[المجادلة : 1] قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
1 - (قد سمع الله قول التي تجادلك) تراجعك أيها النبي (في زوجها) المظاهر منها وكان قال لها أنت علي كظهر أمي وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابها بأنها حرمت عليه على ما هو المعهود عندهم من أن الظهار موجبة فرقة مؤبدة وهي خولة بنت ثعلبة وهو أوس بن الصامت (وتشتكي إلى الله) وحدتها وفاقتها وصبية صغارا إن ضمنتهم إليه ضاعوا إو إليها جاعوا (والله يسمع تحاوركما) تراجعكما (إن الله سميع بصير) عالم
أخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول يا رسول الله أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت حتى نزل جبريل بهؤلاء الايات قد سمع الله قول لتي تجادلك في زوجها وهو أوس بن الصامت
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : " قد سمع الله " يا محمد " قول التي تجادلك في زوجها " والتي كانت تجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها امرأة من الأنصار .
واختلف أهل العلم في نسبها واسمها ، فقال بعضهم : خوله بنت ثعلبة ، وقال بعضهم : اسمها خويله بنت ثعلبة .
وقال آخرون : هي خويلة بنت خويلد ، وقال آخرون : خويلة بنت الصامت ، وقال آخرون : هي خويلة ابنة الدليج ، وكانت مجادلتها رسول الله صلى الله عليه وسلم في زوجها ، وزوجها أوس بن الصامت ، مراجعتها إياه في أمره ، وما كان من قوله لها : أنت علي كظهر أمي ، ومحاورتها إياه في ذلك ، وبذلك قال أهل التأويل وتظاهرت به الرواية .
ذكر من قال ذلك ، والآثار الواردة به :
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، قال : سمعت أبا العالية يقول : " إن خويلة ابنة الدليج أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة تغسل شق رأسه ، فقالت : يا رسول الله ، طالت صحبتي مع زوجي ، ونفضت له بطني ، وظاهر مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه فقالت : أشكو إلى الله فاقتي ، ثم قالت : يا رسول الله طالت صحبتي ، ونفضت له بطني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه ، فجعل إذا قال لها : حرمت عليه ، هتفت وقالت : أشكو إلى الله فاقتي ، قال : فنزل الوحي ، وقد قامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر ، فأومأت إليها عائشة أن اسكتي ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات ، فلما قضى الوحي قال : ادعى زوجك ، فتلاها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما " إلى قوله : " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا " [ المجادلة : 3 ] ، أي يرجع فيه " فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " [ المجادلة : 3 ] ، أتستطيع رقبة ؟ قال : لا قال : " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " [ المجادلة : 4 ] ، قال يا رسول الله ، إني إذا لم آكل في اليوم ثلاث مرات خشيت أن يعشو بصري ، قال : " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " [ المجادلة : 4 ] ، قال : أتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا يا رسول الله إلا أن تعينني ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعم " .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد عن قتادة ، قال : ذكر لنا " أن خولة بنت ثعلبة ، وكان زوجها أوس بن الصامت قد ظاهر منها ، فجاءت تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت ظاهر مني زوجي حين كبر سني ، ورق عظمي ، فأنزل الله فيها ما تسمعون " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " فقرأ حتى بلغ " لعفو غفور * والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا " يريد أن يغشى بعد قوله ذلك ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : أتستطيع أن تحرر محرراً ؟ قال : مالي بذلك يدان ، أو قال : لا أجد ، قال : أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا والله ، إنه إذا أخطأه المأكل كل يوم مراراً يكل بصره ، قال : أتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا والله ، إلا أن تعينني منك بعون وصلاة " ، قال بشر ، قال يزيد : يعني دعاء ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً ، فجمع الله له ، والله غفور رحيم .