[الواقعة : 86] تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
86 - (فلولا) فهلا (إن كنتم غير مدينين) مجزيين بأن تبعثوا أي غير مبعوثين بزعمكم
يقول تعالى ذكره : فهلا إن كنتم أيها الناس غير مدينين .
واختلف أهل التأويل في قوله مدينين فقال بعضهم غير محاسبين .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " فلولا إن كنتم غير مدينين " يقول غير محاسبين .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " غير مدينين " قال محاسبين .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " فلولا إن كنتم غير مدينين " قال كانوا يجحدون أن يدانوا بعد الموت قال : وهو مالك يوم الدين يوم يدان الناس بأعمالهم قال يدانون : يحاسبون .
حدثني يعقوب قال : ثنا ابن علية قال : أخبرنا أبو رجاء عن الحسن في قوله " فلولا إن كنتم غير مدينين " قال غير محاسبين .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا سليمان قال : ثنا أبو هلال عن قتادة " فلولا إن كنتم غير مدينين " قال غير مبعوثين غير محاسبين .
وقال آخرون معناه غير مبعوثين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار قال ثنا هوذة قال : ثنا عوف عن الحسن " فلولا إن كنتم غير مدينين " غير مبعوثين يوم القيامة ترجعونها إن كنتم صادقين
وقال آخرون : بل معناه غير مجزيين بأعمالكم .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : غير محاسبين فمجزيين بأعمالكم من قولهم كما تدين تدان ومن قول الله " مالك يوم الدين " ( الفاتحة : 4 (.
قوله تعالى : " فلولا إن كنتم غير مدينين " أي فهلا إن كنتم غير محاسبين ولا مجزيين بأعمالكم ، ومنه قوله تعالى : " أإنا لمدينون " أي مجزيون محاسبون . وقد تقدم . وقيل : غير مملوكين ولا مقهورين . قال الفراء وغيره : دنته ملكته ، وأنشد للحطيئة :
لقد دينتأمر بنيك حتى تركتهم أدق من الطحين
يعني ملكت . ودانه أي أذله واستعبده ، يقال : دنته فدان . وقد مضى في (( الفاتحة )) القول في هذا عند قوله تعالى : " يوم الدين " .
يقول تعالى: "فلولا إذا بلغت" أي الروح "الحلقوم" أي الحلق وذلك حين الاحتضار, كما قال تعالى: " كلا إذا بلغت التراقي * وقيل من راق * وظن أنه الفراق * والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق " ولهذا قال ههنا: "وأنتم حينئذ تنظرون" أي إلى المحتضر وما يكابده من سكرات الموت "ونحن أقرب إليه منكم" أي بملائكتنا "ولكن لا تبصرون" أي ولكن لا ترونهم, كما قال تعالى في الاية الأخرى: "وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين" وقوله تعالى: " فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها " معناه فهلا ترجعون هذه النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مكانها الأول ومقرها من الجسد إن كنتم غير مدينين. قال ابن عباس: يعني محاسبين, وروي عن مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبي حزرة مثله.
وقال سعيد ين جبير والحسن البصري "فلولا إن كنتم غير مدينين" غير مصدقين أنكم تدانون وتبعثون وتجزون فردوا هذه النفس, وعن مجاهد "غير مدينين" غير موقنين. وقال ميمون بن مهران: غير معذبين مقهورين.
86- " فلولا إن كنتم غير مدينين * ترجعونها " يقال دان السلطان رعيته: إذا ساسهم واستعبدهم. قال الفراء: دنته ملكته، وأشد للحطيئة:
لقد دنت أمر بنيك حتى تركتهم أدق من الطحين
أي ملكت، ويقال دانه: إذا أذله واستعبده، وقيل معنى مدينين محاسبين، وقيل مجزيين، ومنه قول الشاعر:
ولم يبق سوى العدوا ن دناهم كما دنوا
والمعنى الأول أصق بمعنى الآية: أي فهلا إن كنتم غير مربوبين وملوكين ترجعونها: أي النفس التي قد بلغت الحلقوم إلى مقرها الذي كانت فيه.
86- "فلولا"، فهلا "إن كنتم غير مدينين"، مملوكين، وقال أكثرهم: محاسبين ومجزيين.
86-" فلولا إن كنتم غير مدينين " أي مجزيين يوم القيامة أو مملوكين مقهورين من دانه إذا أذله واستعبده ، و أصل التركيب للذل والانقياد .
86. Why then, if ye are not in bondage (unto Us),
86 - Then why do ye not, if you are exempt from (future) account,