[الرحمن : 15] وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ
15 - (وخلق الجان) أبا الجن وهو إبليس (من مارج من نار) هو لهبها الخالص من الدخان
وقوله " وخلق الجان من مارج من نار " يقول تعالى ذكره : وخلق الجان من مارج من نار وهو ما اختلط بعضه ببعض من بين أحمر وأصفر وأخضر من قولهم : مرج أمر القوم : إذا اختلط "ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو كيف بك إذا كنت في حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم " وذلك هو لهب النار ولسانه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا عبد الله بن يوسف بن يوسف الجبيري أبو حفص قال : ثنا محمد بن كثير قال : ثنا مسلم عن مجاهد عن ابن عباس في قوله " من مارج من نار " قال : من اوسطها وأحسنها .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " وخلق الجان من مارج من نار " يقول خلقه من لهب النار من أحسن النار .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " من مارج من نار " يقول : خالص .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا عثمان بن سعيد قال : ثنا بشر بن عمارة عن أبي ورق عن الضحاك عن ابن عباس قال : خلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت .
حدثنا هناد قال : ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة في قوله " من مارج من نار " قال : من أحسن النار .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا ابو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " من مارج من نار " قال : اللهب الأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت .
وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله إلا أنه قال : والأحمر .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن منصور عن مجاهد " وخلق الجان من مارج من نار " قال : هو اللهب المنقطع الأحمر .
قال : ثنا مهران عن سفيان عن الضحاك في قوله " وخلق الجان من مارج من نار " قال : أحسن النار .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " من مارج من نار " قال : من لهب النار .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " وخلق الجان من مارج من نار " أي من لهب النار .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن في قوله " من مارج من نار " قال : من لهب النار .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد عن الحسن في قوله " من مارج من نار " قال : المارج : اللهب .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا محمد بن مروان ثنا أبو العوام عن قتادة " وخلق الجان من مارج من نار " قال : من لهب من نار .
" وخلق الجان من مارج من نار " قال الحسن الجان إبليس وهو أبو الجن وقيل الجان واحد الجن والمارج اللهب ، عن ابن عباس ، وقال : خلق الله الجان من خالص النار وعنه أيضا من لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت وقال الليث المارج الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد وعن ابن عباس أنه اللهب الذي يعلو النار فيختلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر ونحوه عن مجاهد وكله متقارب المعنى وقيل المارج كل أمر مرسل غير ممنوع ونحوه قول المبرد قال المبرد : المارج النار المرسلة التي لا تمنع . وقال أبو عبيدة والحسن : المارج خلط النار وأصله من مرج إذا اضطرب واختلط ويروى أن الله تعالى خلق نارين فمرج إحداهما بالأخرى فأكلت إحداهما الأخرى وهي نار السموم فخلق منها إبليس . قال القشيري والمارج في اللغة المرسل أو المختلط وهو فاعل بمعنى مفعول كقوله "ماء دافق" و"عيشة راضية" والمعنى ذو مرج قال الجوهري في الصحاح و "مارج من نار" نار لا دخان لها خلق منها الجان
يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار, وخلقه الجان من مارج من نار, وهو طرف لهبها, قاله الضحاك عن ابن عباس, وبه يقول عكرمة ومجاهد والحسن وابن زيد, وقال العوفي عن ابن عباس: من مارج من نار من لهب النار من أحسنها, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: من مارج من نار من خالص النار, وكذلك قال عكرمة ومجاهد والضحاك وغيرهم. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور, وخلق الجان من مارج من نار, وخلق آدم مما وصف لكم" ورواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد, كلاهما عن عبد الرزاق به.
