[الأعراف : 167] وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
167 - (وإذ تأذن) أعلم (ربك ليبعثن عليهم) أي اليهود (إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب) بالذل وأخذ الجزية فبعث عليها سليمان وبعده بختنصر فقتلهم وسباهم وضرب عليهم الجزية فكانوا يؤدونها إلى المجوس إلى بعث نبينا صلى الله عليه وسلم فضربها عليهم (إن ربك لسريع العقاب) لمن عصاه (وإنه لغفور) لأهل طاعته (رحيم) بهم
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " وإذ تأذن "، واذكر، يا محمد، إذ آذن ربك، وأعلم. وهو ((تفعل)) من ((الإيذان))، كما قال الأعشى، ميمون بن قيس:
أذن اليوم جيرتي بخفوف صرموا حبل آلف مألوف
يعني بقوله: ((أذن))، أعلم. وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " وإذ تأذن ربك "، قال: آمر ربك.
حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد : " وإذ تأذن ربك "، قال: أمر ربك.
وقوله: " ليبعثن عليهم "، يعني: أعلم ربك ليبعثن على اليهود من يسومهم سوء العذاب. قيل: إن ذلك، العرب، بعثهم الله على اليهود، يقاتلون من لم يسلم منهم ولم يعط الجزية، ومن أعطى منهم الجزية كان ذلك له صغاراً وذلة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى بن إبراهيم وعلي بن داود قالا، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، قال: هي الجزية، والذين يسومونهم: محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، إلى يوم القيامة.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، فهي المسكنة، وأخذ الجزية منهم.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج ، قال ابن عباس: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، قال: يهود، وما ضرب عليهم من الذلة والمسكنة.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : فبعث الله عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : " ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم "، قال: بعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة.
وقال عبد الكريم الجزري: يستحب أن تبعث الأنباط في الجزية.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحق بن إسمعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم "، قال: العرب، " سوء العذاب "، قال: الخراج. وأول من وضع الخراج موسى عليه السلام، فجبى الخراج سبع سنين.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم "، قال: العرب، " سوء العذاب "؟ قال: الخراج. قال: وأول من وضع الخراج موسى، فجبى الخراج سبع سنين.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، قال: هم أهل الكتاب، بعث الله عليهم العرب يجبونهم الخراج إلى يوم القيامة، فهو سوء العذاب. ولم يجب نبي الخراج قط إلا موسى صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنةً، ثم أمسك، وإلا النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، قال: يبعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة.
... قال أخبرنا معمر قال، أخبرني عبد الكريم، عن ابن المسيب قال: يستحب أن تبعث الأنباط في الجزية.
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط عن السدي : " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب "، يقول: إن ربك يبعث على بني إسرائيل العرب فيسومونهم سوء العذاب، يأخذون منهم الجزية ويقتلونهم.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة "، ليبعثن على يهود.
القول في تأويل قوله: " إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم "..
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن ربك، يا محمد، لسريع عقابه إلى من استوجب منه العقوبة على كفره به ومعصيته، " وإنه لغفور رحيم "، يقول: وإنه لذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه، فأناب وراجع طاعته، يستر عليها بعفوه عنها، " رحيم "، له، أن يعاقبه على جرمه بعد توبته منها، لأنه يقبل التوبة ويقيل العثرة.
أي أعلم أسلافهم أنهم إن غيروا ولم يؤمنوا بالنبي الأمي بعث الله عليهم من يعذبهم. وقال أبو علي: آذن بالمد، أعلم. وأذن بالتشديد، نادى. وقال قوم: آذن وأذن بمعنى أعلم، كما يقال: أيقن وتيقن. قال زهير:
فقلت تعلم إن للصيد غرةً فإلا تضيعها فإنك قاتله
وقال آخر:
تعلم إن شر الناس حي ينادى في شعارهم يسار
أي اعلم. ومعنى "يسومهم" يذيقهم، وقد تقدم في البقرة. قيل: المراد بختنصر. وقيل: العرب. وقيل: أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وهو أظهر، فإنهم الباقون إلى يوم القيامة. والله أعلم. قال ابن عباس: سوء العذاب هنا أخذ الجزية. فإن قيل: فقد مسخوا، فكيف تؤخذ منهم الجزية؟ فالجواب أنها تؤخذ من أبنائهم وأولادهم، وهم أذل قوم، وهم اليهود. وعن سعيد بن جبير سوء العذاب قال: الخراج، ولم يجب نبي قط الخراج، إلا موسى عليه السلام هو أول من وضع الخراج، فجباه ثلاث عشرة سنة، ثم أمسك، ونبينا عليه السلام.
