[النجم : 1] وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى
1 - (والنجم) الثريا (إذا هوى) غاب
اختلف أهل التأويل قوله " والنجم إذا هوى " فقال بعضهم : عني بالنجم : الثريا وعني بقوله " إذا هوى " إذا سقط قالوا : تأويل الكلام : والثريا إذا سقطت .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن : قال ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " والنجم إذا هوى " قال : إذا سقطت الثريا مع الفجر .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان " والنجم إذا هوى " قال : الثريا . وقال مجاهد " والنجم إذا هوى " قال : سقوط الثريا .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " والنجم إذا هوى " قال إذا انصب .
وقال آخرون : معنى ذلك : والقرآن إذا نزل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني زياد بن عبد الله الحساني أبو الخطاب قال : ثنا مالك بن سعير ، قال : ثنا الأعمش عن مجاهد في قوله " والنجم إذا هوى " قال : القرآن إذا نزل .
مكية كلها في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر . وقال ابن عباس و قتادة إلا آية منها وهي قوله تعالى : " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش " [ النجم : 32 ] الآية . وقيل : اثنتان وستون آية . وقيل : إن السورة كلها مدنية . والصحيح أنها مكية لما " روى ابن مسعود أنه قال : هي أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة " . وفي البخاري " عن ابن عباس :
أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم ، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس " . و" عن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد لها ، فما بقي أحد من القوم إلا سجد ، فأخذ رجل من القوم كفا من حصباء أو تراب فرفعه إلى وجهه وقال : يكفيني هذا . قال عبد الله : فلقد رأيته بعد قتل كافراً " متفق عليه . الرجل يقال هو أمية بن خلف وفي الصحيحين " عن زيد بن ثابت رضي الله عنه :
أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة " والنجم إذا هوى " فلم يسجد " . وقد مضى في آخر (( الأعراف ))القول في هذا والحمد لله .
قوله تعالى : : " والنجم إذا هوى " قال ابن عباس و مجاهد : معنى " والنجم إذا هوى " والثريا إذا سقطت مع الفجر ، والعرب تسمي الثريا نجماً وإن كانت في العدد نجوماً ، يقال : إنها سبعة أنجم ، ستة منها ظاهرة وواحدة خفي يمتحن الناس به أبصارهم .وفي الشفا لـ القاضي عياض : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى في الثريا أحد عشر نجماً " . وعن مجاهد أيضاً أن المعنى والقرآن إذا نزل ، لأنه كان ينزل نجوماً . وقاله الفراء . وعنه أيضاً : يعني نجوم السماء كلها حين تغرب . وهو قول الحسن قال : أقسم الله بالنجوم إذا غابت . وليس يمتنع أن يعبر عنها بلفظ واحدة ومعناه جمع، كقول الراعي :
فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها
وقال عمر بن أبي ربيعة :
أحسن النجم في السماء الثريا والثريا في الأرض زين النساء
وقال الحسن أيضاً : المراد بالنجم النجوم إذا سقطت يوم القيامة . وقال السدي : إن النجم هاهنا الزهرة لأن قوماً من العرب كانوا يعبدونها . وقيل : المراد به النجوم التي ترجم بها الشياطين ، وسببه أن الله تعالى لما أراد بعث محمد صلى الله عليه وسلم رسولاً كثر انقضاض الكواكب قبل مولده ، فذعر أكثر العرب منها وفزعوا إلى كاهن كان لهم ضريراً ، كان يخبرهم بالحوادث فسألوه عنها فقال : انظروا البروج الاثني عشر فإن انقض منها شيء فهو ذهاب الدنيا ، فإن لم ينقض منها شيء فسيحدث في الدنيا أمر عظيم ، فاستشعروا ذلك ، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الأمر العظيم الذي استشعروه ، فأنزل الله تعالى : " والنجم إذا هوى " أي ذلك النجم الذي هوى هو لهذه النبوة التي حدثت . وقيل : النجم هنا هو النبت الذي ليس له ساق ، وهوى أي سقط على الأرض . وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم : " والنجم " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم " إذا هوى " إذا نزل من السماء ليلة المعراج . و" عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما :
أن عتبة بن أبي لهب وكان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الخروج إلى الشام فقال : لآتين محمداً فلأوذينه ، فأتاه فقال : يا محمد هو كافر بالنجم إذا هوى ، وبالذي دنا فتدلى . ثم تفل في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد عليه ابنته وطلقها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اللهم سلط عليه كلباً من كلابك )) وكان أبو طالب حاضرا فوجم لها وقال : ما كان أغناك يا بن أخي عن هذه الدعوة ، فرجع عتبة إلى أبيه فأخبره ، ثم خرجوا إلى الشام ، فنزلوا منزلاً ، فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم : إن هذه أرض مسبغة . فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه الليلة ! فإني أخاف على ابني من دعوة محمد ، فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم ، وأحدقوا بعتبة ، فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله " . وقال حسان :