وقوله تعالى: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " تقدم تفسيره "رب المشرقين ورب المغربين" يعني مشرقي الصيف والشتاء ومغربي الصيف والشتاء, وقال في الاية الأخرى: "فلا أقسم برب المشارق والمغارب" وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم وبروزها منه إلى الناس. وقال في الاية الأخرى: "رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً" وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب, ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب مصالح للخلق من الجن والإنس قال: " فبأي آلاء ربكما تكذبان " وقوله تعالى: "مرج البحرين يلتقيان" قال ابن عباس: أي أرسلهما. وقوله: "يلتقيان" قال ابن زيد: أي منعهما أن يلتقيا بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما, والمراد بقوله البحرين: الملح والحلو, فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس, وقد قدمنا الكلام على ذلك في سورة الفرقان عند قوله تعالى: " وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا " وقد اختار ابن جرير ههنا أن المراد بالبحرين: بحر السماء وبحر الأرض, وهو مروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطية وابن أبزى, قال ابن جرير: لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء وأصداف بحر الأرض وهذا وإن كان هكذا لكن ليس المراد بذلك ما ذهب إليه, فإنه لا يساعده اللفظ فإنه تعالى قد قال: "بينهما برزخ لا يبغيان" أي وجعل بينهما برزخاً, وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا, وهذا على هذا, فيفسد كل واحد منهما الاخر ويزيله عن صفته التي هي مقصودة منه, وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخاً وحجراً محجوراً.
وقوله تعالى: "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" أي من مجموعهما, فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى كما قال تعالى:"يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ؟" والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن وقد صح هذا الإطلاق. واللؤلؤ معروف, وأما المرجان فقيل هو صغار اللؤلؤ, قاله مجاهد وقتادة وأبو رزين والضحاك وروي عن علي, وقيل كباره وجيده, حكاه ابن جرير عن بعض السلف ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس, وحكاه السدي عمن حدثه عن ابن عباس, وروي مثله عن علي ومجاهد أيضاً ومرة الهمداني, وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون, قال السدي عن أبي مالك عن مسروق عن عبد الله قال: المرجان الخرز الأحمر, قال السدي: وهو الكسد بالفارسية, وأما قوله: "ومن كل تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها" فاللحم من كل من الأجاج والعذب والحلية إنما هي من المالح دون العذب. قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر فوقعت في صدفة إلا صار منها اللؤلؤ, وكذا قال عكرمة, وزاد: فإذا لم تقع في صدفة نبتت بها عنبرة, وروي من غير وجه عن ابن عباس نحوه.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله, عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر أفواهها فما وقع فيها, يعني من قطر فهو اللؤلؤ. إسناده صحيح, ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض, امتن بها عليهم فقال: "فبأي آلاء ربكما تكذبان".
وقوله تعالى: "وله الجوار المنشآت" يعني السفن التي تجري "في البحر" قال مجاهد: ما رفع قلعه من السفن فهي منشآت وما لم يرفع قلعه فليس بمنشآت, وقال قتادة: المنشآت يعني المخلوقات, وقال غيره, المنشآت بكسر الشين يعني البادئات "كالأعلام" أي كالجبال في كبرها وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر وإقليم إلى إقليم, مما فيه صلاح الناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع, ولهذا قال: "فبأي آلاء ربكما تكذبان" وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا حماد بن سلمة, حدثنا العرار بن سويد عن عميرة بن سعد قال: كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه على شاطىء الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها فبسط علي يديه ثم قال: يقول الله عز وجل: "وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام" والذي أنشأها تجري في بحوره ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله.
15- "وخلق الجان من مارج من نار" يعني خلق أبا الجن أو جنس الجن من مارج من نار، والمارج اللهب الصافي من النار، وقيل الخالص منها، وقيل لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت، وقال الليث: المارج الشعلة الصادعة ذات اللهب الشديد. قال المبرد: المارج النار المرسلة التي لا تمنع، قال أبو عبيدة: المارد خلط النار، من مرج إذا اختلط واضطرب. قال الجوهري: مارج من نار، نار لا دخان لها خلق منها الجان.
15. " وخلق الجان "، وهو أبو الجن. وقال الضحاك : هو إبليس، " من مارج من نار "، وهو الصافي من لهب النار الذي لا دخان فيه. قال مجاهد : وهو ما اختلط بعضه ببعض من اللهب الأحمر والأصفر والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت، من قولهم: مرج أمر القوم، إذا اختلط.
15-" وخلق الجان " الجن أو أبا الجن . " من مارج " من صاف من الدخان . " من نار " بيان لـ" مارج " فإنه في الأصل للمضطرب من مرج إذا اضطرب .
15. And the Jinn did He create of smokeless fire.
15 - And He created Jinns from fire free of smoke: