[الأنعام : 65] قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ
65 - (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) من السماء كالحجارة والصيحة (أو من تحت أرجلكم) كالخسف (أو يلبسكم) يخلطكم (شيعا) فرقا مختلفة الأهواء (ويذيق بعضكم بأس بعض) بالقتال قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت : "هذا أهون وأيسر" ولما نزل ما قبله : "أعوذ بوجهك" رواه البخاري وروى مسلم حديث "سألت ربي ألا يجعل بأس أمتي بينهم فمنعنيها" وفي حديث "لما نزلت قال أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد" (انظر كيف نصرف) نبين لهم (الآيات) الدالات على قدرتنا (لعلهم يفقهون) يعلمون أن ما هم عليه باطل
ك قوله تعالى قل هو القادر الآيات أخرج ابن أبي حاتم عن زيد ابن أسلم قال لما نزلت قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف قالوا ونحن نشهد أن لا إله الا الله وأنك رسول الله فقال بعض الناس لا يكون هذا أبدا أن يقتل بعضنا بعضا ونحن مسلمون فنزلت انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء العادلين بربهم غيره من الأصنام والأوثان، يا محمد: إن الذي ينجيكم من ظلمات البر والبحر ومن كل كرب، ثم تعودون للإشراك به، هو القادر على أن يرسل عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم، لشرككم به، وادعائكم معه إلها آخر غيره، وكفرانكم نعمه، مع إسباغه عليكم آلاءه ومننه.
وقد اختلف أهل التأويل في معنى العذاب الذي توعد الله به هؤلاء القوم أن يبعثه عليهم من فوقهم أو من تحت أرجلهم.
فقال بعضهم: أما العذاب الذي توعدهم به أن يبعثه عليهم من فوقهم، فالرجم. وأما الذي توعدهم أن يبعثه عليهم من تحتهم، فالخسف.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار وابن وكيع قالا، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن السدي، عن أبي مالك: عذاباً من فوقهم، أو من تحت أرجلهم، قال: الخسف. حدثنا سفيان قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن الأشجعي عن سفيان، عن السدي، عن أبي مالك وسعيد بن جبير، مثله.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، قال الخسف.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"، فعذاب السماء، "أو من تحت أرجلكم"، فيخسف بكم الأرض.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" قال: كان ابن مسعود يصيح وهو في المجلس أو على المنبر: ألا أيها الناس، إنه نزل بكم، إن الله يقول: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"، لو جاءكم عذاب من السماء لم يبق منكم أحد، "أو من تحت أرجلكم"، لو خسف بكم الأرض أهلككم، لم يبق منكم أحد، "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"، إلا إنه نزل بكم أسوأ الثلاث.
وقال آخرون: عنى بالعذاب من فوقكم، أئمة السوء، "أو من تحت أرجلكم"، الخدم وسفلة الناس.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، سمعت خلاداً يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول: إن ابن عباس كان يقول في هذه :"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، فأما العذاب من فوقكم، فأئمة السوء، وأما العذاب من تحت أرجلكم، فخدم السوء.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس : "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"، يعني من أمرائكم، "أو من تحت أرجلكم"، يعني: سفلتكم.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي، قول من قال: عنى بالعذاب من فوقهم، الرجم أو الطوفان وما أشبه ذلك مما ينزل عليهم من فوق رؤوسهم، ومن تحت أرجلهم، الخسف وما أشبهه.وذلك أن المعروف في كلام العرب من معنى فوق وتحت الأرجل، هو ذلك، دون غيره. وإن كان لما روي عن ابن عباس في ذلك وجه صحيح، غير أن الكلام إذا تنوزع في تأويله، فحمله على الأغلب الأشهر من معناه أحق وأولى من غيره، ما لم تأت حجة مانعة من ذلك يجب التسليم لها.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أو يخلطكم، "شيعا"، فرقاً، واحدتها شيعة.
وأما قوله: "يلبسكم" فهو من قولك: لبست عليه الأمر، إذا خلطت، فأنا ألبسه. وإنما قلت إن ذلك كذلك، لأنه لا خلاف بين القرأة في ذلك بكسر الباء، ففي ذلك دليل بين على أنه من: لبس يلبس، وذلك هو معنى الخلط. وإنما عنى بذلك: أو يخلطكم أهواء مختلفة وأحزاباً مفترقة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة، عن شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أو يلبسكم شيعا"، الأهواء المفترقة.
حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "أو يلبسكم شيعا"، قال: يفرق بينكم.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أو يلبسكم شيعا"، قال: ما كان منكم من الفتن والاختلاف. حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "أو يلبسكم شيعا"، قال: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف والأهواء، وسفك دماء بعضهم بعضاً. حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "أو يلبسكم شيعا"، قال: الأهواء والاختلاف.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "أو يلبسكم شيعا"، يعني بالشيع، الأهواء المختلفة.
وأما قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض"، فإنه يعني: يقتل بعضكم بيد بعض.
والعرب تقول للرجل ينال الرجل بسلاح فيقتله به : قد أذاق فلان فلاناً الموت، وأذاقه بأسه، وأصل ذلك من : ذوق الطعام وهو يطعمه، ثم استعمل ذلك في كل ما وصل إلى الرجل من لذة وحلاوة، أو مرارة ومكروه وألم.
وقد بينت معنىالبأس في كلام العرب فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ويذيق بعضكم بأس بعض"، بالسيوف.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد، عن أبي هارون العيدي، عن نوف البكالي أنه قال في قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض"، قال: هي والله الرجال في أيديهم الحراب، يطعنون في خواصركم.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ويذيق بعضكم بأس بعض"، قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب.
