[الأنعام : 16] مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ
16 - (من يصرف) بالبناء للمفعول أي العذاب وللفاعل أي الله والعائد محذوف (عنه يومئذ فقد رحمه) تعالى أي أراد له الخير (وذلك الفوز المبين) النجاة الظاهرة
قال أبو جعفر: اختلف القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة الحجاز والمدينة والبصرة: "من يصرف عنه يومئذ"، بضم الياء وفتح الراء، بمعنى: من يصرف عنه العذاب يومئذ.
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة: من يصرف عنه، بفتح الياء وكسرالراء، بمعنى: من يصرف الله عنه العذاب يومئذ.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب عندي، قراءة من قرأه: يصرف عنه، بفتح الياء وكسرالراء، لدلالة قوله: "فقد رحمه" على صحة ذلك، وأن القراءة فيه بتسمية فاعله. ولو كانت القراءة في قوله: "من يصرف"، على وجه ما لم يسم فاعله، كان الوجه في قوله: "فقد رحمه" أن يقال: فقد رحم غير مسمى فاعله. وفي تسمية الفاعل في قوله: "فقد رحمه"، دليل بين على أن ذلك كذلك في قوله: من يصرف عنه.
وإذ كان ذلك هو الوجه الأولى بالقراءة، فتأويل الكلام: من يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه، "ذلك هو الفوز المبين"، ويعني بقوله: "وذلك"، وصرف الله عنه العذاب يوم القيامة، ورحمته إياه، "الفوز"، أي: النجاة من الهلكة، والظفر بالطلبة، "المبين"، يعني الذي بين لمن رآه أنه الظفر بالحاجة وإدراك الطلبة
وبنحو الذي قلنا في قوله: "من يصرف عنه يومئذ" قال أهل التأويل:
ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه"، قال: من يصرف عنه العذاب.
" من يصرف عنه " أي العذاب " يومئذ " يوم القيامة " فقد رحمه " أي فاز ونجا ورحم .
وقرأ الكوفيون " من يصرف " بفتح الياء وكسر الراء، وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد لقوله : " قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله " ولقوله : " فقد رحمه " ولم يقل رحم على المجهول ولقراءة أبي من يصرفه الله عنه واختبار سبيويه القراءة الأولى- قراءة أهل المدينة وأبي عمرو -قال سيبويه وكلما قل الإضمار في الكلام كان أولى فأما قرءة من قرأ من يصرف بفتح الياء فتقديره من يصرف الله عنه العذاب وإذا قرئ " من يصرف عنه " فتقديره : من يصرف عنه العذاب " وذلك الفوز المبين " أي النجاة البينة .
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض ومن فيهما, وأنه قد كتب على نفسه المقدسة الرحمة, كما ثبت في الصحيحين, من طريق الأعمش: عن أبي صالح, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله لما خلق الخلق, كتب كتاباً عنده فوق العرش, إن رحمتي تغلب غضبي" وقوله "ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" هذه اللام هي الموطئة للقسم, فأقسم بنفسه الكريمة, ليجمعن عباده "إلى ميقات يوم معلوم" وهو يوم القيامة الذي لا ريب فيه, أي لا شك فيه عند عباده المؤمنين, فأما الجاحدون المكذبون, فهم في ريبهم يترددون, وقال ابن مردويه عند تفسير هذه الاية: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم, حدثنا عبيد الله بن أحمد بن عقبة, حدثنا عباس بن محمد, حدثنا حسين بن محمد, حدثنا محصن بن عتبة اليماني, عن الزبير بن شبيب, عن عثمان بن حاضر, عن ابن عباس, قال:" سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف بين يدي رب العالمين, هل فيه ماء ؟ قال والذي نفسي بيده إن فيه لماء, إن أولياء الله ليردون حياض الأنبياء, ويبعث الله تعالى سبعين ألف ملك, في أيديهم عصي من نار, يذودون الكفار عن حياض الأنبياء", هذا حديث غريب, وفي الترمذي "إن لكل نبي حوضاً, وأرجو أن أكون أكثرهم وارداً" وقوله "الذين خسروا أنفسهم" أي يوم القيامة "فهم لا يؤمنون" أي لا يصدقون بالمعاد, ولا يخافون شر ذلك اليوم, ثم قال تعالى: "وله ما سكن في الليل والنهار" أي كل دابة في السموات والأرض الجميع عباده وخلقه, وتحت قهره وتصرفه وتدبيره, لا إله إلا هو, "وهو السميع العليم" أي السميع لأقوال عباده, العليم بحركاتهم وضمائرهم وسرائرهم, ثم قال تعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, الذي بعثه بالتوحيد العظيم وبالشرع القويم, وأمره أن يدعو الناس إلى صراط الله المستقيم "قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السموات والأرض" كقوله "قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون" والمعنى لا أتخذ ولياً إلا الله وحده لا شريك له, فإنه فاطر السموات والأرض, أي خالقهما ومبدعهما, على غير مثال سبق "وهو يطعم ولا يطعم" أي وهو الرزاق لخلقه من غير احتياج إليهم, كما قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الاية, وقرأ بعضهم ههنا "وهو يطعم ولا يطعم" أي لا يأكل, وفي حديث سهيل بن صالح: عن أبيه, عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: دعا رجل من الأنصار, من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم على طعام, فانطلقنا معه, فلما طعم النبي صلى الله عليه وسلم وغسل يديه, قال "الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم, ومن علينا فهدانا وأطعمنا, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وكل بلاء حسن أبلانا الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافاً ولا مكفور, ولا مستغنى عنه, الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام, وسقانا من الشراب, وكسانا من العري, وهدانا من الضلال, وبصرنا من العمى, وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً, الحمد لله رب العالمين" "قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم" أي من هذه الأمة " ولا تكونن من المشركين * قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم " يعني يوم القيامة "من يصرف عنه" أي العذاب "يومئذ فقد رحمه" يعني رحمه الله "وذلك الفوز المبين" كقوله "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" والفوز حصول الربح, ونفي الخسارة.
قوله: 16- "من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه". قرأ أهل المدينة وأهل مكة وابن عامر على البناء للمفعول: أي من يصرف عنه العذاب، واختار هذه القراءة سيبويه. وقرأ الكوفيون على البناء للفاعل وهو اختيار أبي حاتم، فيكون الضمير على هذه القراءة لله. ومعنى "يومئذ" يوم العذاب العظيم "فقد رحمه" الله أي نجاه وأنعم عليه وأدخله الجنة، والإشارة بذلك إلى الصرف أو إلى الرحمة: أي فذلك الصرف أو الرحمة "الفوز المبين" أي الظاهر الواضح، وقرأ أبي " من يصرف عنه ".
16- " من يصرف عنه "، يعني: من يصرف العذاب عنه،قرأ حمزة و الكسائي وأبو بكر عن عاصم و يعقوب " يصرف " بفتح الياء وكسر الراء، أي: من يصرف الله عنه العذاب، لقوله: " فقد رحمه " وقرأ الآخرون بضم الياء وفتح الراء، " يومئذ "، يعني: يوم القيامة، " فقد رحمه وذلك الفوز المبين "، أي: النجاة البينة .
16- " من يصرف عنه يومئذ " أي بصرف العذاب عنه. وقرأ حمزة و الكسائي و يعقوب و أبو بكر عن عاصم " يصرف " على أن الضمير فيه لله سبحانه وتعالى . وقد قرئ بإطهاره والمفعول به محذوف ، أو يومئذ بحذف المضاف. " فقد رحمه " نجاه وأنعم عليه." وذلك الفوز المبين " أي الصرف أو الرحمة.
16. He from whom (such retribution) is averted on that day (Allah) hath in truth had mercy on him. That will be the signal triumph.
16 - On that day, if the penalty is averted from any, it is due to God's of mercy; and that would be (salvation), the obvious fulfillment of all desire.