[القمر : 25] أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ
25 - (أألقي) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين وتركه (الذكر) الوحي (عليه من بيننا) لم يوح إليه (بل هو كذاب) في قوله إنه أوحي إليه ما ذكر (أشر) متكبر بطر قال تعالى
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل مكذبي رسوله صالح صلى الله عليه وسلم من قومه ثمود : أألقي عليه الذكر من بيننا يعنون بذلك : أنزل الوحي وخص بالنبوة من بيننا وهو واحد منا إنكاراً منهم أن يكون الله يرسل رسولاً من بني آدم .
وقوله " بل هو كذاب أشر " يقول : قالوا : ما ذلك كذلك بل هو كذاب أشر يعنون بالأشر المرح ذا التجبر والكبرياء والمرح من النشاط .
وقد حدثني الحسن بن محمد بن سعيد القرشي قال : قلت لعبد الرحمن بن أبي حماد ما الكذاب الأشر قال : الذي لا يبالي ما قال وبكسر الشين من الأشر وتخفيف الراء قرأت قراء الأمصار وذكر عن مجاهد أنه كان يقرؤه كذاب أشر بضم الشين وتخفيف الراء وذلك في الكلام نظير الحذر والحذر والعجل والعجل .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقوله "سيعلمون غدا من الكذاب الأشر " يقول تعالى ذكره : قال الله لهم : ستعلمون غداً في القيامة من الكذاب الأشر منكم معشر ثمود ومن رسولنا صالح حين تردون على ربكم وهذا التأويل تأويل من قرأه " ستعلمون " بالتاء وهي قراءة عامة أهل الكوفة سوى عاصم والكسائي وأما تأويل ذلك على قراءة من قرأه بالياء وهي قراءة عامة قراء أهل المدينة والبصرة وعاصم والكسائي
قوله تعالى " أألقي الذكر عليه من بيننا " أي خصص بالرسالة من بين آل ثمود وفيهم من هو أكثر مالا وأحسن حالا . وهو استفهام معناه الإنكار . "بل هو كذاب أشر " أي ليس كما يدعيه وإنما يريد أن يتعاظم ويلتمس التكبر علينا من غير استحقاق . والأشر المرح والتجبر والنشاط .يقال : فرس أشر إذا كان مرحا نشيطا قال امرؤ القيس يصف كلبا :
فيدركنا فغم داجن سميع بصير طلوب نكر
ألصق الضروس حني الضلوع تبوع أريب نشيط أشر
وقيل أشر بطر والأشر البطر قال الشاعر :
وخلت وعولا أشارى بها وقد أزهف الطعن أبطالها
وقيل : إنه المتعدي إلى منزلة لا يستحقها والمعنى واحد وقال ابن زيد وعبد الرحمن بن حماد الأشر الذي لا يبالي ما قال : وقرأ أبو جعفر وأبو قلابة أشر بفتح الشين وتشديد الراء يعني به أشرنا وأخبثنا .
وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحاً "فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلال وسعر" يقولون: لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا. ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم ثم رموه بالكذب فقالوا: "بل هو كذاب أشر" أي متجاوز في حد الكذب, قال الله تعالى: "سيعلمون غداً من الكذاب الأشر" وهذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد. ثم قال تعالى: "إنا مرسلو الناقة فتنة لهم" أي اختباراً لهم, أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء, من صخرة صماء طبق ما سألوا, لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به, ثم قال تعالى آمراً لعبده ورسوله صالح: "فارتقبهم واصطبر" أي انتظر ما يؤول إليه أمرهم, واصبر عليهم فإن العاقبة لك, والنصر في الدنيا والاخرة "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم" أي يوم لهم ويوم للناقة كقوله: "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم".
وقوله تعالى: "كل شرب محتضر" قال مجاهد: إذا غابت حضروا الماء. وإذا جاءت حضروا اللبن, ثم قال تعالى: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" قال المفسرون: هو عاقر الناقة, واسمه قدار بن سالف, وكان أشقى قومه. كقوله: "إذ انبعث أشقاها" "فتعاطى" أي خسر "فعقر * فكيف كان عذابي ونذر" أي فعاقبتهم فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي "إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر" أي فبادوا عن آخرهم لم تبق منهم باقية, وخمدوا وهمدوا كما يهمد وييبس الزرع والنبات, قاله غير واحد من المفسرين, والمحتظر قال السدي هو المرعى بالصحراء حين ييبس ويحترق وتسفيه الريح, وقال ابن زيد: كانت العرب يجعلون حظاراً على الإبل والمواشي من يبيس الشوك فهو المراد من قوله: "كهشيم المحتظر" وقال سعيد بن جبير: هشيم المحتظر هو التراب المتناثر من الحائط, وهذا قول غريب, والأول أقوى والله أعلم.
ثم كرروا الإنكار والاستبعاد فقالوا: 25- "أألقي الذكر عليه من بيننا" أي كيف خص من بيننا بالوحي والنبوة، وفينا من هو أحق بذلك منه؟ ثم أضربوا عن الاستنكار وانتقلوا إلى الجزم بكونه كذاباً أشراً فقالوا: "بل هو كذاب أشر" والأشر: المرح والنشاط، أو البطر والتكبر، وتفسيره بالبطر والتكبر أنسب بالمقام، ومنه قول الشاعر:
أشرتم بلبس الخز لما لبستم ومن قبل لا تدرون من فتح القرى
قرأ الجمهور "أشر" كفرح. وقرأ أبو قلابة وأبو جعفر بفتح الشين وتشديد الراء على أنه أفعل تفضيل. ونقل الكسائي عن مجاهد أنه قرأ بضم الشين مع فتح الهمزة.
25. " أألقي الذكر عليه "، أأنزل الذكر الوحي، " من بيننا بل هو كذاب أشر "، بطر متكبر يريد أن يتعظم علينا بادعائه النبوة، ((والأشر)): المرح والتجبر.
" سيعلمون "، قرأ ابن عامر و حمزة : ((ستعلمون))، بالتاء على معنى قال صالح لهم، وقرأ الآخرون بالياء
25-" ألقي الذكر " الكتاب أو الوحي " عليه من بيننا " وفيه من هو أحق منه بذلك . " بل هو كذاب أشر " حمله بطره على الترفع علينا بادعائه إياه .
25. Hath the remembrance been given unto him alone among us? Nay, but he is a rash liar.
25 - Is it that the Message is sent to him. Of all people amongst us? Nay, he is a liar, an insolent one!