[القمر : 31] إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
31 - (إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر) هو الذي يجعل لغنمه حظيرة من يابس الشجر والشوك يحفظهن فيها من الذئاب والسباع وما سقط من ذلك فداسته هو الهشيم
وقوله " إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة " وقد بينا فيما مضى أمر الصيحة وكيف أتتهم وذكرنا ما روي في ذلك من الآثار فأغني ذلك عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله " فكانوا كهشيم المحتظر " يقول تعالى ذكره فكانوا بهلاكهم بالصيحة بعد نضارتهم أحياء وحسنهم قبل بوارهم كيبس الشجر الذي حظرته بحظير بعد حسن وخضرة ورقة قبل يبسه .
وقد اختلف أهل التأويل في المعنى بقوله " كهشيم المحتظر " فقال بعضهم :عني بذلك : العظام المحترقة وكأنهم وجهوا معناه إلى أنه مثل هؤلاء القوم بعد هلاكهم وبلائهم بالشيء الذي أحرقه محرق في حظيرته
ذكر من قال ذلك :
حدثني سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا محمد بن الصلت قال : ثنا أبو كدينة قال : ثنا قابوس عن أبيه عن ابن عباس " كهشيم المحتظر " قال : كالعظام المحترقة .
حددثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " فكانوا كهشيم المحتظر " قال : المحترق ولا يبان عندنا في هذا الخبر عن ابن عباس كيف كانت قراءته ذلك إلا أنا وجهنا معنى قوله هذا على النحو الذي جاءنا من تأويله قوله " كهشيم المحتظر " إلى أنه كان يقرأ ذلك كنحو قراءة الأمصار وقد يحتمل تأويله ذلك كذلك أن يكون قراءته كانت بفتح الظاء من المحتظر على أن المحتظر نعت للهشيم أضيف إلى نعته كما قيل : " إن هذا لهو حق اليقين " ( الواقعة 95 ) وقد ذكر عن الحسن وقتادة أنهما كانا يقرآن ذلك كذلك ويتأولانه هذا التأويل الذي ذكرناه عن ابن عباس .
حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال : ثني أبي عن الحسن قال كان قتادة يقرأ " كهشيم المحتظر " يقول : المحترق .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " فكانوا كهشيم المحتظر " يقول : كهشيم محترق .
وقال آخرون : بل عني بذلك التراب الذي يتناثر من الحائط .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن يعقوب عن جعفر عن سعيد بن جبير " كهشيم المحتظر " قال : التراب الذي يتناثر من الحائط .
وقال آخرون : بل حظيرة الراعي للغنم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبي إسحاق وأسنده قال " المحتظر " حظيرة الراعي للغنم .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : اخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله " كهشيم المحتظر " المحتظر : الحظيرة تتخذ للغنم فتيبس فتصير كهشيم المحتظر قال : هو الشوك الذي تخطر به العرب حول مواشيها من السباع والهشيم : يابس الشجر الذي فيه شوك ذلك الهشيم .
وقال آخرون : بل عني به هشيم الخيمة وهو ما تكسر من خشبها .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبم عاصم قال : ثني عيسى عن مجاهد في قوله " كهشيم المحتظر " قال : الرجل يهشم الخيمة .
وحدثني الحارث قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " كهشيم المحتظر " الهشيم : الخيمة .
وقال آخرون : بل هو الورق الذي يتناثر من خشب الحطب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان " كهشيم " قال : الهشيم : إذا ضربت الحظيرة بالعصا تهشم ذاك الورق فيسقط والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً .
قوله تعالى " إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة " يريد صيحة جبريل عليه السلام وقد مضى في هود . "فكانوا كهشيم المحتظر " وقرأ الحسن وقتادة و أبو العالية المحتظر بفتح الظاء أرادوا الحظيرة وقرئ كهشيم المحتظر فمن كسره جعله الفاعل ومن فتحه جعله المفعول به . ويقال للرجل القليل الخير : إنه لنكد الحظيرة قال أبو عبيد أراه سمى أمواله حظيرة لأنه حظرها عنده ومنعها وهي فعيلة بمعنى مفعولة المهدوي من فتح الظاء من المحتظر فهو مصدر والمعنى كهشيم الاحتظار . ويجوز أن يكون المحتظر هو الشجر المتخذ منه الحظيرة قال ابن عباس : المحتظر هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة بالشجر والشوك فما سقط من ذلك وداسته الغنم فهو الهشيم قال:
أثرن عجاجة كدخان نار تشب بغرقد بال هشيم
وعنه : كحشيش تأكله الغنم وعنه أيضا كالعظام النخرة المحترقة وهو قول قتادة وقال سعيد بن جبير هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح . وقال سفيان الثوري هو ما تناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصا ، وهو فعيل بمعنى مفعول وقال ابن زيد : العرب تسمي كل شيء كان رطبا فيبس هشيما . والحظر المنع . والمحتظر المفتعل يقال منه : احتظر على إبله وحظر أي جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض ليمنع برد الريح والسباع عن إبله قال الشاعر :
ترى جيف المطي بجانبيه كأن عظامها خشب الهشيم
وعن ابن عباس أنهم كانوا مثل القمح الذي ديس وهشم ، فالمحتظر على هذا الذي يتخذ حظيرة على زرعه ، والهشيم فتات السنبلة والتبن .
وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحاً "فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلال وسعر" يقولون: لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا. ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم ثم رموه بالكذب فقالوا: "بل هو كذاب أشر" أي متجاوز في حد الكذب, قال الله تعالى: "سيعلمون غداً من الكذاب الأشر" وهذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد. ثم قال تعالى: "إنا مرسلو الناقة فتنة لهم" أي اختباراً لهم, أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء, من صخرة صماء طبق ما سألوا, لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به, ثم قال تعالى آمراً لعبده ورسوله صالح: "فارتقبهم واصطبر" أي انتظر ما يؤول إليه أمرهم, واصبر عليهم فإن العاقبة لك, والنصر في الدنيا والاخرة "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم" أي يوم لهم ويوم للناقة كقوله: "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم".
وقوله تعالى: "كل شرب محتضر" قال مجاهد: إذا غابت حضروا الماء. وإذا جاءت حضروا اللبن, ثم قال تعالى: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" قال المفسرون: هو عاقر الناقة, واسمه قدار بن سالف, وكان أشقى قومه. كقوله: "إذ انبعث أشقاها" "فتعاطى" أي خسر "فعقر * فكيف كان عذابي ونذر" أي فعاقبتهم فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي "إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر" أي فبادوا عن آخرهم لم تبق منهم باقية, وخمدوا وهمدوا كما يهمد وييبس الزرع والنبات, قاله غير واحد من المفسرين, والمحتظر قال السدي هو المرعى بالصحراء حين ييبس ويحترق وتسفيه الريح, وقال ابن زيد: كانت العرب يجعلون حظاراً على الإبل والمواشي من يبيس الشوك فهو المراد من قوله: "كهشيم المحتظر" وقال سعيد بن جبير: هشيم المحتظر هو التراب المتناثر من الحائط, وهذا قول غريب, والأول أقوى والله أعلم.
ثم بين ما أجمله من العذاب فقال: 31- "إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة" قال عطاء: يريد صيحة جبريل، وقد مضى بيان هذا في سورة هود وفي الأعراف "فكانوا كهشيم المحتظر" قرأ الجمهور بكسر الظاء، والهشيم: حطام الشجر ويابسه، والمتحظر: صاحب الحظيرة، وهو الذي يتخذ لغنمه حظيرة تمنعها عن برد الريح، يقال احتظر على غنمه: إذا جمع الشجر ووضع بعضه فوق بعض. قال في الصحاح: والمحتظر: الذي يعمل الحظيرة. وقرأ الحسن وقتادة وأبو العالية بفتح الظاء: أي كهشيم الحظيرة، فمن الذي يعمل الحظيرة. وقرأ الحسن وقتادة وأبو العالية بفتح الظاء: أي كهشيم الحظيرة، فمن قرأ بالكسر أراد الفاعل للاحتظار، ومن قرأ بالفتح أراد الحظيرة، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، ومعنى الآية أنهم صاروا كالشجر إذا يبس في الحظيرة وداسته الغنم بعد سقوطه، ومنه قول الشاعر:
أثرن عجاجه كدخان نار تشب بغرقد بال هشيم
وقال قتادة: هو العظام النخرة المحترقة. وقال سعيد بن جبير: هو التراب المتناثر من الحيطان في يوم ريح. وقال سفيان الثوري: هو ما يتناثر من الحظيرة إذا ضربتها بالعصي. قال ابن زيد: العرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس هشيماً، ومنه قول الشاعر:
ترى جيف المطي بجانبيه كأن عظامها خشب الهشيم
31. " إنا أرسلنا عليهم صيحةً واحدة "، قال عطاء : يريد صيحة جبريل عليه السلام، " فكانوا كهشيم المحتظر "، قال ابن عباس: هو الرجل يجعل لغنمه حظيرة من الشجر والشوك دون السباع، فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم.
وقال ابن زيد : هو الشجر البالي الذي تهشم حتى ذرته الريح. والمعنى: أنهم صاروا كيبس الشجر إذا تحطم، والعرب تسمي كل شيء كان رطباً فيبس: هشيماً.
وقال قتادة : كالعظام النخرة المحترقة. وقال سعيد بن جبير : هو التراب الذي يتناثر من الحائط.
31-" إنا أرسلنا عليهم صيحةً واحدةً " صيحة جبريل عليه السلام ." فكانوا كهشيم المحتظر " كالشجر اليابس المتكسر الذي يتخذه من يعمل الحظيرة لأجلها أو كالحشيش اليابس الذي يجمعه صاحب الحظيرة لماشيته في الشتاء ، وقرئ بفتح الظاء أي كهشيم الحظيرة أو الشجر المتخذ لها .
31. Lo! We sent upon them one Shout, and they became as the dry twigs (rejected by) the builder of a cattle fold.
31 - For We sent against them a single Mighty Blast, and they became like the dry stubble used by one who pens cattle.