[الأعراف : 10] وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
10 - (ولقد مكناكم) يا بني آدم (في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش) بالياء أسبابا تعيشون بها جمع معيشة (قليلا ما) لتأكيد القلة (تشكرون) على ذلك
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : ولقد وطأنا لكم ، أيها الناس ، في الأرض ، وجعلناها لكم قراراً تستقرون فيها، ومهاداً تمتهدونها، وفراشاً تفترشونها، " وجعلنا لكم فيها معايش " ، تعيشون بها أيام حياتكم ، من مطاعم ومشارب ، نعمة مني عليكم ، وإحساناً مني إليكم ، " قليلا ما تشكرون " ، يقول : وأنتم قليل شكركم على هذه النعم التي أنعمتها عليكم لعبادتكم غيري ، واتخاذكم إلهاً سواي .
و المعايش جمع معيشة .
واختلفت القرأة في قراءتها.
فقرأ ذلك عامة قرأة الأمصار: " معايش " بغير همز.
وقرأه عبد الرحمن الأعرج : معائش بالهمز.
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك عندنا: " معايش " بغير همز، لأنها مفاعل من قول القائل عشت تعيش ، فالميم فيها زائدة، والياء في الحكم متحركة، لأن واحدها مفعلة، معيشة، متحركة الياء، نقلت حركة الياء منها الى العين في واحدها. فلما جمعت ، ردت حركتها إليها لسكون ما قبلها وتحركها. وكذلك تفعل العرب بالياء والواو إذا سكن ما قبلهما وتحركتا، في نظائر ما وصفنا من الجمع الذي يأتي على مثال مفاعل ،، وذلك مخالف لما جاء من الجمع على مثال فعائل التي تكون الياء فيها زائدة ليست بأصل . فإن ما جاء من الجمع على هذا المثال ، فالعرب تهمزه ، كقولهم : هذه مدائن وصحائف ونظائرهما، لأن مدائن جمع مدينة و المدينة ، فعيلة من قولهم : مدنت المدينة ، وكذلك ، صحائف جمع صحيفة ، والصحيفة، فعيلة من قولك : صحفت الصحيفة، فالياء في واحدها زاثدة ساكنة، فإذا جمعت همزت ، لخلافها في الجمع الياء التي كانت في واحدها، وذلك أنها كانت في واحدها ساكنة، وهي في الجمع متحركة . ولو جعلت مدينة مفعلة من : دان يدين ، وجمعت على مفاعل ، كان الفصيح ترك الهمز فيها وتحريك الياء. وربما همزت العرب جمع مفعلة في ذوات الياء والواو، وإن كان الفصيح من كلامها ترك الهمز فيها، إذا جاءت على مفاعل ، تشبيها منهم جمعها بجمع فعيلة كما تشبه مفعلاً بفعيل فتقول : مسيل الماء من : سال يسيل ، ثم تجمعها جمع فعيل فتقول : هي أمسلة، في الجمع تشبيهاً منهم لها بجمع بعير وهوفعيل إذ تجمعه أبعرة، وكذلك يجمع المصير وهو مفعل ، مصران تشبيهاً له بجمع : بعير وهو فعيل ، إذ تجمعه بعران . وعلى هذا همز الأعرج معايش . وذلك ليس بالفصيح في كلامها، وأولى ما قرىء به كتاب الله من الألسن أفصحها وأعرفها ، دون أنكرها وأشذها .
