[الواقعة : 61] وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ
61 - (على) عن (أن نبدل) نجعل (أمثالكم) مكانكم (وننشئكم) نخلقكم (في ما لا) من الصور والقردة والخنازير
وقوله " على أن نبدل أمثالكم " يقول : على أن نبدل منكم أمثالكم بعد مهلككم فنجئ بآخرين من جنسكم .
وقوله " وننشئكم في ما لا تعلمون " يقول : ونبدلكم عما تعلمون من أنفسكم فيما لا تعلمون منها من الصور . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " وننشئكم " في أي خلق شئنا
" وننشئكم في ما لا تعلمون " من الصور والهيئات . قال الحسن : أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم . وقيل : المعنى ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه . سعيد بن جبير : قوله تعالى : " في ما لا تعلمون " يعني في حواصل طير سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف ، وبرهوت واد في اليمن . وقال مجاهد :" في ما لا تعلمون " في أي خلق شئنا . وقيل : المعنى ننشئكم في عالم لا تعلمون ، وفي مكان لا تعلمون .
يقول تعالى مقرراً للمعاد, وراداً على المكذبين به من أهل الزيغ, والإلحاد من الذين قالوا " أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون " وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد. فقال تعالى: "نحن خلقناكم" أي نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ؟ ولهذا قال: "فلولا تصدقون" أي فهلا تصدقون بالبعث! ثم قال مستدلاً عليهم بقوله: " أفرأيتم ما تمنون * أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون " أي أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها أم الله الخالق لذلك ؟ ثم قال تعالى: "نحن قدرنا بينكم الموت" أي صرفناه بينكم, وقال الضحاك: ساوى فيه بين أهل السماء والأرض "وما نحن بمسبوقين" أي وما نحن بعاجزين "على أن نبدل أمثالكم" أي نغير خلقكم يوم القيامة.
" وننشئكم في ما لا تعلمون " أي من الصفات والأحوال. ثم قال تعالى: "ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون" أي قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً, فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة, فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهي البداءة, قادر على النشأة الأخرى وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى, كما قال تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال تعالى: " أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " " أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين * وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقال تعالى: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ".
61- "على أن نبدل أمثالكم" أي نأتي بخلق مثلكم. قال الزجاج: إن أردنا أن نخلق خلقاً غيركم لم يسبقنا سابقاً ولا يفوتنا. قال ابن جرير: المعنى نحن قدرنا بينكم الموت على أن نبدل أمثالكم بعد موتكم بآخرين من جنسكم وما نحن بمسبوقين في آجالكم: أي لا يتقدم متأخر ولا يتأخر متقدم " وننشئكم في ما لا تعلمون " من الصور والهيئات. قال الحسن. أي نجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بأقوام قبلكم، وقيل المعنى: ننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا. وقال سعيد بن المسيب: فيما لا تعلمون: يعني في حواصل طيور سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف. وبرهوت واد باليمن. وقال مجاهد " في ما لا تعلمون " يعني في أي خلق شئنا، ومن كان قادراً على هذا فهو قادر على البعث.
فذلك قوله عز وجل: 61- "على أن نبدل أمثالكم"، يعني: نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم، "وننشئكم"، نحلقكم " في ما لا تعلمون "، من الصور، قال مجاهد: في أي خلق شئنا. وقال الحسن: أي نبدل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير، كما فعلنا بمن كان قبلكم، يعني: إن أردنا أن نفعل ذلك ما فاتنا ذلك. وقال سعيد بن المسيب: " في ما لا تعلمون " يعني: في حواصل طير سود، تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف، وبرهوت واد باليمن.
61-" على أن نبدل أمثالكم " على الأول حال أو علة لـ" قدرنا " وعلى بمعنى اللام ، " وما نحن بمسبوقين " اعتراض وعلى الثاني صلة ، والمعنى على أن نبدل منكم أشباهكم فنخلق بدلكم ، أو نبدل صفاتكم على أن أمثالكم جمع مثل بمعنى صفة . " وننشئكم في ما لا تعلمون " في خلق أو صفات لا تعلمونها .
61. That We may transfigure you and make you what ye know not.
61 - From changing your Forms and creating you (again) in (Forms) that ye know not.