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا سعيد ، " عن قتادة في قوله الله : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما " قال : ذاك أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خويلة ابنه ثعلبة قالت : يا رسول الله كبر سني ، ورق عظمي ، وظاهر مني زوجي ، قال : فأنزل الله " الذين يظاهرون من نسائهم " إلى قوله " ثم يعودون لما قالوا " [ المجادلة : 3 ] ، يريد أن يغشى بعد قوله " فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " فدعاه إليه نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : لا قال : أفتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : إنه إذا أخطأه أن يأكل كل يوم ثلاث مرات يكل بصره ، قال : أتستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا ، إلا أن يعينني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعون وصلاة ، فأعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً ، وجمع الله له أمره ، والله غفور رحيم " .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي حمزة ، عن عكرمة ، " عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية : أنت علي كظهر أمي حرمت في الإسلام ، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت ، وكانت تحته ابنة عمر له يقال لها خويلة بنت خويلد ، وظاهر منها ، فأسقط في يديه وقال : ما أراك إلا قد حرمت علي ، وقالت له مثل ذلك ، قال : فانطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه ، فأخبرته ، فقال : يا خويلة ما أمرنا في أمرك بشيء ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا خويلة أبشري ، قالت : خيراً ، قال : فقرأ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " إلى قوله " فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا " [ المجادلة : 3 ] ، قالت : وأي رقبة لنا ؟ والله ما يجد رقبة غيري ، قال " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين "[ المجادلة : 4 ] ، قالت : والله أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات لذهب بصره ، قال : " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " [ المجادلة : 4 ] ، قال : من أين ؟ ما هي إلا أكلة إلى مثلها ، قال : فرعاه بشطر وسق ثلاثين صاعاً ، والوسق ستون صاعاً ، فقال : ليطعم ستين مسكيناً وليراجعك " .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، " عن ابن عباس ، قوله : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " إلى قوله : " فإطعام ستين مسكينا " وذلك أن خولة بنت الصامت امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها ، فقال : أنت علي مثل ظهر أمي ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي كان تزوجني ، وأنا أحب ، حتى كبرت ودخلت في السن ، قال : أنت علي مثل ظهر أمي ، فتركني إلى غير أحد ، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله تنعشني وإياه بها فحدثني بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن ، ولكن ارجعي إلى بيتك ، فإن أومر بشيء لا أغممه عليك إن شاء الله ، فرجعت إلى بيتها ، وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " إلى قوله " وللكافرين عذاب أليم " [ المجادلة : 5 ] فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها ، فلما أتاه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أردت إلى يمينك التي أقسمت عليها ؟ فقال : وهل لها كفارة ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : إذاً يذهب مالي كله ، الرقبة غالية وأنا قليل المال ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا والله لولا أني آكل في اليوم ثلاث مرات لكل بصري ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً ؟ قال : لا والله إلا أن تعينني على ذلك بعون وصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني معينك بخمسة عشر صاعاً ، وأنا داع لك بالبركة ، فأصلح ذلك بينهما " .
قال : وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان موسراً لا يكفر عنه إلا تحرير رقبة إذا كان موسراً من قبل أن يتماسا فإن لم يكن موسراً فصيام شهرين متتابعين ، لا يصلح له إلا الصوم إذا كان معسراً ، إلا أن لا يستطيع ، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، وذلك كله قبل الجماع .