[الأعراف : 151] قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
151 - (قال رب اغفر لي) ما صنعت بأخي (ولأخي) أشركه الدعاء إرضاء له ودفعا للشماتة به (وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال موسى، لما تبين له عذر أخيه، وعلم أنه لم يفرط في الواجب الذي كان عليه من أمر الله، في ارتكاب ما فعله الجهلة من عبدة العجل: " رب اغفر لي "، مستغفراً من فعله بأخيه، ولأخيه من سالف سلف له بينه وبين الله: تغمد ذنوبنا بستر منك تسترها به، " وأدخلنا في رحمتك "، يقول: وارحمنا برحمتك الواسعة عبادك المؤمنين، فإنك أنت أرحم بعبادك من كل من رحم شيئاً.
"قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين" تقدم.
يخبر تعالى أن موسى عليه السلام لما رجع إلى قومه من مناجاة ربه تعالى وهو غضبان أسف قال أبو الدرداء الأسف أشد الغضب. "قال بئسما خلفتموني من بعدي" يقول بئس ما صنعتم في عبادة العجل بعد أن ذهبت وتركتكم, وقوله "أعجلتم أمر ربكم" يقول استعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدر من الله تعالى. وقوله "وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه" قيل كانت الألواح من زمرد وقيل من ياقوت وقيل من برد وفي هذا دلالة على ما جاء في الحديث: "ليس الخبر كالمعاينة" ثم ظاهر السياق أنه إنما ألقى الألواح غضباً على قومه, وهذا قول جمهور العلماء سلفاً وخلفاً. وروى ابن جرير عن قتادة في هذا قولاً غريباً لا يصح إسناده إلى حكاية قتادة وقد رده ابن عطية وغير واحد من العلماء وهو جدير بالرد وكأنه تلقاه قتادة عن بعض أهل الكتاب وفيهم كذابون ووضاعون وأفاكون وزنادقة. وقوله "وأخذ برأس أخيه يجره إليه" خوفاً أن يكون قد قصر في نهيهم كما قال في الاية الأخرى " قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن أفعصيت أمري * قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي " وقال ههنا "ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين" أي لا تسوقني سياقهم وتجعلني معهم وإنما قال: ابن أم ليكون أرق وأنجع عنده وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه فلما تحقق موسى عليه السلام براءة ساحة هارون عليه السلام كما قال تعالى: "ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري" فعند ذلك "قال" موسى "رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين" وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يرحم الله موسى ليس المعاين كالمخبر أخبره ربه عز وجل أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح".
قوله: 151- "قال رب اغفر لي ولأخي" هذا كلام مستأنف جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: فماذا قال موسى بعد كلام هارون هذا؟ فقيل: "قال رب اغفر لي ولأخي" طلب المغفرة له أولاً، ولأخيه ثانياً ليزيل عن أخيه ما خافه من الشماتة، فكأنه تذمم مما فعله بأخيه، وأظهر أنه لا وجه له، وطلب المغفرة من الله مما فرط منه في جانبه، ثم طلب المغفرة لأخيه إن كان قد وقع منه تقصير فيما يجب عليهم من الإنكار عليهم وتغيير ما وقع منهم، ثم طلب إدخاله وإدخال أخيه في رحمة الله التي وسعت كل شيء فهو "أرحم الراحمين".
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "واتخذ قوم موسى" الآية، قال: حين دفنوها ألقى عليها السامري قبضة من تراب أثر فرس جبريل عليه السلام. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: استعاروا حلياً من آل فرعون، فجمعه السامري فصاغ منه "عجلاً" فجعله "جسداً" لحماً ودماً "له خوار". وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: "خوار" قال: الصوت. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: خار العجل خورة لم يئن ألم تر أن الله قال: "ألم يروا أنه لا يكلمهم". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "سقط في أيديهم" قال: ندموا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس "أسفاً" قال: حزيناً. وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: الأسف منزلة وراء الغضب أشد من ذلك. وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب قال: الأسف الغضب الشديد. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لما ألقى موسى الألواح تكسرت فرفعت إلا سدسها. وأخرج أبو الشيخ عنه قال: رفع الله منها ستة أسباعها وبقي سبع. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد أو سعيد بن جبير قال: لما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كانت تسعة رفع منها لوحان وبقي سبعة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: "ولا تجعلني مع القوم الظالمين" قال: مع أصحاب العجل.
151 - " قال " موسى لما تبين له عذر أخيه ، " رب اغفر لي " ، ما صنعت إلى أخي ، " ولأخي " ، إن كان منه تقصير في الإنكار على عبدة العجل ، " وأدخلنا" جميعاً " في رحمتك وأنت أرحم الراحمين " .
151. "قال رب اغفر لي " بما صنعت بأخي . " ولأخي " إن فرط في كفهم ضمه إلى نفسه في الاستغفار برضية له ودفعا للشماتة عنه ." وأدخلنا في رحمتك " بمزيد الإنعام علينا . " وأنت أرحم الراحمين " فأنت أرحم بنا منا على أنفسنا .
151. He said: My Lord! Have mercy on me and on my brother; bring us into Thy mercy, Thou the Most Merciful of all who show mercy.
151 - Moses prayed: O my Lord forgive me and my brother admit us to thy mercy for thou art the most merciful of those who show mercy