[الحاقة : 42] وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ
42 - (ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون) بالتاء والياء في الفعلين وما مزيدة مؤكدة والمعنى أنهم آمنوا بأشياء يسيرة وتذكروها مما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من الخير والصلة والعفاف فلم تغن عنهم شيئا
" ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون " يقول : ولا هو بقول كاهن ، لأن محمداً ليس بكاهن ، فتقولوا : هو من سجع الكهان " قليلا ما تذكرون " يقول : تتعظون به أنتم ، قليلاً ما تعتبرون به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون " طهره الله من ذلك وعصمه " ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون " طهره الله من الكهانة ، وعصمه منها .
قوله تعالى:"ولو تقول علينا بعض الأقاويل" تقول أي تكلف وأتى بقول من قبل نفسه. وقرىء ولو تقول على البناء للمفعول.
يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته, وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة فقال تعالى: " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم, أضافه إليه على معنى التبليغ, لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي "إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين" وهذا جبريل عليه السلام, ثم قال تعالى: "وما صاحبكم بمجنون" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "ولقد رآه بالأفق المبين" يعني أن محمداً رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها "وما هو على الغيب بضنين" أي بمتهم.
"وما هو بقول شيطان رجيم" وهكذا قال ههنا "وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون" فأضافه الله تارة إلى قول الرسول الملكي وتارة إلى الرسول البشري, لأن كلاً منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه, ولهذا قال تعالى: "تنزيل من رب العالمين" قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة , حدثنا صفوان , حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم, فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة, فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال: فقلت هذا والله شاعر كما قالت قريش, قال: فقرأ "إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون" قال: فقلت كاهن, قال: فقرأ "ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين" إلى آخر السورة قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موضع, فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه, كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة, ولله الحمد والمنة.
42- "ولا بقول كاهن" كما تزعمون، فإن الكهانة أمر آخر لا جامع بينها وبين هذا "قليلاً ما تذكرون" أي تذكرا قليلاً، أو زماناً قليلاً تتذكرون، وما زائدة، والقلة في الموضعين بمعنى النفي: أي لا تؤمنون ولا تتذكرون أصلاً.
42- "ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون"، قرأ ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب: يؤمنون ويذكرون بالياء فيهما، وقرأ الآخرون بالتاء، وأراد بالقليل نفي إيمانهم أصلاً كقولك لمن لا يزورك: قلما تأتينا. وأنت تريد: لا تأتينا أصلاً.
42-" ولا بقول كاهن " كما تدعون أخرى " قليلاً ما تذكرون " تذكرون تذكراً قليلاً ، فلذلك يلتبس الأمر عليكم وذكر الإيمان مع نفي الشاعرية وللتذكر مع نفي الكاهنية لأن عدم مشابهة القرآن للشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند بخلاف مباينته للكهانة ، فإنها تتوقف على تذكر أحوال الرسول ومعاني القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعاني أقوالهم . وقرأ ابن كثير و يعقوب يالياء فيهما .
42. Nor diviner's speech little is it that ye remember!
42 - Nor is it the word of a soothsayer: little admonition it is ye receive.