[الذاريات : 46] وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ
46 - (وقوم نوح) بالجر عطف على ثمود أي وفي إهلاكهم بما في السماء والأرض آية وبالنصب أي وأهلكنا قوم نوح (من قبل) قبل إهلاك هؤلاء المذكورين (إنهم كانوا قوما فاسقين)
وقوله " وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوماً فاسقين " اختلفت القراء في قراءة قوله " وقوم نوح " نصباً ولنصب ذلك وجوه : أحدها : أن يكون القوم عطفاً على الهاء والميم في قوله " فأخذتهم الصاعقة " إذ كان كل عذاب مهلك تسمية العرب صاعقة فيكون معنى الكلام حينئذ : فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح من قبل والثاني : أن يكون منصوباً بمعنى الكلام إذ كان فيما ‏مضى من أخبار الأمم قبل دلالة على المراد من الكلام وان معناه : أهلكنا هذه الأمم وأهلكنا قوم نوح من قبل والثالث : أن يضمر له فعلاً ناصباً فيكون معنى الكلام : واذكر لهم قوم نوح كما قال " وإبراهيم إذ قال لقومه " ( العنكبوت 16 ) ونحو ذلك بمعنى أخبرهم واذكر لهم وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة وقوم نوح بخفض القوم على معنى : وفي قوم نوح عطفاً بالقوم على موسى في قوله " وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون ".
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب وتأويل ذلك في قراءة من قرأ خفضاً : وفي قوم نوح لهم أيضاً عبرة إذ أهلكناهم من قبل ثمود لما كذبوا رسولنا نوحاً " إنهم كانوا قوماً فاسقين " يقول : إنهم كانوا مخالفين أمر الله خارجين عن طاعته .
قوله تعالى " وقوم نوح من قبل " قرأ حمزةوالكسائيوأبو عمرو وقوم نوح بالخفض أي وفي قوم نوح آية أيضا . الباقون بالنصب على معنى وأهلكنا قوم نوح أو يكون معطوفا على الهاء والميم في "أخذتهم " أو الهاء في "أخذناه" أي فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح أو " نبذناهم في اليم" ونبذنا قوم نوح أو يكون بمعنى اذكر .
يقول تعالى: "وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين" أي بدليل باهر وحجة قاطعة "فتولى بركنه" أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً. وقال مجاهد: تعزز بأصحابه, وقال قتادة: غلب عدو الله على قومه, وقال ابن زيد "فتولى بركنه" أي بجموعه التي معه ثم قرأ "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" والمعنى الأول قوي كقوله تعالى: "ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله" أي معرض عن الحق مستكبر "وقال ساحر أو مجنون" أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحراً أو مجنوناً قال الله تعالى: "فأخذناه وجنوده فنبذناهم" أي ألقيناهم "في اليم" وهو البحر "وهو مليم" أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
ثم قال عز وجل "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً قاله الضحاك وقتادة وغيرهما ولهذا قال تعالى: "ما تذر من شيء أتت عليه" أي مما تفسده الريح "إلا جعلته كالرميم" أي كالشيء الهالك البالي, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب, حدثنا عمي عبد الله بن وهب, حدثني عبد الله يعني ابن عياش الغساني, حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية ـ يعني من الأرض الثانية ـ, فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عاداً قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا إذاً تطفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله عز وجل في كتابه: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" " هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك, والله أعلم. قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى: "إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" "وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين" قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم. والظاهر أن هذه كقوله تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" وهكذا قال ههنا: " وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون " وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار "فما استطاعوا من قيام" أي من هرب ولا نهوض "وما كانوا منتصرين" أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه. وقوله عز وجل: "وقوم نوح من قبل" أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء "إنهم كانوا قوماً فاسقين" وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة, والله أعلم.
46- "وقوم نوح من قبل" أي من قبل هؤلاء المهلكين، فإن زمانهم متقدم على زمن فرعون وعاد وثمود "إنهم كانوا قوماً فاسقين" أي خارجين عن طاعة الله. قرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو بخفض "قوم" أي وفي قوم نوح آية، وقرأ الباقون بالنصب: أي وأهلكنا قوم نوح، أو هو معطوف على مفعول أخذتهم الصاعقة، أو على مفعول نبذناهم: أي نبذناهم ونبذنا قوم نوح، أو يكون العامل فيه اذكر.
46. " وقوم نوح "، قرأ أبو عمرو و حمزة و الكسائي : ((وقوم)) بجر الميم، أي: وفي قوم نوح، وقرأ الآخرون بنصبها بالحمل على المعنى، وهو أن قوله: (( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ))، معناه: أغرقناهم وأغرقنا قوم نوح. " من قبل "، أي: من قبل هؤلاء، وهم عاد وثمود وقوم فرعون. " إنهم كانوا قوماً فاسقين ".
46-" وقوم نوح " أي وأهلكنا قوم نوح لأن ما قبله يدل عليه . أو ادكر ويجوز أن يكون عطفاً على محل " في عاد " ، ويؤيده قراءة أبي عمرو و حمزة و الكسائي بالجر . " من قبل " من قبل هؤلاء المذكورين " إنهم كانوا قوماً فاسقين " خارجين عن الاستقامة بالكفر والعصيان .
46. And the folk of Noah aforetime. Lo! they were licentious folk.
46 - So were the People of Noah before them: for they wickedly transgressed.