[الحاقة : 39] وَمَا لَا تُبْصِرُونَ
39 - (وما لا تبصرون) أي بكل مخلوق
قوله تعالى : " وما لا تبصرون " .
قوله تعالى: "فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون" المعنى أقسم بالأشياء كلها ما ترون وما لا ترون. ولا صلة. وقيل: هو رد لكلام سبق، أي ليس الأمر كما يقوله المشركون. وقال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمداً ساحر. وقال أبو جهل: شاعر. وقال عقبة: كاهن، فقال الله عز وجل: "فلا أقسم" أي أقسم. وقيل: لا ها هنا نفي للقسم، أي لا يحتاج في هذا إلى قسم لوضوح الحق في ذلك، وعلى هذا فجوابه كجواب القسم.
يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته, وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة فقال تعالى: " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم, أضافه إليه على معنى التبليغ, لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي "إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين" وهذا جبريل عليه السلام, ثم قال تعالى: "وما صاحبكم بمجنون" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "ولقد رآه بالأفق المبين" يعني أن محمداً رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها "وما هو على الغيب بضنين" أي بمتهم.
"وما هو بقول شيطان رجيم" وهكذا قال ههنا "وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون" فأضافه الله تارة إلى قول الرسول الملكي وتارة إلى الرسول البشري, لأن كلاً منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه, ولهذا قال تعالى: "تنزيل من رب العالمين" قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة , حدثنا صفوان , حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم, فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة, فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال: فقلت هذا والله شاعر كما قالت قريش, قال: فقرأ "إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون" قال: فقلت كاهن, قال: فقرأ "ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين" إلى آخر السورة قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موضع, فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه, كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة, ولله الحمد والمنة.
39- " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون " هذا رد لكلام المشركين كأنه قال: ليس الأمر كما تقولون ولا زائدة، والتقدير. فأقسم بما تشاهدونه وما لا تشاهدونه. قال قتادة: أقسم بالأشياء كلها ما يبصر منها وما لا يبصر، فيدخل في هذا جميع المخلوقات، وقيل إن لا ليست زائدة، بل هي لنفي القسم: أي لا أحتاج إلى قسم لوضوح الحق في ذلك، والأول أولى.
39- "وما لا تبصرون"، أي بما ترون وبما لا ترون. قال قتادة: أقسم بالأشياء كلها فيدخل فيه جميع المخلوقات والموجودات. وقال: أقسم بالدنيا والآخرة. وقيل ما تبصرون: ما على وجه الأرض، و ما لا تبصرون: ما في بطنها. وقيل: ما تبصرون: من الأجسام و ما لا تبصرون: من الأرواح. وقيل: ما تبصرون: الإنس و ما لا تبصرون: الملائكة والجن. وقيل النعم الظاهرة والباطنة. وقيل: ما تبصرون: ما أظهر الله للملائكة واللوح والقلم: و ما لا تبصرون: ما استأثر بعله فلم يطلع عليه أحداً.
39-" وما لا تبصرون " بالمشاهدات والمغيبات وذلك يتناول الخالق والمخلوقات بأسرها .
39. And all that ye see not
39 - And what ye see not,