أي جعلناها لكم قراراً ومهاداً، وهيأنا لكم فيها أسباب المعيشة. والمعايش جمع معيشة، أي ما يتعيش به من المطعم والمشرب وما تكون به الحياة. يقال: عاش يعيش عيشاً ومعاشاً ومعيشاً ومعيشة وعيشة. وقال الزجاج: المعيشة ما يتوصل به إلى العيش. ومعيشة في قول الأخفش وكثير من النحويين مفعلة. وقرأ الأعرج: معائش بالهمز. وكذا روى خارجة بن مصعب عن نافع. قال النحاس: والهمز لحن لا يجوز، لأن الواحدة معيشة، أصلها معيشة، فزيدت ألف الوصل وهي ساكنة والياء ساكنة فلا بد من تحريك إذ لا سبيل إلى الحذف، والألف لا تحرك فحركت الياء بما كان يجب لها في الواحد. ونظيره من الواو منارة ومناور، ومقام ومقاوم: كما قال الشاعر:
وإني لقوام مقاوم لم يكن جرير ولا مولى جرير يقومها
وكذا مصيبة ومصاوب. وهذا الجيد، ولغة شاذة مصائب، قال الأخفش: إنما جاز مصائب لأن الواحدة معتلة. وقال الزجاج: هذا خطأ يلزمه عليه أن يقول مقائم. ولكن القول أنه مثل وسادة وإسادة، وقيل: لم يجز الهمز في معايش لأن المعيشة مفعلة، فالياء أصلية، وإنما يهمز إذا كانت الياء زائدة مثل مدينة ومدائن، وصحيفة وصحائف، وكريمة وكرائم، ووظيفة ووظائف، وشبهه.
يقول تعالى: ممتناً على عبيده فيما مكن لهم, من أنه جعل الأرض قراراً وجعل فيها رواسي وأنهاراً, وجعل لهم فيها منازل وبيوتاً وأباح لهم منافعها, وسخر لهم السحاب لإخراج أرزاقهم منها, وجعل لهم فيها معايش أي مكاسب وأسباباً يكسبون بها ويتجرون فيها ويتسببون أنواع الأسباب وأكثرهم مع هذا قليل الشكر على ذلك كقوله "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار" وقد قرأ الجميع معايش بلا همز إلا عبد الرحمن بن هرمز الأعرج فإنه همزها والصواب الذي عليه الأكثرون بلا همز, لأن معايش جمع معيشة من عاش يعيش عيشاً ومعيشة أصلها معيشة, فاستثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى العين فصارت معيشة, فلما جمعت رجعت الحركة إلى الياء لزوال الاستثقال فقيل معايش ووزنه مفاعل, لأن الياء أصلية في الكلمة بخلاف مدائن وصحائف وبصائر, جمع مدينة وصحيفة وبصيرة من مدن وصحف وأبصر, فإن الياء فيها زائدة, ولهذا تجمع على فعائل وتهمز لذلك, والله أعلم.
قوله: 10- "ولقد مكناكم في الأرض" أي جعلنا لكم فيها مكاناً وهيأنا لكم فيها أسباب المعايش. والمعايش جمع معيشة: أي ما يتعايش به من المطعوم والمشروب وما تكون به الحياة، يقال عاش يعيش عيشاً ومعاشاً ومعيشاً. قال الزجاج: المعيشة ما يتوصلون به إلى العيش، والمعيشة عند الأخفش وكثير من النحويين مفعلة. وقرأ الأعرج معائش بالهمزة، وكذا روى خارجة بن مصعب عن نافع. قال النحاس: والهمز لحن لا يجوز، لأن الواحدة معيشة والياء أصيلة كمدينة ومداين وصحيفة وصحايف. قوله: "قليلاً ما تشكرون" الكلام فيه كالكلام فيما تقدم قريباً من قوله تعالى: "قليلاً ما تذكرون".
10- قوله تعالى: " ولقد مكناكم في الأرض"، أي: مكناكم والمراد من التمكين التمليك والقدرة، " وجعلنا لكم فيها معايش "، أي: أسباباً تعيشون بها أيام حياتكم من التجارات والمكاسب والمآكل والمشارب والمعايش جمع المعيشة، " قليلاً ما تشكرون "، فيما صنعت إليكم .

10. "ولقد مكناكم في الأرض " أي مكناكم من سكناها وزرعها والتصرف فيها . " وجعلنا لكم فيها معايش " أسبابا تعيشون بها ، جمع معيشة . وعن نافع أنه همزه تشبيهاً بما الياء فيه زائدة كصحائف . " قليلاً ما تشكرون " فيما صنعت إليكم ..
10. And We have given you (mankind) power in the earth, and appointed for you therein a livelihood. Little give ye thanks!
10 - It is we who have placed you with authority on earth, and provided You therein with means for the fulfillment of your life: small are the thanks that ye give