[الملك : 25] وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
25 - (ويقولون) للمؤمنين (متى هذا الوعد) وعد الحشر (إن كنتم صادقين) فيه
" ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " يقول جل ثناؤه : ويقول المشركون : متى يكون ما تعدنا من الحشر إلى الله إن كنتم صادقين في وعدكم إيانا ما تعدوننا .
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين" أي متى يوم القيامة! ومتى هذا العذاب الذي تعدوننا به! وهذا استهزاء منهم. وقد تقدم.
يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا معه غيره يبتغون عندهم نصراً ورزقاً, منكراً عليهم فيما اعتقدوه ومخبراً لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه, فقال تعالى: "أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن" أي ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ولا ناصر لكم غيره, ولهذا قال تعالى: "إن الكافرون إلا في غرور" ثم قال تعالى: "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه" أي من هذا الذي إذا قطع الله عنكم رزقه يرزقكم بعده, أي لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق وينصر إلا الله عز وجل وحده لا شريك له, أي وهم يعلمون ذلك ومع هذا يعبدون غيره, ولهذا قال تعالى: "بل لجوا" أي استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم "في عتو ونفور" أي في معاندة واستكبار ونفور على إدبارهم عن الحق لا يسمعون له ولا يتبعونه.
ثم قال تعالى: "أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى! أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم" وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر, فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكباً على وجهه, أي يمشي منحنياً لا مستوياً على وجهه أي لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال, أهذا أهدى "أمن يمشي سوياً" أي منتصب القامة "على صراط مستقيم" أي على طريق واضح بين وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة, هذا مثلهم في الدنيا وكذلك يكونون في الاخرة, فالمؤمن يحشر يمشي سوياً على صراط مستقيم مفض به إلى الجنة الفيحاء, وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم.
" احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم " الايات. أزواجهم: أشباههم. قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا ابن نمير , حدثنا إسماعيل عن نفيع , قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال: "أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادراً على أن يمشيهم على وجوههم" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق وقوله تعالى: "قل هو الذي أنشأكم" أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" أي العقول والإدراك "قليلاً ما تشكرون" أي قلما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره "قل هو الذي ذرأكم في الأرض" أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم, وحلالكم وأشكالكم وصوركم "وإليه تحشرون" أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات, يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم. ثم قال تعالى مخبراً عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " أي متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق " قل إنما العلم عند الله " أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله عز وجل لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه "وإنما أنا نذير مبين" أي وإنما علي البلاغ وقد أديته إليكم.
قال تعالى: "فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا" أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ورأوا أن الأمر كان قريباً لأن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه, فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هناك من الشر أي فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ "هذا الذي كنتم به تدعون" أي تستعجلون.
ثم ذكر سبحانه أنهم يستعجلون العذاب فقال: 25- "ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين" أي متى هذا الوعد الذي تذكرونه لنا من الحشر والقيامة والنار والعذاب إن كنتم صادقين في ذلك. والخطاب منهم للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المؤمنين، وجواب الشرط محذوف، والتقدير إن كنتم صادقين فأخبرونا به أو فبينوه لنا. وهدا منهم استهزاء وسخرية.
25- "ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين".
25-" ويقولون متى هذا الوعد " أي الحشر أو ما وعدوا به من الخسف والحاصب . " إن كنتم صادقين " يعنون النبي عليه الصلاة والسلام والمؤمنين .
25. And they say: When (will) this promise (be fulfilled), if ye are truthful?
25 - They ask: When will this promise be (fulfilled)? If ye are telling the truth.