حدثنا سعيد بن الربيع الرازي قال، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيج، عن مجاهد قال: عذاب هذه الأمة أهل الإقرار، بالسيف: "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"، وعذاب أهل التكذيب، الصيحة والزلزلة.
ثم اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية.
فقال بعضهم: عني بها المسلمون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفيهم نزلت.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عيسى الدامغاني قال، أخبرنا بن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"الآية، قال: فهن أربع، وكلهن عذاب، فجاء مستقر اثنتين، بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعاً، وأذيق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان، فهما لا بد واقعتان، يعني الخسف والمسخ.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأعفاكم منه، "أو يلبسكم شيعا"، قال: ما كان فيكم من الفتن والاختلاف. حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد،مثله.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا"، الآية."ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم الصبح فأطالها، فقال له بعض أهله: يا نبي الله لقد صليت صلاة ما كنت تصليها؟ قال: إنها صلاة رغبة ورهبة، وإني سألت ربي فيها ثلاثاً، سألته أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم، فيهلكهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يسلط على أمتي السنة، فأعطانيها. وسألته أن لا يلبسهم شيعاً ولا يذيق بعضهم بأس بعض. فمنعنيها". "ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله".
حدثنا أحمد بن الوليد القرشي وسعيد بن الربيع الرازي قالا، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، سمع جابراً يقول: لما أنزل الله تعالى ذكره على النبي صلى الله عليه وسلم: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، قال :أعوذ بوجهك، "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"، قال: هاتان أيسر، أو: أهون.
حدثني ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر قال: لما نزلت: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، قال: نعوذ بك، نعوذ بك، "أو يلبسكم شيعا"، قال: هو أهون.
حدثني زياد بن عبيد الله المزني قال، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال، حدثنا أبو مالك قال، حدثني نافع بن خالد الخزاعي، عن أبيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود، فقال: قد كانت صلاة رغبة ورهبة، فسألت الله فيها ثلاثاً، فأعطاني اثنتين، وبقي واحدة. سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به من قبلكم، فأعطانيها. وسألت الله أن لا يسلط عليكم عدواً يستبيح بيضتكم، فأعطانيها. وسألته أن لا يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض، فمنعنيها". قال أبو مالك: فقلت له: أبوك سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، سمعته يحدث بها القوم أنه سمعها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس "يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي أن لا يهلك قومي بسنة عامة، وأن لا يلبسهم شيعاً، ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلط عليهم عدواً ممن سواهم فيهلكوهم بعامة، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، وبعضهم يقتل بعضاً، وبعضهم يسبي بعضاً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف على أمتي الأئمة المضنين، فإذا وضع السيف في أمتي، لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة".
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال، أخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد ابن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه، إلا أنه قال: "وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين".
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن الزهري قال: "راقب خباب بن الأرت، وكان بدرياً، النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، حتى إذا فرغ، وحان في الصبح، قال له: يا رسول الله، لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها؟ قال: أجل إنها صلاة رغب ورهب، سألت ربي ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم، فأعطاني. وسألته أن لا يسلط علينا عدواً، فأعطاني. وسألته أن لا يلبسنا شيعاً، فمنعني".
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري في قوله: "أو يلبسكم شيعا"، قال: راقب خباب بن الأرت، وكان بدرياً، رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه، إلا أنه قال: ثلاث خصلات.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك، "أو من تحت أرجلكم"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك "أو يلبسكم شيعا"، قال: هذه أهون.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن:"أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سألت ربي أربعاً، فأعطيت ثلاثاً ومنعت واحدة: سألته أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم يستبيح بيضتهم، ولا يسلط عليهم جوعاً، ولا يجمعهم على ضلالة، فأعطيتهن، وسألته أن لا يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض، فمنعت".
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني سألت ربي خصالاً، فأعطاني ثلاثاً ومنعني واحدة: سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة، فأعطانيها. وسألته أن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم من قبلهم، فأعطانيها. وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها".
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن قال: لما نزلت هذه الآية، قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض"، قال "الحسن": ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يشهده عليهم: "انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون"، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، فسأل ربه أن لا يرسل عليهم عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم ولا يلبس أمته شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل، فهبط إليه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إنك سألت ربك أربعاً فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين: لن يأتيهم عذاب من فوقهم ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم، فإنهما عذابان لكل أمة اجتمعت على تكذيب نبيها ورد كتاب ربها ولكنهم يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض، وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتاب والتصديق بالأنبياء، ولكن يعذبون بذنوبهم، وأوحى إليه: "فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون"، يقول: من أمتك، "أو نرينك الذي وعدناهم"، من العذاب وأنت حي، "فإنا عليهم مقتدرون" [الزخرف : 41 ، 42]. فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم فراجع ربه، فقال: أي مصيبة أشد من أن أرى أمتي يعذب بعضها بعضاً وأوحي إليه: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" [العنكبوت: ا - 3]، فاعلمه أن أمته لم تخص دون الأمم بالفتن، وأنها ستبتلى كما ابتليت الأمم. ثم أنزل عليه: "قل رب إما تريني ما يوعدون * رب فلا تجعلني في القوم الظالمين" [المؤمنون : 93 - 94]، فتعوذ نبي الله، فأعاذه الله، لم ير من أمته إلا الجماعة والألفة والطاعة. ثم أنزل عليه آية حذر فيها أصحابه الفتنة، فأخبره أنه إنما يخص بها ناس منهم دون ناس، فقال: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب" [الأنفال : 25]، فخص بها أقواماً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بعده، وعصم بها أقواماً.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية قال: لما جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما يكون في أمته من الفرقة والاختلاف، فشق ذلك عليه، ثم دعا فقال: اللهم أظهر عليهم أفضلهم بقية.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو الأسود قال، أخبرنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير قال: لما نزلت هذه الآية: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من ذلك قال: "أو من تحت أرجلكم"، قال أعوذ بالله من ذلك، قال: "أو يلبسكم شيعا"، قال: هذه أيسر ولو استعاذه لأعاذه.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا المؤمل البصري قال، أخبرنا يعقوب بن إسماعيل بن يسار المديني قال، حدثنا زيد بن أسلم قال: لما نزلت: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"، "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف فقالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله قال: نعم فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبداً" فأنزل الله: "انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون * وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل * لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون".
