[القمر : 36] وَلَقَدْ أَنذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ
36 - (ولقد أنذرهم) خوفهم لوط (بطشتنا) اخذتنا إياهم بالعذاب (فتماروا) تجادلوا وكذبوا (بالنذر) بانذارهم
يقول تعالى ذكره : ولقد أنذر لوط قومه بطشتنا التي بطشتنا التي قبل ذلك " فتماروا بالنذر " يقول : فكذبوا بإنذاره ما أنذرهم من ذلك شكاً منهم فيه .
وقوله " فتماروا " تفاعلوا من المرية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " فتماروا بالنذر " لم يصدقوه .
قوله تعالى " ولقد راودوه عن ضيفه " أي أرادوا منه تمكينهم ممن كان أتاه من الملائكة في هيئة الأضياف طلبا للفاحشة على ما تقدم . يقال : راودته على كذا مراودة وروادا أي أردته . وراد الكلأ يروده وريادا ، وارتاده ارتيادا بمعنى أي طلبه وفي الحديث :
"إذا بال أحدكم فليرتد لبوله " أي يطلب مكانا لينا أو منحدرا . " فطمسنا أعينهم " يروى أن جبريل عليه السلام ضربهم بجناحه فعموا . وقيل : صارت أعينهم كسائر الوجه لا يرى لها شق ، كما تطمس الريح الأعلام بما تسفي عليها من التراب . وقيل : لا بل أعماهم الله مع صحة أبصارهم فلم يروهم قال الضحاك طمس الله على أبصارهم فلم يروا الرسل فقالوا : لقد رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا ؟ فرجعوا ولم يروهم .
يقول تعالى مخبراً عن قوم لوط كيف كذبوا رسولهم وخالفوه, وارتكبوا المكروه من إتيان الذكور وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين, ولهذا أهلكهم الله هلاكاً لم يهلكه أمة من الأمم, فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء, ثم قلبها عليهم وأرسلها وأتبعت بحجارة من سجيل منضود, ولهذا قال ههنا: "إنا أرسلنا عليهم حاصباً" وهي الحجارة "إلا آل لوط نجيناهم بسحر" أي خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم, ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد, حتى ولا امرأته أصابها ما أصاب قومها, وخرج نبي الله لوط وبنات له من بين أظهرهم سالماً لم يمسسه سوء, ولهذا قال تعالى: "كذلك نجزي من شكر * ولقد أنذرهم بطشتنا" أي ولقد كان قبل حلول العذاب بهم قد أنذرهم بأس الله وعذابه فما التفتوا إلى ذلك ولا أصغوا إليه بل شكوا فيه وتماروا به.
"ولقد راودوه عن ضيفه" وذلك ليلة ورد عليه الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل في صور شباب مرد حسان محنة من الله بهم, فأضافهم لوط عليه السلام, وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها فأعلمتهم بأضياف لوط, فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان, فأغلق لوط دونهم الباب, فجعلوا يحاولون كسر الباب, وذلك عشية ولوط عليه السلام يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ويقول لهم: "هؤلاء بناتي" يعني نساءهم " إن كنتم فاعلين " " قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " أي ليس لنا فيهن أرب "وإنك لتعلم ما نريد" فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول, خرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب أعينهم بطرف جناحه, فانطمست أعينهم, يقال إنها غارت من وجوههم, وقيل إنه لم تبق لهم عيون بالكلية, فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان, ويتوعدون لوطاً عليه السلام إلى الصباح. قال الله تعالى: "ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر" أي لا محيد لهم عنه ولا انفكاك لهم منه "فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر".
36- "ولقد أنذرهم بطشتنا" أي أنذر لوط قومه بطشة الله بهم وهي عذابه الشديد وعقوبته البالغة "فتماروا بالنذر" أي شكوا في الإنذار ولم يصدقوه، وهو تفاعلوا من المرية، وهي الشك.
36. " ولقد أنذرهم "، لوط، " بطشتنا "، أخذنا إياهم بالعقوبة، " فتماروا بالنذر "، شكوا بالإنذار وكذبوا ولم يصدقوا.
36-" ولقد أنذرهم " لوط " بطشتنا " أخذتنا العذاب . " فتماروا بالنذر " فكذبوا بالنذر متشاكين .
36. And he indeed had warned them of Our blow, but they did doubt the warnings.
36 - And (Lut) did warn them of Our Punishment, but they disputed about the Warning.