"تأذن" تفعل من الأذان أي: أعلم قاله مجاهد, وقال غيره: أمر, وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة, ولهذا أتبعت باللام في قوله "ليبعثن عليهم" أي على اليهود "إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" أي بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وشرعه واحتيالهم على المحارم, ويقال إن موسى عليه السلام ضرب عليهم الخراج, سبع سنين وقيل ثلاث عشرة سنة, وكان أول من ضرب الخراج ثم كانوا في قهر الملوك من اليونانيين والكشدانيين والكلدانيين, ثم صاروا إلى قهر النصارى وإذلالهم إياهم وأخذهم منهم الجزية والخراج, ثم جاء الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم فكانوا تحت قهره وذمته يؤدون الخراج والجزية. قال العوفي عن ابن عباس في تفسير هذه الاية قال: هي المسكنة وأخذ الجزية منهم, وقال علي بن أبي طلحة عنه هي الجزية والذي يسومهم سوء العذاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته إلى يوم القيامة, وكذا قال سعيد بن جبير وابن جريج والسدي وقتادة, وقال عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب قال: يستحب أن تبعث الأنباط في الجزية قلت: ثم آخر أمرهم أنهم يخرجون أنصاراً للدجال فيقتلهم المسلمون مع عيسى ابن مريم عليه السلام, وذلك آخر الزمان وقوله "إن ربك لسريع العقاب" أي لمن عصاه وخالف شرعه "وإنه لغفور رحيم" أي لمن تاب إليه وأناب وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة لئلا يحصل اليأس فيقرن تعالى بين الترغيب والترهيب كثيراً لتبقى النفوس بين الرجاء والخوف .
قوله: 167- "وإذ تأذن ربك" معطوف على ما قبله: أي واسألهم وقت تأذن ربك وتأذن تفعل من الإيذان، وهو الإعلام. قال أبو علي الفارسي: آذن بالمد أعلم، وأذن بالتشديد نادى. وقال قوم: كلاهما بمعنى أعلم كما يقال: أيقن وتيقن. والمعنى في الآية: واسألهم وقت أن وقع الإعلام لهم من ربك "ليبعثن عليهم" قيل: وفي هذا الفعل معنى القسم كعلم الله وشهد الله ولذلك أجيب بما يجاب به القسم حيث قال: "ليبعثن عليهم" أي ليرسلن عليهم ويسلطن كقوله: "بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد" "إلى يوم القيامة" غاية لسومهم سوء العذاب ممن يبعثه الله عليهم وقد كانوا أقماهم الله هكذا أذلاء مستضعفين معذبين بأيدي أهل الملل، وهكذا هم في هذه الملة الإسلامية في كل قطر من أقطار الأرض في الذلة المضروبة عليهم والعذاب والصغار، يسلمون الجزية بحقن دمائهم ويمتهنهم المسلمون فيما فيه ذلة من الأعمال التي يتنزه عنها غيرهم من طوائف الكفار. ومعنى "يسومهم" يذيقهم، وقد تقدم بيان أصل معناه، ثم علل ذلك بقوله: "إن ربك لسريع العقاب" يعاجل به في الدنيا كما وقع لهؤلاء "وإنه لغفور رحيم" أي كثير الغفران والرحمة.
167 - " إذ تأذن ربك " ، أي : آذن وأعلم ربك ،يقال : تأذن وآذن ، مثل توعد وأوعد . وقال ابن عباس : تأذن ربك قال ربك . وقال مجاهد : أمر ربك . وقال عطاء : حكم ربك . " ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة " ، أي : على اليهود ، " من يسومهم سوء العذاب " ، بعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته يقاتلونهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية ، " إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم " .
167. " وإذ تأذن ربك " أي أعلم تفعل من الإيذان بمعناه كالتوعد والإيعاد،أو عزم لأن العازم على الشيء يؤذن نفسه بفعله فأجرى مجرى فعل القسم " علم الله " و" شهد الله" ولذلك أجيب بجوابه وهو: " ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة " والمعنى وإذ أوجب ربك على نفسه ليسلطن على اليهود . " من يسومهم سوء العذاب " كالإذلال وضرب الجزية ن بعث الله عليهم بعدد سليمان عليه السلام بختنصر فخرب ديارهم وقتل مقاتليهم وسبى نساءهم وذراريهم وضرب الجزية على من بقي منهم ، وكانوا يؤدونها إلى المجوس حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ففعل ما فعل ثم ضرب عليهم الجزية فلا تزال مضروبة إلى آخر الدهر . " إن ربك لسريع العقاب " عاقبهم في الدنيا." وإنه لغفور رحيم " لمن تاب وآمن .
167. And (remember) when thy Lord proclaimed that He would raise against them till the Day of Resurrection those who would lay on them a cruel torment. Lo! verily thy Lord is swift in prosecution and lo! verify He is Forgiving, Merciful.
167 - Behold thy Lord did declare that he would send against them, to the day of judgment, those who would affect them with grievous penalty. thy Lord is quick in retribution, but he is also oft forgiving, most merciful.