[المنافقون : 5] وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
5 - (وإذا قيل لهم تعالوا) معتذرين (يستغفر لكم رسول الله لووا) بالتشديد والتخفيف عطفوا (رؤوسهم ورأيتهم يصدون) يعرضون عن ذلك (وهم مستكبرون)
أخرج ابن جرير عن قتادة قال قيل لعبد الله بن أبي لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه فنزلت فيه وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله الآية وأخرج ابن المنذر عن عكرمة مثله
يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء المنافقين : تعالوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لكم لووا رؤوسهم ، يقول حركوها وهزوها استهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وباستغفاره ، وبتشديد الواو من ( لووا ) قرأت القراء على وجه الخبر عنهم أنهم كرروا هز رؤوسهم وتحريكها وأكثروا ، إلا نافعاً فإنه قرأ ذلك بتخفيف الواو ( لووا ) على وجه أنهم فعلوا ذلك مرة واحدة .
والصواب من القول في ذلك قراءة من شدد الواو لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقوله " ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون " يقول تعالى ذكره : ورأيتهم يعرضون عما دعوا إليه وجوههم " وهم مستكبرون " يقول : وهم مستكبرون عن المصير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم ، وإنما عني بهذه الآيات كلها فيما ذكر ، عبد الله بن أبي سلول ، وذلك أنه قال لأصحابه " لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " وقال " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " فسمع بذلك زيد بن أرقم ، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله عما أخبر عنه ، فحلف أنه ما قاله ، وقيل له : لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسألته أن يستغفر لك ، فجعل يلوي رأسه ويحركه استهزاء ، ويعني بذلك أنه غير فاعل ما أشاروا به عليه ، فأنزل الله عز وجل فيه هذه السورة من أولها إلى أخرها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاءت الأخبار .
ذكر الرواية التي جاءت بذلك :
"حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن آدم ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن زيد بن أرقم ، قال : خرجت مع عمي في غزاة ، فسمعت عبد الله بن أبي سلول يقول لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، قال : فذكرت ذلك لعمي ، فذكره عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل إلي فحدثته ، فأرسل إلى عبد الله عليا رضي الله عنه وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، قال : فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه ، فأصابني هم لم يصبني مثله قط ، فدخلت البيت ، فقال لي عمي ، ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك ! قال : حتى أنزل الله عز وجل " إذا جاءك المنافقون " قال : فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأها ، ثم قال : إن الله عز وجل قد صدقك يا زيد " .
"حدثنا أبو كريب و القاسم بن بشر بن معروف ، قالا : ثنا يحيى بن بكير ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي قال : سمعت زيد بن أرقم قال : لما قال عبد الله بن أبي سلول ما قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ، وقال : " لئن رجعنا إلى المدينة " قال : سمعته فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك ، فلامني ناس من الأنصار ، قال : وجاء هو ، فحلف ما قال ذلك ، فرجعت إلى المنزل فنمت قال : فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بلغني ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن الله تبارك وتعالى قد صدقك وعذرك ، قال : فنزلت الآية " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله "" .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا هاشم أبو النضر ، عن شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، قال : سمعت زيد بن أرقم بهذا الحديث .
"حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن الحكم ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن زيد بن أرقم ، قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ، فقال عبد الله بن أبي سلول " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شيء من ذلك ، قال : فلامني قومي وقالوا : ما أردت إلى هذا ، قال : فانطلقت فنمت كئيباً أو حزيناً ، قال : فأرسل إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم ، أو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن الله قد أنزل عذرك وصدقك ، قال : ونزلت هذه الآية " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " حتى بلغ " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل "" .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، قال : أخبرني ابن عون ، عن محمد ، قال : سمعها زيد بن أرقم ، فرفعها إلى وليه ، قال : فرفعها وليه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فقيل لزيد : وفت أذنك .
