[الذاريات : 42] مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ
42 - (ما تذر من شيء) نفس أو مال (أتت عليه إلا جعلته كالرميم) كالبالي المتفتت
وقوله " ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم " والرميم في كلام العرب : ما يبس من نبات الأرض وديس .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك وإن اختلفت ألفاظهم بالعبارة عنه .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم " قال كالشيء الهالك .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " كالرميم " كالشيء الهالك .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " كالرميم " : رميم الشجر .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " إلا جعلته كالرميم " قال : كرميم الشجر .
قوله تعالى " ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم " أي كالشيء الهشيم يقال للنبت إذا يبس وتفتت رميم وهشيم قال ابن عباس كالشيء الهالك البالي وقاله مجاهد ومنه قول الشاعر :
تركتني حين كف الدهر من بصري وإذ بقيت كعظم الرمة البالي
وقال قتادة إنه الذي ديس من يابس النبات . وقال أبو العالية والسدي كالتراب المدقوق قطرب الرميم الرماد وقال يمان ما رمته الماشية من الكلأ بمرمتها ويقال للشفة المرمة والمقمة بالكسر والمرمة بالفتح لغة فيه . وأصل الكلمة من رم العظم إذا بلي تقول منه رم العظم يرم بالكسر رمة فهو رميم قال الشاعر:
ورأى عواقب خلف ذاك مذمة وإذ بقيت كعظم الرمة البالي
والرمة بالكسر العظام البالية والجمع رمم ورمام ونظير هذه الآية " تدمر كل شيء " حسب ما تقدم .
يقول تعالى: "وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين" أي بدليل باهر وحجة قاطعة "فتولى بركنه" أي فأعرض فرعون عما جاءه به موسى من الحق المبين استكباراً وعناداً. وقال مجاهد: تعزز بأصحابه, وقال قتادة: غلب عدو الله على قومه, وقال ابن زيد "فتولى بركنه" أي بجموعه التي معه ثم قرأ "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" والمعنى الأول قوي كقوله تعالى: "ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله" أي معرض عن الحق مستكبر "وقال ساحر أو مجنون" أي لا يخلو أمرك فيما جئتني به من أن تكون ساحراً أو مجنوناً قال الله تعالى: "فأخذناه وجنوده فنبذناهم" أي ألقيناهم "في اليم" وهو البحر "وهو مليم" أي وهو ملوم كافر جاحد فاجر معاند.
ثم قال عز وجل "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" أي المفسدة التي لا تنتج شيئاً قاله الضحاك وقتادة وغيرهما ولهذا قال تعالى: "ما تذر من شيء أتت عليه" أي مما تفسده الريح "إلا جعلته كالرميم" أي كالشيء الهالك البالي, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله ابن أخي ابن وهب, حدثنا عمي عبد الله بن وهب, حدثني عبد الله يعني ابن عياش الغساني, حدثني عبد الله بن سليمان عن دراج عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الريح مسخرة من الثانية ـ يعني من الأرض الثانية ـ, فلما أراد الله تعالى أن يهلك عاداً أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عاداً قال أي رب أرسل عليهم الريح قدر منخر الثور ؟ قال له الجبار تبارك وتعالى لا إذاً تطفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله عز وجل في كتابه: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" " هذا الحديث رفعه منكر والأقرب أن يكون موقوفاً على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما من زاملتيه اللتين أصابهما يوم اليرموك, والله أعلم. قال سعيد بن المسيب وغيره في قوله تعالى: "إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" قالوا: هي الجنوب. وقد ثبت في الصحيح من رواية شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" "وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين" قال ابن جرير: يعني إلى وقت فناء آجالكم. والظاهر أن هذه كقوله تعالى: "وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" وهكذا قال ههنا: " وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون " وذلك أنهم انتظروا العذاب ثلاثة أيام فجاءهم في صبيحة اليوم الرابع بكرة النهار "فما استطاعوا من قيام" أي من هرب ولا نهوض "وما كانوا منتصرين" أي لا يقدرون على أن ينتصروا مما هم فيه. وقوله عز وجل: "وقوم نوح من قبل" أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء "إنهم كانوا قوماً فاسقين" وكل هذه القصص قد تقدمت مبسوطة في أماكن كثيرة من سور متعددة, والله أعلم.
ثم وصف سبحانه هذه الريح فقال: 42- "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" أي ما تذر من شيء مرت عليه من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم إلا جعلته كالشيء الهالك البالي. قال الشاعر:
تركتني حين كف الدهر من بصري وإذ بقيت كعظم الرمة البالي
وقال قتادة: إنه الذي ديس من يابس النبات، وقال السدي وأبو العالية: إنه التراب المدقوق، وقال قطرب: إنه الرماد، وأصل الكلمة من رم العظم: إذا بلي فهو رميم، والرمة: العظام البالية.
42. " ما تذر من شيء أتت عليه "، من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم، " إلا جعلته كالرميم "، كالشيء الهالك البالي، وهو نبات الأرض إذا يبس وديس. قال مجاهد : كالتبن اليابس. قال قتادة : كرميم الشجر. قال أبو العالية : كالتراب المدقوق. وقيل: أصله من العظم البالي.
42-" ما تذر من شيء أتت " مرت " عليه إلا جعلته كالرميم " كالرماد من الرم وهو البلى والتفتت .
42. It spared naught that it reached, but made it (all) as dust.
42 - It left nothing whatever that it came up against, but reduced it to ruin and rottenness.