[النجم : 2] مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى
2 - (ما ضل صاحبكم) محمد عليه الصلاة والسلام عن طريق الهداية (وما غوى) ما لابس الغي وهو جهل من اعتقاد فاسد
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى " قال : قال عتبة بن أبي لهب : كفرت برب النجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما تخاف أن يأكلك كلب الله " قال فخرج في تجارة إلى اليمن فبينما هم قد عرسوا إذ سمع صوت الأسد فقال لأصحابه إني مأكول فأحدقوا به وضرب على أصمختهم فناموا فجاء حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا محمد بن ثور قال : ثنا معمر عن قتادة : أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا : " والنجم إذا هوى " فقال ابن لأبي لهب حسبته قال : اسمه عتبة : كفرت برب النجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " احذر لا يأكلك كلب الله " قال فضرب هامته قال : وقال ابن طاوس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا تخاف أن يسلط عليك كلبه ؟ " فخرج ابن أبي لهب مع ناس في سفر حتى إذا كانوا في بعض الطريق سمعوا صوت الأسد فقال ما هو إلا يريدني فاجتمع أصحابه حوله وجعلوه في وسطهم حتى إذا ناموا جاء الأسد فأخذه من بينهم . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : عني بقوله " والنجم " والنجوم وقال : ذهب إلى لفظ الواحد وهو في معنى الجميع واستشهد لقوله ذلك بقول راعي الإبل
فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها
والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عني بالنجم في هذا الموضع : الثريا وذلك أن العرب تدعوها النجم والقول الذي قاله من حكينا عنه من أهل البصرة قول لا نعلم أحداً من أهل التأويل قاله وإن كان له وجه فلذلك تركنا القول به .
وقوله " ما ضل صاحبكم وما غوى " يقول تعالى ذكره : ما حاد صاحبكم أيها الناس عن الحق ولا زال عنه ولكنه على استقامة وسداد .
ويعني بقوله " وما غوى " وما صار غوياً ولكنه رشيد سديد يقال : غوى يغوي من الغي وهو غاو وغوي يغوى من اللبن إذا بشم وقوله " ما ضل صاحبكم " جواب قسم والنجم .
قوله تعالى : " ما ضل صاحبكم " هذا جواب القسم ، أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن الحق وما حاد عنه . " وما غوى " الغي ضد الرشد أي ما صار غاوياً . وقيل : أي ما تكلم بالباطل . وقيل : أي ما خاب مما طلب والغي الخيبة ، قال الشاعر :
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
أي من خاب في طلبه لامه الناس . ثم يجوز أن يكون هذا إخباراً عما بعد الوحي . ويجوز أن يكون إخباراً عن أحواله على التعميم ، أي كان أبداً موحداً لله . وهو الصحيح على ما بيناه في (( الشورى )) عند قوله : " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان " [ الشورى : 52 ] .
قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه, والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق, رواه ابن أبي حاتم: واختلف المفسرون في معنى قوله: "والنجم إذا هوى" فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني بالنجم الثريا إذا سقط مع الفجر, وكذا روي عن ابن عباس وسفيان الثوري واختاره ابن جرير, وزعم السدي أنها الزهرة, وقال الضحاك "والنجم إذا هوى" إذا رمي به الشياطين وهذا القول له اتجاه. وروى الأعمش عن مجاهد في قوله تعالى: "والنجم إذا هوى" يعني القرآن إذا نزل, وهذه الاية كقوله تعالى: "فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين" وقوله تعالى: "ما ضل صاحبكم وما غوى" هذا هو المقسم عليه, وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال, وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم, والغاوي هو العالم بالحق, العادل عنه قصداً إلى غيره, فنزه الله رسوله وشرعه, عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود. وهي علم الشيء وكتمانه, والعمل بخلافه, بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, ولهذا قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى" أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض "إن هو إلا وحي يوحى" أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً من غير زيادة ولا نقصان كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ـ أو مثل أحد الحيين ـ ربيعة ومضر" فقال رجل: يا رسول الله أو ما ربيعة من مضر ؟ قال: "إنما أقول ما أقول".
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس, أخبرنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه, فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب. فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق" ورواه أبو داود عن مسدد وأبي بكر بن أبي شيبة, كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان به. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا الليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه" ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا أقول إلا حقاً قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله ؟ قال: إني لا أقول إلا حقاً".
2- "ما ضل صاحبكم وما غوى" أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلم عن الحق والهدى ولا عدل عنه، والغني: ضد الرشد، أي ما صار غاوياً، ولا تكلم بالباطل، وقيل ما خاب فيما طلب، والغني: الخيبة، ومنه قول الشاعر:
فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائماً
وفي قوله: "صاحبكم" إشارة بأنهم المطلعون على حقيقة حاله، والخطاب لقريش.
2. وجواب القسم: قوله: " ما ضل صاحبكم "، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم ما ضل عن طريق الهدى، " وما غوى "
2-" ما ضل صاحبكم " ما عدل محمد صلى الله عليه وسلم عن الطريق المستقيم ، الخطاب لقريش ، " وما غوى " وما اعتقد باطلاً والخطاب لقريش ، والمراد نفي ما ينسبون إليه .
2. Your comrade erreth not, nor is deceived;
2 - Your Companion is neither astray nor being misled.