[الملك : 13] وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
13 - (وأسروا) أيها الناس (قولكم أو اجهروا به إنه) تعالى (عليم بذات الصدور) بما فيها فكيف بما نطقتم وسبب نزول ذلك أن المشركين قال بعضهم لبعض أسروا قولكم لا يسمعكم إلاه محمد
وقوله " وأسروا قولكم أو اجهروا به " يقول جل ثناؤه : وأخفوا قولكم وكلامكم أيها الناس أو أعلنوه وأظهروه " إنه عليم بذات الصدور " يقول : إنه ذو علم بضمائر الصدور التي لم يتكلم بها ، فكيف بما نطق به وتكلم به ، أخفي ذلك أو أعلن ، لأن من لم تخف عليه ضمائر الصدور فغيرها أحرى أن لا يخفى عليه .
قوله تعالى: "وأسروا قولكم أو اجهروا به" اللفظ الأمر والمراد به الخبر، يعني إن أخفيتم كلامكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم أو جهرتم به ف "إنه عليم بذات الصدور" يعني بما في القلوب من الخير والشر. ابن عباس: نزلت في المشركين كانوا ينالون من النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره جبريل عليه السلام، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كي لا يسمع رب محمد، فنزلت: "وأسروا قولكم أو اجهروا به". يعني: أسروا قولكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: في سائر الأقوال. أو اجهروا به، أعلنوه. "إنه عليم بذات الصدور" ذات الصدور ما فيها، كما يسمى ولد المرأة وهو جنين ذا بطنها.
يقول تعالى مخبراً عمن يخاف مقام ربه فيما بينه وبينه إذا كان غائباً عن الناس, فينكف عن المعاصي ويقوم بالطاعات حيث لا يراه أحد إلا الله تعالى بأنه له مغفرة وأجر كبير أي تكفر عنه ذنوبه ويجازى بالثواب الجزيل, كما ثبت في الصحيحين "سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله, ورجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ". وقال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا طالوت بن عباد , حدثنا الحارث بن عبيد عن ثابت عن أنس قال: " قالوا يا رسول الله, إنا نكون عندك على حال فإذا فارقناك كنا على غيره قال: كيف أنتم وربكم ؟ قالوا: الله ربنا في السر والعلانية, قال: ليس ذلكم النفاق" لم يروه عن ثابت إلا الحارث بن عبيد فيما نعلمه ثم قال منبهاً على أنه مطلع على الضمائر والسرائر "وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور" أي بما يخطر في القلوب.
"ألا يعلم من خلق ؟" أي ألا يعلم الخالق, وقيل معناه ألا يعلم الله مخلوقه ؟ والأول أولى لقوله: "وهو اللطيف الخبير", ثم ذكر نعمته على خلقه في تسخيره لهم الأرض وتذليله إياها لهم بأن جعلها قارة ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال وأنبع فيها من العيون, وسلك فيها من السبل, وهيأ فيها من المنافع ومواضع الزروع والثمار فقال تعالى: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها" أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات, واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلا أن ييسره الله لكم, ولهذا قال تعالى: "وكلوا من رزقه" فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا حيوة , أخبرني بكر بن عمرو أنه سمع عبد الله بن هبيرة يقول: إنه سمع أبا سهم الحبشاني يقول: إنه سمع عمر بن الخطاب يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لوأنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير, تغدو خماصاً وتروح بطاناً" رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث ابن هبيرة , وقال الترمذي : حسن صحيح, فأثبت لها رواحاً وغدواً لطلب الرزق مع توكلها على الله عز وجل وهو المسخر المسير المسبب "وإليه النشور" أي المرجع يوم القيامة. قال ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة : مناكبها أطرافها وفجاجها ونواحيها, وقال ابن عباس وقتادة أيضاً: مناكبها الجبال, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عمرو بن حكام الأزدي , حدثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن بشير بن كعب أنه قرأ هذه الاية "فامشوا في مناكبها" فقال لأم ولد له: إن علمت ما مناكبها فأنت عتيقة فقالت: هي الجبال, فسأل أبا الدرداء فقال: هي الجبال.
ثم عاد سبحانه إلى خطاب الكفار فقال: 13- "وأسروا قولكم أو اجهروا به" هذه الجملة مستأنفة مسوقة لبيان تساوي الإسرار والجهر بالنسبة إلى علم الله سبحانه، والمعنى: إن أخفيتم كلامكم أو جهرتم به في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك يعلمه الله لا تخفى عليه منه خافية، وجملة "إنه عليم بذات الصدور" تعليل للاستواء المذكور، وذات الصدور هي مضمرات القلوب.
13- "وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور"، قال ابن عباس: نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره جبريل عليه السلام بما قالوا، فقال بعضهم لبعض: أسروا قولكم كي لا يسمع إله محمد.
13-" وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور " بالضمائر قبل أن يعبر عنها سراً أو جهراً .
13. And keep your opinion secret or proclaim it, lo! He is Knower of all that is in the breasts (of men).
13 - And whether ye hide your word or publish it, he certainly has (full) knowledge, of the secrets of (all) hearts.