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، قال : ثني أبي ، قال : ثني بشير بن مسلم أنه قيل لعبد الله بن أبي ابن سلول : يا أبا حباب إنه قد أنزل فيك آي شداد ، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك ، فلوى رأسه وقال : أمرتموني أن أومن فآمنت ، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا " الآية كلها قرأها إلى " الفاسقين " أنزلت في عبد الله بن أبي ، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بحديث عنه وأمر شديد ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك ، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام ، فلاموه وعذلوه وقيل لعبد الله ، لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يلوي رأسه ، أي لست فاعلاً ، وكذب علي ، فأنزل الله ما تسمعون .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم " قال عبد الله بن أبي ، قيل له تعال ليستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلوى رأسه وقال : ماذا قلت ؟
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال له قومه : لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك ، فجعل يلوي رأسه ، فنزلت فيه " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله " .
قوله تعالى: " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله " لما نزل القرآن بصفتهم مشي إليهم عشائرهم وقالوا: افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق، واطلبوا أن يستغفر لكم. فلووا رؤسهم، أي حركوها استهزاء وإباء، قاله ابن عباس. وعنه أنه كان لعبد الله بن أبي موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله، فقيل له: وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم عليك غضبان، فأته يستغفر لك، فأبي وقال: لا أذهب إليه. وسبب نزول هذه الآيات.
أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل، فازدخم أجير لعمر يقال له: جهجاه مع حليف لعبد الله بن أبي يقال له: سنان على ماء بالمشلل، فصرخ جهجاه بالمهاجرين، وصرخ سنان بالأنصار، فلطم جهجاه سناناً فقال عبد الله بن أبي: أوقدوا فعلوها ! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأغر - يعنى أبياً - الأذل، يعنى محمداً صلى الله عليه وسلم. ثم قال لقومه: كفوا طعامكم عن هذا الرجل، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه. فقال زيد بن أرقم - وهو من رهط عبد الله - أنت والله الذليل المنتقص في قومك، ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومدة من المسلمين، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبداً. فقال عبد الله: اسكت إنما كنت ألعب.
فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله، فأقسم بالله ما فعل ولا قال، فعذره النبي صلى الله عليه وسلم. قال زيد: فوجدت في نفسي ولا مني الناس ، فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله. فقيل لعبد الله: قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك، فألوى برأسه، فنزلت الآيات. خرجه البخاري ومسلم والترمذي بمعناه. وقد تقدم أول السورة. وقيل: " يستغفر لكم " يستتبكم من النفاق ، لأن التوبة استغفار.
" رأيتهم يصدون وهم مستكبرون " أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان.
وقرأ نافع لووا بالتخفيف. وشدد الباقون، واختاره أبو عبيد وقال: هو فعل لجماعة النحاس: وغلط في هذا، لأنه نزل في عبد الله بن أبي لما قيل له: تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك رأسه استهزاء. فإن قيل: كيف أخبر عنه بفعل الجماعة ؟ قيل له: العرب تفعل هذا إذا كنت عن الإنسان. انشد سيبوبة لحسان:
ظننتم بأن يخفي الذي قد صنعتهم وفينا رسول عنده الوحي واضعه
وإنما خاطب حسان ابن الأبيرق في شئ سرقه بمكة. وقصدته مشهورة.
وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله. وقيل: قال ابن أبي لما لوى رأسه أمرتموني أن أو من فقد آمنت، وأن أعطي زكاة مالي فقط
أعطيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد !.