من يرجع العام إلى أهله فما أكيل السبع بالراجع
وأصل النجم الطلوع ، يقال : نجم السن ونجم فلان ببلاد كذا أي خرج على السلطان . والهوي النزول والسقوط ، يقال : هوى يهوي هوياً مثل مضى يمضي مضياً ، قال زهير :
فشج بها الأماعز وهي تهوي هوي الدلو أسلمها الرشاء
وقال آخر :
بينما نحن بالبلاكث فالقا ع سراعاً والعيس تهوي هوياً
خطرت خطرة على القلب من ذكـ ـراك وهنا فما استطعت مضياً
الأصمعي : هوى بالفتح يهوي هوياً أي سقط إلى أسفل . قال : وكذلك انهوى في السير إذا مضى فيه ، وهوى وانهوى فيه لغتان بمعنى ، وقد جمعهما الشاعر في قوله :
وكم منزل لولاي طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق منهوي
ويقال في الحب : هوي بالكسر يهوي هوى ، أي حب .
تفسير سورة النجم
قال البخاري: حدثنا نصر بن علي, أخبرني أبو أحمد ـ يعني الزبيدي ـ حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق, عن الأسود بن يزيد عن عبد الله قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة "والنجم" قال: فسجد النبي صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه, إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه, فرأيته بعد ذلك قتل كافراً وهو أمية بن خلف, وقد رواه البخاري أيضاً في مواضع ومسلم وأبو داود والنسائي من طرق عن أبي إسحاق به, وقوله في الممتنع إنه أمية بن خلف في هذه الرواية مشكل, فإنه قد جاء من غير هذه الطريق أنه عتبة بن ربيعة.
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه, والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق, رواه ابن أبي حاتم: واختلف المفسرون في معنى قوله: "والنجم إذا هوى" فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني بالنجم الثريا إذا سقط مع الفجر, وكذا روي عن ابن عباس وسفيان الثوري واختاره ابن جرير, وزعم السدي أنها الزهرة, وقال الضحاك "والنجم إذا هوى" إذا رمي به الشياطين وهذا القول له اتجاه. وروى الأعمش عن مجاهد في قوله تعالى: "والنجم إذا هوى" يعني القرآن إذا نزل, وهذه الاية كقوله تعالى: "فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين" وقوله تعالى: "ما ضل صاحبكم وما غوى" هذا هو المقسم عليه, وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال, وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم, والغاوي هو العالم بالحق, العادل عنه قصداً إلى غيره, فنزه الله رسوله وشرعه, عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود. وهي علم الشيء وكتمانه, والعمل بخلافه, بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, ولهذا قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى" أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض "إن هو إلا وحي يوحى" أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً من غير زيادة ولا نقصان كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ـ أو مثل أحد الحيين ـ ربيعة ومضر" فقال رجل: يا رسول الله أو ما ربيعة من مضر ؟ قال: "إنما أقول ما أقول".
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس, أخبرنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه, فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب. فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق" ورواه أبو داود عن مسدد وأبي بكر بن أبي شيبة, كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان به. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا الليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه" ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا أقول إلا حقاً قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله ؟ قال: إني لا أقول إلا حقاً".
هي إحدى وستون آية، وقيل ثنتان وستون آية
وهي مكية جميعها في قول الجمهور. وروي عن ابن عباس وعكرمة أنها مكية إلا آية منها. وهي قوله: " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش " الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة النجم بمكة، وأخرج أيضاً عن ابن الزبير مثله. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: أو سورة أنزلت فيها سجدة والنجم، فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الناس كلهم، إلا رجلاً رأيته أخذ كفاً من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: أول سورة استعلن بها النبي صلى الله عليه وسلم يقرأها: والنجم. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ النجم، فسجد بنا فأطال السجود". وأخرج ابن مردويه عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فلما بلغ السجدة سجد فيها". وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والطبراني وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال: قرأت النجم عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد فيها. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في النجم بمكة، فلما هاجر إلى المدينة تركها. وأخرج أيضاً عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة.
