[الحاقة : 16] وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
16 - (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية) ضعيفة
يقول تعالى ذكره : وانصدعت السماء " فهي يومئذ واهية " يقول : منشقة متصدعة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال : ثنا أبو أسامة ، عن الأجلح ، قال : سمعت الضحاك بن مزاحم ، قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها ، ونزل من فيها من الملائكة ، فأحاطوا بالأرض ومن عليها ، ثم الثانية ، ثم الثالثة ، ثم الرابعة ثم الخامسة ، ثم السادسة ، ثم السابعة ، فصفوا صفاً دون صف ثم نزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم ، فإذا رآها أهل الأرض ندوا ، فلا يأتون قطراً من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة ، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه ، فذلك قول الله " إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم " [ غافر : 32 - 33 ] ، وذلك قوله " وجاء ربك والملك صفا صفا * وجيء يومئذ بجهنم " [ الفجر : 22 - 23 ] ، وقوله " يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان " [ الرحمن : 33 ] ، وذلك قوله " وانشقت السماء فهي يومئذ واهية * والملك على أرجائها " .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وانشقت السماء فهي يومئذ واهية " يعني : متمزقة ضعيفة .
"وانشقت السماء" أي انصدعت وتفطرت. وقيل: تنشق لنزول ما فيها من الملائكة، دليله قوله تعالى: "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا" الفرقان:25 وقد تقدم. "فهي يومئذ واهية" أي ضعيفة. يقال: وهي البناء يهي وهياً فهو واه إذا ضعف جداً. ويقال: كلام واه، أي ضعيف. فقيل: إنها تصير بعد صلابتها بمنزلة الصوف في الوهي، ويكون ذلك لنزول الملائكة كما ذكرنا. وقيل: لهول يوم القيامة. وقيل: "واهية" أي متخرقة، قاله ابن شجرة. مأخوذ من قولهم: وهي السقاء إذا تخرق. ومن أمثالهم:
خـل سبيل مـن وهـي سقاؤه ومـن هـريـق بـالفـلاة مـاؤه
أ ي من كان ضعيف العقل لا يحفظ نفسه.
يقول تعالى مخبراً عن أهوال يوم القيامة وأول ذلك نفخة الفزع ثم يعقبها نفخة الصعق حين يصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله, ثم بعدها نفخة القيام لرب العالمين والبعث والنشور وهي هذه النفخة, وقد أكدها ههنا بأنها واحدة لأن أمر الله لا يخالف ولا يمانع ولا يحتاج إلى تكرار ولا تأكيد, وقال الربيع : هي النفخة الأخيرة والظاهر ما قلناه, ولهذا قال ههنا: "وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة" أي فمدت مد الأديم العكاظي وتبدلت الأرض غير الأرض "فيومئذ وقعت الواقعة" أي قامت القيامة "وانشقت السماء فهي يومئذ واهية" قال سماك عن شيخ من بني أسد عن علي قال: تنشق السماء من المجرة, رواه ابن أبي حاتم وقال ابن جريج : هي كقوله "وفتحت السماء فكانت أبواباً" وقال ابن عباس : متخرقة والعرش بحذائها "والملك على أرجائها" الملك اسم جنس أي الملائكة على أرجاء السماء, قال ابن عباس : على ما لم يه منها أي حافاتها, وكذا قال سعيد بن جبير والأوزاعي , وقال الضحاك : أطرافها, وقال الحسن البصري : أبوابها, وقال الربيع بن أنس في قوله: "والملك على أرجائها" يقول: على ما استدق من السماء ينظرون إلى أهل الأرض.
وقوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة, ويحتمل أن يكون المراد بهذا العرش العظيم أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء, والله أعلم بالصواب. وفي حديث عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب في ذكر حملة العرش أنهم ثمانية أوعال, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد يحيى بن سعيد , حدثنا زيد بن الحباب , حدثني أبو السمح البصري , حدثنا أبو قبيل حيي بن هانىء أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: حملة العرش ثمانية ما بين موق أحدهم إلى مؤخر عينه مسيرة مائة عام. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي قال: كتب إلي أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري , حدثني أبي , حدثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش بعد ما بين شحمة أذنه وعنقه مخفق الطير سبعمائة عام" وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات, وقد رواه أبو داود في كتاب السنة من سننه, حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله , حدثنا أبي , حدثنا إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" هذا لفظ أبي داود .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , حدثنا يحيى بن المغيرة , حدثنا جرير عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" قال: ثمانية صفوف من الملائكة قال: وروي عن الشعبي وعكرمة والضحاك وابن جريج مثل ذلك, وكذا روى السدي عن أبي مالك عن ابن عباس : ثمانية صفوف, وكذا روى العوفي عنه, وقال الضحاك عن ابن عباس : الكروبيون ثمانية أجزاء كل جزء منهم بعدة الإنس والجن والشياطين والملائكة. وقوله تعالى: "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" أي تعرضون على عالم السر والنجوى الذي لا يخفى عليه شيء من أموركم بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر, ولهذا قال تعالى: "لا تخفى منكم خافية" وقد قال ابن أبي الدنيا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل , أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا, فإنه أخف عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم وتزينوا للعرض الأكبر "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".
وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا علي بن رفاعة عن الحسن عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات, فأما عرضتان فجدال ومعاذير, وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله" ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع به وقد رواه الترمذي عن أبي كريب عن علي بن علي بن الحسن عن أبي هريرة به, وقد روى ابن جرير عن مجاهد بن موسى عن يزيد بن سليمان بن حيان عن مروان الأصغر عن أبي وائل عن عبد الله قال: " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات: عرضتان معاذير وخصومات, والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " , ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلاً مثله.
16- "وانشقت السماء فهي يومئذ واهية" أي انشقت بنزول ما فيها من الملائكة فهي في ذلك اليوم ضعيفة مسترخية. قال الزجاج: يقال لكل ما ضعف جداً قد وهي فهو واه، وقال الفراء وهيها تشققها.
16- "وانشقت السماء فهي يومئذ واهية"، ضعيفة. قال الفراء: وهيها: تشققها.
16-" وانشقت السماء " لنزول الملائكة " فهي يومئذ واهية " ضعيفة مسترخية .
16. And the heaven will split asunder, for that day it will be frail.
16 - And the sky will be rent asunder, for it will that Day be flimsy,