يقول تعالى مخبراً عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم" أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكباراً عن ذلك واحتقاراً لما قيل لهم, ولهذا قال تعالى: "ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون" ثم جازاهم على ذلك فقال تعالى: "سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين" كما قال في سورة براءة, وقد تقدم الكلام على ذلك وإيراد الأحاديث المروية هنالك.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا ابن أبي عمر العدني قال: قال سفيان "لووا رؤوسهم" قال ابن أبي عمر: وحول سفيان وجهه على يمينه ونظر شزراً ثم قال: هو هذا. وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبي بن سلول كما سنورده قريباً إن شاء الله تعالى, وبه الثقة وعليه التكلان. وقد قال محمد بن إسحاق في السيرة: ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة, يعني مرجعه من أحد, وكان عبد الله بن أبي بن سلول كما حدثني ابن شهاب الزهري له مقام يقومه كل جمعة, لا ينكر شرفاً له من نفسه ومن قومه, وكان فيهم شريفاً, إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال: أيها الناس, هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم, أكرمكم الله به وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا, ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع, يعني مرجعه بثلث الجيش ورجع الناس, قام يفعل ذلك كما كان يفعله, فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا: اجلس, أي عدو الله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت, فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول: والله لكأنما قلت بجراً أأن قمت أشدد أمره, فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد فقالوا: ويلك مالك ؟ قال: قمت أشدد أمره فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني, لكأنما قلت بجراً أأن قمت أشدد أمره. قالوا: ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: والله ما أبتغي أن يستغفر لي, وقال قتادة والسدي: أنزلت هذه الاية في عبد الله بن أبي, وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فحدثه بحديث عنه وأمر شديد, فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك, وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعزلوه, وأنزل الله فيه ما تسمعون, وقيل لعدو الله: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يلوي رأسه, أي لست فاعلاً, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو الربيع الزهراني, حدثنا حماد بن زيد, حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يصلي فيه, فلما كانت غزوة تبوك بلغه أن عبد الله بن أبي بن سلول قال: ليخرجن الأعز منها الأذل, فارتحل قبل أن ينزل آخر النهار, وقيل لعبد الله بن أبي: ائت النبي صلى الله عليه وسلم حتى يستغفر لك, فأنزل الله تعالى: " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون * وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون * وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم " وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير. وقوله: إن ذلك كان في غزوة تبوك فيه نظر بل ليس بجيد, فإن عبد الله بن أبي بن سلول لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك, بل رجع بطائفة من الجيش, وإنما المشهور عند أصحاب المغازي والسير أن ذلك في غزوة المريسيع, وهي غزوة بني المصطلق.
وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة في قصة بني المصطلق, فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري, وكان أجيراً لعمر بن الخطاب وسنان بن وبر قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال: ازدحما على الماء فاقتتلا, فقال سنان: يا معشر الأنصار, وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين, وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد الله بن أبي, فلما سمعها قال: قد ثاورونا في بلادنا, والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك, والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, ثم أقبل على من عنده من قومه وقال: ما صنعتم بأنفسكم, أحللتموهم بلادكم, وقاسمتموهم أموالكم, أما والله لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها, فسمعها زيد بن أرقم رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهو غليم عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه, فأخبره الخبر, فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله مر عباد بن بشر فليضرب عنقه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمداً يقتل أصحابه, لا, ولكن ناد يا عمر الرحيل" فلما بلغ عبد الله بن أبي أن ذلك قد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فاعتذر إليه, وحلف بالله ما قال, ما قال عليه زيد بن أرقم, وكان عند قومه بمكان فقالوا: يا رسول الله عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل.
وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها, فلقيه أسيد بن الحضير رضي الله عنه فسلم عليه بتحية النبوة ثم قال: والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبي ؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل" قال: فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل. ثم قال: ارفق به يا رسول الله, فوالله لقد جاء الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه, فإنه ليرى أن قد سلبته ملكاً, فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا, وصدر يومه حتى اشتد الضحى ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث, فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا ونزلت سورة المنافقين. وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ, أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى, حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان, حدثنا عمر بن دينار, سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار: فقال الأنصاري: ياللأنصار! وقال المهاجرين يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بال دعوى الجاهلية ؟ دعوها فإنها منتنة".
وقال عبد الله بن أبي بن سلول: وقد فعلوها, والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, قال جابر: وكان الأنصار بالمدينة أكثر من المهاجرين حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم كثر المهاجرون بعد ذلك, فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" ورواه الإمام أحمد عن حسين بن محمد المروزي عن سفيان بن عيينة, ورواه البخاري عن الحميدي ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان به نحوه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة عن الحكم, عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد الله بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته, قال: فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شيء من ذلك, قال: فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا ؟ قال: فانطلقت فنمت كئيباً حزيناً, قال: فأرسل إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله قد أنزل عذرك وصدقك" قال: فنزلت هذه الاية " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " ورواه البخاري عند هذه الاية عن آدم بن أبي إياس عن شعبة, ثم قال: وقال ابن أبي زائدة عن الأعمش عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم, ورواه الترمذي والنسائي عندها أيضاً من حديث شعبة به.
