[الحاقة : 32] ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ
32 - (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا) بذراع الملك (فاسلكوه) ادخلوه فيها بعد إدخاله النار ولم تمنع الفاء من تعلق الفعل بالظرف المتقدم
قوله " ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه " يقول : ثم اسلكوه في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً الله أعلم بقدر طولها ، وقيل : إنها تدخل في دبره ، ثم تخرج من منخريه .
وقال بعضهم : تدخل في فيه ، وتخرج من دبره .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن نسير ين ذعلوق قال : سمعت نوفاً يقول : " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا " قال : كل ذراع سبعون باعاً ، الباع : أبعد ما بينك وبين مكة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى ، قال : ثنا سفيان ، ثني نسير ، قال : سمعت نوفاً ، يقول : في رحبة الكوفة في إمارة مصعب بن الزبير في قوله " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا " قال : الذراع ، سبعون باعاً ، الباع : أبعد ما بينك وبين مكة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن نسير بن ذعلوق أبي طعمة ، عن نوف البكالي " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا " قال : كل ذراع باعاً ، كل باع أبعد مما بينك وبين مكة وهو يومئذ في مسجد الكوفة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس ، قوله " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه " قال : بذراع الملك فاسلكوه ، قال : تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه ، حتى لا يقوم على رجليه .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يعمر بن بشير المنقري ، قال : ثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض ، وهي مسيرة خمس مئة سنة ، لبلغت الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن ابن المبارك ، عن مجاهد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، " فاسلكوه " قال : السلك : أن تدخل السلسلة في فيه ، وتخرج من دبره ، وقيل : " ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه " وإنما تسلك السلسلة في فيه ، كما قالت العرب : أدخلت رأسي في القلنسوة ، وإنما تدخل القلنسوة في الرأس ، وكما قال الأعشى :
إذا ما السراب ارتدى بالأكم
وإنما يرتدي الأكم بالسراب ، وما أشبه ذلك ، وإنما قيل ذلك كذلك لمعرفة السامعين معناه ، وأنه لا يشكل على سامعه ما أراد قائله .
"ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا" الله أعلم بأي ذراع، قاله الحسن. وقال ابن عباس: سبعون ذراعاً بذراع الملك . وقال نوف: كل ذراع سبعون باعاً، وكل باع أبعد ما بينك وبين مكة. وكان في رحبة الكوفة. وقال مقاتل: لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص. وقال كعب: إن حلقة من السلسلة التي قال الله تعالى ذرعها سبعون ذرعاً - أن حلقة منها - مثل جميع حديد الدنيا. "فاسلكوه" قال سفيان: بلغنا أنها تدخل في دبره حتى تخرج من فيه. وقاله مقاتل. والمعنى ثم اسلكوا فيه سلسلة. وقيل: تدخل عنقه فيها ثم يجر بها. وجاء في الخبر: أنها تدخل من دبره وتخرج من منخريه. وفي خبر آخر: تدخل من فيه وتخرج من دبره، فينادي أصحابه هل تعرفوني ؟ فيقولون لا، ولكن قد نرى بك من الخزي فمن أنت ؟ فينادي أصحابه أن فلان بن فلان، لكل إنسان منكم مثل هذا.
قلت: وهذا التفسير أصح ما قيل في هذه الآية، يدل عليه قوله تعالى: " يوم ندعو كل أناس بإمامهم " الاسراء:71 وفي الباب حديث أبي هريرة بمعناه خرجه الترمذي. وقد ذكرناه في سورة سبحان فتأمله هناك.