وقال آخرون: عني ببعضها أهل الشرك، وببعضها أهل الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن هارون بن موسى، عن حفص بن سليمان، عن الحسن في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم"، قال: هذا للمشركين، "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض"، قال: هذا للمسلمين.
قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره توعد بهذه الآية أهل الشرك به من عبدة الأوثان، وإياهم خاطب بها، لأنها بين إخبار عنهم وخطاب لهم، وذلك أنها تتلو قوله: "قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون"، ويتلوها قوله: "وكذب به قومك وهو الحق". وغير جائز أن يكون المؤمنون كانوا به مكذبين، فإذا كان غير جائز أن يكون ذلك كذلك، وكانت هذه الآية بين هاتين الآيتين، كان بينا أن ذلك وعيد لمن تقدم وصف الله إياه بالشرك، وتأخر الخبر عنه بالتكذيب، لا لمن لم يجر له ذكر. غير أن ذلك لأن كان كذلك، فإنه قد عم وعيده بذلك كل من سلك سبيلهم من أهل الخلاف على الله وعلى رسوله، والتكذيب بآيات الله من هذه وغيرها.
وأما الأخبار التي رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، فجائز أن هذه الآية نزلت في ذلك الوقت وعيداً لمن ذكرت من المشركين، ومن كان على منهاجهم من المخالفين ربهم، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعيذ أمته مما ابتلى به الأمم الذين استوجبوا من الله تعالى ذكره بمعصيتهم إياه هذه العقوبات، فأعاذهم بدعائه إياه ورغبته إليه، من المعاصي التي يستحقون بها من هذه الخلال الأربع من العقوبات أغلظها، ولم يعذهم من ذلك ما يستحقون به اثنتين منها.
وأما الذين تأولوا أنه عنى بجميع ما في هذه الآية هذه الأمة، فإني أراهم تأولوا أن في هذه الأمة من سيأتي من معاصي الله وركوب ما يسخط الله، نحو الذي ركب من قبلهم من الأمم السالفة، من خلافه والكفر به، فيحل بهم مثل الذي حل بمن قبلهم من المثلات والنقمات، و كذلك قال أبو العالية ومن قال بقوله: جاء منهن اثنتان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة وبقيت اثنتان، الخسف والمسخ، وذلك" أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف .وأن قوماً من أمته سيبيتون على لهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير". وذلك إذا كان ، فلا شك أنه نظير الذي في الأمم الذين عتواً على ربهم في التكذيب وجحدوا آياته، وقد روي نحو الذي روي عن أبي العالية، عن أبي:
حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، وحدثنا سفيان قال، أخبرنا أبي، عن أبي جعفر الرازي عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا"، قال: أربع خلال، وكلهن عذاب، وكلهن واقع قبل يوم القيامة، فمضت اثنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، ألبسوا شيعاً، وأذيق بعضهم بأس بعض، واثنتان واقعتان لا محالة: الخسف والرجم.
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكر لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: انظر يا محمد، بعين قلبك إلى ترديدنا حججنا على هؤلاء المكذبين بربهم، الجاحدين نعمه، وتصريفناها فيهم، "لعلهم يفقهون"، يقول: ليفقهوا ذلك ويعتبروه، فيذكروا ويزدجروا عما هم عليه مقيمون مما يسخطه الله منهم، من عبادة الأوثان والأصنام، والتكذيب بكتاب الله تعالى ذكره ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أي القادر على إنجائكم من الكرب، قادر على تعذبيكم. ومعنى "من فوقكم" الرجم بالحجارة والطوفان والصيحة والريح، كما فعل بعاد وثمود وقوم شعيب وقوم لوط وقوم نوح، عن مجاهد و ابن جبير وغيرهما. "أو من تحت أرجلكم" الخسف والرجفة، كما فعل بقارون وأصحاب مدين. وقيل: من فوقكم يعني الأمراء الظلمة، ومن تحت أرجلكم يعني السفلة وعبيد السوء، عن ابن عباس و مجاهد أيضاً. "أو يلبسكم شيعاً" وروي عن أبي عبد الله المدني أو يلبسكم بضم الياء، أي يجللكم العذاب ويعمكم به، وهذا من اللبس بضم الأول، وقراءة الفتح من اللبس. وهو موضع مشكل والإعراب يبينه. أي يلبس عليكم أمركم، فحذف أحد المفعولين وحرف الجر، كما قال: "وإذا كالوهم أو وزنوهم" [المطففين: 3] وهذا اللبس بأن يخلط أمرهم فيجعلهم مختلفي الأهواء، عن ابن عباس. وقيل: معنى "يلبسكم شيعاً" يقوي عدوكم حتى يخالطكم وإذا خالطكم فقد لبسكم. "شيعاً" معناه فرقاً.وقيل يجعلكم فرقاً يقاتل بعضكم بعضاً، وذلك بتخليط أمرهم وافتراق أمرائهم على طلب الدنيا. وهو معنى قوله "ويذيق بعضكم بأس بعض" أي بالحرب والقتل في الفتنة، عن مجاهد. والآية عامة في المسلمين والكفار. وقيل هي في الكفار خاصة. وقال الحسن: هي في أهل الصلاة.
قلت: وهو الصحيح، فإنه المشاهد في الوجود، فقد لبسنا العدو في ديارنا واستولى على أنفسنا وأموالنا، مع الفتنة المستولية علينا بقتل بعضنا بعضاً واستباحة بعضنا أموال بعض. نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. وعن الحسن أيضاً أنه تأول ذلك فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم. روى مسلم عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني قد أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة وألا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها -أو قال من بين أقطارها- حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً". وروى النسائي "عن خباب بن الأرت، وكان قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه راقب رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة كلها حتى كان مع الفجر، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه خباب فقال:
يا رسول الله بأبي أنت وأمي! لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت نحوها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل إنها صلاة رغب ورهب سألت الله عز وجل فيها ثلاث خصال فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة سألت ربي عز وجل ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها وسألت ربي عز وجل ألا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها وسألت ربي عز وجل ألا يلبسنا شيعاً فمنعنيها". وقد أتينا على هذه الأخبار في كتاب التذكرة والحمد لله. وروي "أنه لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: يا جبريل ما بقاء أمتي على ذلك؟ فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك فادع ربك وسله لأمتك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وأسبغ الوضوء وصلى وأحسن الصلاة، ثم دعا فنزل جبريل وقال: يا محمد إن الله تعالى سمع مقالتك وأجارهم من خصلتين وهو العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم. فقال: يا جبريل ما بقاء أمتي إذا كان فيهم أهواء مختلفة ويذيق بعضهم بأس بعض؟ فنزل جبريل بهذه الآية: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا"". وروى عمرو بن دينار "عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أعوذ بوجه الله فلما نزلت "أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: هاتان أهون". وفي سنن ابن ماجة "عن ابن عمر قال: لم يكن رسول اله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات حين يمسي وحين يصبح: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة. اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي. اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي". قال وكيع: يعني الخسف.
قوله تعالى: "انظر كيف نصرف الآيات" أي نبين لهم الحجج والدلالات "لعلهم يفقهون" يريد بطلان ما هم عليه من الشرك والمعاصي.
يقول تعالى ممتناً على عباده, في إنجائه المضطرين منهم من ظلمات البر والبحر, أي الحائرين الواقعين في المهامه البرية, وفي اللجج البحرية, إذا هاجت الرياح العاصفة, فحينئذ يفردون الدعاء له وحده لا شريك له, كقوله "وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه" الاية, وقوله "هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين" الاية, وقوله " أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون " وقال في هذه الاية الكريمة "قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية" أي جهراً وسراً "لئن أنجانا" أي من هذه الضائقة "لنكونن من الشاكرين" أي بعدها قال الله "قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون" أي تدعون معه في حال الرفاهية آلهة أخرى, وقوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" لما قال ثم أنتم تشركون, عقبه بقوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً" أي بعد إنجائه إياكم, كقوله في سورة سبحان " ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما * وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا * أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا " قال ابن أبي حاتم: ذكر عن مسلم بن إبراهيم, حدثنا هارون الأعور, عن جعفر بن سليمان, عن الحسن في قوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" قال: هذه للمشركين. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد, في قوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم, ونذكر هنا الأحاديث, الواردة في ذلك والاثار, وبالله المستعان وعليه التكلان وبه الثقة.
قال البخاري رحمه الله تعالى في قوله تعالى: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون " يلبسكم يخلطكم من الالتباس, يلبسوا يخلطوا شيعاً فرقاً, حدثنا أبو النعمان, حدثنا حماد بن زيد, عن عمرو بن دينار, عن جابر بن عبد الله, قال: لما نزلت هذه الاية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعوذ بوجهك" "أو من تحت أرجلكم" قال "أعوذ بوجهك" "أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هذه أهون ـ أو أيسر" وهكذا رواه أيضاً في كتاب التوحيد, عن قتيبة عن حماد به, ورواه النسائي أيضاً في التفسير عن قتيبة, ومحمد بن النضر بن مساور, ويحيى بن حبيب بن عدي, أربعتهم عن حماد بن زيد به, وقد رواه الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة, عن عمرو بن دينار, سمع جابراً عن النبي صلى الله عليه وسلم به. ورواه ابن حبان في صحيحه, عن أبي يعلى الموصلي, عن أبي خيثمة, عن سفيان بن عيينة به, ورواه ابن جرير في تفسيره, عن أحمد بن الوليد القرشي, وسعيد بن الربيع, وسفيان بن وكيع, كلهم عن سفيان بن عيينة به, ورواه أبو بكر بن مردويه, من حديث آدم بن أبي إياس ويحيى بن عبد الحميد, وعاصم بن علي, عن سفيان بن عيينة به, ورواه سعيد بن منصور, عن حماد بن زيد, كلاهما عن عمرو بن دينار به .
[طريق آخر] ـ قال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: حدثنا سليمان بن أحمد, حدثنا مقدام بن داود, حدثنا عبد الله بن يوسف, حدثنا عبد الله بن لهيعة, عن خالد بن يزيد, عن أبي الزبير, عن جابر, قال: لما نزلت "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعوذ بالله من ذلك" "أو من تحت أرجلكم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعوذ بالله من ذلك" "أو يلبسكم شيعاً" قال "هذا أيسر" ولو استعاذه لأعاذه. ويتعلق بهذه الاية, أحاديث كثيرة (أحدها) قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده, حدثنا أبو اليمان, حدثنا أبو بكر يعني ابن أبي مريم, عن راشد هو ابن سعد المقرائي, عن سعد بن أبي وقاص, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الاية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" فقال "أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد" وأخرجه الترمذي عن الحسن بن عرفة, عن إسماعيل بن عياش, عن أبي بكر بن أبي مريم به, ثم قال هذا حديث غريب.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى هو ابن عبيد, حدثنا عثمان بن حكيم, عن عامر بن سعيد بن أبي وقاص, عن أبيه, قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مررنا على مسجد بني معاوية, فدخل فصلى ركعتين, فصلينا معه, فناجى ربه عز وجل طويلاً ثم قال "سألت ربي ثلاثاً: سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها, وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" انفرد بإخراجه مسلم, فرواه في كتاب الفتن, عن أبي بكر بن أبي شيبة, عن محمد بن عبد الله بن نمير, كلاهما عن عبد الله بن نمير, وعن محمد بن يحيى بن أبي عمرو, عن مروان بن معاوية, كلاهما عن عثمان بن حكيم به.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: قرأت على عبد الرحمن بن مهدي, عن مالك, عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك, عن جابر بن عتيك, أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر في حرة بني معاوية ـ قرية من قرى الأنصار ـ فقال لي: هل تدري أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدكم هذا ؟ فقلت: نعم, فأشرت إلى ناحية منه, فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعاهن فيه ؟ فقلت: نعم, فقال: أخبرني بهن, فقلت: دعا أن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم, ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما: ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها, قال: صدقت فلا يزال الهرج إلى يوم القيامة. ليس هو في شيء من الكتب الستة, إسناده جيد قوي, ولله الحمد والمنة.
[حديث آخر] ـ قال محمد بن إسحاق: عن حكيم بن عباد, عن خصيف, عن عبادة بن حنيف, عن علي بن عبد الرحمن, أخبرني حذيفة بن اليمان, قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حرة بني معاوية, قال: فصلى ثماني ركعات فأطال فيهن, ثم التفت إلي فقال "حبستك يا حذيفة" قلت الله ورسوله أعلم, قال "إني سألت الله ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم فأعطاني, وسألته أن لا يهلكهم بغرق فأعطاني, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني", رواه ابن مردويه من حديث محمد بن إسحاق.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا عبيدة بن حميد, حدثني سليمان بن الأعمش, عن رجاء الأنصاري, عن عبد الله بن شداد, عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لي: خرج قبل, قال: فجعلت لا أمر بأحد إلا قال: مر قبل, حتى مررت فوجدته قائماً يصلي, قال: فجئت حتى قمت خلفه, قال: فأطال الصلاة, فلما قضى صلاته قلت: يا رسول الله, قد صليت صلاة طويلة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني صليت صلاة رغبة ورهبة, إني سألت الله عز وجل ثلاثاً, فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلك أمتي غرقاً فأعطاني, وسألته أن لا يظهر عليهم عدواً ليس منهم فأعطانيها, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردها علي" ورواه ابن ماجه في الفتن عن محمد بن عبد الله بن نمير, وعلي بن محمد, كلاهما عن أبي معاوية, عن الأعمش به, ورواه ابن مردويه: من حديث أبي عوانة, عن عبد الله بن عمير, عن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن معاذ بن جبل, عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله أو نحوه.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف, حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث, عن بكير بن الأشج, أن الضحاك بن عبد الله القرشي حدثه, عن أنس بن مالك, أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر, صلى سبحة الضحى ثماني ركعات, فلما انصرف, قال "إني صليت صلاة رغبة ورهبة, وسألت ربي ثلاثاً, فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته أن لا يبتلي أمتي بالسنين ففعل, وسألته أن لا يظهر عليهم عدوهم ففعل, وسألته أن لا يلبسهم شيعاً فأبى علي", ورواه النسائي في الصلاة عن محمد بن سلمة, عن ابن وهب به.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان, أخبرنا شعيب بن أبي حمزة, قال: قال الزهري, حدثني عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل, عن عبد الله بن خباب, عن أبيه, خباب بن الأرت مولى بني زهرة, وكان قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنه قال: وافيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة صلاها كلها, حتى كان مع الفجر, فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته, فقلت: يا رسول الله لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت مثلها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أجل إنها صلاة رغب ورهب, سألت ربي عز وجل فيها ثلاث خصال, فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة, سألت ربي عز وجل أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها, وسألت ربي عز وجل أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها, وسألت ربي عز وجل أن لا يلبسنا شيعاً فمنعنيها" ورواه النسائي: من حديث شعيب بن أبي حمزة به. ومن وجه آخر وابن حبان في صحيحه بإسناديهما, عن صالح بن كيسان والترمذي, في الفتن, من حديث النعمان بن راشد, كلاهما عن الزهري به, وقال: حسن صحيح .
[حديث آخر] ـ قال أبو جعفر بن جرير في تفسيره: حدثني زياد بن عبد الله المزني, حدثنا مروان بن معاوية الفزاري, حدثنا أبو مالك, حدثني نافع بن خالد الخزاعي, عن أبيه, أن النبي صلى الله عليه وسلم, صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود, فقال "قد كانت صلاة رغبة ورهبة, سألت الله عز وجل فيها ثلاثاً أعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألت الله أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به من كان قبلكم فأعطانيها, وسألت الله أن لا يسلط عليكم عدواً يستبيح بيضتكم فأعطانيها, وسألت الله أن لا يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها" قال أبو مالك: فقلت له أبوك سمع هذا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: نعم, سمعته يحدث بها القوم, أنه سمعها من في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق قال: قال معمر: أخبرني أيوب عن أبي قلابة, عن الأشعث الصنعاني, عن أبي أسماء الرحبي, عن شداد بن أوس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله زوى لي الأرض, حتى رأيت مشارقها ومغاربها, وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها, وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر, وإني سألت ربي عز وجل أن لا يهلك أمتى بسنة عامة, وأن لا يسلط عليهم عدواً فيهلكهم بعامة, وأن لا يلبسهم شيعاً, وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض, فقال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء, فإنه لا يرد, وإني قد أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة, وأن لا أسلط عليهم عدواً ممن سواهم, فيهلكهم بعامة حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً, وبعضهم يقتل بعضاً, وبعضهم يسبي بعضاً, قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين, فإذا وضع السيف في أمتي, لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة" ليس في شيء من الكتب الستة, وإسناده جيد قوي, وقد رواه ابن مردويه من حديث حماد بن زيد, وعباد بن منصور, وقتادة, ثلاثتهم عن أيوب عن أبي قلابة, عن أبي أسماء, عن ثوبان, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه والله أعلم.
[حديث آخر] ـ قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي, وميمون بن إسحاق بن الحسن الحنفي, قالا: حدثنا أحمد بن عبد الجبار, حدثنا محمد بن فضيل, عن أبي مالك الأشجعي, عن نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه, قال: وكان أبوه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان من أصحاب الشجرة, قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى والناس حوله, صلى صلاة خفيفة تامة الركوع والسجود, قال فجلس يوماً فأطال الجلوس, حتى أومأ بعضنا إلى بعض أن اسكتوا إنه ينزل عليه, فلما فرغ, قال له بعض القوم: يا رسول الله لقد أطلت الجلوس, حتى أومأ بعضنا إلى بعض أنه ينزل عليك, قال "لا ولكنها كانت صلاة رغبة ورهبة, سألت الله فيها ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت الله أن لا يعذبكم بعذاب عذب به من كان قبلكم فأعطانيها, وسألت الله أن لا يسلط على أمتي عدواً يستبيحها فأعطانيها, وسألته أن لا يلبسكم شيعاً وأن لا يذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها" قال: قلت له: أبوك سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم سمعته يقول: إنه سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد أصابعي هذه عشر أصابع.
[حديث آخر] ـ قال الإمام أحمد: حدثنا يونس هو ابن محمد المؤدب, حدثنا ليث هو ابن سعد, عن أبي وهب الخولاني, عن رجل قد سماه, عن أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "سألت ربي عز وجل أربعاً فأعطاني ثلاثاً, ومنعني واحدة, سألت الله أن لا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها, وسألت الله أن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها, وسألت الله أن لا يهلكهم بالسنين كما أهلك الأمم قبلهم فأعطانيها, وسألت الله عز وجل أن لا يلبسهم شيعاً وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها" لم يخرجه أحد من أصحاب الكتاب الستة.
[حديث آخر] ـ قال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة, حدثنا منجاب بن الحارث, حدثنا أبو حذيفة الثعلبي, عن زياد بن علاقة, عن جابر بن سمرة السوائي, عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سألت ربي ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة, فقلت: يا رب لا تهلك أمتي جوعاً فقال هذه لك قلت: يا رب لا تسلط عليهم عدواً من غيرهم يعني أهل الشرك فيجتاحهم قال: ذلك لك, قلت: يا رب لا تجعل بأسهم بينهم ـ قال ـ فمنعني هذه ".
[حديث آخر] قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, عن أحمد بن محمد بن عاصم, حدثنا أبو الدرداء المروزي, حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كيسان, حدثني أبي عن عكرمة, عن ابن عباس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "دعوت ربي عز وجل أن يرفع عن أمتي أربعاً, فرفع الله عنهم اثنتين, وأبى علي أن يرفع عنهم اثنتين دعوت ربي أن يرفع الرجم من السماء, والغرق من الأرض, وأن لا يلبسهم شيعاً, وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض, فرفع الله عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض, وأبى الله أن يرفع اثنتين القتل والهرج".
[طريق أخرى] عن ابن عباس أيضاً, قال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن محمد بن يزيد, حدثني الوليد بن أبان, حدثنا جعفر بن منير, حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد, حدثنا عمرو بن قيس, عن رجل عن ابن عباس, قال: نزلت هذه الاية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم قال "اللهم لا ترسل على أمتي عذاباً من فوقهم ولا من تحت أرجلهم, ولا تلبسهم شيعاً ولا تذق بعضهم بأس بعض" قال: فأتاه جبريل فقال: يا محمد إن الله قد أجار أمتك, أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم.
[حديث آخر] ـ قال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله البزاز, حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى, حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد, حدثنا عمرو بن محمد العنقزي, حدثنا أسباط عن السدي, عن أبي المنهال, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سألت ربي لأمتي أربع خصال, فأعطاني ثلاثاً, ومنعني واحدة, سألته أن لا تكفر أمتي صفقة واحدة فأعطانيها, وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم فأعطانيها, وسألته أن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها, وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد بن يحيى بن سعيد القطان, عن عمرو بن محمد العنقزي به نحوه.
[طريق أخرى] ـ وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا محمد بن يحيى, حدثنا أبو كريب, حدثنا زيد بن الحباب, حدثنا كثير بن زيد الليثي المدني, حدثني الوليد بن رباح مولى آل أبي ذباب, سمع أبا هريرة يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم "سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة, سألته أن لا يسلط على أمتي عدواً من غيرهم فأعطاني, وسألته أن لا يهلكهم بالسنين فأعطاني, وسألته أن لا يلبسهم شيعاً وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعني" ثم رواه ابن مردويه بإسناده, عن سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري, عن أبيه عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه, ورواه البزار من طريق عمرو بن أبي سلمة, عن أبيه عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
[أثر آخر] قال سفيان الثوري, عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب, قال: أربع في هذه الأمة, قد مضت اثنتان وبقيت اثنتان, "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" قال: الرجم "أو من تحت أرجلكم" قال: الخسف "أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" قال سفيان: يعني الرجم والخسف, وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس, عن أبي العالية, عن أبي بن كعب, "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: فهي أربع خلال, منها اثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة, ألبسوا شيعاً وذاق بعضهم بأس بعض. وبقيت اثنتان لا بد منهما واقعتان, الرجم والخسف, ورواه أحمد عن وكيع, عن أبي جعفر. ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا المنذر بن شاذان, حدثنا أحمد بن إسحاق, حدثنا أبو الأشهب عن الحسن في قوله "قل هو القادر على أن يبعث" الاية, قال: حبست عقوبتها حتى عمل ذنبها, فلما عمل ذنبها أرسلت عقوبتها, وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير وأبو مالك والسدي, وابن زيد وغير واحد في قوله "عذاباً من فوقكم" يعني الرجم "أو من تحت أرجلكم" يعني الخسف وهذا هو اختيار ابن جرير, وروى ابن جرير: عن يونس, عن ابن وهب, عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" قال: كان عبد الله بن مسعود يصيح وهو في المسجد أو على المنبر, يقول: ألا أيها الناس إنه قد نزل بكم, إن الله يقول "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" لو جاءكم عذاب السماء لم يبق منكم أحداً, "أو من تحت أرجلكم" لو خسف بكم الأرض أهلككم, ولم يبق منكم أحداً, "أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" ألا إنه نزل بكم أسوأ الثلاث. (قول ثان) ـ قال ابن جرير وابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى, أخبرنا ابن وهب, سمعت خلاد بن سليمان يقول: سمعت عامر بن عبد الرحمن يقول: إن ابن عباس كان يقول: في هذه الاية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" فأئمة السوء "أو من تحت أرجلكم" فخدم السوء, وقال علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس "عذاباً من فوقكم" يعني أمرءاكم "أو من تحت أرجلكم" يعني عبيدكم وسفلتكم, وحكى ابن أبي حاتم عن أبي سنان وعمرو بن هانىء, نحو ذلك. قال ابن جرير: وهذا القول وإن كان له وجه صحيح, لكن الأول أظهر وأقوى, وهو كما قال ابن جرير رحمه الله, ويشهد له بالصحة قوله تعالى: " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير " وفي الحديث "ليكونن في هذه الأمة قذف وخسف ومسخ" وذلك مذكور مع نظائره في أمارات الساعة وأشراطها, وظهور الايات قبل يوم القيامة, وستأتي في موضعها إن شاء الله تعالى, وقوله "أو يلبسكم شيعاً" يعني يجعلكم متلبسين شيعاً فرقاً متخالفين. وقال الوالبي عن ابن عباس: يعني الأهواء, وكذا قال مجاهد وغير واحد, وقد ورد في الحديث المروي من طرق عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة, كلها في النار إلا واحدة" وقوله تعالى: "ويذيق بعضكم بأس بعض" قال ابن عباس وغير واحد: يعني يسلط بعضكم على بعض بالعذاب والقتل. وقوله تعالى: " انظر كيف نصرف الآيات " أي نبينها ونوضحها مرة ونفسرها, "لعلهم يفقهون" أي يفهمون ويتدبرون عن الله آياته وحججه وبراهينه. قال زيد بن أسلم: لما نزلت "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" الاية, قالرسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف" قالوا ونحن ونشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله, قال "نعم" فقال بعضهم: لا يكون هذا أبداً أن يقتل بعضنا بعضاً ونحن مسلمون, فنزلت " انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون * وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل * لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون " رواه ابن أبي حاتم وابن جرير .
