[الممتحنة : 8] لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
8 - (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم) من الكفار (في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) بدل اشتمال من الذين (وتقسطوا) تقضوا (إليهم) بالقسط أي بالعدل وهذا قبل الأمر بجهادهم (إن الله يحب المقسطين) العادلين
وأخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت أتتني أمي راغبة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أأصلها قال نعم فأنزل الله فيها لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
وأخرج أحمد والبزار الحاكم وصححه عن عبد الله بن الزبير قال قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية فقدمت على ابنتها بهدايا فأبت أسماء ان تقبلها منها أو تدخلها منزلها حتى أرسلت إلى عائشة أن سلي عن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرها ان تقبل هداياها وتدخلها منزلها فأنزل الله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين الآية
يقول تعالى ذكره " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " من أهل مكة " ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم " يقول وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم ، وبركم بهم .
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية ، فقال بعضهم عني بها : الذين كانوا آمنوا بمكة ولم يهاجروا ، فأذن الله للمؤمنين بببرهم والإحسان إليهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " أن تستغفروا لهم ، و " تبروهم وتقسطوا إليهم " قال : وهم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا .
وقال آخرون : عني بها من غير أهل مكة من لم يهاجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، قال : ثنا هارون بن معروف ، قال : ثنا بشر بن السري ، قال : ثنا مصعب بن ثابت ، عن عمه عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : نزلت في أسماء بنت أبي بكر ، وكانت لهم أم في الجاهلية يقال لها قتيلة ابنة عبد العزيى ، فأتتها بهدايا وصناب وأقط وسمن ، فقالت : لا أقبل لك هدية ، ولا تدخلي علي حتى ياذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " إلى قوله " المقسطين " .
قال : ثنا إبراهيم بن الحجاج ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، قال : ثنا مصعب بن ثابت ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : قدمت قتيلة بنت عبد العزى بن سعد من بني مالك بن حسل على ابنتها أسماء بنت أبي بكر ، فذكر نحوه .
وقال آخرون : بل عني بها من مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين ، ولم يخرجوهم من ديارهم ، قال : ونسخ الله ذلك بعد بالأمر بقتالهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، وسألته عن قول الله عز وجل : " لا ينهاكم الله " فقال : هذا قد نسخ ، نسخه القتال ، أمروا أن يراجعوا إليهم بالسيوف ، ويجاهدوهم بها ، يضربوهم ، وضرب الله لهم أجل أربعة أشهر ، إما المذابحة ، وإما الإسلام .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " لا ينهاكم الله " قال : نسختها " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عني بذلك ، لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم ، وتقسطوا إليهم ، لأن الله عز وجل عم بقول " الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم " جميع من كان ذلك صفته ، فلم يخصص به بعضاً دون بعض ، ولا معنى لقول من قال : ذلك منسوخ ، لأن بر المؤمن من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب ، أو ممن لا قرابة بينه وبينه ولا نسب غير محرم ولا منهي عنه إذا لم يكن في ذلك دلالة له ، أو لأهل الحرب على عورة لأهل الإسلام ، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح ، قد بين صحة ما قلنا في ذلك ، الخبر الذين ذكرناه عن ابن الزبير في قصة أسماء وأمها .
وقوله " إن الله يحب المقسطين " يقول : إن الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ، ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم ، فيبرون من برهم ، ويحسنون إلى من أحسن إليهم .
قوله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " فيه ثلاث مسائل :
الأولى : هذه الآية رخصة من الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم قال ابن زيد : كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال ثم نسخ ، قال قتادة نسختها : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " [ التوبة : 5 ] ، وقيل : كان هذا الحكم لعلة وهو الصلح ، فلما زال الصلح بفتح مكة نسخ الحكم وبقي الرسم يتلى .
وقيل : هي مخصوصة في حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بينه وبينه عهد لم ينقضه ، قاله الحسن .
الكلبي : هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف ، وقاله أبو صالح ، وقال : هم خزاعة وقال مجاهد : هي مخصوصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا ، وقيل : يعني به النساء والصبيان لأنهم ممن لا يقاتل ، فأذن الله في برهم ، حكاه بعض المفسرين ، وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة واحتجوا : بـ " أن أسماء بنت أبي بكر سألت النبي صلى الله عليه وسلم : هل تصل أمها حين قدمت عليها مشركة ؟ قال : نعم " ، خرجه البخاري و مسلم .
