[الطور : 42] أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ
42 - (أم يريدون كيدا) بك ليهلكوك في دار الندوة (فالذين كفروا هم المكيدون) المغلوبون المهلكون فحفظه الله منهم ثم أهلكهم ببدر
يقول تعالى ذكره : بل يريد هؤلاء المشركون يا محمد بك وبدين الله كيداً " فالذين كفروا هم المكيدون " يقول : فهم المكيدون الممكور بهم دونك فثق بالله وامض لما أمرك به .
قوله تعالى " أم يريدون كيدا " أي مكرا بك في دار الندوة "فالذين كفروا هم المكيدون " أي الممكور بهم " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " وذلك أنهم قتلوا ببدر .
هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية فقال تعالى: "أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم الخالقون" أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم, أي لا هذا ولا هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان قال: حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الاية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك ؟ أم هم المصيطرون ؟" كاد قلبي أن يطير, وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به. وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى, وكان إذ ذاك مشركاً, فكان سماعه هذه الاية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك. ثم قال تعالى: "أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون" أي أهم خلقوا السموات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله, وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له, ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك " أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن "أم هم المصيطرون" أي المحاسبون للخلائق, ليس الأمر كذلك بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.
وقوله تعالى: "أم لهم سلم يستمعون فيه" أي مرقاة إلى الملأ الأعلى "فليأت مستمعهم بسلطان مبين" أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال, أي وليس لهم سبيل إلى ذلك فليسوا على شيء وليس لهم دليل, ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً, واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث, بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم, هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقال: "أم له البنات ولكم البنون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد "أم تسألهم أجراً ؟" أي أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله, أي لست تسألهم على ذلك شيئاً "فهم من مغرم مثقلون" أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ويثقلهم ويشق عليهم "أم عندهم الغيب فهم يكتبون" أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله "أم يريدون كيداً. فالذين كفروا هم المكيدون" يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه, فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم فالذين كفروا هم المكيدون "أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون" وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله, ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال: "سبحان الله عما يشركون".
42- "أم يريدون كيداً" أي مكراً برسول الله صلى الله عليه وسلم فيهلكونه بذلك المكر "فالذين كفروا هم المكيدون" أي الممكور بهم المجزيون بكيدهم، فضرر كيدهم يعود عليهم " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله " وقد قتلهم الله في يوم بدر وأذلهم في غير موطن، ومكر سبحانه بهم "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".
42. " أم يريدون كيداً "، مكراً بك ليهلكوك؟ " فالذين كفروا هم المكيدون "، أي: هم المجزيون بكيدهم، يريد أن ضرر ذلك يعود عليهم، ويحيق مكرهم بهم، وذلك أنهمه مكروا به في دار الندوة فقتلوا ببدر.
42-" أم يريدون كيداً " وهو كيدهم في دار النبوة برسول الله صلى الله عليه وسلم " فالذين كفروا " يحتمل العموم والخصوص فيكون وضعه موضع الضمير للتسجيل على كفرهم ، والدلالة على أنه الموجب للحكم المذكور .
" هم المكيدون " هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم وبال كيدهم ، وهو قتلهم يوم بدر أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته .
42. Or seek they to ensnare (the messenger)? But those who disbelieve, they are the ensnared!
42 - Or do they intend a plot (against thee)? But those who defy God are themselves involved in a Plot!