[ق : 6] أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
6 - (أفلم ينظروا) بعيونهم معتبرين بعقولهم حين أنكروا البعث (إلى السماء) كائنة (فوقهم كيف بنيناها) بلا عمد (وزيناها) بالكواكب (وما لها من فروج) شقوق تعيبها
وقوله " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها " يقول تعالى ذكره : أفلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بلائهم " إلى السماء فوقهم كيف بنيناها " فسويناها سقفا محفوظا ، وزيناها بالنجوم " وما لها من فروج " يعني : وما لها من صدوع وفتوق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " من فروج " قال : شق .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " وما لها من فروج " قلت له ، يعني ابن زيد : الفروج : الشيء المتبرئ بعضه من بعض ؟ قال : نعم .

قوله تعالى : "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم" نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة "كيف بنيناها " فرفعناها بلا عمد"وزيناها" بالنجوم "وما لها من فروج" جمع فرج وهو الشق ومن قول امرئ القيس :
تسد به فرجها من دبر
وقال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق .
يقول تعالى منبهاً للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها" أي بالمصابيح "وما لها من فروج" قال مجاهد: يعني من شقوق, وقال غيره: فتوق, وقال غيره: صدوع, والمعنى متقارب كقوله تبارك وتعالى: " الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير " أي كليل عن أن يرى عيباً أو نقصاً. وقوله تبارك وتعالى: "والأرض مددناها" أي وسعناها وفرشناها "وألقينا فيها رواسي" وهي الجبال لئلا تميد بأهلها وتضطرب, فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها "وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج" أي من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون" وقوله بهيج أي حسن المنظر "تبصرة وذكرى لكل عبد منيب" أي ومشاهدة خلق السموات والأرض وما جعل الله فيهما من الايات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب أي خاضع خائف وجل رجاع إلى الله عز وجل.
وقوله تعالى: "ونزلنا من السماء ماء مباركاً" أي نافعاً "فأنبتنا به جنات" أي حدائق من بساتين ونحوها "وحب الحصيد" وهو الزرع الذي يراد لحبه وادخاره "والنخل باسقات" أي طوالاً شاهقات, قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والسدي وغيرهم: الباسقات الطوال "لها طلع نضيد" أي منضود "رزقاً للعباد" أي للخلق "وأحيينا به بلدة ميتا" وهي الأرض التي كانت هامدة, فلما نزل الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج من أزاهير وغير ذلك, مما يحار الطرف في حسنها, وذلك بعد ما كانت لا نبات بها فأصبحت تهتز خضراء, فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك, كذلك يحيي الله الموتى وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث, كقوله عز وجل: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقوله تعالى: " أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " وقال سبحانه وتعالى: "ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير".
6- "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم" الاستفهام للتقريع والتوبيخ: أي كيف غفلوا عن النظر إلى السماء فوقهم "كيف بنيناها" وحعلناها على هذه الصفة مرفوعة بغير عماد تعتمد عليه "وزيناها" بما جعلنا فيها من المصابيح "وما لها من فروج" أي فتوق وشقوق وصدوع، وهو جمع فرج، ومنه قول امرئ القيس:
يسد به فرجاً من دبر
قال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف ولا فتوق.
6. " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها "، بغير عمد، " وزيناها "، بالكواكب، " وما لها من فروج "، شقوق وفتوق وصدوع، واحدها فرج.
6-" أفلم ينظروا " حين كفروا بالبعث . " إلى السماء فوقهم " إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم ." كيف بنيناها " رفعناها بلا عمد . " وزيناها " بالكواكب " وما لها من فروج " فتوق بأن خلقها ملساء متلاصقة الطباق .
6. Have they not then observed the sky above them, how We have constructed it and beautified it, and how there are no rifts therein?
6 - Do they not look at the sky above them? How We have made it and adorned it, and there are no flaws in it?