swore unto them (saying): Lo! I am a sincere adviser unto you.
21 - And he swore to them Both that he was their sincere adviser.