وهذا إخبار عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله, فحينئذ يندم غاية الندم "فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية" قال الضحاك : يعني موتة لاحياة بعدها, وكذا قال محمد بن كعب والربيع والسدي , وقال قتادة : تمنى الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه "ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه" أي لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه, بل خلص الأمر إلي وحدي فلا معين لي ولا مجير, فعندها يقول الله عز وجل: "خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه" أي يأمر الزبانية أن تأخذه عنفاً من المحشر فتغله أي تضع الأغلال في عنقه ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها أي تغمره فيها. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو قال: إذا قال الله تعالى خذوه ابتدره سبعون ألف ملك, إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفاً في النار. وروى ابن أبي الدنيا في الأهوال أنه يبتدره أربعمائة ألف ولا يبقى شيء إلا دقه, فيقول: ما لي ولك ؟ فيقول: إن الرب عليك غضبان فكل شيء غضبان عليك, وقال الفضيل بن عياض : إذا قال الرب عز وجل خذوه فغلوه ابتدره سبعون ألف ملك أيهم يجعل الغل في عنقه "ثم الجحيم صلوه" أي اغمروه فيها.
وقوله تعالى: "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه" قال كعب الأحبار : كل حلقة منها قدر حديد الدنيا, وقال العوفي عن ابن عباس وابن جريج : بذراع الملك, وقال ابن جريج : قال ابن عباس "فاسلكوه" تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى. وقال العوفي عن ابن عباس : يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه. وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق , أخبرنا عبد الله , أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن رصاصة مثل هذه ـ وأشار إلى جمجمة ـ أرسلت من السماء إلى الأرض, وهي مسيرة خمسمائة سنة, لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها" وأخرجه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به, وقال: هذا حديث حسن.
وقوله تعالى: "إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين" أي لا يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته ولا ينفع خلقه ويؤدي حقهم, فإن لله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً, وللعباد بعضهم على بعض حق الإحسان والمعاونة على البر والتقوى, ولهذا أمر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة, وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" وقوله تعالى: " فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون " أي ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله تعالى لا حميم وهو القريب, ولا شفيع يطاع, ولا طعام له ههنا إلا من غسلين, قال قتادة : هو شر طعام أهل النار. وقال الربيع والضحاك : هو شجرة في جهنم, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا منصور بن أبي مزاحم , حدثنا أبو سعيد المؤدب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس قال: الغسلين الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين صديد أهل النار.
32- "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه" السلسلة حلق منتظمة، وذرعها طولها. قال الحسن: الله أعلم بأي ذراع هو. قال نوف الشامي: كل ذراع سبعون باعاً كل باع أبعد مما بينك وبين مكة، وكان نوف في رحبة الكوفة. قال مقاتل: لو أن حلقة منها وضعت على ذروة جبل لذاب كما يذوب الرصاص، ومعنى "فاسلكوه" فاجعلوه فيها، يقال سلكته الطريق إذا أدخلته فيه. قال سفيان: بلغنا أنها تدخل في دبرة حتى تخرج من فيه. قال الكلبي: تسلك سلك الخيط في اللؤلؤ. وقال سويد بن أبي نجيح: بلغني أن جميع أهل النار في تلك السلسلة، وتقديم السلسلة للدلالة على الاختصاص كتقديم الجحيم.
32- "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه"، فأدخلوه فيها. قال ابن عباس: سبعون ذراعاً بذراع الملك، فتدخل في دبره وتخرج من منخره. وقيل: تدخل في فيه وتخرج من دبره. وقال نوف البكالي: سبعون ذراعاً، كل ذراع سبعون باعاً، كل باع أبعد مما بينك وبين مكة، وكان في رحبة الكوفة. وقال سفيان: كل ذراع سبعون ذراعاً. قال الحسن: الله أعلم أي ذراع هو.
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، أخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبد الله بن محمود، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن مبارك، عن سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى ابن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن رضاضة مثل هذه -وأشار إلى مثل الجمجمة- أرسلت من السماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنة، لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها".
وعن كعب قال: لو جمع حديد الدنيا ما وزن حلقة منها.
32-" ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً " أي طويلة . "فاسلكوه " فأدخلوه فيها بأن تلقوها على جسده وهو فيما بينها مرهق لا يقدر على حركة ، وتقديم الـ" سلسلة " كتقديم " الجحيم " للدلالة على التخصيص والاهتمام بذكر أنواع ما يعذب به ، و " ثم " لتفاوت ما بينها في الشدة .
32. And then insert him in a chain whereof the length is seventy cubits.
32 - Further, make him march in a chain, whereof the length is seventy cubits!