قوله 1- "والنجم إذا هوى" التعريف للجنس، والمراد جنس النجوم، وبه قال جماعة من المفسرين، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
أحسن النجم في السماء الثريا والثريا في الأرض زين النساء
وقيل: المراد به الثريا. وهو اسم غلب فيها، تقول العرب النجم وتريد به الثريا، وبقه قال مجاهد وغيره، وقال السدي: النجم هنا هو الزهرة، لأن قوماً من العرب كانوا يعبدونها، وقيل النجم هنا النبت الذي لا ساق له كما في قوله: "والنجم والشجر يسجدان" قاله الأخفش. وقيل النجم محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل النجم القرآن، وسمي نجماً لكونه نزل منجماً مفرقاً، والعرب تسمي التفريق تنجيماً، والمفرق: المنجم، وبه قال مجاهد والفراء وغيرهما، والأول أولى. قال الحسن: المراد بالنجم النجوم إذا سقطت يوم القيامة. وقيل المراد بها النجوم التي ترجم بها الشياطين، ومعنى هويه: سقوطه من علو، يقال هوى النجم يهوي هوياً: إذا سقط من علو إلى سفل، وقيل غروبه، وقيل طلوعه، والأول أولى، وبه قال الأصمعي وغيره، ومنه قول زهير:
تسيح بها الأباعر وهي تهوي هوي الدلو أسلمها الرشاء
ويقال هوى في السير: إذا مضى، ومنه قول الشاعر:
بينمــا نـحــن بــالبــلاكــث فالقــا ع سراعاً والعيس تهوي هويا
خطرت خطرة على القلب من ذكـ ـراك وهناً فما استطعت مضيا
ومعنى الهوي على قول من فسر النجم بالقرآن: أنه نزل من أعلى إلى أسفل، وأما على قول من قاله إنه الشجر الذي لا ساق له، أو أنه محمد صلى الله عليه وسلم فلا يظهر للهوي معنى صحيح، والعامل في الظرف فعل القسم المقدر.
1. مكية، " والنجم إذا هوى "، قال ابن عباس في رواية الوالبي و العوفي : يعني الثريا إذا سقطت وغابت، وهويه مغيبه، والعرب تسمي الثريا نجماً.
وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما طلع النجم قط وفي الأرض من العاهة شيء إلا رفع))، وأراد بالنجم الثريا.
وقال مجاهد : هي نجوم السماء كلها حين تغرب، لفظه واحد ومعناه الجمع، سمي الكوكب نجماً لطلوعه، وكل طالع نجم، يقال: نجم السن والقرن والنبت: إذا طلع.
وروى عكرمة عن ابن عباس: أنه الرجوم من النجوم، يعني ما ترمى به الشياطين عند استراقهم السمع.
وقال أبو حمزة الثمالي : هي النجوم إذا انتثرت يوم القيامة. وقيل: المراد بالنجم القرآن، سمي نجماً لأنه نزل نجوماً متفرقة في عشرين سنة، وسمي التفريق: تنجيماً، والمفرق: منجماً، هذا قول ابن عباس في رواية عطاء ، وهو قول الكلبي .
((الهوي)): النزول من أعلى إلى أسفل. وقال الأخفش : ((النجم)) هو النبت الذي لا ساق له، ومنه قوله عز وجل: " والنجم والشجر يسجدان " (الرحمن-6)، وهويه سقوطه على الأرض. وقال جعفر الصادق : يعني محمداً صلى الله عليه وسلم إذ نزل من السماء ليلة المعراج، و ((الهوي)): النزول، يقال: هوى يهوي هوياً [إذا نزل]، مثل مضى يمضي مضياً.
1-" النجم إذا هوى " أقسم بجنس النجوم أو الثريا فإنه غلبت فيها إذا غرب أو انتثر يوم القيامة أو انقض أو طلع فإنه يقال : هوى هوياً بالفتح إذا سقط وغرب ، وهوياً بالضم إذا علا وصعد ، أو بالنجم من نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض ، أو إذا نما ارتفع على قوله .
Surah 53. An-Najm
1. By the Star when it setteth,
SURA 53: NAJM
1 - By the Star when it goes down,