[الذاريات : 45] فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ
45 - (فما استطاعوا من قيام) ما قدروا على النهوض حين نزول العذاب (وما كانوا منتصرين) على من أهلكهم
يقول تعالى ذكره : فما استطاعوا من دفاع لما نزل بهم من عذاب الله ولا قدروا على نهوض به .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " فما استطاعوا من قيام " يقول : ما استطاع القوم نهوضاً لعقوبة الله تبارك وتعالى .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " فما استطاعوا من قيام " قال : من نهوض .
وكان بعض أهل العربية يقول : معنى قوله " فما استطاعوا من قيام " فما قاموا بها قال : لو كانت فما استطاعوا من إقامة لكان صواباً وطرح الألف منها كقوله " أنبتكم من الأرض نباتاً " ( نوح 17 ) .
وقوله " وما كانوا منتصرين " يقول : وما كانوا قادرين على أن يستفيدوا ممن أحل بهم العقوبة التي حلت بهم .
وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " وما كانوا منتصرين " قال : ما كانت عندهم من قوة يمتنعون بها من الله عز وجل .
"فما استطاعوا من قيام " قيل معناه من نهوض وقيل ما أطاقوا أن يستقلوا بعذاب الله وأن يتحملوه ويقوموا به ويدفعوه عن أنفسهم تقول لا أقوم لهذا الأمر أي لا أطيقه . وقال ابن عباس : أي ذهبت أجسامهم وبقيت أرواحهم في العذاب "وما كانوا منتصرين" أي ممتنعين من العذاب حين أهلكوا أي ما كان لهم ناصر .
يقول تعالى: "وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين" أي بدليل باهر وحجة قاطعة "فتولى بركنه" أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً. وقال مجاهد: تعزز بأصحابه, وقال قتادة: غلب عدو الله على قومه, وقال ابن زيد "فتولى بركنه" أي بجموعه التي معه ثم قرأ "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" والمعنى الأول قوي كقوله تعالى: "ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله" أي معرض عن الحق مستكبر "وقال ساحر أو مجنون" أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحراً أو مجنوناً قال الله تعالى: "فأخذناه وجنوده فنبذناهم" أي ألقيناهم "في اليم" وهو البحر "وهو مليم" أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
ثم قال عز وجل "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً قاله الضحاك وقتادة وغيرهما ولهذا قال تعالى: "ما تذر من شيء أتت عليه" أي مما تفسده الريح "إلا جعلته كالرميم" أي كالشيء الهالك البالي, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب, حدثنا عمي عبد الله بن وهب, حدثني عبد الله يعني ابن عياش الغساني, حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية ـ يعني من الأرض الثانية ـ, فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عاداً قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا إذاً تطفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله عز وجل في كتابه: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" " هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك, والله أعلم. قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى: "إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" "وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين" قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم. والظاهر أن هذه كقوله تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" وهكذا قال ههنا: " وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون " وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار "فما استطاعوا من قيام" أي من هرب ولا نهوض "وما كانوا منتصرين" أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه. وقوله عز وجل: "وقوم نوح من قبل" أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء "إنهم كانوا قوماً فاسقين" وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة, والله أعلم.
45- "فما استطاعوا من قيام" أي لم يقدروا على القيام. قال قتادة: من نهوض: يعني لم ينهضوا من تلك الصرعة، والمعنى: أنهم عجزوا عن القيام فضلاً عن الهرب، ومثله قوله: "فأصبحوا في دارهم جاثمين" "وما كانوا منتصرين" أي ممتنعين من عذاب الله بغيرهم.
45. " فما استطاعوا من قيام "، فما قاموا بعد نزول العذاب بهم ولا قدروا على نهوض. قال قتادة : لم ينهضوا من تلك الصرعة، " وما كانوا منتصرين "، ممتنعين منا. قال قتادة : ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله.
45-" فما استطاعوا من قيام " كقوله : " فأصبحوا في دارهم جاثمين " . وقيل من قولهم ما يقوم به إذا عجز عن دفعه ." وما كانوا منتصرين " ممتنعين منه .
45. And they were unable to rise up, nor could they help themselves.
45 - Then they could not even stand (on their feet), nor could they help themselves.