[الأنعام : 107] وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ
107 - (ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا) فتجازيهم بأعمالهم (وما أنت عليهم بوكيل) فتجبرهم على الإيمان وهذا قبل الأمر بالقتال
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أعرض عن هؤلاء المشركين بالله ، ودع عنك جدالهم وخصومتهم ومسابتهم ، "ولو شاء الله ما أشركوا"، يقول : لو أراد ربك هدايتهم واستنفاذهم من ضلالتهم ، للطف لهم بتوفيقه إياهم فلم يشركوا به شيئاً، ولآمنوا بك فاتبعوك وصدقوا ما جئتهم به من الحق من عند ربك ، "وما جعلناك عليهم حفيظا"، يقول جل ثناؤه: وإنما بعثتك إليهم رسولاً مبلغاً، ولم نبعثك حافظاً عليهم ما هم عاملوه ، تحصي ذلك عليهم ، فإن ذلك إلينا دونك ، "وما أنت عليهم بوكيل"، يقول : ولست عليهم بقيم تقوم بأرزاقهم وأقواتهم ولا بحفظهم ، فيما لم يجعل إليك حفظه من أمرهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله : "ولو شاء الله ما أشركوا"، يقول سبحانه : لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين .
قوله تعالى: "ولو شاء الله ما أشركوا" نص على أن الشرك بمشيئته، وهو إبطال لمذهب القدرية كما تقدم. "وما جعلناك عليهم حفيظا" أي لا يمكنك حفظهم من عذاب الله. "وما أنت عليهم بوكيل" أي قيم بأمورهم في مصالحهم لدينهم أو دنياهم، حتى تلطف لهم في تناول ما يجب لهم، فلست بحفيظ في ذلك ولا وكيل في هذا، إنما أنت مبلغ. وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
يقول تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولمن اتبع طريقته "اتبع ما أوحي إليك من ربك" اي اقتد به واقتف أثره, واعمل به, فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق, الذي لا مرية فيه, لأنه لا إله إلا هو "وأعرض عن المشركين" أي اعف عنهم واصفح واحتمل أذاهم, حتى يفتح الله لك, وينصرك ويظفرك عليهم, واعلم أن لله حكمة في إضلالهم, فإنه لو شاء لهدى الناس جميعاً, ولو شاء لجمعهم على الهدى "ولو شاء الله ما أشركوا" أي بل له المشيئة والحكمة, فيما يشاؤه ويختاره, لا يسأل عما يفعل, وهم يسألون, وقوله تعالى: "وما جعلناك عليهم حفيظاً" أي حافظاً, تحفظ أقوالهم وأعمالهم "وما أنت عليهم بوكيل" أي موكل على أرزاقهم وأمورهم إن عليك إلا البلاغ كما قال تعالى: " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر " وقال "إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" .
107- "ولو شاء الله ما أشركوا" أي لو شاء الله عدم إشراكهم ما أشركوا، وفيه أن الشرك بمشيئة الله سبحانه، والكلام في تقرير هذا على الوجه الذي يتعارف به أهل علم الكلام والميزان معروف فلا نطيل بإيراده "وما جعلناك عليهم حفيظا" أي رقيباً "وما أنت عليهم بوكيل" أي قيم بما فيه نفعهم فتجلبه إليهم، ليس عليك غلا إبلاغ الرسالة.
107- " ولو شاء الله ما أشركوا "، أي: لو شاء لجعلهم مؤمنين، " وما جعلناك عليهم حفيظاً "، رقيباً قال عطاء : وما جعلناك عليهم حفيظاً تمنعهم مني، أي: لم تبعث لتحفظ المشركين عن العذاب إنما بعثت مبلغاً. " وما أنت عليهم بوكيل ".
107" ولو شاء الله " توحيدهم وعدم إشراكهم " ما أشركوا " وهو دليل على أنه سبحانه وتعالى لا يريد إيمان الكافرين وأن مراده واجب الوقوع . " وما جعلناك عليهم حفيظًا " رقيبا " وما أنت عليهم بوكيل " تقوم بأمورهم .
107. Had Allah is willed, they had not been idolatrous. We have not set thee as a keeper over them, nor art thou responsible for them.
107 - If it had been God's plan, they would not have taken false gods: but we made thee not one to watch over their doings, nor art thou set over them to dispose of their affairs.