[الحديد : 8] وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
8 - (وما لكم لا تؤمنون) خطاب للكفار أي لا مانع لكم من الإيمان (بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ) بضم الهمزة وكسر الخاء وبفتحها ونصب ما بعده (ميثاقكم) عليه أي أخذه الله في عالم الذرحين أشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى (إن كنتم مؤمنين) أي مريدين الإيمان به فبادروا إليه
يقول تعالى ذكره : وما لكم لا تؤمنون بالله وما شأنكم أيها الناس لا تقرون بوحدانية الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يدعوكم إلى الإقرار بوحدانيته وقد أتاكم من الحجج على حقيقة ذلك ما قطع عذركم وأزال الشك من قلوبكم " وقد أخذ ميثاقكم " قيل عني بذلك : وقد أخذ منكم ربكم ميثاقكم في صلب آدم بأن الله ربكم لا إله لكم سواه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن ابي نجيح عن مجاهد قوله " وقد أخذ ميثاقكم " قال في ظهر آدم .
واختلفت القراء في قراء ذلك فقرأته قراء الحجاز والعراق غير أبي عمرو " وقد أخذ ميثاقكم " بفتح الألف من أخذ ونصب الميثاق بمعنى : وقد أخذ ربكم ميثاقكم وقرأ ذلك أبو عمرو " وقد أخذ ميثاقكم " بضم الألف ورفع الميثاق على وجه ما لم يسم فاعله .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى فبأيتهما قرأ القارء فمصيب وإن كان فتح الألف من أخذ ونصب الميثاق أعجب القراءين إلي في ذلك لكثرة القرأة بذلك وقلة القراء بالقراءة الأخرى .
وقوله " إن كنتم مؤمنين " يقول : إن كنتم تريدون أن تؤمنوا بالله يوماً من الأيام فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لتتابع الحجج عليكم بالرسول وإعلامه ودعائه إياكم إلى ما قد تقررت صحته عندكم بالأعلام والأدلة والميثاق المأخوذ عليكم .
قوله تعالى : " وما لكم لا تؤمنون بالله " استفهام يراد به التوبيخ . أي أي عذر لكم في ألا تؤمنوا وقد أزيحت العلل؟ ! " والرسول يدعوكم " بين بهذا أنه لاحكم قبل ورود الشرائع . وقرأ أبو عمر :" وقد أخذ ميثاقكم " على غير مسمى الفاعل . والباقون على مسمى الفاعل ، أي أخذ الله ميثاقكم . قال مجاهد : هو المثاق الأول الذي كان وهم في ظهر آدم بأن الله ربكم لا إله لكم سواه. وقيل : أخذ ميثاقكم بأن ركب فيكم العقول ، وأقام عليكم الدلائل والحجج التي تدعو إلى متابعة الرسول " إن كنتم مؤمنين " أي إذ كنتم . وقيل : إن كنتم مؤمنين بالحجج والدلائل . وقيل : أي إن كنتم مؤمنين بحق بومنا من الأيام ، فالآن أخرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والأعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فقد صحت براهينه . وقيل إن كنتم مؤمين بالله خالقكم . وكانوا يعرفون بهذا . وقيل : هو خطاب لقوم آمنوا وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ميثاقهم فأرتدوا . وقوله : "إن كنتم مؤمنين " أي أن كنتم تقرون بشرائط الإنمان .
أمر تبارك وتعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل, والدوام والثبات على ذلك والاستمرار, وحث على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه أي مما هو معكم على سبيل العارية, فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم, فأرشد الله تعالى إلى استعمال ما استخلفتم فيه من المال في طاعته, فإن تفعلوا وإلا حاسبكم عليه وعاقبكم لترككم الواجبات فيه, وقوله تعالى: "مما جعلكم مستخلفين فيه" فيه إشارة إلى أنه سيكون مخلفاً عنك, فلعل وارثك أن يطيع الله فيه فيكون أسعد بما أنعم الله به عليك منك, أو يعصي الله فيه فتكون قد سعيت في معاونته على الإثم والعدوان. قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر, حدثنا شعبة, سمعت قتادة يحدث عن مطرف يعني ابن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: "ألهاكم التكاثر, يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ؟" ورواه مسلم من حديث شعبة به وزاد: "وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس".
وقوله تعالى: "فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير" ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة ثم قال تعالى: " وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم " أي وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به, وقد روينا في الحديث من طرق في أوائل شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: "أي المؤمنين أعجب إليكم إيماناً ؟ قالوا: الملائكة. قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟ قالوا: فالأنبياء. قال: ومالهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ قالوا: فنحن. قال: ومالكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ولكن أعجب المؤمنين إيماناً قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها" وقد ذكرنا طرفاً من هذه الرواية في أول سورة البقرة عند قوله تعالى: "الذين يؤمنون بالغيب".
وقوله تعالى: "وقد أخذ ميثاقكم" كما قال تعالى: "واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا" ويعني بذلك بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم, وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم وهو مذهب مجاهد فالله أعلم. وقوله تعالى: "هو الذي ينزل على عبده آيات بينات" أي حججاً واضحات ودلائل باهرات وبراهين قاطعات "ليخرجكم من الظلمات إلى النور" أي من ظلمات الجهل والكفر والاراء المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان "وإن الله بكم لرؤوف رحيم" أي في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس وإزاحة العلل وإزالة الشبه, ولما أمرهم أولاً بالإيمان والإنفاق ثم حثهم على الإيمان وبين أنه قد أزال عنهم موانعه حثهم أيضاً على الإنفاق فقال: " وما لكم أن لا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض " أي أنفقوا ولا تخشوا فقراً وإقلالاً فإن الذي أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض وبيده مقاليدهما وعنده خزائنهما, وهو مالك العرش بما حوى, وهو القائل "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين".
وقال: "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" فمن توكل على الله أنفق ولم يخش من ذي العرش إقلالاً, وعلم أن الله سيخلفه عليه, وقوله تعالى: "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل" أي لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله, وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديداً فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون, وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهوراً عظيماً ودخل الناس في دين الله أفواجاً. ولهذا قال تعالى: "أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى" والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة, وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح ههنا صلح الحديبية, وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك, حدثنا زهير, حدثنا حميد الطويل عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام, فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها, فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "دعوا لي أصحابي, فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم" ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح مكة, وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمة الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بعد الفتح, فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا, فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا, فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم, فخالفه عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر وغيرهما, فاختصم خالد وعبد الرحمن بسبب ذلك, والذي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من حديث ابن وهب, أخبرنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية, حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم" فقلنا من هم يارسول الله أقريش ؟ قال: "لا ولكن أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً" فقلنا: أهم خير منا يارسول الله ؟ قال: "لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير" " وهذا الحديث غريب بهذا السياق والذي في الصحيحين من رواية جماعة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ذكر الخوارج: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية". الحديث, ولكن روى ابن جرير هذا الحديث من وجه آخر فقال: حدثني ابن البرقي حدثني ابن أبي مريم, أخبرنا محمد بن جعفر, أخبرني زيد بن أسلم عن أبي سعيد التمار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم" قلنا: من هم يا رسول الله ؟ قريش ؟ قال: "لا ولكن أهل اليمن لأنهم أرق أفئدة وألين قلوباً" وأشار بيده إلى اليمن فقال: "هم أهل اليمن ألا إن الإيمان يمان والحكمة يمانية" فقلنا: يارسول الله هم خير منا ؟ قال: "والذي نفسي بيده لو كان لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدى مد أحدكم ولانصيفه" ثم جمع أصابعه ومد خنصره وقال: "ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين الناس "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير"". فهذا السياق ليس فيه ذكر الحديبية, فإن كان ذلك محفوظاً كما تقدم فيحتمل أنه أنزل قبل الفتح إخباراً عما بعده كما في قوله تعالى في سورة المزمل وهي مكية من أوائل ما نزل "وآخرون يقاتلون في سبيل الله" الاية. فهي بشارة بما يستقبل وهكذا هذه والله أعلم.
وقوله تعالى: "وكلاً وعد الله الحسنى" يعني المنفقين قبل الفتح وبعده, كلهم لهم ثواب على ما عملوا, وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال تعالى: "لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً" وهكذا الحديث الذي في الصحيح "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف, وفي كل خير" وإنما نبه بهذا لئلا يهدر جانب الاخر بمدح الأول دون الاخر, فيتوهم متوهم ذمه, فلهذا عطف بمدح الاخر والثناء عليه مع تفضيل الأول عليه, ولهذا قال تعالى: "والله بما تعملون خبير" أي فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل ومن فعل ذلك بعد ذلك وما ذاك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق, وفي الحديث "سبق درهم مائة ألف" ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر رضي الله عنه له الحظ الأوفر من هذه الاية, فإنه سيد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء, فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله عز وجل, ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها.
وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الاية: أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي, أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي, أخبرنا عبد الله بن حامد بن محمد, أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب, أخبرنا محمد بن يونس, حدثنا العلاء بن عمرو الشيباني, حدثنا أبو إسحاق الفزاري, حدثنا سفيان بن سعيد عن آدم بن علي عن ابن عمرو قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال, فنزل جبريل فقال: مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال ؟ فقال: "أنفق ماله علي قبل الفتح" قال: فإن الله يقول: اقرأ عليه السلام وقل له أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ؟" فقال أبو بكر رضي الله عنه: أسخط على ربي عز وجل ؟ إني عن ربي راض. هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه والله أعلم. وقوله تعالى: "من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" قال عمر بن الخطاب: هو الإنفاق في سبيل الله, وقيل: هو النفقة على العيال, والصحيح أنه أعم من ذلك, فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة, وعزيمة صادقة دخل في عموم هذه الاية, ولهذا قال تعالى: "من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً" كما قال في الاية الأخرى: " أضعافا كثيرة " " وله أجر كريم " أي جزاء جميل ورزق باهر, وهو الجنة يوم القيامة.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة, حدثنا خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الاية "من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له" قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله, وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال: "نعم يا أبا الدحداح" قال: أرني يدك يا رسول الله. قال: فناوله يده. قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي, وله حائط فيه ستمائة نخلة, وأم الدحداح فيه وعيالها. قال: فجاء أبو الدحداح فناداها يا أم الدحداح. قالت: لبيك, قال: اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل, وفي رواية أنها قالت له: ربح بيعك يا أبا الدحداح. ونقلت منه متاعها وصبيانها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح" وفي لفظ "رب نخلة مدلاة عروقها در وياقوت لأبي الدحداح في الجنة".
8- "وما لكم لا تؤمنون بالله" هذا الاستفهام للتوبيخ والتقريع: أي أي عذر لكم، وأي مانع من الإيمان. وقد أزيحت عنكم العلل، وما مبتدأ ولكم خبره ولا تؤمنون في محل نصب على الحال من الضمير في لكم، والعامل ما فيه من معنى الاستقرار، وقيل المعنى: أي شيء لكم من الثواب في الآخرة إذا لم تؤمنوا؟ وجملة "والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم" في محل نصب على الحال من ضمير لا تؤمنون على التداخل، ولتؤمنوا متعلق بيدعوكم: أي يدعوكم للإيمان، والمعنى: أي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه؟ وجملة "وقد أخذ ميثاقكم" في محل نصب على الحال من فاعل يدعوكم على التداخل أيضاً: أي والحال أن قد أخذ الله ميثاقكم حين أخبرجكم من ظهر أبيكم آدم، أو بما نصب لكم من الأدلة الدالة على التوحيد ووجوب الإيمان. قرأ الجمهور "وقد أخذ" مبنياً للفاعل، وهو الله سبحانه لتقدم ذكره. وقرأ أبو عمرو على البناء للمفعول "إن كنتم مؤمنين" بما أخذ عليكم من الميثاق، أو بالحجج والدلائل، أو إن كنتم مؤمنين بسبب من الأسباب فهذا من أعظم أسبابه وأوضح موجباته.
8- "وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم"، قرأ أبو عمرو: "أخذ" بضم الهمزة وكسر الخاء "ميثاقكم" برفع القاف على ما لم يسم فاعله. وقرأ الآخرون بفتح الهمزة والخاء والقاف، أي: أخذ الله ميثاقكم حين أخرجكم من ظهر آدم عليه السلام، بأن الله ربكم لا إله لكم سواه، قاله مجاهد.
وقيل: أخذ ميثاقكم بإقامة الحجج/ والدلائل التي تدعو إلى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
"إن كنتم مؤمنين" يوماً، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا لقيام الحجج والإعلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن.
8-" وما لكم لا تؤمنون بالله " أي وما تصنعون غير مؤمنين به كقولك : ما لك قائماً . " والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم " حال من ضمير تؤمنون ، والمعنى أي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول بدعوكم إليه بالحجج والآيات . " وقد أخذ ميثاقكم " أي وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان قبل ذلك بنصب الأدلة والتمكين من النظر ،الواو للحال من مفعول "يدعوكم " ، وقرأ أبو عمرو على البناء للمفعول ورفع ميثاقكم . " إن كنتم مؤمنين " لموجب ما فإن هذا موجب لا مزيد عليه .
8. What aileth you that ye believe not in Allah, when the messenger calleth you to believe in your Lord, and He hath already made a covenant with you, if ye are believers?
8 - What cause have ye why ye should not believe in God? And the Apostle invites you to believe in your Lord, and has indeed taken your Covenant, if ye are men of faith.