(طريق أخرى عن زيد) قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير قالا: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم, وقال ابن أبي بكير عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, فذكرت ذلك لعمي فذكره عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته, فأرسل إلى عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه فحلفوا بالله ما قالوا, فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط, وجلست في البيت فقال عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك! قال حتى أنزل الله "إذا جاءك المنافقون" قال: فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثم قال: "إن الله قد صدقك". ثم قال أحمد أيضاً: حدثنا حسن بن موسى, حدثنا زهير, حدثنا أبو إسحاق أنه سمع زيد بن أرقم يقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينفضوا من حوله, وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله, فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا: كذب زيد يا رسول الله, فوقع في نفسي مما قالوا فأنزل الله تصديقي "إذا جاءك المنافقون" قال ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم.
وقوله تعالى: "كأنهم خشب مسندة" قال كانوا رجالاً أجمل شيء, وقد رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث زهير ورواه البخاري أيضاً والترمذي من حديث إسرائيل كلاهما عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي عن زيد به.
(طريق أخرى عن زيد) قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد, حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن السدي عن أبي سعيد الأزدي, قال: حدثنا زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان معنا أناس من الأعراب, فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا إليه فسبق أعرابي أصحابه ليملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه, قال: فأتى رجل من الأنصار الأعرابي فأرخى زمام ناقته لتشرب, فأبى أن يدعه فانتزع حجراً فغاض الماء, فرفع الأعرابي خشبته فضرب بها رأس الأنصاري فشجه, فأتى عبد الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره, وكان من أصحابه فغضب عبد الله بن أبي ثم قال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله, يعني الأعراب, وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام, فقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمداً بالطعام فليأكل هو ومن معه, ثم قال لأصحابه: لئن رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل.
قال زيد وأنا ردف عمي, قال فسمعت عبد الله بن أبي يقول ما قال, فأخبرت عمي فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف وجحد, قال فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني, قال فجاء إلي عمي فقال ما أردت إلا أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبك والمسلمون, قال فوقع علي من الغم ما لم يقع على أحد قط, قال فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر, وقد خفقت برأسي من الهم, إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي, فما كان يسرني أن لي بها الخلد في الدنيا, ثم إن أبا بكر لحقني وقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: ما قال شيئاً إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي, فقال: أبشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر, فلما أن أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين. انفرد بإخراجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا رواه الحافظ البيهقي عن الحاكم عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبوبي عن سعيد بن مسعود عن عبيد الله بن موسى به, وزاد بعد قوله سورة المنافقين " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله " حتى بلغ " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " حتى بلغ " ليخرجن الأعز منها الأذل ".
وقد روى عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عروة بن الزبير في المغازي, وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه أيضاً هذه القصة بهذا السياق, ولكن جعلا الذي بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام عبد الله بن أبي بن سلول إنما هو أوس بن أرقم من بني الحارث بن الخزرج, فلعله مبلغ آخر أو تصحيف من جهة السمع والله أعلم. وقد قال ابن أبي حاتم رحمه الله: حدثنا محمد بن عزيز الأيلي, حدثني سلامة, حدثني عقيل, أخبرني محمد بن مسلم أن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت الأنصاري أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المريسيع, وهي التي هدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مناة الطاغية التي كانت بين قفا المشلل وبين البحر, فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فكسر مناة, فاقتتل رجلان في غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك أحدهما من المهاجرين والاخر من بهز, وهم حلفاء الأنصار, فاستعلى الرجل الذي من المهاجرين على البهزي فقال البهزي: يا معشر الأنصار, فنصره رجال من الأنصار, وقال المهاجري: يا معشر المهاجرين, فنصره رجال من المهاجرين حتى كان بين أولئك الرجال من المهاجرين والرجال من الأنصار شيء من القتال, ثم حجز بينهم فانكفأ كل منافق أو رجل في قلبه مرض إلى عبد الله بن أبي بن سلول فقال: قد كنت ترجى وتدفع فأصبحت لا تضر ولا تنفع, قد تناصرت علينا الجلابيب وكانوا يدعون كل حديث الهجرة الجلابيب, فقال عبد الله بن أبي عدو الله: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.