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن أبي معشر المدني ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : " كانت خولة بنت ثعلبة تحت أوس بن الصامت ، وكان رجلاً به لمم ، فقال في بعض هجراته : أنت علي كظهر أمي ثم ندم على ما قال : فقال لها ، ما أظنك إلا قد حرمت علي ، قالت : لا تقل ذلك ، فوالله ما أحب الله طلاقاً ، قالت : ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله ، فقال : إني أجدني أستحيي منه أن أسأله عن هذا ، فقالت فدعني أن أسأله ، فقال لها ، سليه ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا نبي الله إن أوس بن الصامت أبو ولدي ، وأحب الناس إلي ، قد قال كلمة والذي أنزل عليه الكتاب ما ذكر طلاقاً ، قال : أنت علي كظهر أمي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا قد حرمت عليه ، قالت لا تقل ذلك يا نبي الله ، والله ما ذكر طلاقاً ، فرادت النبي صلى الله عليه وسلم مراراً ، ثم قالت : اللهم إني أشكو اليوم شدة حالي ووحدتي ، وما يشق علي من فراقه ، اللهم فأنزل على لسان نبيك ، فلم ترم مكانها حتى أنزل الله " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " إلى أن ذكر الكفارات فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أعتق رقبة ، فقال : لا أجد ، فقال : صم شهرين متتابعين ، قال : لا أستطيع ، إني لأصوم اليوم الواحد فيشق علي ، قال : أطعم ستين مسكيناً ، قال : أما هذا فنعم " .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي إسحاق " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " قال : نزلت في امرأة اسمها خولة وقال عكرمة اسمها خويلة ابنة ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أراك إلا قد حرمت عليه ، وهو حينئذ يغسل رأسه ، فقالت : انظر جعلت فداك يا نبي الله ، فقال : ما أراك إلا قد حرمت عليه فقالت : انظر في شأني يا رسول الله ، فجعلت تجادله ، ثم حول رأسه ليغسله ، فتحولت من الجانت الآخر ، فقالت : انظر جعلني الله فداك يا نبي الله ، فقالت الغاسلة : أقصري حديثك ومخاطبتك يا خويلة ، أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متربداً ليوحى إليه ؟ فأنزل الله " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " حتى بلغ " ثم يعودون لما قالوا " [ المجادلة : 3 ] ، قال قتادة : فحرمها ثم يريد أن يعود لها فيطأها " فتحرير رقبة " [ المجادلة : 3 ] ، حتى بلغ " بما تعملون خبير "[ المجادلة : 3 ] ، قال أيوب : أحسبه ذكره عن عكرمة ، أن الرجل قال : يا نبي الله ما أجد رقبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أنا بزائدك ، فأنزل الله : " صيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا " [ المجادلة : 4 ] ، فقال : والله يا نبي الله ما أطيق الصوم ، إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت ، فجعل يشكوا إليه فقال : ما أنا بزائدك ، فنزلت : " فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا " [ المجادلة : 4 ] .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، قال : ثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله عز وجل " التي تجادلك في زوجها " قال : تجادل محمداً صلى الله عليه وسلم ، فهي تشتكي إلى الله عند كبره وكبرها حتى انتفض رحمها .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " التي تجادلك في زوجها " قال : محمداً في زوجها قد ظاهر منها ، وهي تشتكي إلى الله ، ثم ذكر سائر الحديث نحوه .
حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أبان العطار ، قال : ثنا هشام بن عروة ، أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان : كتبت إلي تسألني عن خويلة ابنة أوس بن الصامت ، وإنها ليست بابنة أوس بن الصامت ، ولكنها امرأة أوس ، وكان أوس امرأ به لمم ، وكان إذا اشتد به لممه تظاهر منها ، وإذا ذهب عنه لممه لم يقل من ذلك شيئاً ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه وتشتكي إلى الله ، فأنزل الله ما سمعت ، وذلك شأنهما .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا أبي قال : سمعت محمد بن إسحاق ، يحدث عن معمر بن عبد الله ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، قال : حدثني خولة امرأة أوس بن الصامت قالت : كان بيني وبينه شيء ، تعني زوجها ، فقال : أنت علي كظهر أمي ، ثم خرج إلى نادي قومه ، ثم رجع فراودني عن نفسي ، فقالت : كلا والذي نفسي بيده حتى ينتهي أمري وأمرك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقضي في وفيك أمره ، وكان شيخاً كبيراً رقيقاً ، فغلبته بما تغلب به المرأة القوية الرجل الضعيف ثم خرجت إلى جارة لها ، فاستعارت ثيابها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلست بين يديه ، فذكرت له أمره ، فما برحت حتى أنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت : لا يقدر على ذلك ، قال : إنا سنعينه على ذلك بفرق من تمر ، قالت : وأنا أعينه بفرق آخر فأطعم ستين مسكيناً .
حدثنا أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن تميم ، عن عروة عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله عز وجل " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " إلى آخر الآية .
