[الأنعام : 8] وَقَالُواْ لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ
8 - (وقالوا لولا) هلا (أنزل عليه) على محمد صلى الله عليه وسلم (ملك) يصدقه (ولو أنزلنا ملكا) كما اقترحوا فلم يؤمنوا (لقضي الأمر) بهلاكهم (ثم لا ينظرون) يمهلون لتوبة أو معذرة كعادة الله فيمن قبلهم من إهلاكهم عند وجود مقترحهم إذا لم يؤمنوا
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المكذبون بأياتي، العادلون بي الأنداد والالهة، يا محمد، إنك لو دعوتهم إلى توحيدي والإقرار بربوبيت ، وإذا أتيتهم من الآيات والعبر بما أتيتهم به، واحتججت عليهم بما احتججت عليهم مما قطعت به عذرهم: هلا نزل عليك ملك من السماء في صورته، يصدقك على ما جئتنا به، ويشهد لك بحقيقة ما تدعي من أن الله أرسلك إلينا! كما قال تعالى ذكره مخبراً عن المشركين في قيلهم لنبي الله صلى الله عليه وسلم: "وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا" [الفرقان:7] "ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: ولو أنزلنا ملكاً على ما سألوا، ثم كفروا ولم يؤمنوا بي وبرسولي، لجاءهم العذاب عاجلً ًغير آجل، ولم ينظروا فيؤخروا بالعقوبة مراجعة التوبة، كما فعلت بمن قبلهم من الأمم التي سألت الآيات، ثم كفرت بعد مجيئها، من تعجيل النقمة، وترك الإنظار، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: لجاءهم العذاب. حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، يقول: ولو أنهم أنزلنا إليهم ملكاً، ثم لم يؤمنوا، لم ينظروا.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "لولا أنزل عليه ملك" في صورته، "ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر"، لقامت الساعة.
حدثنا ابن وكيع، عن أبيه قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان الثوري، عن عكرمة: "لقضي الأمر"، قال لقامت الساعة.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة: "ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر"، قال يقول: لو أنزل الله ملكاً ثم لم يؤمنوا، لعجل لهم العذاب.
وقال آخرون في ذلك بما:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال، أخبرنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس قوله: "ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون"، قال: لو أتاهم ملك في صورته لماتوا، ثم لم يؤخروا طرفة عين.
قوله تعالى :" وقالوا لولا أنزل عليه ملك " اقترحوا هذا أيضاً و لولا بمعنى هلا " ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر " قال ابن عباس: لو رأوا الملك على صورته لماتوا إذ لا يطيقون رؤيته مجاهد وعكرمة، لقامت الساعة قال الحسن وقتادة : لأهلكوا بعذاب الاستئصال لأن الله أجرى سنته بأن من طلب آية فأظهرت له فلم يؤمن أهله الله في الحال " ثم لا ينظرون " أي لا يمهلون ولا يؤخرون .
يقول تعالى مخبراً عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق, ومباهتتهم ومنازعتهم فيه, "ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم" أي عاينوه ورأوا نزوله, وباشروا ذلك, "لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" وهذا كما قال تعالى مخبراً عن مكابرتهم للمحسوسات " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " وكقوله تعالى: "وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم" "وقالوا لولا أنزل عليه ملك" أي ليكون معه نذيراً, قال الله تعالى: "ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون" أي لو نزلت الملائكة على ما هم عليه, لجاءهم من الله العذاب, كما قال الله تعالى: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذاً منظرين" وقوله "يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين" الاية. وقوله تعالى: "ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولو أنزلنا مع الرسول البشري ملكاً, أي لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكياً, لكان على هيئة الرجل ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه, ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر, كما هم يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشري, كقوله تعالى: "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً" فمن رحمته تعالى بخلقه, أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم, ليدعو بعضهم بعضاً, وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض, في المخاطبة والسؤال, كما قال تعالى: " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم " الاية, قال الضحاك عن ابن عباس في الاية يقول: لو أتاهم ملك, ما أتاهم إلا في صورة رجل, لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور, "وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون, وقال الوالبي عنه: ولشبهنا عليهم. وقوله " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه, ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة, في الدنيا والاخرة, ثم قال تعالى: "قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين" أي فكروا في أنفسكم, وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية, الذين كذبوا رسله, وعاندوهم, من العذاب والنكال والعقوبة في الدنيا, مع ما ادخر لهم من العذاب الأليم, في الاخرة, وكيف نجى رسله وعباده المؤمنين.
قوله: 8- "وقالوا لولا أنزل عليه ملك" هذه الجملة مشتملة على نوع آخر من أنواع جحدهم لنبوته صلى الله عليه وسلم وكفرهم بها: أي قالوا هلا أنزل الله عليك ملكاً نراه ويكلمنا أنه نبي حتى نؤمن به ونتبعه؟ كقولهم: "لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً". "ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر" أي لو أنزلنا ملكاً على الصفة التي اقترحوها بحيث يشاهدونه ويخاطبونه ويخاطبهم "لقضي الأمر" أي لأهلكناهم إذ لم يؤمنوا عند نزوله ورؤيتهم له، لأن مثل هذه الآية البينة، وهي نزول الملك على تلك الصفة إذا لم يقع الإيمان بعدها فقد استحقوا الإهلاك والمعالجة بالعقوبة "ثم لا ينظرون" أي لا يمهلون بعد نزوله ومشاهدتهم له، وقيل إن المعنى: إن الله سبحانه لو أنزل ملكاً مشاهداً لم تطق قواهم البشرية أن يبقوا بعد مشاهدته أحياء، بل تزهق أرواحهم عند ذلك فيبطل ما أرسل الله له رسله وأنزل به كتبه من هذا التكليف الذي كلف به عباده "لنبلوهم أيهم أحسن عملاً".
8- " وقالوا لولا أنزل عليه "، على محمد صلى الله عليه وسلم، " ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر "،أي: لوجب العذاب، وفرغ من الأمر، وهذا سنه الله في الكفار أنهم متى اقترحوا آية فأنزلت ثم لم يؤمنوا استؤصلوا بالعذاب، " ثم لا ينظرون "، أي: لا يؤجلون ولا يمهلون، وقال قتادة ، لو أنزلنا ملكاً ثم لم يؤمنوا لعجل لهم العذاب ولم يؤخروا طرفة عين، وقال مجاهد: لقضي الأمر أي لقامت القيامة،وقال الضحاك : لو أتاهم ملك في صورته لماتوا .
8- " وقالوا لولا أنزل عليه ملك " هلا أنزل معه ملك يكلمنا أنه نبي كقوله: " لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً ". " ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر " جواب لقولهم وبيان هو المانع مما اقترحوه والخلل فيه، والمعنى أن الملك لو أنزل بحيث عاينوه كما اقترحوا لحق إهلاكهم فإن سنة الله قد جرت بذلك فيمن قبلهم. " ثم لا ينظرون " بعد نزوله طرفة عين .
8. They say: Why hath not an angel been sent down unto him? If We sent down an angel, then the matter would be judged; no further time would be allowed them (for reflection).
8 - They say: why is it not an angel sent down to him? if we did send down an angel, the matter would be settled at once, and no respite would be granted them.