وقيل : إن الآية فيها نزلت ، ورى عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه ، أن أبا بكر الصديق طلق امرأته قتيلة في الجاهلية ، وهي أم أسماء بنت أبي بكر ، فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش ، فأهدت إلى أسماء بنت أبي بكر الصديق قرطاً وأشياء ، فكرهت أن تقبل منها حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له ، فأنزل الله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين " ، وذكر هذا الخبر الماوردي وغيره ، وخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده .
الثانية : قوله تعالى : " أن تبروهم " (( أن )) في موضع خفض على البدل من (( الذين )) ، أي لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم ، وهم خزاعة ، صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً ، فأمر ببرهم والوفاء لهم إلى أجلهم ، حكاه الفراء ، " وتقسطوا إليهم " أي تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة ، وليس يريد به من العدل ، فإن العدل واجب فيمن قاتل وفيمن لم يقاتل ، قاله ابن العربي .
الثالثة : قال القاضي أبو بكر في كتاب الأحكام له : (( استدل به بعض من تعقد عليه الخناصر على وجوب نفقة الابن المسلم على أبيه الكافر ، وهذه وهلة عظيمة ، إذ الإذن في الشيء أو ترك النهي عنه لا يدل على وجوبه ، وإنما يعطيك الإباحة خاصة ، وقد بينا إن إسماعيل بن إسحاق القاضي دخل عليه ذمي فأكرمه ، فأخذ عليه الحاضرون في ذلك ، فتلا هذه الآية عليهم )) .
يقول تعالى لعباده المؤمنين بعد أن أمرهم بعداوة الكافرين "عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة" أي محبة بعد البغضة ومودة بعد النفرة وألفة بعد الفرقة "والله قدير" أي على ما يشاء من الجمع بين الأشياء المتنافرة والمتباينة والمختلفة فيؤلف بين القلوب بعد العداوة والقساوة فتصبح مجتمعة متفقة, كما قال تعالى ممتناً على الأنصار "واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" الاية. وكذا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟" وقال الله تعالى: " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم " وفي الحديث "أحبب حبيبك هوناً ما فعسى أن يكون بغيضك يوماً ما, وأبغض بغيضك هوناً ما فعسى أن يكون حبيبك يوماً ما" وقال الشاعر:
وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
وقوله تعالى: "والله غفور رحيم" أي يغفر للكافرين كفرهم إذا تابوا منه وأنابوا إلى ربهم وأسلموا له, وهو الغفور الرحيم بكل من تاب إليه من أي ذنب كان.
وقد قال مقاتل بن حيان: إن هذه الاية نزلت في أبي سفيان صخر بن حرب, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ابنته, فكانت هذه مودة ما بينه وبينه, وفي هذا الذي قاله مقاتل نظر, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بأم حبيبة بنت أبي سفيان قبل الفتح, وأبو سفيان إنما أسلم ليلة الفتح بلا خلاف, وأحسن من هذا ما رواه ابن أبي حاتم حيث قال: قرى على محمد بن عزيز, حدثني سلامة, حدثني عقيل, حدثني ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان صخر بن حرب على بعض اليمن, فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل فلقي ذا الخمار مرتداً فقاتله, فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين, قال ابن شهاب: وهو ممن أنزل الله فيه "عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة" الاية. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس أن أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاث أعطنيهن قال: "نعم" قال: تأمرني أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين, قال: "نعم" قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك, قال: "نعم" قال: وعندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها ـ الحديث ـ وقد تقدم الكلام عليه.
وقوله تعالى: " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم " أي يعاونوا على إخراجكم أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين كالنساء والضعفة منهم "أن تبروهم" أي تحسنوا إليهم "وتقسطوا إليهم" أي تعدلوا "إن الله يحب المقسطين" قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا, فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ قال: "نعم صلي أمك" أخرجاه. وقال الإمام أحمد: حدثنا عارم, حدثنا عبد الله بن المبارك, حدثنا مصعب بن ثابت, حدثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا صناب وأقط وسمن وهي مشركة, فأبت أسماء أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها. فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم, فأنزل الله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين" إلى آخر الاية. فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها.
وهكذا رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث مصعب بن ثابت به, وفي رواية لأحمد ولابن جرير قتيلة بنت عبد العزى بن عبد أسعد من بني مالك بن حسل, وزاد ابن أبي حاتم في المدة التي كانت بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار: حدثنا عبد الله بن شبيب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو قتادة العدوي عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة وأسماء أنهما قالتا: قدمت علينا أمنا المدينة وهي مشركة في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش فقلنا يا رسول الله إن أمنا قدمت علينا المدينة وهي راغبة أفنصلها ؟ قال: "نعم فصلاها ؟" ثم قال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة إلا من هذا الوجه.
(قلت): وهو منكر بهذا السياق لأن أم عائشة هي أم رومان وكانت مسلمة مهاجرة وأم أسماء غيرها كما هو مصرح باسمها في هذه الأحاديث المتقدمة والله أعلم. وقوله تعالى: "إن الله يحب المقسطين" قد تقدم تفسير ذلك في سورة الحجرات وأورد الحديث الصحيح "المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش, الذين يعدلون في حكمهم وأهاليهم وما ولوا".
وقوله تعالى: "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم" أي إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم بالعداوة فقاتلوكم وأخرجوكم وعاونوا على إخراجكم ينهاكم الله عز وجل عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم, ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال: "ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين".
ثم لما ذكر سبحانه ما ينبغي للمؤمنين من معاداة الكفار وترك موادتهم فصل القول فيمن يجوز بره منهم ومن لا يجوز فقال: 8- "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم" أي لا ينهاكم عن هؤلاء "أن تبروهم" هذا بدل من الموصول بدل اشتمال. وكذا قوله: "وتقسطوا إليهم" يقال أقسطت إلى الرجل: إذا عاملته بالعدل. قال الزجاج: المعنى وتعدلوا فيما بينكم وبينهم من الوفاء بالعهد "إن الله يحب المقسطين" أي العادلين، ومعنى الآية: أن الله سبحانه لا ينهى عن بر أهل العهد من الكفار الذين عاهدوا المؤمنين على ترك القتال، وعلى أن لا يظاهروا الكفار عليهم. ولا ينهى عن معاملتهم بالعدل. قال ابن زيد: كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتار ثم نسخ. قال قتادة: نسختها "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" وقيل هذا الحكم كان ثابتاً في الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش، فلما زال الصلح بفتح مكة نسخ الحكم. وقيل هي خاصة في حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بينه وبينه عهد قاله الحسن. وقال الكلبي: هم خزاعة وبنو الحارث بن عبد مناف. وقال مجاهد: هي خاصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا، وقيل هي خاصة بالنساء والصبيان. وحكى القرطبي عن أكثر أهل التأويل أنها محكمة.
ثم رخص الله تعالى في صلة الذين لم يعادوا / المؤمنين ولم يقاتلوهم فقال:
8- "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم"، أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم، "وتقسطوا إليهم"، تعدلوا فيهم بالإحسان والبر، "إن الله يحب المقسطين"، قال ابن عباس: نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه أحداً، فرخص الله في برهم.
وقال عبد الله بن الزبير: نزلت في أسماء بنت أبي بكر، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى قدمت عليها بالمدينة بهدايا، ضباباً وأقطاً وسمناً، وهي مشركة، فقالت أسماء: لا أقبل منك هدية ولا تدخلي علي بيتي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها منزلها وتقبل هديتها وتكرمها وتحسن إليها.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا قتيبة، حد\ثنا حاتم عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: "قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدتهم مع أبيها فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها؟ قال: صليها".
وروي عن ابن عيينة قال: فأنزل الله فيها "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين".
8-" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم " أي لا ينهاكم عن مبرة هؤلا ء لأن قوله : " أن تبروهم " بدل من " الذين " . " وتقسطوا إليهم " وتفضوا إليهم بالقسط أي العدل " إن الله يحب المقسطين " العادلين ، روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ، فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول فنزلت .
8. Allah forbiddeth you not those who warred not against you on account of religion and drove you not out from your homes, that ye should show them kindness and deal justly with them. Lo ! Allah loveth the just dealers.
8 - God forbids you not, with regard to those who fight you not for (your) Faith nor drive you out of your homes, from dealing kindly and justly with them: for God loveth those who are just.