[الأعراف : 125] قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ
125 - (قالوا إنا إلى ربنا) بعد موتنا بأي وجه كان (منقلبون) راجعون في الآخرة
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال السحرة مجيبة لفرعون، إذ توعدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف، والصلب: " إنا إلى ربنا منقلبون "، يعني بالانقلاب إلى الله، الرجوع إليه والمصير،
قوله تعالى: "قالوا إنا إلى ربنا منقلبون".
يخبر تعالى عما توعد به فرعون لعنه الله السحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام وما أظهره للناس من كيده ومكره في قوله "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها" أي إن غلبته لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم ورضاً منكم لذلك كقوله في الاية الأخرى "إنه لكبيركم الذي علمكم السحر" وهو يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل فإن موسى عليه السلام بمجرد ما جاء من مدين دعا فرعون إلى الله وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه ومعاملة سلطنته فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر ممن اختار هو والملأ من قومه وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل ولهذا قد كانوا من أحرص الناس على ذلك وعلى الظهور في مقامهم ذلك والتقدم عند فرعون. وموسى عليه السلام لا يعرف أحداً منهم ولا رآه ولا اجتمع به وفرعون يعلم ذلك وإنما قال هذا تستراً وتدليساً على رعاع دولته وجهلتهم كما قال تعالى: "فاستخف قومه فأطاعوه" فإن قوماً صدقوه في قوله "أنا ربكم الأعلى" من أجهل خلق الله وأضلهم.
وقال السدي في تفسيره بإسناده المشهور عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة في قوله تعالى: "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" قال: التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق. قال الساحر لاتين غداً بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهما قالوا فلهذا قال ما قال, وقوله "لتخرجوا منها أهلها" أي تجتمعوا أنتم وهو وتكون لكم دولة وصولة وتخرجوا منها الأكابر والرؤساء وتكون الدولة والتصرف لكم "فسوف تعلمون" أي ما أصنع بكم ثم فسر هذا الوعيد بقوله "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" يعني يقطع يد الرجل اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس "ثم لأصلبنكم أجمعين" وقال في الاية الأخرى "في جذوع النخل" أي على الجذوع.
قال ابن عباس وكان أول من صلب وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون وقول السحرة "إنا إلى ربنا منقلبون" أي قد تحققنا أنا إليه راجعون وعذابه أشد من عذابك ونكاله على ما تدعونا إليه اليوم وما أكرهتنا عليه من السحر أعظم من نكالك فلنصبرن اليوم على عذابك لنخلص عن عذاب الله ولهذا قالوا "ربنا أفرغ علينا صبراً" أي عمنا بالصبر على دينك والثبات عليه "وتوفنا مسلمين" أي متابعين لنبيك موسى عليه السلام وقالوا لفرعون " فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى * إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا * ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى " فكانوا في أول النهار سحرة, فصاروا في آخره شهداء بررة, قال ابن عباس وعبيد بن عمير وقتادة وابن جريج كانوا في أول النهار سحرة وفي آخره شهداء .
وجملة: 125- "قالوا إنا إلى ربنا منقلبون" استئنافية جواب سؤال كما تقدم، ومعناه: إنك وإن فعلت بنا هذا الفعل فتعده يوم الجزاء سيجازيك الله بصنعك ويحسن إلينا بما أصابنا في ذاته، فتوعدوه بعذاب الله في الآخرة لما توعدهم بعذاب الدنيا. ويحتمل أن يكون المعنى: "إنا إلى ربنا منقلبون" بالموت: أي لا بد لنا من الموت ولا يضرنا كونه بسبب منك.
125 - " قالوا " ، يعني السحرة لفرعون ، " إنا إلى ربنا منقلبون " ، راجعون في الآخرة .
125. " قالوا إنا إلى ربنا منقلبون " بالموت لا محالة فلا نبالي بوعيدك ،أو إنا منقلبون إلى ربنا وثوابه إن فعلت بنا ذلك ، كأنهم استطابوه شغفا على لقاء الله ، أو مصيرنا ومصيرك إلى ربنا فيحكم بيننا .
125. They said: Lo! We are about to return unto our Lord!
125 - They said: for us, we are but sent back unto our Lord: