[الرحمن : 58] كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ
58 - (كأنهن الياقوت) صفاء (والمرجان) اللؤلؤ بياضا
يقول تعالى ذكره كأن هؤلاء القاصرت الطرف اللواتي هن في هاتين الجنتين في صفاتهن الياقوت الذي يرى السلك الذي فيه من ورائه فكذلك يرى مخ سوقهن من وراء أجسامهن وفي حسنهن الياقوت والمرجان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
حدثني محمد بن حاتم قال : ثنا عبيدة عن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون عن ابن مسعود "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المرأة من أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير ومخها وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول : " كأنهن الياقوت والمرجان " أما الياقوت فإنه لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصفيته لرأيته من روائه " .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون قال : قال ابن مسعود : إن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير يرى بياض ساقها وحسن ساقها من ورائهن ذلكم بإن الله يقول " كأنهن الياقوت والمرجان " ألا وإنما الياقوت حجر فلو جعلت فيه سلكاً ثم استصفيته لنظرت إلى السلك من وراء الحجر .
قال : ثنا ابن علية قال : ثنا أبو رجاء عن الحسن في قوله " كأنهن الياقوت والمرجان " في بياض المرجان .
حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : ثنا ابن فضيل قال : ثنا عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون قال : أخبرنا عبيد الله : إن المرأة من أهل الجنة لتلبس سبعين حلة من حرير فيرى بياض ساقها وحسنه ومخ ساقها من وراء ذلك وذلك لأن الله قال " كأنهن الياقوت والمرجان " ألا ترى أن الياقوت حجر فإذا أدخلت فيه سلكاً رأيت السلك من رواء الحجر .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال : إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء .
حدثني محمد بن عبد المحاربي قال : ثنا المطلب بن زياد عن السدي في قوله " كأنهن الياقوت والمرجان " قال : صفاء الياقوت وحسن المرجان .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " كأنهن الياقوت والمرجان " صفاء الياقوت في بياض المرجان ذكر لنا "أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : من دخل الجنة فله فيها زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء ثيابهما " .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا محمد بن مروان قال : ثنا أبو العوام عن قتادة " كأنهن الياقوت والمرجان " قال : شبه بهن صفاء الياقوت في بياض المرجان .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " كأنهن الياقوت والمرجان " في صفاء الياقوت وبياض المرجان .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " كأنهن الياقوت والمرجان " قال : كأنهن الياقوت في الصفاء والمرجان في البياض الصفاء صفاء الياقوتة والبياض بياض الؤلؤ .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان " كأنهن الياقوت والمرجان " قال : في صفاء الياقوت وبياض المرجان .
قوله تعالى " كأنهن الياقوت والمرجان " روى الترمذي" عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها وذلك بأن الله تعالى يقول " كأنهن الياقوت والمرجان " فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لأريته من ورائه" ويروى موقوفا وقال عمرو بن ميمون إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من وراء ذلك كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء . وقال الحسن هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان .
يقول تعالى: "متكئين" يعني أهل الجنة, والمراد بالاتكاء ههنا الاضطجاع ويقال: الجلوس على صفة التربيع "على فرش بطائنها من إستبرق" وهو ما غلظ من الديباج, قاله عكرمة والضحاك وقتادة وقال أبو عمران الجوني, هو الديباج المزين بالذهب, فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة, فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى. قال أبو إسحاق عن هبيرة بن مريم عن عبد الله بن مسعود قال: هذه البطائن, فكيف لو رأيتم الظواهر. وقال مالك بن دينار: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور, وقال سفيان الثوري أو شريك: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد, وقال القاسم بن محمد: بطائنها من إستبرق وظواهرها من الرحمة, وقال ابن شوذب عن أبي عبد الله الشامي: ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر, وعلى الظواهر المحابس ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله تعالى, ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم رحمه الله, "وجنى الجنتين دان" أي ثمرهما قريب إليهم متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا, كما قال تعالى: "قطوفها دانية" وقال "ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا" أي لا تمتنع ممن تناولها بل تنحط إليه من أغصانها " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك "فيهن" أي في الفرش "قاصرات الطرف" أي غضيضات عن غير أزواجهن فلا يرين شيئاً في الجنة أحسن من أزواجهن, قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخراساني وابن زيد, وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها: والله ما أرى في الجنة شيئاً أحسن منك. ولا في الجنة شيئاً أحب إلي منك فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك.
"لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان" أي بل هن أبكار عرب أتراب لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن, وهذه أيضاً من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة, وقال أرطاة بن المنذر: سئل ضمرة بن حبيب هل يدخل الجن الجنة ؟ قال: نعم وينكحون, للجن جنيات وللإنس إنسيات, وذلك قوله: "لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان". ثم قال ينعتهن للخطاب "كأنهن الياقوت والمرجان" قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم: في صفاء الياقوت وبياض المرجان, فجعلوا المرجان ههنا اللؤلؤ. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا محمد بن حاتم, حدثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون الأودي, عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقيها من وراء سبعين حلة من حرير حتى يرى مخها" وذلك قول الله تعالى: "كأنهن الياقوت والمرجان" فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه, وهكذا رواه الترمذي من حديث عبيدة بن حميد وأبي الأحوص عن عطاء بن السائب به, ورواه موقوفاً ثم قال: وهو أصح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان, حدثنا حماد بن سلمة, أخبرنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة, يرى مخ ساقها من وراء الثياب" تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه. وقد روى مسلم حديث إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين قال: إما تفاخروا وإما تذاكروا, الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟ فقال أبو هريرة: أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على ضوء كوكب دري في السماء, لكل امرىء منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث همام بن منبه وأبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر, حدثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها, ولقاب قوس أحدكم أو موضع قيده ـ يعني سوطه ـ من الجنة خير من الدنيا وما فيها, ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً ولطاب ما بينهما, ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها" ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق عن حميد عن أنس بنحوه.
وقوله تعالى: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" أي لا لمن أحسن العمل في الدنيا إلا الإحسان إليه في الاخرة, كما قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" وقال البغوي, حدثنا أبو سعيد الشريحي, حدثنا أبو إسحاق الثعلبي, أخبرني ابن فنجويه, حدثنا ابن شيبة, حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام, حدثنا الحجاج بن يوسف المكتب, حدثنا بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" وقال "هل تدرون ما قال ربكم ؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال "يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة" ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل بل مجرد تفضل وامتنان قال بعد ذلك كله " فبأي آلاء ربكما تكذبان " ومما يتعلق بقوله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" ما رواه الترمذي والبغوي من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن أبي عقيل الثقفي, عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج, ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية, ألا إن سلعة الله الجنة" ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر وروى البغوي من حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة مولى حويطب بن عبد العزى, عن عطاء بن يسار, عن أبي الدرداء أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على المنبر وهو يقول: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت الثانية: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله فقال "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت الثالثة: وإن زنى وإن سرق يارسول الله ؟ فقال "وإن رغم أنف أبي الدرداء".
58- "كأنهن الياقوت والمرجان" هذا صفة لقاصرات، أو حال منهن، شبههن سبحانه في صفاء اللون من حمرته بالياقوت والمرجان، والياقوت هو الحجر المعروف، والمرجان قد قدمنا الكلام فيه في هذه السورة على الخلاف في كونه صغار الدر، أو الأحمر المعروف. قال الحسن: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان، وإنما خص المرجان على القول بأنه صغار الدر، لأن صفاءها أشد من صفاء كبار الدر.
58. " كأنهن الياقوت والمرجان "، قال قتادة : صفاء الياقوت في بياض المرجان.
وروينا عن أبي سعيد في صفة أهل الجنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ سوقهن دون لحمهما ودمائهما وجلدهما ".
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أبو اليمان أنا شعيب ، أخبرنا أبو الزناد الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة، قلوبهم على قلب رجل واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن، يسبحون الله بكرة وعشياً لا يسقمون ولا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يتمخطون، آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب، ووقود مجامرهم الألوة ورشحهم المسك ".
أخبرنا أبو سعيد الشريحي أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين ، أخبرنا هارون بن محمد بن هارون ، أخبرنا حازم بن يحيى الحلواني ، أخبرنا سهيل بن عثمان العسكري ، أخبرنا عبيدة بن حميد ، عن عطاء السائب ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن المرأة من أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من حرير، ومخها، إن الله تعالى يقول: "كأنهن الياقوت والمرجان"، فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكاً ثم استصفيته لرأيته من ورائه ".
وقال عمرو بن ميمون : (( إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء )).
58-" كأنهن الياقوت والمرجان " أي حمرة الوجنة وبياض البشرة وصفائهما .
58. (In beauty) like the jacinth and the coral stone.
58 - Like unto rubies and coral.