قال مالك بن الدخشن وكان من المنافقين: ألم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا, فسمع بذلك عمر بن الخطاب فأقبل يمشي حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضرب عنقه, يريد عمر عبد الله بن أبي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: "أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله ؟" قال عمر: نعم والله لئن أمرتني بقتله لأضربن عنقه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" فأقبل أسيد بن حضير وهو أحد الأنصار ثم أحد بني عبد الأشهل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس أضرب عنقه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو قاتله أنت إن أمرتك بقتله ؟" قال: نعم والله لئن أمرتني بقتله لأضربن بالسيف تحت قرط أذنيه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آذنوا بالرحيل" فهجر بالناس فسار يومه وليلته والغد حتى متع النهار, ثم نزل ثم هجر بالناس مثلها حتى صبح بالمدينة في ثلاث سارها من قفا المشلل.
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أرسل إلى عمر فدعاه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي عمر أكنت قاتله لو أمرتك بقتله ؟" قال عمر: نعم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لو قتلته يومئذ لأرغمت أنوف رجال لو أمرتهم اليوم بقتله امتثلوه, فيتحدث الناس أني قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبراً" وأنزل الله عز وجل " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنا إلى المدينة " الاية. وهذا سياق غريب وفيه أشياء نفيسة لا توجد إلا فيه, وقال محمد بن إسحاق بن يسار: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد الله بن عبد الله بن أبي لما بلغه ما كان من أمر أبيه أتى رسول الله فقال: يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه, فإن كنت فاعلاً فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه, فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني, إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا".
وذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد الله بن عبد الله هذا على باب المدينة, واستل سيفه فجعل الناس يمرون عليه, فلما جاء أبوه عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك! فقال: مالك ويلك ؟ فقال: والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه العزيز وأنت الذليل, فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إنما يسير ساقة فشكا إليه عبد الله بن أبي ابنه, فقال ابنه عبد الله: والله يا رسول الله لا يدخلها حتى تأذن له, فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إذا أذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فجز الان. وقال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي في مسنده: حدثنا سفيان بن عيينة, حدثنا أبو هارون المدني قال: قال عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول لأبيه: والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز وأنا الأذل, قال وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد أن تقتل أبي فو الذي بعثك بالحق, ما تأملت وجهه قط هيبة له, ولئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك فإني أكره أن أرى قاتل أبي.
5- "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله" أي إذا قال لهم القائل من المؤمنين قد نزل فيكم ما نزل من القرآن فتوبوا إلى الله ورسوله وتعالوا يستغفر لكم رسول الله "لووا رؤوسهم" أي حركوها استهزاء بذلك. قال مقاتل: عطفوا رؤوسهم رغبة من الاستغفار. قرأ الجمهور "لووا" بالتشديد وقرأ نافع بالتخفيف واختار القراءة الأولى أبو عبيد، "ورأيتهم يصدون" أي يعرضون عن قول من قال لهم: تعالوا يستغفر لكم رسول الله، أو يعرضون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجملة "وهم مستكبرون" في محل نصب على الحال من فاعل الحال الأولى، وهي يصدون، لأن الرؤية بصرية فيصدون في محل نصب على الحال، والمعنى: ورأيتهم صادين مستكبرين.
5- "وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم"، أي عطفوا وأعرضوا بوجوههم رغبةً عن الاستغفار.
قرأ نافع ويعقوب "لووا" بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد، لأنهم فعلوه مرة بعد مرة.
"ورأيتهم يصدون"، يعرضون عما دعوا إليه، "وهم مستكبرون"، متكبرون عن استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم.
5-" وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم " عطفوها أعراضاً واستكباراً عن ذلك ، وقرأ نافع بتخفيف الواو . " رأيتهم يصدون " يعرضون عن الاستغفار . " وهم مستكبرون " عن الاعتذار .
5. And when it is said unto them: Come! The messenger of Allah will ask forgiveness for you! they avert their faces and thou seest them turning away, disdainful.
5 - And when it is said to them, Come, the Apostle of God will pray for your Forgiveness, they turn aside their heads, and thou wouldst see them turning away their faces in arrogance.