ثم أمره الله سبحانه أن يقول لهم: 65- "هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً" أي الذي قدر على إنجائكم من تلك الشدائد ودفع عنكم تلك الكروب قادر على أن يعيدكم في شدة ومحنة وكرب يبعث عذابه عليكم من كل جانب، فالعذاب المبعوث من جهة الفوق: ما ينزل من السماء من المطر والصواعق. والمبعوث من تحت الأرجل: الخسف والزلازل والغرق، وقيل: "من فوقكم" يعني الأمراء الظلمة " من تحت أرجلكم " يعني السفلة وعبيد السوء. قوله: "أو يلبسكم شيعاً" قرأ الجمهور بفتح التحتية، من لبس الأمر: إذا خلطه، وقرأ أبو عبد الله المديني بضمها: أي يجعل ذلك لباساً لكم، قيل والأصل: أو يلبس عليكم أمركم، فحذف أحد المفعولين مع حرف الجر كما في قوله تعالى: "وإذا كالوهم أو وزنوهم" والمعنى: يجعلكم مختلطي الأهواء مختلفي النحل متفرقي الآراء، وقيل: يجعلكم فرقاً يقاتل بعضكم بعضاً. والشيع: الفرق، أي يخلطكم فرقاً قوله: "ويذيق بعضكم بأس بعض" أي يصيب بعضكم بشدة بعض من قتل وأسر ونهب "ويذيق" معطوف على "يبعث"، وقرئ "نذيق" بالنون "انظر كيف نصرف الآيات" نبين لهم الحجج والدلالات من وجوه مختلفة "لعلهم يفقهون" الحقيقة فيعودون إلى الحق الذي بيناه لهم بيانات متنوعة.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر" يقول: من كرب البر والبحر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسير الآية عن ابن عباس قال: يقول إذا أضل الرجل الطريق دعا الله "لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" قال: يعني من أمرائكم "أو من تحت أرجلكم" يعني سفلتكم "أو يلبسكم شيعاً" يعني بالشيع الأهواء المختلفة "ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه من وجه آخر في تفسير الآية قال: "عذاباً من فوقكم" أئمة السوء "أو من تحت أرجلكم" قال: خدم السوء. وأخرج أبو الشيخ عنه أيضاً من وجه آخر قال: "من فوقكم" من قبل أمرائكم وأشرافكم "أو من تحت أرجلكم" قال: من قبل سفلتكم وعبيدكم. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مالك "عذاباً من فوقكم" قال: القذف "أو من تحت أرجلكم" قال: الخسف. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد مثله. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد أيضاً "من فوقكم" قال: الصيحة والحجارة والريح "أو من تحت أرجلكم" قال: الرجفة والخسف، وهما عذاب أهل التكذيب "ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: عذاب أهل الإقرار. وأخرج البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله قال:" لما نزلت هذه الآية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أعوذ بوجهك "أو من تحت أرجلكم" قال: أعوذ بوجهك "أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض" قال: هذا أهون أو أيسر". وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم من حديث طويل عن ثوبان، وفيه: "وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها". وأخرج مسلم وغيره من حديث سعد بن أبي وقاص: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً، ثم انصرف إلينا فقال: سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق، وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيهما وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". وأخرج أحمد والحاكم وصححه من حديث جابر بن عتيك نحوه. وأخرج نحوه أيضاً ابن مردويه من حديث أبي هريرة. وأخرج أيضاً ابن أبي شيبة وابن مردويه من حديث حذيفة بن اليمان نحوه. وأخرج أحمد والنسائي وابن مردويه عن أنس نحوه أيضاً. وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص "عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم" فقال النبي صلى الله عليه وسلم:أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء في المختارة عن أبي بن كعب في هذه الآية قال: هن أربع وكلهن عذاب وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة: فألبسوا شيعاً، وذاق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان واقعتان لا محالة: الخسف، والرجم. والأحاديث في هذا الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية.
65- قوله عز وجل: " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم "، قال الحسن و قتادة : نزلت الآية في أهل الإيمان . وقال قوم نزلت في المشركين.
قوله " عذاباً من فوقكم "، يعني: الصيحة والحجارة والريح والطوفان،كما فعل بعاد وثمود وقوم شعيب وقوم لوط وقوم نوح، " أو من تحت أرجلكم "، يعني: الرجفة والخسف كما فعل بقوم شعيب وقارون.
وعن ابن عباس و مجاهد : " عذابا من فوقكم " السلاطين الظلمة ، ومن تحت أرجلكم العبيد السوء وقال الضحاك : من فوقكم من قبل كباركم أو من تحت أرجلكم أي من أسفل منكم ، " أو يلبسكم شيعا " أي : يخلطكم فرقا ويبث فيكم الأهواء المختلفة ، " ويذيق بعضكم بأس بعض " يعني : السيوف المختلفة ، يقتل بعضكم بعضا .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا أبو النعمان أنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر قال:" لما نزلت هذه الآية " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك ، قال: ‌" أو من تحت أرجلكم "، قال: أعوذ بوجهك قال: " أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أهون أو هذا أيسر " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا أبو جعفر محمد بن علي دحيم الشيباني أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة أنا يعلي بن عبيد الطنافسي أنا عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد بن وقاص عن أبيه، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مررنا على مسجد بني معاوية فدخل فصلى ركعتين وصلينا معه فناجى ربه طويلاً ثم قال:" سألت ربي ثلاثاً: سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها ".
أخبرنا الأمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي أنا السيد أبوالحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن دلوية الدقاق ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري أن عبد الله بن عمر جاءهم ثم قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مسجد فسأل الله ثلاثاً فأعطاه اثنين ومنعه واحدة، سأله أن لا يسلط على أمته عدواً من غيرهم يظهر عليهم فأعطاه ذلك، وسأله أن لا يهلكهم بالسنين فأعطاه ذلك وسأله أن لا يجعل بأس بعضهم على بعض، فمنعه ذلك).
قوله عز وجل: " انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون " .

65 " قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابًا من فوقكم " كما فعل بقوم نوح ولوط وأصحاب الفيل . " أو من تحت أرجلكم " كما أغرق فرعون ، وخسف بقارون . وقيل من فوقكم أكابركم وحكامكم ومن تحت أرجلكم سفلتكم وعبيدكم . " أو يلبسكم " يخلطكم . " شيعًا " فرقا متحزبين على أهواء شتى ، فينشب القتال بينكم قال :
وكتيبة لبستهــا بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي
" ويذيق بعضكم بأس بعض " يقاتل بعضكم بعضا . " انظر كيف نصرف الآيات " بالوعد والوعيد . " لعلهم يفقهون "
65. Say: He is able to send punishment upon you from above you or from beneath your feet, or to bewilder you with dissension and make you taste the tyranny one of another. See how We display the revelations so that they may understand
65 - Say: he hath power to send calamities on you, from above and below, or to cover you with confusion in party strife, giving you a taste of mutual vengeance each from the other. see how we explain the signs by various (symbols); that they may understand.