حدثني عيسى بن عثمان الرملي ، قال : ثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها ، إن المرأة لتناجي النبي صلى الله عليه وسلم أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعض كلامها إذ أنزل الله " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة بن الزبير ، قال : قالت عائشة : تبارك الذي وسع سمعه كل شيء ، إني لأسمع كلام خولة ابنة ثعلبة ، ويخفى علي بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي ، ونثرت له بطني ، حتى إذا كبر سني ، وانقطع ولدي ، ظاهر مني ، اللهم أشكو إليك قال : فما برحت حتى نزل جبريل عليه السلام بهؤلاء الآيات " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " قال : زوجها أوس بن الصامت .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة ، قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، إن خولة تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيخفى علي أحياناً بعض ما تقول ، قالت : فأنزل الله عز وجل " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله "
حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : ثنا أسد بن موسى ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة ، أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت ، وكان أمرأ به لمم ، وكان إذا اشتد به لممه ظاهر من امرأته ، فأنزل الله عز وجل آية الظهار .
حدثني يحيى بن بشر القرقساني ، قال : ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الأموي ، قال : ثنا خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : كان ظهار الجاهلية طلاقاً ، فأول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت من امرأته والخزرجية ، وهي خولة بنت ثعلبة بن مالك ، فلما ظاهر منها حسبت أن يكون ذلك طلاقاً ، فأتت به نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن أوساً ظاهر مني ، وأنا إن افترقنا هلكنا ، وقد نثرت بطني منه ، وقدمت صحبته ، فهي تشكو ذلك وتبكي ، ولم يكن جاء في ذلك شيء ، فأنزل الله عز وجل " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " إلى قوله " وللكافرين عذاب أليم " فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتقدر على رقبة تعتقها ؟ فقال : لا والله يا رسول الله ، ما أقدر عليها ، فجمع له رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعتق عنه ، ثم راجع أهله .
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله بن مسعود ( قد سمع الله قول التي تحاولك في زوجها ) .
وقوله : " وتشتكي إلى الله " يقول : وتشتكي المجادلة ما لديها من الهم بظهار زوجها منها إلى الله ، وتسأله الفرج " والله يسمع تحاوركما " يعني تحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمجادلة خولة بنت ثعلبة " إن الله سميع بصير " يقول تعالى ذكره : إن الله سميع لما يتجاوبانه ويتحاورانه ، وغير ذلك من كلام خلقه ، بصير بما يعملون ، وبعمل جميع عباده . wأ
مدنية في قول الجميع . إلا رواية عن عطاء أن العشرة الأول منها مدني وباقيها مكي ، وقال الكلبي : نزل جميعها بالمدينة غير قوله تعالى:" ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " نزلت بمكة .
فيه مسألتان:
قوله تعالى : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " التي اشتكت إلى الله هي خولة بنت ثعلبة . وقيل بنت حكيم . وقيل اسمها جميلة .وخولة أخح ، وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت ،وعد مر بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته والناس معه على حمار فاستوقفته طويلا ووعظته وقالت :ياعمر قد كنت تدعى عميرا ،ثم قيل لك عمر ،ثم قيل لك أمير المؤمنين ، فاتق الله ياعمر ، قإنه من أيقن بالموت خاف الفوت ، ومن أيقن بالحساب خالف العذاب ، وهو واقف يسمع كلامها ، فقيل له : يا أمير المرمنين أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف ؟ فقال : والله لوحبستني من أول النهار إلى آخره لازلت إلا للصلاة المكتوبة، أتدرون من هذه العجوز ؟ هي خولة بنت ثعلبة سمع الله قوله من فوق سبع سماوات ،أيسمع رب العالمين قولها اليمعه عمر ؟" وقالت عائشة رضي الله عنها : تبارك الذي وسع كل شيء ،إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفي علي بعضه ، وهي تكتشي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو تقول : يارسول الله ! أكل شبابي ونثرت له بطني ، حتر إذا كبر سني واتقطع ولدي ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك ! فما برحت حتى نزل جبريل يهذه الآية :" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " " خرجه ابن ماجة في السنن . والذي في البخاري من هذا" عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما يقول ، فأنزل الله عز وجل : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها " . وقال الماوردي :هي خولة بنت ثعلبة . وقيل : تنت خويلد . وليس هذا بمختلف ، لأن أحدهما أبوها والآخر جدها فنسبت إلى كل واحد منهما . وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت . وقال الثعلبي قال ابن عباس : هي خولة بنت خويلك الخزرجية ، كانت تحت أوس بن الصامت أخو عتادة بن الصامت ، وكانت حسنة الجسم فرآها زوجها ساجدة فنظر عجيزتها فأعجبه أمرها ، فلما انصرفت أرادها فأبت فغضب عليها - قال عروة : وكان امرأ به لمم فأصابه بعض لممه فقال لها : أنت على كظهر أمي . وكان الإيلاء والظهار من الطلاق في الجاهلية ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها : حرمت عليه فقالت : والله ماذكر طلاقا ، ثم قالت : أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي ووحشتي وفراق زوجي وابن عمي وقد نفضت له بطني ، فقال : حرمت عليه فما زالت تراجعه ويراجعها حتى نزلت عليه الآية .وروي الحسن : أنها قالت: يا رسول الله ! قد نسخ الله سنن الجاهلية وإن زوجي ظاهر مني ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أوحي إلي في هذا شيء فقالت يارسول الله ،أوحي إليك في كل شيء وطوي عنك هذا ؟! فقال : هوما قلت لك فقالت :إلى الله أشكو لا إلى رسوله . فأنزل الله : " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " الآية" .وروى الدارقطني من حديث قتادة أن أنس بن مالك حدثه قال : " إن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خويلةتنت ثعلبة فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :ظاهر ين كبرت سني ورق عظمي .فأنزل الله تعالى آية الظهار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأوس :اعتق رقبة مالي بذلك يدان . قال : فصم شهرين متتاليين قال : أما إني إذا أخطأني أن آكل في يوم ثلاث مرات يكل بصري . قال : فأطعم ستين مسكينا قال ما أجد إلا أن تعينني منك تعون وصلة .قال : فاعانه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس عشر صاعا حتى جمع الله له والله غفور رحيم . " إن الله سميع بصير " "قال : فكانوا يرون أن عنده مثلها وذلك لستين مسكينا ، وفي الترمذي وسنن ابن ماجه :
" أن سلمة بن صخر البياضي ظاهر من امرأته ،وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : اعتق رقبة قال :فضربت صفحة عنقي بيدي .فقلت :لاوالذي تعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها .قال : فصم شهرين فقلت :يا رسول الله ‍ ‍! وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام .قال : فأطعم ستين مسكينا الحديث " .وذكره ابن العربي في أحكامه : " روي :
أن خولة بنت دليهج ظاهر منها زوجها ،فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد حرمت عليه فقالت : أشكو إلى الله حاجتي . ثم عادت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت عليه فقالت : إلى أشكو حاجتي إليه وعائشة تغسل شق رأسه الأيمن ، ثم تحولت إل الشق الآخر وقد نزل عليه الوحي ،فذهبت أن تعيد ، فقالت عائشة : اسكتي فإنه قد نزل الوحي فلما نزل القرآن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجها :اعتق رقبة قال : لا أجد . قال :صم شهرين متتابعين قال :إن لم آكل في اليوم ثلاث مرات خفت أن يغشو بصري . قال :فأطعم ستين مسكينا . قال : قأعني .فأعانه بشيء ." قال أبو جعفر النحاس : أهل التفسير على أنهاخولة وزوجها أوس بن الصامت ،واختلفوا في نسبها، قال بعضهم : هي أنصارية وهي تبه ثعلية ، وقال بعضهم :هي بنت دليج ، وقيل : هي بينت خويلد ، وقال بعضهم : هي بنت الصامت ، وقال بعضهم هي أمة كانت لعبد الله بن أبي ، وهي اتي أنزل الله فيها " ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا " [النور : 33 ] لأنه كان يكرهها على الزنى .وقيل : هي بنت حكيم .قال النحاس وهذا ليس بمتناقض ، يجوز أن تنسب مرة إلى أبيها ومرة إلى أمها،ومرة إلى جدها ، ويجوز أن بكون أمة كانت لعبد الله بن أبي فقيل لها انصارة والولاء ، لأنه كان في عداد الأنصار وإن كان من المنافقين .
[الثالثة ] قرئ "قد سمع الله " بالادغام و" قد سمع الله " بالإظهار .والاصل في السماع إدراك المسموعات ، وهو اختيار الشيخ أبي الحسن . وقال ابن فورك الصحيح أنه إراك المسموع .وقال الحاكم عبد الله في معنى السمع : إنه المدرك للأصوات التي يدركها المخلوق بآذانهم من غير أن يكون له أذن ،وذلك راجع إل أن الأصوات لا يخفى عليه ، وإن كان غير موصوف بالحس المركب في الأذن ، وذلك راجع إلى أن الأصوات لاتفى عليه ، وإن كان غير موصوف باحس المركب في الأذن ، كالأصم من الناس لما لم تكن له هذه الحاسة لم يكن أهلا لإدراك الصوت . والسمع والبصر صفتان كالعلم والقدرة والحياة والإرادة ،فيهما من صفات الذات لم يزل الخالق سبحانه وتعالى متصفا بهما .وشكى واشتكى بمعنى واحد .وقرئ تحاورك أي تراجعك الكلام و تجادلك أي تسائلك .
تفسير سورة المجادلة
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, حدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات, لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقوله, فأنزل الله عز وجل "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" إلى آخر الاية, وهكذا رواه البخاري في كتاب التوحيد تعليقاً فقال, وقال الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة فذكره وأخرجه النسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير من غير وجه عن الأعمش به. وفي رواية لابن أبي حاتم عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء, إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهي تقول يا رسول الله أكل مالي وأفنى شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني, اللهم إني أشكو إليك, قالت فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الاية "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها".
قالت: وزوجها أوس بن الصامت, وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة هو أوس بن الصامت: وكان أوس امرءاً به لمم, فكان إذا أخذه لممه واشتد به يظاهر من امرأته, وإذا ذهب لم يقل شيئاً فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستفتيه في ذلك وتشتكي إلى الله, فأنزل الله "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله" الاية. وهكذا روى هشام بن عروة عن أبيه أن رجلاً كان به لمم فذكر مثله, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة, حدثنا جرير يعني ابن حازم قال: سمعت أبا يزيد يحدث قال: لقيت امرأة عمر يقال لها: خولة بنت ثعلبة, وهو يسير مع الناس فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها رأسه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت, فقال له رجل: ياأمير المؤمنين حبست رجالات قريش على هذه العجوز, قال ويحك وتدري من هذه ؟ قال: لا. قال هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات, هذه خولة بنت ثعلبة, والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها. هذا منقطع بين أبي يزيد وعمر بن الخطاب وقد روي من غير هذا الوجه. وقال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثنا المنذر بن شاذان, حدثنا يعلى, حدثنا زكريا عن عامر قال: المرأة التي جادلت في زوجها خولة بنت الصامت وأمها معاذة التي أنزل الله فيها "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً" صوابه خولة امرأة أوس بن الصامت.
هي ثنتان وعشرون آية
وهي مدنية. قال القرطبي: في قول الجميع، إلا رواية عن عطاء أن العشر الأول منها مدني وباقيها مكي وقال الكلبي: نزلت جميعها بالمدينة غير قوله: "ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم" نزلت بمكة. وأخرج ابن الضريس والنحاس وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة المجادلة بالمدينة. وأخرج ابن مردويه عن الزبير مثله.
قوله: 1- "قد سمع الله" قرأ أبو عمرو والكسائي بإدغام الدال في السين، وقرأ الباقون بالإظهار. قال الكسائي: من بين الدال عند السين فلسانه أعجمي وليس بعربي "قول التي تجادلك في زوجها" أي تراجعك الكلام في شأنه " وتشتكي إلى الله " معطوف على تجادلك. والمجادلة هذه الكائنة منها مع رسول الله أنه كان كلما قال لها قدر حمت عليه، قالت: والله ما ذكر طلاقاً ثم تقول أشكوا إلى الله فاقتي ووحدتي وإن لي صبية صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إني أشكوا إليك، فهذا معنى قوله: " وتشتكي إلى الله " قال الواحدي: قال المفسرون: نزلت هذه الآية في خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت وكان به لمم، فاشتد به لممه ذات يوم فظاهر منها، ثم ندم على ذلك، وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية. وقيل هي خولة بنت حكيم، وقيل اسمها جميلة، والأول أصح، وقيل هي بنت خويلد. وقال الماوردي: إنها نسبت تارة إلى أبيها، وتارة إلى جدها وأحدهما أبوها والآخر جدها، فهي خولة بنت ثعلبة بن خويلد، وجملة "والله يسمع تحاوركما" في محل نصب على الحال، أو مستأنفة جارية مجرى التعليل لما قبلها: أي والله يعلم تراجعكما في الكلام "إن الله سميع بصير" يسمع كل مسموع ويبصر كل مبصر، ومن جملة ذلك ما جادلتك به هذه المرأة.
1- "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها"، الآية. نزلت في خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت، وكانت حسنة الجسم، وكان به لمم فأرادها فأبت، فقال لها: أنت علي كظهر أمي، ثم ندم على ما قال. وكان الظهار والإيلاء من طلاق أهل الجاهلية. فقال لها: ما أظنك إلا قد حرمت علي. فقالت: والله ما ذاك طلاق، وأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم -وعائشة رضي الله عنها تغسل شق رأسه- فقالت: يا رسول الله إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني وأنا شابة غنية ذات مال وأهل حتى إذا أكل مالي وأفنى شبابي وتفرق أهلي وكبر سني ظاهر مني، وقد ندم، فهل من شيء يجمعني وإياه تنعشني به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه، فقالت: يا رسول الله والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً وإنه أبو ولدي وأحب الناس إلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه، فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووحدتي قد طالت صحبتي ونفضت له بطني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أراك إلا قد حرمت عليه، ولم أومر في شأنك بشيء، فجعلت تراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: حرمت عليه هتفت وقالت: أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي وإن لي صبيةً صغاراً إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلي جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول: اللهم إني أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك، وكان هذا أول ظهار في الإسلام، فقامت عائشة تغسل شق رأسه الآخر، فقالت: انظر في أمري جعلني الله فداءك يا نبي الله، فقالت عائشة: أقصري حديثك ومجادلتك أما ترين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ -وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه أخذه مثل السبات-، فلما قضى الوحي قال لها: ادعي زوجك فدعته، فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد سمع الله قول التي تجادلك" الآيات.
قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إن المرأة لتحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت أسمع بعض كلامها، ويخفى علي بعضه إذ أنزل الله: "قد سمع الله" الآيات.
ومعنى قوله: "قول التي تجادلك" تخاصمك وتحاورك وتراجعك في زوجها، "وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما"، مراجعتكما الكلام، "إن الله سميع بصير"، سميع لما تناجيه وتتضرع إليه، بصير بمن يشكو إليه.
1-" قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " روي "أن خولة بنت ثعلبة ظاهر عنها زوجها أوس بن الصامت ، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حرمت عليه . فقالت : ما طلقني فقال : حرمت عليه ، فاغتمت لصغر أولادها وشكت إلى الله تعالى فنزلت هذه الآيات الأربع" ،وقد شعر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام أو المجادلة يتوقع أن الله يسمع مجادلتها وشكواها ويفرج عنها كربها ، وأدغم حمزة و الكسائي و أبو عمرو و هشام عن ابن عامر دالها في السين . " و الله يسمع تحاوركما " تراجعكما الكلام وهو على تغليب الخطاب . " إن الله سميع بصير " للأقوال والأحوال .
Surah 58. Al-Mujadila
1. Allah hath heard the saying of her that disputeth with thee (Muhammad) concerning her husband, and complaineth unto Allah. And Allah heareth your colloquy. Lo! Allah is Nearer, Knower.
SURA 58: MUJADILAH
1 - God has indeed heard (and accepted) the statement of the woman who pleads with thee concerning her husband and carries her complaint (in prayer) to God: and God (always) hears the arguments between both sides among you: for God hears and sees (all things).